بناء جيل لا يهاب: كيف نصنع أطفالاً شجعاناً في عالم متغير؟

عزيز ملا هذال

2025-08-11 05:23

تربية الأطفال بمفهومها الفضفاض هو وضع الطفل في القوالب والمحددات التي يريدها الأهل، شريطة أن لا يكون في ذلك اجتهادات بقدر ما يكون التزام بأسس ومحددات التربية، ولا سيما التربية الحديثة. ووفق ذلك، يحتاج الطفل إلى أن يتعلم الكثير من السلوكيات التي لا غنى عنها في حياتنا بصورة عامة، ومنها سلوكية الشجاعة. فكيف نربي أطفالنا على الشجاعة؟ وما هي عوائد الشجاعة بالنسبة للإنسان بصورة عامة، وبالنسبة للطفل بصورة أخص؟

الشجاعة هي إحدى الصفات المحببة والتي يرغب كل أهل أن يتحلى بها أطفالهم، إلا أن الشجاعة مثلها مثل أي صفة من صفات شخصيات الأطفال قد تختلف من طفل إلى آخر. وهناك بعض الخطوات التي يستطيع الوالدان اتباعها لمساعدة أطفالهم على أن يكونوا شجعاناً وأصحاب شخصيات شجاعة لا تهاب المغامرات، أو أنها تدافع عن نفسها على أقل تقدير في المواقف التي تستدعي ذلك.

على نقيض قيمة الشجاعة، هي قيمة الجبن التي تجعل الإنسان يخشى الناس ولا يحاول الدفاع عن نفسه حتى وإن كان على صواب وصاحب حق، فينتج جيلًا يحاول افتراس من هو أقل منه قوة وحيلة، وجيل آخر ضعيف لا يقوى على رد الحيف عنه، فيكون سلوك الإنسان أشبه بسلوك الحيوانات في الغابة، يكون في البقاء للأقوى. لذا، رأينا من المهم تربية الطفل على الشجاعة كي لا يُضام أو يضيع حقه.

كيف نربي أطفالنا على الشجاعة؟ بعدة سلوكيات يقوم بها الأبوان والمربون من شأنها أن تنمي قيمة الشجاعة لدى الأطفال، ومن أهم هذه السلوكيات هي:

أولى الخطوات الداعمة لتربية الطفل على الشجاعة هي توفير بيئة آمنة وداعمة له من الناحية النفسية، بحيث يشعر الطفل بالأمان داخل المنزل، وأن يكون هناك جو أسري يسوده الحب والاحتواء، مما يقلل من شعوره بالخوف والقلق، وبالابتعاد عن التهديد المفرط له وممارسة التسلط عليه ومنعه من التحكم بحياته. فمنع مثل هذه الممارسات وغيرها من شأنها أن تجعل الطفل يتربى على الشجاعة.

كما يمكن أن يتربى الطفل على الشجاعة عبر تشجيعه على مواجهة المخاوف. فبدلاً من تجنب المواقف التي تخيف الطفل، يجب مساعدته على مواجهتها خطوة بخطوة، مع توفير الدعم والتشجيع المستمر. وهذه الاستراتيجية تُعرف باستراتيجية التعرض، والتي تنص على تعريض الطفل بصورة تدريجية إلى المواقف التي تخيفه، وبعد مرور الوقت سيزول الخوف تدريجياً، وبالتالي يكون الطفل شجاعاً لا يخاف من أي شيء خوفًا مرضيًا أو غير طبيعي.

ومما يزيد من شجاعة الطفل هي عملية إشراكه من قبل والديه في المناسبات الاجتماعية والتجمعات، سواء كانت عائلية أم عامة، وهو ما يجعله يجيد المجاملات وتبادل الأحاديث مع أقرانه ومع من هم أكبر منه عمراً، وبالتالي تُبنى شخصيته ولا يتردد ولا يخشى الدخول في كل مجالات الحياة بثقة ووعي لما يقوم به.

ومن الأمور التي تنمي الشجاعة لدى الطفل هو مشاركته احتفاله بانتصاراته ونجاحاته الصغيرة، إذ يجب الاحتفال بكل خطوة شجاعة يخطوها الطفل، مهما كانت صغيرة، مما يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على المضي قدماً في تحقيق نجاحات أكبر، وهكذا يستمر في تحقيق الإنجازات الحياتية، والعكس هو انطفاء جذوة الاجتهاد في نفس الطفل فيتحول إلى إنسان بليد لا يحب التميز ولا الإنجاز.

وفي سبيل تنمية صفة الشجاعة لدى الطفل، ينبغي على الوالدين تجنب الإفراط في الحماية، حيث يجب عدم المبالغة في حماية الطفل، بل يجب منحه فرصة لتجربة أشياء جديدة وتحمل المسؤولية، مما يساعده على اكتساب الثقة بالنفس والشجاعة. وبهذه السلوكيات تتنمى لدى الطفل الشجاعة.

ذات صلة

زيارة الأربعين: منكرٌ يتبدد ومعروفٌ يتجسدطريق الحسين طريق الله: عندما تلتقي الخطوات بالمعنى الأسمىبين الحبر والدم.. صلح الحسن وثورة الحسين في ملحمة الإمامةالدين والدولة.. إشكالية التعارض وأفق التكاملأهمية تعديل الدستور العراقي للمضي نحو الإصلاح المنشود