ثراء الحي قد يؤثر على المستوى التعليمي للطفل
موقع للعلم
2023-03-14 06:16
بقلم: دينا درويش
ذكرت دراسة أجراها باحثون من جامعة دلفت للتكنولوجيا في هولندا أن التحصيل العلمي لدى الأطفال الذين ينشؤون في حي ثري يكون أفضل منه لدى الأطفال الذين ينشؤون في حي فقير، وتشير الدراسة -التي نشرتها دورية "بلوس وان" (PLOS ONE)، وامتدت لـ23 عامًا- إلى أن النشأة في حي ثري أكثر فائدةً من النشأة في حي فقير، مؤكدةً في الوقت ذاته أن "الأطفال الذين يتمتع آباؤهم بمستوى عالٍ من التعليم لا يتأثرون بفقر الحي".
تقول أجاتا تروست -طالبة الدكتوراة بكلية العمارة والبيئة العمرانية فى جامعة دلفت للتكنولوجيا، والباحث الرئيسي فى الدراسة- في تصريحات لـ"للعلم": تُظهر نتائج الدراسة أن ثراء الحي قد يكون له تأثيرٌ أقوى على التحصيل العلمي مقارنةً بالنشأة في حي فقير، وذلك لجميع الفترات الزمنية التي تمت دراستها.
وتضيف: لكن الأطفال الذين يتمتع آباؤهم بمستوى عالٍ من التعليم لا يتأثرون بفقر الحي الذي يقطنون فيه، وتؤكد هذه النتائج الحاجة إلى مزيد من الدراسات حول آثار الثروة المركزة في أيادي فئات معينة، مما قد يكون ملهمًا لوضع سياسات لمكافحة الفصل العنصري بين الطبقات. تتبَّع الباحثون عينة مكونة من 140 ألفًا و338 فردًا، وذلك باستخدام بيانات السجل الطولي من هيئة الإحصاء الهولندية، ما ساعدهم على متابعة مجموعة المواليد في عام 1995، وكذلك تتبُّع تاريخ الأحياء من الميلاد حتى سن 18، ثم قياس النتائج التعليمية عند بلوغ عينة الباحث سن الـ23 عامًا، كما درس الفريق البحثي المخرَجات التعليمية الناجمة عن التعرُّض للثراء والفقر في مراحل مختلفة من النمو، وهي: الطفولة المبكرة (من لحظة الميلاد وحتى 12 عامًا)، المراهقة (13-17 سنة)، وطوال الطفولة (من لحظة الميلاد وحتى 17 سنة)؛ إذ حددوا معيار الفقر والثراء في الأحياء المخصصة بناءً على المستوى الاقتصادي لأقرب 200 أسرة تقطن قريبًا من المنزل الذي يقطن فيه أفراد العينة، واختبر الباحثون ما إذا كان التعرُّض للمستوى الاقتصادي للحي (الثروة والفقر) يختلف بالنسبة للأطفال الذين يتمتع آباؤهم بمستوىً تعليمي مختلف، واستند الباحثون إلى تعريف يوروستات لمعدل خطر الفقر، وهو حصة الأسر التي يقل دخلها المتاح عن 60٪ من متوسط الدخل المتاح على الصعيد الوطني، وتم تحديد عتبة الثروة عند 150٪ من هذا المتوسط.
تقول "تروست ": لم نقم بقياس تأثيرات المستوى الاقتصادي للسكن بعد سن 17 سنة؛ إذ يغادر العديد من الشباب منزل الوالدين في سن 18 تقريبًا، وينتقلون إلى سكن طلاب رخيص في أحياء منخفضة الدخل غالبًا، وأخذنا بعين الاعتبار مجموعةً من المتغيرات الضابطة، مثل الجنس، والأصل العرقي، ودخل الأسرة في عام 2007، وتعليم الوالدين، ومستوى العمران بالحي.
وتتابع: يمكن أن تكون نتيجة الدراسة مصدر إلهام للسياسات، ليس فقط للتركيز على الأحياء الفقيرة، ولكن أيضًا تصميم سياسات تشجع على توزيع أكثر عدالةً للأسر الميسورة في جميع أنحاء المدينة، بدلًا من نمط حياة الأسر الغنية التي تفصل نفسها في الأحياء الغنية بالموارد، وتتمثل خطواتنا التالية في استكشاف الصلة بين المكان الذي يعيش فيه الناس والنتائج الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليه.
وردًّا على سؤال لمجلة "للعلم" حول إمكانية تطبيق نتائج هذه الدراسة على مجتمعات أخرى، تقول "تروست": تستند النتائج إلى البيانات الهولندية وسياق اجتماعي محدد، ولكن أحد الاستنتاجات الرئيسية للدراسة هو أن فقر الحي يُعَدُّ عاملًا مؤثرًا في المخرَجات التعليمية بشكل عام، لكن يجب اختبار ذلك ومعرفة مدى تأثيره في مجتمعات أخرى.