مؤتمر الشيشان: سجالات اسلامية وتخوف من تداعياته المستقبلية
قاسم قصير
2016-09-15 01:30
لايزال المؤتمر الذي عقد في الشيشان في الاسبوع الماضي حول تعريف " اهل السنة والجماعة" يتفاعل في الاوساط الاسلامية في لبنان والعالم العربي، بين مؤيد للمؤتمر ومدافعا عنه وعن المواقف التي اطلقها لمواجهة التطرف وخصوصا لجهة تحديد من هم اهل السنة والجماعة، وبين من يهاجمه بحجة انه يستهدف الجماعات السلفية والسعودية وجماعة الاخوان المسلمين، خصوصا وان احد الداعين للمؤتمر الداعية الإسلامي الحبيب بن علي الجفري (المشرف على مؤسسة طابا ومركزها في الامارات) قد كشف عن الخطوة القادمة بعد مؤتمر "أهل السنة"، وتتمثل بعقد مؤتمر جديد تحت عنوان (منطلقات التكفير السبعة) التي بُني عليها فكر القطبيين -سيّد قطب- ومن تفرع عنهم من القاعدة وداعش".
وهذه المنطلقات هي : 1. الحاكمية، 2.الجاهلية، 3. الولاء والبراء، 4. الفرقة الناجية "العصبة المؤمنة"، 5. الاستعلاء، 6. حتمية الصدام، 7. الخلافة والتمكين".
وأكد الجفري إن ما سبق هي "مصطلحات نُحت غالبها من كلمات وردت في الوحيين ولكنها حرفت في دلالاتها".
ويذكر ان مؤتمر الشيشان قد حضره شيخ الازهر الامام الدكتور احمد الطيب ومفتي مصر السابق الدكتور على جمعة وشخصيات اسلامية اخرى وقد اثار ردود فعل سعودية قاسية بسبب عدم شمول تعريف اهل السنة والجماعة الصادر عن المؤتمر للسلفيين والحركة الوهابية.
كما شن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (القريب من الاخوان المسلمين) الشيخ يوسف القرضاوي حملة على المؤتمر ووصفه بمؤتمر ضرار، على غرار مسجد ضرار الذي اقامه المنافقون ايام الرسول محمد.(مع ان الشيخ القرضاوي قد مدح بداية المؤتمر ووجه له كلمة خاصة اشاد فيها بالشيشان ورئيسها).
وكان كتاب ونشطاء سعوديون شنو هجوما قاسيا على مؤتمر "غروزني" بالشيشان والخاص بتعريف من هم "أهل السنة"، لاستثناءه السلفية (الوهابية) من قائمة المشمولين بصفة أهل السنة، ودعا الكاتب السعودي محمد آل الشيخ إلى ترك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "ليواجه مصيره" بسبب قرار مشاركة شخصيات مهمة من مصر في المؤتمر.
وقال آل الشيخ في حسابه على تويتر: "ان مشاركة شيخ الازهر بمؤتمر غروزني الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنة يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر فوطننا أهم ولتذهب مصر السيسي إلى الخراب.. كنا مع السيسي لأن الاخونج والسلفين المتأخونين أعداء لنا وله، اما وقد ادار لنا ظهر المجن في غروزني وقابلنا بالنكران فليواجه مصيره منفردا".
وفي بيروت اعلن تجمع العلماء المسلمين وشخصيات اسلامية اخرى دعمهم للمؤتمر ونتائجه، في حين لم يصدر بيان واضح من بقية القوى والتيارات الاسلامية من المؤتمر.
وقد حاول شيخ الازهر استيعاب الحملة السعودية عليه فأصدر المركز الإعلامي بالأزهر بيانا حول موقف شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب من مؤتمر غروزني، غير أن توضيح الأزهر لم يوقف الغضب السعودي.
وقال المركز الإعلامي بالأزهر أن الطيب "نص خلال كلمته للأمة في هذا المؤتمر على أن مفهوم أهل السنة والجماعة يطلق على الأشاعرة، والماتريدية، وأهل الحديث (اي اهل السلف)".
وقد أثار مؤتمر "أهل السنة والجماعة" غضب السلفيين الوهابيين، بعد ان تبرأ من الوهابية، واعتبروه مؤامرة روسية عليهم ونشر اتباعهم اكثر من 100 الف تغريدة ضد المؤتمرين!.
وكان المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين الذي افتتحه شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب وعقد في الشيشان قد أصدر عددا من النتائج والتوصيات من أبرزها، أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى. واعلن المؤتمر عن التعاون مع جامعة الازهر وجامع الزيتونة وجامع القيروان لمواجهة التطرف واستثنى المؤسسات العلمية والدينية السعودية من هذا التعاون.
وفي حال تابع الحبيب الجفري نشاطاته في مواجهة الفكر الاخواني القطبي وعقد مؤتمرات جديدة لأهل السنة والجماعة فانه من المتوقع ان تزداد الحملات عليه، وقد عمد بعض الكتّاب الاخوانيين الى بدء حملة للدفاع عن سيد قطب والاخوان المسلمين استباقا لأية نشاطات اخرى.
اذن ستكون الساحة الاسلامية امام معركة فكرية ومذهبية جديدة داخل الساحة السنية بموازاة التصعيد القائم بين ايران والسعودية على خلفية الموقف من اداء فريضة الحج، مما يعني اننا سنواجه ازمات اسلامية اخرى داخل المذاهب نفسها في المرحلة المقبلة.