التحالف الإسلامي العسكري.. ولد ميتا!

باسم حسين الزيدي

2015-12-16 09:53

بعد "التحالف الدولي" الذي شكلته الولايات المتحدة الامريكية في سبتمبر من العام الماضي، وضم (60) دولة عربية وغربية، لمكافحة تنظيم داعش في العراق وسوريا، و"التحالف العربي" في مارس الماضي بقيادة السعودية، والذي جمع أكثر من (10) دول عربية بهدف إعادة الرئيس الهارب "هادي" الى السلطة في اليمن، ومساعي تشكيل "القوات العربية المشتركة" و"التحالف الرباعي" الذي ضم (روسيا والعراق وسوريا وإيران) للتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب... جاء الدور لتشكيل "التحالف العسكري الإسلامي" لمكافحة "الإرهاب".

ويبدو ان الدعوة لمكافحة الإرهاب باتت تلاقي رواجا عالميا غير مسبوق، وهو ما افرز "عصرا للتحالفات" المنطقية والغير منطقية على حدا سواء، حيث قررت عشرات الدول الإسلامية المنتمية الى منظمة التعاون الإسلامي "تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود".

وكما في "عاصفة الحزم" السعودية ضد اليمن، برز نجم "محمد بن سلمان" كواجهة قوية تحاول لملمة الصفوف ومحاربة الإرهاب، فضلا عن ابعاد المخاطر المحتملة عن المملكة السعودية، والتي يرى فيها صاحب الحساب السعودي الشهير "مجتهد" مجرد فقاعة، فيما يعد "سبب حماس بن سلمان لهذه الفكرة الفارغة هو انزعاجه من احتفاء الغرب بمحمد بن نايف واعتباره بطل محاربة الإرهاب ومن ثم الأولى بقيادة السعودية".

وينقل "مجتهد" وجهة نظر أخرى يرى فيها ان "بن سلمان" قد "انزعج من التقارير التي تتحدث عنه كطفل متهور يشكل خطرا على السعودية خاصة ما صدر من قبل المخابرات الألمانية وبعض الصحف الأمريكية... وكأن بن سلمان يقول بهذا الإعلان لأمريكا والغرب: إن كان بن نايف انتصر على الإرهاب في المملكة فأنا سأنتصر على الإرهاب في كل العالم الإسلامي".

ولم يقتصر الكلام على "مجتهد" في التشكيك بجدية هذا التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، بل سرعان ما غرد الصحفي المصري المعروف "محمد حسنين هيكل" موجها سهام النقد الى هذا التحالف بالقول "تحالف بلا تنسيق بلا رؤية بلا آليات محددة، أهداف مشتتة! (...) كيف تم التنسيق بين الدول في التحالف الإسلامي العسكري وما هي الخطة الاستراتيجية والآليات لتنفيذ الأجندة؟ المسألة لا تحتاج مزيد من التخبط"، مضيفا ان "بعض الدول المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري من أهم الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي".

وعلق تجاه السعودية في تغريده أخرى قائلا "بعد فشل عاصفة الحزم، وجدوا أن التحالف الإسلامي العسكري هو الحل الوحيد للخروج من المأزق"، بعد وجه رسالة مفتوحة الى هذا التحالف الإسلامي مفادها ان "فلسطين قريبة ...".

ما زلنا نجهل كيف ستدير السعودية هذا التحالف "واسع الطيف" وكيف سيتعامل "بن سلمان" مع الإرهاب، وكيف سيشارك التحالف في مكافحة التطرف والمنظمات الإرهابية في العراق وسوريا وباقي الدول، وكيف سينسق عمله مع "التحالف الدولي" من جهة، ومع "روسيا وسوريا وإيران" من جهة أخرى... لكننا يمكن ان نسجل بعض النقاط المتناقضة في هذا التحالف:

- التحالف ضم (34) دولة إسلامية يعاني الكثير منها من مشاكل اقتصادية وصراعات سياسية داخلية وصراعات سياسية فيما بينها، إضافة الى ان البعض منها خسر فعليا الكثير من أراضيه لصالح جماعات مسلحة ذات فكر إسلامي متطرف، بل ان البعض منها مجرد دولة "حبر على ورق".

- قال "محمد بن سلمان" ان هدف التحالف الجديد "محاربة الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا ومصر وأفغانستان" لكنه قال عندما سئل عن العراق وسوريا انه "لا نستطيع القيام بهذه العمليات إلا بالتنسيق مع الشرعية في ذاك المكان ومع المجتمع الدولي"... فكيف سيتم هذا التنسيق في العراق مثلا؟ او في سوريا؟ في ظل الخلافات الحادة بين الأطراف الإقليمية والدولية، والتي منعت التوصل الى رؤية موحدة للخروج بحل سياسي طوال سنوات، فكيف سيتم التوصل الى توافق مع الخصوم للقيام بعمليات عسكرية.

- لم يعرف التحالف الجديد "الإرهاب" او يسمي المنظمات الإرهابية التي سيتم استهدافها في الحملة العسكرية المفترضة، ما خلا تنظيم "داعش"، بل ان "بن سلمان" أطلق العنان لمخيلته عندما سئل بان التركيز العسكري سيكون على "داعش" فقط فأجاب "لا لا لأي منظمة إرهابية تظهر أمامنا... سوف نعمل ونتخذ إجراءات لمحاربتها"... وبالتالي فان "المنظمات الإرهابية" ستقاس بمدى قربها او ابتعادها عن نظرية ورؤية "ال سعود" بالنسبة للإرهاب.

- الخطورة في تحول هذا التحالف الى مقياس او أداة "طائفية" يمكن تحريكها بسهولة عند الحاجة في منطقة ملتهبة بالعنف الطائفي والإرهاب، وقد يؤدي أيضا الى المزيد من التصدع والانشقاقات داخل العالم الإسلامي.

ذات صلة

الرحمة تصنع المدينة الفاضلةمركز الفرات ناقش دور الإصلاح الاداري في مكافحة الفساد الماليعلوم الإمام الصادق (ع) في نظر علماء الغربحكومات جديدة ونتائج قديمةغزة والحرب الأكاديمية