قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يسري على الوقائع السابقة على نفاذه

قراءة في اجتهاد محكمة التمييز الاتحادية

القاضي سالم روضان الموسوي

2025-09-13 06:00

اطلعت على ثلاث قرارات لمحكمة التمييز الاتحادية وجميعها اكدت على مبدأ قانوني وقضائي، بان القانون رقم (1) لسنة 2025 قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يسري على الوقائع التي حدثت قبل نفاذه، وقبل استعراض هذا المبدأ المهم، لابد من الوقوف اجلالاً واحتراماً الى محكمة التمييز الاتحادية لأنها اجتهدت على وفق النص القانوني وروحه، وانها طبقت القانون بمهنية وكفاية عالية، وبما يمليه عليها ضميرها القضائي، وليس على وفق الاهواء والتمنيات، لذلك لابد من رفع القبعة احتراماً، واعود الى المبدأ القضائي محل البحث، ان الاحكام التي صدرت من محكمة التمييز الاتحادية كانت ثلاث قرارات وعلى وفق الاتي:

1. بالعدد 11543/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/2025 في 18/8/2025 الذي قضى بان حق الزوجة المطلقة بالسكنى لا يسري عليه قانون التعديل طالما واقعة الطلاق وقعت قبل نفاذه وعلى وفق العبارة الاتية (أن القانون المذكور بحسب احكام المادة (٢/ ثانياً) منه ينفذ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية كما أنه لا يسري على الوقائع السابقة لتاريخ صدوره بحسب احكام المادة (١٠) من القانون المدني رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١)، وبموجب هذا القرار اكدت المحكمة ان معيار سريان قانون التعديل هو تاريخ الواقعة التي حدثت، بمعنى تاريخ وقوع الطلاق الذي رتب حق المطلقة بالسكنى هو المعيار لمعرفة القانون الواجب التطبيق.

2. وفي قرارها العدد ١١٧٩٦/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/٢٠٢٥ في 25/8/2025 اكدت ذات المبدأ المذكور انفاً وعلى وفق ما ورد في القرار أعلاه الذي جاء فيه الاتي (لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية لذا قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للشرع والقانون لان الحكم بالمهر المؤجل للمدعية يبقى مرعياً ومحلاً بأحكام المادة 160/3 مرافعات مدنية وان صدور القانون رقم ١ لسنة ۲۰۲٥ قانون التعديل للأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩، وحسب المادة ٢/ثانيا منه ينفذ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية كما انه لا يسري على الوقائع السابقة بحسب احكام المادة ١٠ من القانون المدني رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١ لذا قرر تصديقه ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في ٢ / ربيع الأول/١٤٤٧هـ الموافق ٢٠٢٥/٨/٢٥ م).

 وفي كلا القرارين يلاحظ ان المطلقة كانت قد استحصلت على احكام قضائية مكتسبة الدرجة القطعية بحق السكنى استناداً لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1983 وحق استيفاء مهرها المؤجل مقوما بالذهب استناداً لأحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 127 لسنة 1999، لكنها لم تعتمد صدور الحكم القضائي معيار لتطبيق القانون الواجب التطبيق وانما اعتمدت تاريخ وقوع الطلاق هو المعيار لتطبيق القانون الواجب التطبيق وسريان قانون التعديل على تلك الوقائع.

3. الا ان محكمة التمييز الإتحادية كانت اكثر وضوحاً في تبني هذا الاتجاه بقرارها العدد 11753/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/2025 في 31/8/2025 عندما صادقت على قرار محكمة الأحوال الشخصية الصادر بتاريخ 13/7/2025 الذي قضى بالزام الزوج المطلق بمهر المطلقة مقوما بالذهب ، وفي قار محكمة التمييز تأكيد على ان المعيار هو تاريخ وقوع الطلاق وليس تاريخ صدور الحكم القضائي، لان قرار محكمة الأحوال الشخصية صدر بعد نفاذ قانون التعديل، وما يعزز هذا الاتجاه ان محكمة التمييز لم تنقض الحكم ونتوجيه محكمة الموضوع بالسؤال عن رغبة الزوج بتطبيق المدونة عليه، مثلما حصل في الاحكام التي تتعلق بالحضانة وغيرها.

الخلاصة: ان ما جاء في الاتجاه الحديث لمحكمة التمييز الاتحادية يضع الأمور في نصابها القانوني والدستوري المتعلق بعدم رجعية القانون على الوقائع السابقة، ويقصد بالواقعة هي حالة الطلاق التي يوقعها الزوج، ويذكر باني سبق وان نوهت الى هذا الاتجاه في مادة نشرتها -شبكة النبأ المعلوماتية- في 23/6/2025 وجاء فيه الاتي:

 (ومما تقدم فان المحكمة المختصة غير ملزمة بإحالة الدعاوى المتعلقة بالطلاق الى المجلس العلمي الواقع قبل تاريخ 17/2/2025 لإنه وقع في ظل قانون لا يمنح المجلس هذه الصلاحية، كما انها تتعلق بحقوق اكتسبتها المطلقة بموجب تشريعات نافذة منذ لحظة وقوع الطلاق، وأصبحت من الحقوق التي وفرت مركزاً قانونيا ثابتاً للزوجة المطلقة في ظل تشريعات نافذة، كما انها أصبحت اجنبية عن الزوج منذ لحظة وقوع الطلاق، الا اذا حصل رجوع خلال فترة العدة، ومع ذلك تعتبر الطلقة قبل الرجوع صحيحة، وحيث ان الاتجاه القضائي ونص قانون التعديل يشير الى ان المطلقة اجنبية عن الزوج ولا يسري عليها التعديل الا اذا اتفقت مع الزوج (المطلق) وصدرت عدة احكام من محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية بهذا الصدد، وخلاصة القول لا يجوز لمحكمة الموضوع ان تطلب التوصية من المجلس العلمي وانما تمضي بالنظر فيها، لان المطلقة اجنبية عن الزوج منذ لحظة وقوع الطلاق، ولها حقوق مقررة بموجب تشريعات نافذة وتسري بحقها وقت وقوع الطلاق وتستحقها بموجب تلك التشريعات).

* قاضٍ متقاعد

ذات صلة

مشكلة الثقافة بين مالك بن نبي والإمام الشيرازيعندما تقصف إسرائيل حليفًا للولايات المتحدة وتغض واشنطن الطرفمتى نتجاوز حدود الحرية؟مقتل تشارلي كيرك ودلالات العنف المتصاعد بين اليمين واليسارهل يحتاج العراق اليوم إلى نظرية في بناء الدولة؟