السوداني: شكرا للتوضيح

مصطفى ملا هذال

2025-07-19 05:42

كانت الجماهير المفجوعة والحزينة على حادثة المركز التجاري في واسط، "هايبر ماركت، لم تعرف ان الحادث يمثل شكل من اشكال الفساد حتى انعقاد جلسة مجلس الوزراء في اليوم التالي ليوضح ذلك رئيس المجلس المهندس محمد شياع السوداني بعد قراءة سورة الفاتحة ترحما على أرواح الشهداء، شكرا للتوضيح!

سيادة الرئيس ما قلته يعلمه حتى الطفل الذي يحبو، ولا داعي لهذه التوضيحات، الشارع الذي يغلي قهرا وحزنا يريد معرفة السبب الحقيقي وراء تكرار هذه الحوادث المؤلمة.

السوداني في حديثه عن الحادثة أراد ان يخفف نبرته ولا يسمي الفساد فسادا، لكنه تدارك الامر في نهاية الحديث وقال انه الحالة تعبر عن فساد وإهمال في اتباع معايير السلامة العامة، وتساهل من قبل الجهات المعنية في تطبيق هذه الشروط والنتيجة هي عشرات الجثث تتفحم بين فترة وأخرى.

هنالك حلقة او زاوية لا يريد المسؤول العراقي تسليط الضوء عليها، وهي ما يتعلق بإخفاق الجهات الرقابية المكلفة من قبل الحكومة، والتي عادة ما تخضع للمساومة لتمرير الأوراق بشكل اصولي حتى دون الخروج الى موقع المبنى ويكتفي رئيس اللجنة واعضاءها باستلام عمولتهم المتفق عليها.

ليس هذه الحادثة الأولى من نوعها ولا تكون الأخيرة في ظل الوضع الرقابي الهزيل الذي تمارسه السلطات الرقابية، وليس من المعقول ان المركز التجاري يكلف عشرات المليارات وفي المقابل يفتقر الى سلم طوارئ، لا تتعدى كلفته الكلية عشرين مليون دينار او اقل من ذلك.

كالعادة وصل رئيس مجلس الوزراء الى موقع الحادث، سبق الوصول إعلان تشكيل لجنة او لجان تحقيقية، وبعدها نبقى نترقب التقرير النهائي لتلك اللجان، الذي بإمكاني ان احدد أبرز النقاط التي سيتطرق اليها أولها:

الإهمال او التهاون من قبل صاحب المركز التجاري، في تطبيق شروط السلامة، فضلا عن وجود تقصير واضح في عمل رئيس لجنة ما (احدى الشخصيات الضعيفة)، التي عادة ما تكون الشماعة التي يُسند اليها الخلل المؤدي الى كارثة إنسانية.

تشكيل اللجان والوصول المبكر الى مكان الحدث لا يقلل من هول المصيبة التي ألمت بأكثر من 150 عائلة على الأقل كانت تريد التقليل عن ضغوطات الحياة المختلفة، لم تعلم انها ستواجه مصيرها في ساعة متأخرة من المساء.

في الأشهر والسنوات الماضية حدثت العديد من الحوادث المشابهة لحادثة المول التجاري، حادثة العبارة في الموصل ومستشفى بن الخطيب وقاعة المناسبات وغيرها، وجميع الأسباب تؤكد خلو هذه الأمكنة من إجراءات السلامة، فماذا عملت الجهات الرقابية؟

الشيء المحزن والملفت للنظر ان المركز التجاري تم افتتاحه قريبا، وكان من المفترض ان تتوفر فيه جميع إجراءات وشروط السلامة، لا سيما وان الافتتاح تم في أكثر شهور السنة حرارة، ومن المتوقع ان يتعرض لما حصل بالفعل، ومع ذلك لم تؤخذ جميع الارشادات والتوجيهات بالحسبان.

تأكيد رئيس الحكومة واعتبار الحادثة لون من ألوان الفساد، يحمل الكثير من الدلالات، من أهمها ان وجود خلل مزمن في تنفيذ الأبنية الاهلية او الحكومية، ولا توجد ضوابط حازمة لمعاقبة المقصرين او المتسببين.

 اجزم ان الحادث سيشغل مواقع التواصل الاجتماعي لمدة يومين او ثلاث لا أكثر، وبعدها تتوالى التصريحات عن قرب اعلان التقرير النهائي الذي كما في المرات السابقة، لا ينتهي الى شيء.

في العراق ربما البلد الوحيد الذي لا يُعرف فيه نتائج التحقيق، وربما لا يوجد تحقيق فعلي بقدر ما هو تخدير لحين مرور موجة الغضب الجماهيري.

وفي العراق وحده يتحمل المسؤولية كاملة المواطن الفقير، بينما الجهات الحكومية العليا تكتفي بتشكيل لجنة وتمهلها خمسة أيام معرفة المقصرين ومحاسبتهم.

ختام القول، لرئيس الحكومة السيد محمد السوداني، عشرة ملايين لا تدمل الجرح ولا تذهب بالحزن، وستبقى هذه الندوب في قلوب ذوي الضحايا لعقود من الزمن، عليك ان تتخذ الإجراءات الصحيحة والصارمة في التعامل مع هذا التقصير، وإلا ستصيبك لعنة المساكين الذين لا يقوون الا على قول "حسبنا الله ونعم الوكيل" والسلام...

ذات صلة

احداث السويداء في سوريا.. محاولة لفهم أشملفاجعة الكوت: بين الحزن الشعبي والإهمال الرسميإيران والزناد الأوربيالقيمة المعرفية للقرآنخِصالٌ