كيف نستثمر مواسم السياحة؟

مصطفى ملا هذال

2024-07-07 06:36

من ينتظر ضيوف يكرس جهده وجهد جميع افراد اسرته لترتيب وتعزيل المنزل بما يجعله يليق باستقبال الضيوف، فكيف إذا كان الضيوف من دولة أخرى، فما طبيعة التحضيرات والاستعداد للاستقبال؟

كربلاء على موعد مع حدث عالمي سنوي يشارك فيه عشرات الملايين من مختلف اصقاع العالم، ويقع على الجهات الحكومية فيها والأهالي الجزء الأكبر من الاستعداد لهذا التوافد المليوني والمكثف على مدار شهرين متواصلين، وكذلك بقية شهور السنة التي يأمها الزائرين في المناسبات الدينية دون انقطاع.

الاستعدادات للجموع المليونية بدأت ملامحه تظهر في مداخل كربلاء الرئيسة، فمثلا عمدت الحكومة المحلية فيها الى توسعة بعض الطرقات، ومعالجة التخسفات فيها، لضمان انسيابية حركة الزائرين دخولا الى المدينة وخروجا منها، وتكتفي بهذا الاجراء السنوي، حتى اعتاد المواطنين على رؤية الآليات في الأيام القليلة قبيل حلول شهر محرم الحرام.

السياحة لا يمكن ان تنهض وتتطور وهي تسير بهذه الوتيرة المتباطئة، في كل عام تقوم الحكومة المحلية بالإضافة الى الجهات الساندة كالعتبات المقدسة وأصحاب المواكب والهيئات الحسينية بأعمال ونشاطات شكلية لا تضيف أي تقدم للقطاع السياحي في كربلاء، بينما الزائرين ينتظرون ان تعالج الكثير من المشاكل التي تسبب لهم الازعاج والتعب في تأدية الزيارة سنويا.

وتعد السياحة ثقافة وصناعة متطورة بالنسبة لأغلب الدول التي تتبع منهجية التجديد على قطاعاتها بما فيها السياحية، لتعتبرها أحد أهم الموارد للدولة، فتبدأ بوضع الخطط والمشاريع بناء على تكيف الدولة مع السياحة، وفي بعض الدول شديدة الحرارة او انخفاضها أصبحت تنشئ مشاريع داخلية المباني لتتناسب مع البيئة المناخية لها، وتكيف السواح مع أجوائها.

فالدول التي تحضن مراقد دينية كالعراق تعد من أكبر الواجهات السياحية في العالم، وكما هو متوقع فأن اعداد الزائرين والسائحين يأخذ بالتزايد على مدار السنين، الامر الذي يتطلب مزيد من الاستعدادات التي تزيد من رغبة الوافدين الى البلد، وفي هذا الخصوص هنالك نقاط يجب مراعاتها.

من أهمها تأسيس مشاريع حديثة مواكبة للحداثة العالمية والقفزات الحاصلة في مجال تقديم الخدمات السياحية، ولا يمكن الاستغناء او التأخير في إنشاء محطات للمترو وطرق المواصلات الحديثة المكيفة وانشاء بعض المرافق الخدمية بالقرب من المراقد المطهرة تبعث الراحة والطمأنينة في نفوس الوافدين.

تحسين جودة الخدمات السياحية وتنويعها يعد من العوامل الأساسية والرئيسية نحو التحول لاستقطاب الزائرين، وهنا برزت مسألة غاية في الأهمية، تتمثل بعدم التعامل مع الزائر على انه زائر فقط، اذ يتخلل جموع الزائرين شخصيات ادبية يمكن ان تقوم بفعاليات ونشاطات ثقافية لخلق نوع من التبادل المعرفي والثقافي.

وينعكس هذا التقارب الفكري على البلد المضيف لهذه النشاطات وترويج أفكاره وعاداته وتقاليده ونشر ثقافة الشارع ومفهوم الشعب للحياة، فضلا عن توضيح الصورة السلبية المأخوذة عن البلد نتيجة الحملات الإعلامية المغرضة، فالارتقاء بالمستوى يتم من خلال الاستفادة من أصحاب المهارات والشهادات والخبرات المفيدة التي تضيف للقطاع السياحي وتدير شؤونه.

ومن الأولويات العمل على وضع السياحة العامة والدينية على وجه الخصوص ضمن خريطة السياحة الإقليمية والدولية، وانشاء حزمة من التشريعات المدروسة وقوانين منظمة لصناعة السياحة الآمنة، أخلاقياً ومكانياً، لتشجيع السياحة ودعمها، لتكون مصدرا للدخل الاقتصادي الوطني.

أي منطقة في العالم ممكن أن تكون وجهة سياحية إذا خُلقت السياسات الموائمة لها، مع الاخذ بعين الاعتبار ان اغلب المدن العراقية وبما فيها الدينية لا تحتاج الى المزيد لكي تكون وجهات سياحية تضاف الى لائحة السياحة العالمية، وجزء كبير مما تحتاجه هو أماكن وساحات استراحة تحاكي اللغة العصرية.

ذات صلة

كيف تتخلص من الفخ الدنيوي؟مركز آدم ناقش الحق في الخصوصية الجينيةماهي فدك ولماذا انتزعت من السيدة الزهراء (ع)؟أسباب فوز دونالد ترامب والتداعيات المحتملةتجربة المسفرين العراقيين وتجربة اللاجئين اللبنانيين