الحرب الاقليمية في الشرق الاوسط ومستوى الخطوط الحمراء

محمد حسن الساعدي

2024-03-24 08:14

من الواضح جداً أن الولايات المتحدة أصبحت مدركة تماماً أن أي حرب جديدة في الشرق الاوسط ستكون مكلفة لها على المدى المتوسط او البعيد، وهذا ما انعكس فعلاً من خلال تراجع الشعبية في داخل الولايات المتحدة الامريكية في المشاركة بأي حرب يمكن أن تؤدي الى قتل ابنائهم، ما خلق جواً من خيبة امل تجاه الادارة الامريكية، والذي بالتأكيد سينعكس سلباً في الانتخابات الرئاسية القادمة، ومع المشاركة الواضحة لواشنطن في الحرب على غزة بات الوضع الامريكي الداخلي ضاغطاً، ويسير نحو التصعيد وهذا ما لمسناه من خلال خروج مدينة اقتصادية مهمة هي تكساس والتي أعلنت موقفها الرافض لسياسات الادارة الامريكية في العالم والشرق الاوسط تحديداً.

الوجود الامريكي في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج تعتبره واشنطن حجر الاساس في المنطقة، وتؤكد دائماً أن وجودها لن يكون مؤقتاً في ظل التوترات المصطنعة والتي تشتعل بين الجينة والاخرى لتبقى مستعرة دائماً وبحاجة لوجود هذه القوات، بالمقابل التحولات الجيوسياسية التي القت بظلالها على المشهد عموماً وجعلت القطبية الواحدة تنتهي والعالم يسير نحو تعدد القطبية، على أثر الحروب التي غيرت مجرى الوضع في المنطقة والعالم، والذي سيؤدي الى تسريع التعددية القطبية وبروز قوى جديدة تؤثر على خارطة التحالفات في منطقة الشرق الاسط.

الهجوم العسكري الاسرائيلي الوحشي على غزة والدعم الامريكي غير المشروط هو أحد الاسباب التي ادت الى تسريع التحول في القطبية العالمية، وجعلت الكثير من دول منطقة الشرق الاوسط تغير نظرتها الى التحالف مع واشنطن حيث أصبحوا الآن يرسمون مسارات أكثر استقلالية ويتجنبون أي اشتباك يمكن أن يؤدي الى صراعات اوسع وخاصة مع إيران أو أي دولة أخرى من محور المقاومة الرافض لأي هيمنة على المنطقة.

ان التحول من نظام احادي القطب الى متعدد الاقطاب، والاندفاع الروسي والصيني نحو المنطقة، الهادف الى إيجاد تهدئة فيها يدعو الى ضرورة إيجاد حلول أمنية جديدة، الامر الذي يدفع الى التغيير بشكل كبير في الملف السياسي والاقتصادي على حد سواء، بالإضافة الى التقارب (السعودي-الايراني) الذي لم يفاجئ واشنطن فحسب بل أظهر للدول الاقليمية امكانية الخروج من أي هيمنة تمارسها واشنطن على هذه الدول، وإبرام الصفقات مع الدول الغربية الاخرى دون الحاجة الى التعاون والتنسيق مع واشنطن والتأكيد على أن دول المنطقة والخليجية منها قادرة على التعاطي مع الغرب بعقلية القوة وليس الضعف.

من هذا المنطلق يبدو ان مسار التهدئة أصبح أكثر نضجاً من مسار التصعيد، وأمسى الاسرائيليون يدركون أن الحرب والقتل والهدم والتهجير هي لغة ضعف وهروب نحو الامام وليس قوة، كما هو الغرب الذي عليه التراجع الى الوراء قليلاً لقراءة الشهد من بعيد وبصورة واقعية ليرى أنه الخاسر من هذه الحرب، وأن يعيد وضع وجهة نظر جديدة تختلف عن السابقات مبنية على أساس أن الولد إذا كبر تكبر معه روحه ويصبح أكثر قوة وقدرة على الوقوف بوجه من يريد أن يجعله خاضعاً خانعاً على الدوام.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا