أحزاب عراقية ليست سياسية

عدنان أبوزيد

2021-10-24 12:52

لم تعرف الدولة العراقية، أحزابا غير سياسية، منذ تأسيسها العام 1921، بما في ذلك النظام الديمقراطي الحالي، بل أكثر من ذلك، إنّ العراقي لم يعد يحرّكه شيء سوى السياسة، سواء في البيت أو الشارع والمزرعة والمدرسة، والمعمل، وقد يكون ذلك سببا في شيوع زمر سياسية فقط، حتى تجاوز عددها، الحدود المنطقية، بينما في الغرب، لا تستهلك السياسة من أوقات الفرد، الا النزر اليسير.

والسياسة في الغرب أداة ناعمة، فتقول أستاذ القانون الأميركية، سوزان إستريتش، إنّ أفضل طرق التواصل السياسي هي العاطفة، بينما الزعيم الكوبي فيدل كاسترو يقول إن قيادة الأمة أسهل من إضحاكها.

تسود في أوروبا أحزاب البيئة، والجنس، والحمير والأرانب والأفيال، تتبنى اللاعنف، وتسعى الى العدالة الاجتماعيّة، والتركيز على اثراء التفاصيل الصغيرة في حياة الفرد، وهي احزاب ليست ساخرة، بل هي كيانات جدية تطمح الى السلطة.

أحد الاحزاب العجيب في ايديولوجيته هو حزب (الوعود العبثية) الدانماركي، ويعمل على تحسين الطقس، والحرص على ان تكون ليالي المواطنين حمراء ممتعة، وأنْ تنال الحيوانات والطيور كفايتها من الغذاء.

ونال حزب (المتعة) في استراليا شعبية كبيرة بعدما وعد بتنظيم الحياة الإباحية في البلاد. ومن وجهة نظره، فان ممارسة الحب في استراليا ينقصه الابداع.

مفهوم الحزب السياسي بمعناه الحديثي بدأ مع ظهور البرلمانية، وأول ظهور للأحزاب البريطانية كان العام 1832، وحزب (الوحشية) يتّخذ من وحش بحيرة (لوخ نس) رمزا، ويدعو الى حماية الحيوانات النادرة من الانقراض.

وفي بريطانيا أطلق حزب (المعتوهين) في انتخابات العام 2000 مشروع نفق نحو سويسرا لسرقة بنوكها، كما وعد بتحويل قصر الملكة الى ملجأ للفنانات المتقاعدات، وترحيل الانكليز الى استراليا هربا من المسلمين.

وحزب الحيوانات، هو حزب سياسي هولندي، تأسس العام 2002، ولديه مقعدان في البرلمان، وهو اول حزب يدافع عن حقوق الحيوانات في العالم، وتأسس في بلجيكا حزب (البوهيمية) المطالب بدور أكبر للحريات الشخصية، وتوفير مساكن جماعية للمتسكعين.

وتشكيل الاحزاب في العراق إذا بقي على المسار الحالي، سيدخله مؤسسة غينس للأرقام القياسية باعتباره الدولة الاكثر عددا للأحزاب في العالم، لكن لائحة التنافس تخلو من أحزاب غير سياسية، مثل تلك التي تنادي بالحفاظ على البيئة، أو المتخصصة في استقطاب الشباب من أجل الأعمال التطوعية، ونشر الوعي، والتأسيس للطاقة الخضراء، وكلها ملفات تستطيع من خلالها كسْب اتباع كثيرين لتعبّر عن آرائهم في البرلمان.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي