الاستقرار السياسي وعلاقاتنا الدولية
واثق الجابري
2019-08-18 09:04
نجح العراق أخيراً، في بناء علاقات متوازنة مع الدول الإقليمية والفاعلة في المنطقة، وأثبت أنه محور إعتدال ولا يميل لطرف على حساب آخر.. أو هكذا يحاول.. فهو بلد الإستقرار الإقليمي والإستثمار، لكن نجاحه الخارجي لا يمكن أن يتحقق، دون الحاجة لعوامل آخرى، لتكون أرضية مناسبة لعلاقات مستدامة.
تتركز طبيعة العلاقات السياسية، على أساس شراكات إقتصادية وصناعية وتجارية وأمنية، والعراق أرضيتها، وبقية الدول إمكانياتها وخبراتها.
تكاد تكون الخطوات التي إتخذتها الدول، ملزمة واقعياً، ولا يمكن لجهة داخلية الإعتراض عليها، فمع مصر الإتفاق مع السيسي، وأيران المرشد الأعلى وروحاني، والسعودية الملك سلمان ومحمد بن سلمان، والملك عبدالله في الأردن، وترى هذه الدول أهمية للشراكة الإقتصادية والسياسية، وأن العراق شريك فاعل، ولا يمكنها الإنتظار في ظل تسابق دولي على الساحة العراقية، ووجود فرص الإستثمار، التي تفتح أبواب العلاقة بين الطرفين، وإتخاذ موقف المتفرج مؤكد أنه سيملأ فراغه من الشريك.
الحكومة العراقية هي الآخرى، عرضت جملة إستثمارات، ووقعت عدة إتفاقيات، لكنها مرهونة التطبيق والنجاح بعوامل داخلية متعددة، من أجل المضي وتنفيذ تعهداتها؛ وذلك بثلاثة عوامل رئيسية، هي الإستقرار والتشريعات ومحاربة الفساد.
ربما وصل العراق الى حالة من الإستقرار الأمني، الذي يتيح تشجيع الشركات على العمل في العراق، إلا أن الإستقرار السياسي هو الأهم، وهو من يؤدي في كثير من الأحيان الى زعزعة الأمن، وذريعة لأفعال إرهابية، وأما ظاهر الخلافات السياسية، فأنها ستعطي إنطباعا سيئا عن الدولة العراقية، في تناحر غير مسؤول، لا يهيأ أرضية مناسبة لثقة الشريك، ويظهر ضعف الدولة، وعدم الوثوق بشراكتها، في ظل مجمل التصريحات، التي توجه للدول المستثمرة، أو تهول واقع حدة الاختلافات السياسية، وتظهر العراق بأنه دولة منهارة، لا يمكن الاستثمار بها.
أما المعطل الآخر للإستثمار والشراكة الدولية، فهي تلك القوانين التي تعرقل الإستثمار، وتخدل المشاريع في بيروقراطية الروتين، وتفسح مجال للفساد والإبتزاز، وهي بحاجة لتشريعات تسمح بالإستثمار وبناء علاقات متوازنة مع الدول على أساس المصلحة المشتركة، ومصلحة العراق في الأولوية. يبقى الفساد هو العامل المهم جداً وربما الأخطر، وربما يحول أموال المشاريع الى مافيات، تنظر عقود الشركات، وبذريعة الخبرة واليد العراقية، وتحويل العمل بيد شخصيات تعتمدها الشركات، وبالنتيجة لا فائدة من أيّ إستثمار وشراكة دولية، وقد يسعى الفاسدون الى تعطيل أو إبتزاز الشركات الدولية.
كل العوامل الثلاثة لها الأثر في إستثمار العراق لفرصة تاريخية، في بيئة مستقرة مستثمرة جاذبة للمنافسة الدولية، ويبقى على الجهات المسؤولة والحكومة، تحديد طبيعة الخطاب السياسي، لخلق مناخ للإستقرار، ومنع التصريحات الشخصية، التي تزايد بقضية العراق، وسن مجموعة قوانين تسهل فرص الشراكة، وضرب الفساد بقوة ومنع مافياته من التدخل في طبيعة الشراكة الدولية، وأن يكون العراق دولة رصينة، لا يخرج منها تصريح إلاّ من الجهات المسؤولة عن رسم السياسة الخارجية، ومن لديه كلام، فليتحدث داخل غرف السياسة فقط.