كيف تستعد العوائل الشيعية لاستقبال شهر المحرم؟

أوس ستار الغانمي

2024-07-04 04:11

قبل أن تبدأ السنة الهجرية بشهر المحرم، تستعد العوائل الشيعية في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في العراق، لاستقبال هذا الشهر بأسلوب يعبر عن حزنهم وتفانيهم لذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي وأهل بيته (عليهم السلام) في معركة كربلاء، المحرم وخاصةً عاشوراء، يعد مناسبة دينية وثقافية لها أهمية كبيرة لدى الشيعة، تجتمع فيها العوائل والمجتمعات لإحياء ذكرى هذه الحادثة التاريخية.

التجهيزات والاستعدادات:

1. شراء الملابس السوداء:

  - مع اقتراب شهر المحرم، تبدأ العائلات الشيعية بشراء الملابس السوداء، التي ترمز إلى الحزن والحداد، هذه الملابس ترتدى طوال الشهر، وهي تعبير عن الاحترام والتقدير للشهداء والتضامن مع مصاب آل البيت.

2. الرايات السوداء:

  - ترفع الرايات السوداء في المنازل والمساجد والحسينيات والشوارع؛ هذه الرايات تحمل شعارات الحزن والبكاء على مصاب الإمام الحسين وأصحابه، يتم تعليقها في أماكن بارزة لتكون مرئية للجميع، مما يخلق جوًا من التأمل والحزن الجماعي.

3. تحضير المجالس الحسينية:

  - تعد المجالس الحسينية جزءًا لا يتجزأ من الشعائر، تبلغ الاستعدادات ذروتها في تحضير هذه المجالس، حيث يتم دعوة الخطباء والشعراء لإلقاء المحاضرات والخطب التي تروي تفاصيل معركة كربلاء وتستخلص الدروس منها. تشهد هذه المجالس توافدًا كبيرًا من الناس للاستماع والمشاركة في البكاء والتعبير عن الحزن.

4. إقامة المآتم:

  - تقام المآتم في المساجد والحسينيات، حيث تجتمع النساء والأطفال والرجال للبكاء وتلاوة القصائد الحسينية (اللطميات) التي تصف معاناة أهل البيت، النساء خاصةً تلعبن دورًا مهمًا في تنظيم وإقامة هذه المآتم.

5. الزينة السوداء:

  - الأسواق والمنازل تتزين بالأعلام السوداء، كما تضاء الشموع على مداخل المنازل والأماكن العامة إشارةً إلى الحداد.

6. تحضير الطعام وتوزيعه:

  - تحضير الموائد وإعداد الطعام وتوزيعه يعتبر من الشعائر الأساسية، يتم تحضير أنواع خاصة من الطعام وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والمجتمع المحلي، مما يعزز روح التضامن والمواساة.

الجانب الروحي والاجتماعي:

تكمن أهمية هذه الشعائر في عدة جوانب:

1. الجانب الروحي:

  - تعد هذه الشعائر فرصة لتجديد الالتزام الديني والأخلاقي وتعميق الارتباط الروحي بالإمام الحسين وأهل بيته. يساهم ذلك في تعزيز الإيمان وترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية التي تجسدها واقعة كربلاء، مثل الصبر، والتضحية، والشجاعة.

2. الجانب الاجتماعي:

  - تجلب هذه المناسبة الأفراد معًا في مجتمعات كبيرة وصغيرة، مما يعزز الروابط الاجتماعية والعلاقات العائلية. العمل الجماعي في إعداد الشعائر والاحتفالات يجعل الناس يشعرون بالاتحاد والقوة كمجتمع واحد.

كما تعد هذه الاستعدادات فرصة لنقل المعاني والقيم التي تجسدها واقعة كربلاء للأجيال الجديدة، مما يضمن استمرارية هذه الثقافة والهوية. تساهم هذه الممارسات في الحفاظ على التراث الثقافي والديني للشيعة، وتشكل جزءًا من هويتهم الجماعية.

في النهاية، يمكن القول أن استعداد العوائل الشيعية لاستقبال شهر المحرم يعبر عن ارتباط عميق بالجذور الدينية والثقافية، تعكس هذه الشعائر معاني كبيرة تتمحور حول الحزن والمواساة، لكنها بنفس الوقت تظهر قيم التضحية والصمود والإخلاص للإمام الحسين وأهل بيته، إنها فرصة للتجديد الروحي والاجتماعي، وللحفاظ على التراث وتعميق الروابط المجتمعية، مما يعزز شعور الوحدة والانتماء بين أفراد المجتمع الشيعي.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا