الإمام المنتظر.. الامر بالعدل والنهي عن الظلم

علي ال غراش

2023-03-18 06:09

هل مطلوب من عشاق الإمام المهدي (عج) زمن الغيبة، التهيئة والاستعداد العلمي والروحي، والسعي للاصلاح والعدالة والخير والسلام والأمان، عبر الإلتزام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بتأدية الأعمال الصالحة وإنكار المنكر ورفض الظلم والفساد والاعتداء والاستبداد؟.

إن كل عاشق للإمام الحجة ويدعي الانتماء لمدرسة الإمام المنتظر (عج) مطالب بالابتعاد عن كل ما يخالف منهج الإمام المهدي -عليه السلام-، واذا لا يستطيع الرفض بيده ولسانه، يمكنه بقلبه ومواقفه، مثل رفض اي عمل مخالف الشرع والمشروع المهدوي، وكذلك من خلال عدم التجاوب مع أي دعوة فيها عمل غير صالح، وعدم التفاعل مع أي فعاليات فيها معصية أو شبه.. وتخالف منهج الإمام صاحب الزمان، وإنما المحب للإمام المهدي (عج) مطالب بأن يكون هو مشروع مهدوي بإيمانه وورعه واخلاقه وتعاملاته ومواقفه، ومنها الوقوف مع عشاق الإمام المهدي (عج) ومع أهل الحق والحقيقة والعدالة -وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه-، ونصرة المظلومين والتضامن مع الفقراء والمساكين والمحتاجين، والحضور في المجالس والجلسات التي تنتمي ويحبها الإمام المنتظر(عج).

وتطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخل بيته فهو يملك اليد "السلطة"، وبلسانه كقول الكلمة الطيبة والتوجيه السليم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعوة أهل بيته لمنهج أهل البيت والتشجيع على الالتزام، وفرض نظام الفضيلة من خلال التلفاز وبرامج التواصل، وان يكون له رأيا ومواقف وتوجيه وتربية أفراد العائلة بالابتعاد عن الأفعال المشينة والرذائل والمحارم والآثام، ورفض اي كلمة أو فعل يخالف منهج الإمام المهدي(عج).

في وقت الانتظار الايجابي لظهور الإمام المنتظر عج "زمن الغيبة"، على المحب المنتظر عدم التوقف عن العمل والاستعداد بل يجب على كل فرد زيادة الاجتهاد والبذل والسعي لنشر العدالة والفضيلة والخير...، بل جعل بيته مجلسا دائما للمعروف والخير والصلاح وإنكار المنكر ورفض الظالمين، وجعل قلوب أهل بيته عبر العديد من البرامج...، عاشقة لمحمد وال محمد(ص)، مرتبطة ومتلهفة لرؤية وخدمة الإمام المهدي المنتظر (عج).

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عشاق الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج) حتما يتمسكون بالقيم والمبادئ والتعاليم حسب عقيدة مدرسة أهل البيت -عليهم السلام-، ومن العقيدة تأدية الأعمال الواجبة كفروع الدين؛ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... من أهم الأعمال التي ينبغي على كل من ينتمي للإمام المهدي المنتظر (عج) الإلتزام بتأديتها في فترة الانتظار الإيجابي "الغيبة".

اي ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات على كل مسلم، حسب عقيدة مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كالصلاة والصوم والحج والجهاد والزكاة والخمس وبقية فروع الدين الواجبة، وعلى كل شخص بالغ رجل أو إمرأة، ان يؤدي تلك الواجبات؛ الصلاة والصوم... وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. في كل مكان وزمان... فهي لا تسقط ولا تقبل التبريرات بعدم تأديتها... بل يعاقب تاركها.

يوجد بعض الأحكام التفصيلية حول تلك الفريضة.

ماذا يعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.

"لغة: المعروف: اسم لكل فعل يُعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والمنكر: ما يُنَكر بالعقل أو الشرع. فالمنكر: كل فعل تحكُم العقول الصحيحة بقُبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه العقول، فتحكم بقبحه الشريعة.

إصطلاحا: المعروف: هو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه، والمنكر: هو كل فعل قبيح عرف فاعله قبحه، أو دل عليه.

وقد ذكر العلماء مراتب لإنكار المنكر، وهي: أن يعمل عملا يظهر منه انزجاره القلبي عن المنكر، وله درجات كغمض العين، والعبوس والانقباض في الوجه، وكالإعراض بوجهه أو بدنه، والأمر والنهي لساناً، والإنكار باليد"‌.

في فترة الانتظار الإيجابي "الغيبة" عشاق الإمام ومن ينتظر ظهوره الميمون المبارك مطالب بالإلتزام والقيام بدوره بالتهيئة والاستعداد وفعل الخير والإصلاح، والتضامن مع المظلومين والمستضعفين ورفض الظالمين، وتطبيق فريضة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر.

ولأهمية هذه الفريضة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) المغيبة من واقع المجتمع وبالخصوص في هذا الزمن لأسباب وتبريرات..، رغم خطورة التغييب على الفرد والمجتمع واحقاق الحق وتطبيق العدالة ومخالفة المشروع المهدوي، حيث قال تعالى: "ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون".

ضرورة الفريضة

وحول أهمية إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخطورة عدم القيام بذلك والتحذير من تركها، قال الرسول الأعظم محمد -صلى الله عليه وآله-: "لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البرِّ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء".

ومن باب التحذير من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال امير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فيولّي عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم".

وحول أهمية فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب وترد المظالم، وتعمَّر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر".

ولأهمية فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الضروري الإطلاع على كتب العقيدة، التي تفصل أحكامها.

خروجُ إمامٍ لا محالةَ خـارجٌ

"وعن عبدالسلام بن صالح الهروي (أبو الصلت) قال: سمعتُ دِعبلَ بن عليّ الخزاعي يقول: لمّا أنشدتُ مولايَ الرضا عليه السلام قصيدتي التي أوّلها:

مدارسُ آياتٍ خَلَت مِن تلاوةٍ

ومنزلُ وحيٍ مُقِفرُ العَرَصاتِ

فلمّا انتهيتُ إلى قولي:

خروجُ إمامٍ لا محالةَ خـارجٌ

يقومُ علَى اسمِ اللهِ والبركـاتِ

يُميِّز فينا كـلَّ حـقٍّ وباطـلٍ

ويَجزي على النعماءِ والنَّقِماتِ

بكى الرضا عليه السلام بكاءً شديداً، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي: «يا خُزاعيّ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري مَن هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟»، فقلت: لا يا سيّدي، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمامٍ منكم يُطهّر الأرض من الفساد، ويملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً، فقال: «يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمدٍ ابنه عليّ، وبعد عليٍّ ابنُه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظَرُ في غَيبته، المطاع في ظهوره، لولم يَبقَ من الدنيا إلاّ يومٌ واحد لطوّل الله عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى يخرج، فيملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً»".

العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعجل ظهور قائدنا الإمام المهدي المنتظر (عج) أرواحنا فداه، ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا، وأن يستعد ويتهيأ العاشق لمعشوقه الإمام المهدي، بالأعمال التي يريدها الامام من عشاقه حسب العهد والميثاق، استعداد بحاجة لتضحيات كبيرة.. لتقر عيون العاشق برؤيته وخدمته ونصرته..

تحية لكل العشاق الثابتين والمتمسكين بالعهد والميثاق بالسير على منهج صاحب العصر والزمان الإمام المهدي -عجل الله فرجه-، ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا، وان ينعم عشاقه ومحبوه بالنعم الربانية النصر والخير والبركة، وبهذه المناسبة نسأل الله تعالى ان يفرج عن كل المكروبين والمعتقلين والفقراء والمساكين والمستضعفين ويشافي المرضى ويرحم موتى المؤمنين والمؤمنات.

وما أجمل ان نختم كلامنا عن سيدنا ومولانا الإمام الحجة بالدعاء المأثور المروي المستحب قراءته لتعجيل الفرج الشريف: اللهم صل على محمد وال محمد: (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن المهدي صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً).

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي