خديجة أم المؤمنين: أول امرأة آزرت الرسالة النبوية
فهيمة رضا
2017-06-05 05:54
وراء كل رجل عظيم امرأة، يقال الأمثال تضرب ولا تقاس ولكن في كل عظمة شاهدتها التاريخ وسجلتها الانسانية هناك نصيب للنساء، بطريقة أو اخرى، إما تكون بصورة ظاهرية وهى الحضور في المقدمة أو غير ذلك وهي البطولة وراء الكواليس، مرة تجدهن في أشجع حالاتهن يدافعن عن شرفهن هنا وهناك ومرة تجدهن مع الرجل جنبا إلى جنب في الكفاح لنشر الاسلام والمحافظة عليه كما ورد في التاريخ الإسلامي، حيث شاركت المرأة المسلمة واشتركت في أول هجرة للمسلمين إلى الحبشة وكذلك في الهجرة إلى المدينة المنورة وخرجت مع الرجال في الغزوات واشتركت في ميادين القتال لتمريض الجرحى وكانت مع الرجال بشكل مستمر دون أن تضعف أو تتراجع.
ويؤكد لنا التاريخ الإسلامي أن أول شهيدة في الإسلام هي امرأة تمسكت بالدين الإسلامي وبالتوحيد واستشهدت وهي تردد "أحد... أحد" وهي الشهيدة سمية من آل ياسر عليهم السلام. كما اشتركت النساء في مبايعة الرسول صلى الله عليه واله والمبايعة او البيعة معناها الانتخاب والتصويت طبقا للمصطلحات الحديثة، فقد بايعت النساء المسلمات النبي صلى الله عليه واله.
وهذه المشاركات النسائية في البيعة للرسول الكريم تعتبر اقرارا لحقوق المرأة السياسية ولا يخفى على أحد دور تلك السيدة الجليلة في نشر الاسلام وتقوية أركانه في مختلف البلدان حيث شاركت بطرق مختلفة في مساندة رسول الانسانية لتحقيق هدفه السامي وهو نشر الاسلام حيث يذكر في الأحاديث عظمة عملها وإيثارها بأنه قد ساوى بذل خديجة (ع) سيف علي (ع) في الإسلام، وتساويا من قبل في السبق إلى الإسلام، وفي هذا من الشرف ما يكفي خديجة (ع) لتتميز عن الأخريات وتتفرد بكرامات لا تليق إلا بها.
ولادتها ونشأتها
ولدت خديجة بنت خويلد في مكة المكرمة أي نشأت وترعرعت في بيت ذي جَاهٍ ووجاهة وإيمان وطهارة سلوك، حتى سميت بالطاهرة وعرفت بهذا اللقب قبل الاسلام، وهي أول إمرأة آمنت برسول الله صلى الله عليه وآله وصدَّقته وصلّت جماعة مؤتمّة به وأعلنت إسلامها، وهي أوَّل إمرأة دافعت عن رسول الله صلى الله عليه وآله، كما انها كانت تسمى بملكة الحجاز والأميرة في ذلك الزمن لكثرة أموالها وخدمها.
وقد ورد في الأخبار عن العامة والخاصة في كثرة أموال خديجة، حتى قال العلامة المجلسي في المجلد السادس من بحار الأنوار أنه "كان لخديجة في كل ناحية عبيد ومواش، حتى قيل: إن لها أزيد من ثمانين ألف جمل متفرقة في كل مكان"*1 وبذلت جميع أموالها قربة الى الله تعالى وصرفت أموالها بكل سخاء خلال فترة الحصار في شعب مكة، حيث استمر ثلاث سنوات ومنعت قريش القوت والإمداد عن بني هاشم، فكانت خديجة تنفق على تلك الجماعة من الرجال والنساء من بني هاشم ومن الحراس والحفظة الذين كانوا مع رسول الله(صلى الله عليه واله).
انها حفظت سطور كتاب التجارة بإتقان وبينت للبشرية إن المرأة تحتسب رقما حتى وان نفي البعض وجودها وبينت ان المرأة باستطاعتها ان تكون رائدة وصاحبة مكانة عالية في المجتمع حتى وان تركها الجميع كما فعلن نساء قريش وتركنها لوحدها تجر المصاعب والآلام، كما انها أثبتت للبشرية بأكملها بأن لا أحد يصل إلى ذكائها وعبقريتها كي يستغل الفرصة ويربح تجارة لا خسران بعدها اذ انها قدمت كل ما لديها لنصرة دين حبيبها ونبيها وزوجها الكريم محمد صلى الله عليه واله. وربحت جنة عرضها السماوات والأرض.
ان السيدة خديجة أقرب زوجات النبي نسباً إليه وأشرفهن حسباً على الأخريات حيث تنتمي إلى قريش وتتصل مع النبي بجده قصي بن كلاب، (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن *قصي* بن كلاب)، (خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن *قصي* بن كلاب ).
كما ورد في النصوص ان السيدة خديجة عليها السلام هي الزوجة الوحيدة التي تزوجها النبي الاكرم صلى الله عليه واله لأجل الزواج وهي العذراء الوحيدة والبكر من بين الأخريات لأن بقية زوجاته كانت هناك أسباب عديدة وراء زواجه منهن ولم تكن لدافع الزواج في الدرجة الاولى، بل كان لإجل تحقيق مصلحه دينيه سياسية في ذلك الوقت، ولكن كانت السيدة خديجة هي الوحيدة التي تزوجها الرسول صلى الله عليه واله لدافع الزواج ولتكن سكناً له ووالدة لفاطمة وما ادراك من فاطمة؟!، وقد أراد كثير من الاشخاص ان يطعنوا في شخصية هذه السيدة الجليلة ويقللوا من شأنها ولكن الله متم لنوره ويبين الحقيقة مهما أراد المنافقون أن يخفوها خلف ستائر الظلم والكذب.
فقد ورد في كتاب (الصحيح من سيرة النبي الأعظم -ص-) للسيد جعفر مرتضى العملي ان ام المؤمنين السيدة خديجة (عليها السلام) لم تكن متزوجةً ابداً قبل رسول الله (صلى الله عليه واله)، ولم تكن كبيرة في السن كما اشتهر بين المسلمين بل ان عمرها حين زواجها كان يتراوح بين الـ (25-28)، كما انها جاهدت وصبرت على الأذى وتحملت مساوئ بعض افراد مجتمعها ووقفت في وجه تلك العادات الجاهلية وساندت النبي صلى الله عليه واله الى اخر لحظة في حياتها.
وبعد ذلك تركت غادر الى الدار الأخرى وهي لم تملك أي شيء من مال الدنيا بل أسرعت إلى الفردوس لتنال أجر ما بذلت من صدق لأجل الدين الحنيف والدعوة الصادقة، كما انها العضو الأساسي والرقم المهم في تلك الفترة على الأخص وشرفها الله لتكون وعاء لأم الأئمة (فاطمة) عليهم السلام. وحازت المكانة الرفيعة عند النبي صلى الله عليه ورفع الله شأنها في الدنيا قبل الآخرة حيث ليس باستطاعة احد ان يشوبها ويقلل من شأنها .'فسلام على تلك الطاهرة العالمة وسلام على صبرها وثباتها لتصبح سنداً لأعظم رجل عرفته الإنسانية.