السجناء حول العالم: من ماض إجرامي الى مستقبل ارهابي

كيف تجند داعش المجرمين من داخل السجون؟

زينب شاكر السماك

2017-01-14 05:30

يعد ملف السجون من الملفات الشائكة والمعقدة وقد اثار الكثير من الجدل بسبب ارتفاع نسب الاجرام وانتشار العصابات والمافيا التي تعمل على اثارة الشغب وتهريب السجناء ايضا وبحسب العديد من الدراسات الصحفية التي تتحدث عن ازديادا عدد الجرائم شهريا وتسجيل ارقام قياسية لعدد السجناء في السجون هذا بالأضافة الى التعديات وحالات العنف والتمرد التي تحدث في داخل كافة السجون في دول العالم وهذا يدل على ضعف الجهات السياسية والمختصة في ايجاد حل مناسب لهذه القضية.

وقد أثارت المذبحة التي وقعت في سجن مونت كريستو بولاية رورايما ونفذها أعضاء من عصابة فيرست كابيتال كوماند مخاوف من أن تخرج أشهر من العنف بين عصابات الجريمة في سجون البرازيل عن السيطرة. حيث تم تسجيل فيديو بهاتف خلوي وجرى تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي شوهد أعضاء يصفون أنفسهم بأنهم أعضاء في فيرست كابيتال كوماند وهم يمثلون بجثث متناثرة في فناء مكشوف داخل السجن.

وعلى صعيد ذي صلة, قاموا مئات السجناء بالاستيلاء على ما لا يقل عن جناحين بسجن في انجلترا في والذي يسع 1450 نزيلا في حادثة تعتبر من اخطر الحوادث التي حدثت في بريطانيا لهذا العام. وتمكنت طائرة بدون طيار من تهريب أشياء إلى زنزانة سجين في الطابق الرابع من سجن بالدنمرك لمساعدته فيما يبدو على الهرب.

وقد شهدت السجون مؤخرا بالاضافة الى العنف والشغب وحرب العصابات التي تحدث بداخلها تفشي حالة التشدد الاسلامي والافكار المتطرفة التي انغرست في نفوس السجناء حيث ان تنظيم داعش الارهابي بدأ بتجنيد مرتكبي الجرائم من داخل سجونهم, يدخلون الى السجن ولم تظهر عليهم أي ميول دينية محددة ويتحولون تدريجيا إلى متشددين تحت تأثير سجناء آخرين وقد قام الباحثون في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، ومقره جامعة "كينغز" بلندن، بتحليل شخصيات 79 إرهابياً أوروبياً لهم ماض إجرامي، من بلجيكا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا والمانيا وهولندا. وجمعيهم إما سافروا للقتال أو تورطوا في مخططات إرهابية في أوروبا.

وفي السنوات الـ5 الماضية توجه نحو 5 آلاف أوروبي إلى الشرق الأوسط للقتال في صفوف جماعات متشددة مثل تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً)، بحسب التقرير. و57% ممن شملتهم الدراسة كانوا في السجون قبل أن يجنحوا إلى التطرف، فيما 27% على الأقل ممن أمضوا عقوبة في السجن، جنحوا نحو التطرف وهم خلف القضبان.

وقد صرحت الحكومة الإيطالية بإنها ستبذل المزيد من الجهود لمكافحة التحول إلى التشدد الإسلامي داخل سجونها ودافعت عن خططها لإنشاء المزيد من مراكز الاحتجاز للمهاجرين الذين لا يحق لهم البقاء في البلاد. تأتي هذه التصريحات بعد أن قاد طالب لجوء تونسي رفض طلبه وقضى عقوبة في سجن إيطالي شاحنة مسروقة في سوق لعيد الميلاد في برلين يوم 19 ديسمبر كانون الأول فقتل 12 شخصا.

وتشهد جزيرة مينداناو التي تقع بجنوب الفلبين منذ عقود حركات تمرد اسلامي مسلح وبايعت بعض مجموعات المتمردين تنظيم داعش الارهابي. حيث هاجموا متمردون اسلاميون على سجن في هذه المنطقة لأطلاق سراح رفاق لهم معتقلين هناك ودرات معارك بينهم وبين الشرطة لمدة ساعتين مما جعل السجناء يستفادون من هذه الحادثة ليفروا من السجون.

اما في امريكا ستنقل حكومة اوباما 4 سجناء من معتقل جوانتانامو إلى السعودية ويأتي هذا في إطار مسعى أخير من جانب الرئيس باراك أوباما لتقليص عدد السجناء في المعتقل على الرغم من ضغوط الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوقف عمليات الإفراج. بحسب مصادر حكومية.

وحين تولى أوباما الرئاسة عام 2009 كان هناك 242 معتقلا في جوانتانامو ووصفه بأنه أداة لتجنيد الإرهابيين ونجح تدريجيا في تخفيض عددهم.

التجنيد داخل السجون

وفي نفس الشأن, قال مسؤولان أمريكيان إن الولايات المتحدة ستنقل أربعة سجناء من معتقل جوانتانامو إلى السعودية ويأتي هذا في إطار مسعى أخير من جانب الرئيس باراك أوباما لتقليص عدد السجناء في المعتقل على الرغم من ضغوط الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوقف عمليات الإفراج.

وستكون هذه الدفعة الأولى من السجناء الذين يتم نقلهم ضمن مساعي أوباما لإرسال ما يصل إلى 19 سجينا إلى أربع دول على الأقل بينها إيطاليا وعمان والإمارات العربية المتحدة قبل تنصيب ترامب في 20 يناير كانون الثاني. وإذا جرت عمليات نقل المعتقلين الأخيرة وفقا للخطة فإن نحو 40 سجينا سيبقون في جوانتانامو على الرغم من تعهد أوباما بإغلاق المعتقل المثير للجدل الموجود في قاعدة خليج جوانتانامو الأمريكية في كوبا.

وكان ترامب تعهد بأن يظل المعتقل مفتوحا وأن يرسل إليه "بعض الأشرار". وكانت رويترز ذكرت في وقت سابق أن إدارة أوباما أخطرت الكونجرس بنيتها نقل المزيد من المحتجزين.

وعبر ترامب عن رغبته في استمرار احتجاز من لا يزالون في جوانتانامو على الرغم من مراجعات قامت بها أجهزة أمنية اعتبرت أن الكثير منهم مؤهلون لمغادرته. وكتب على موقع تويتر "يجب ألا يجري المزيد من عمليات الإفراج من جوانتانامو هؤلاء أناس على درجة من الخطورة الشديدة ويجب عدم السماح لهم بالعودة إلى ساحة القتال."

ورفض البيت الأبيض اعتراضات ترامب وقال إن نقل المحتجزين من جوانتانامو سيستمر لحين تنصيب ترامب. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إميلي هورن "نتوقع أن يكون هناك المزيد من عمليات النقل... نحن لا نعلق على تطور أي عملية لنقل المعتقلين لحين اكتمالها."

ومن بين 59 سجينا في جوانتانامو قبل أحدث عملية لنقل معتقلين يواجه عشرة اتهامات أمام لجان عسكرية بينهم معتقلون يواجهون مزاعم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر أيلول بينما لم يتم توجيه اتهامات لأكثر من 20 لكنهم اعتبروا على درجة من الخطورة لا تسمح بالإفراج عنهم.

وحين تولى أوباما الرئاسة عام 2009 كان هناك 242 معتقلا في جوانتانامو ووصفه بأنه أداة لتجنيد الإرهابيين ونجح تدريجيا في تخفيض عددهم. وعرقلت معارضة الجمهوريين داخل الكونجرس جهود أوباما لإغلاق السجن وهو ما منعه من نقل أي معتقلين إلى الولايات المتحدة.

التشدد العقائدي

هذا وقد قال مسؤولون إن نحو 100 مسلح مرتبطين بجماعات إسلامية متمردة اقتحموا سجنا في جنوب الفلبين وقتلوا حارسا وحرروا أكثر من 150 سجينا بعضهم من المتشددين الإسلاميين. ويشهد البلد ذو الأغلبية الكاثوليكية الواقع في جنوب شرق آسيا حركات تمرد يشنها مسلمون في جزره الجنوبية منذ عقود.

وقال مدير السجن بيتر بونجات لمحطة إذاعية محلية إن المسلحين فتحوا النار على الحراس في سجن نورث كوتاباتو في مدينة كيداباوان. وأضاف أن 158 من بين السجناء البالغ عددهم إجمالا 1511 سجينا تمكنوا من الفرار. وقال مكتب الرئيس إنه أمكن اللحاق بثمانية سجناء وإن اثنين منهم استسلما في حين قتل ستة.

وقالت شيرلين ماكاسارتي القائمة بأعمال حاكم إقليم نورث كوتاباتو إن مكتبها كان تلقى إخبارية بتخطيط جماعة مقاتلي بانجسامورو الإسلامية للتحرير لتمكين أعضاء بالحركة من الهرب من السجن. وأضافت لتلفزيون إيه.إن.سي "كانوا ضالعين في جرائم قتل وأيضا أعتقد أن لديهم خبرة في صنع المتفجرات لذا راقبناهم عن كثب." بحسب رويترز.

وتابعت قائلة إن قائد المهاجمين المعروف باسم القائد ديربي له صلات بجماعة مقاتلي بانجسامورو الإسلامية للتحرير وهي جماعة منشقة عن جبهة مورو الإسلامية للتحرير. ويتردد أن بعض أعضاء جماعة بانجسامورو وجبهة مورو وراء مقتل 44 من قوات الشرطة الخاصة أثناء تنفيذ مهمة سرية قبل عامين لاعتقال صانع قنابل ماليزي كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد رصدت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تفضي للقبض عليه. وكانت الحكومة وقعت في 2014 اتفاق سلام مع جبهة مورو وهي أكبر جماعة إسلامية متمردة لكن ما زالت تقع اشتباكات مع جماعات أصغر.

الهجرة غير الشرعية

وعلى صعيد متصل يقع رئيس الوزراء الإيطالي الجديد باولو جنتيلوني تحت ضغط متزايد للتعامل مع الهجرة غير الشرعية والتحول إلى التشدد في السجون بعد أن قاد طالب لجوء تونسي رفض طلبه وقضى عقوبة في سجن إيطالي شاحنة مسروقة في سوق لعيد الميلاد في برلين يوم 19 ديسمبر كانون الأول فقتل 12 شخصا.

وقال أكبر مسؤول لمكافحة الإرهاب في إيطاليا إن المشتبه به أنيس العامري اتجه للتشدد حين كان بسجن في صقلية. وأعلن تنظيم داعش الارهابي المسؤولية عن الهجوم. وقتلت الشرطة الإيطالية العامري في ميلانو في 23 ديسمبر كانون الأول بعد أن فر من ألمانيا. وقال جنتيلوني في مؤتمر صحفي عقب محادثات مع لجنة خبراء عينها الحكومة لدراسة قضية الإسلاميين المتشددين "عمليات التوجيه للتشدد اليوم تحدث في أماكن معينة: في السجون وعلى الإنترنت." بحسب وكالة رويترز.

وقالت نقابة العاملين بالسجون الإيطالية في بيان إن السجون باتت "أرضا خصبة" للمتشددين لتجنيد أشخاص أضعف للقتال لحسابهم وأضافت أنه يجب أن يتلقى أعضاؤها دروسا في اللغات الأجنبية ودورات توعية دينية لتحسين قدرتهم على التعامل مع هذا التحدي. وحاولت إيطاليا ترحيل العامري بعد أن قضى عقوبة بالسجن أربعة أعوام لكن تونس رفضت تسلمه وتم الإفراج عنه وصدر له أمر بمغادرة البلاد.

عصابات المخدرات

ومن جانب آخر, قتل أعضاء مسجونون من أقوى عصابة للمخدرات في البرازيل 33 نزيلا داخل سجن وقاموا بقطع رؤوس معظمهم والتمثيل بجثثهم انتقاما من مذبحة في سجن آخر سقط فيها 56 قتيلا.

وأثارت هذه المذبحة التي وقعت في سجن مونت كريستو بولاية رورايما ونفذها أعضاء من عصابة فيرست كابيتال كوماند مخاوف من أن تخرج أشهر من العنف بين عصابات الجريمة في سجون البرازيل عن السيطرة. وفيرست كابيتال نفسها كانت هدفا لأسوأ مذبحة في البرازيل في أكثر من عقدين في ولاية أمازوناس المجاورة.

وفي تسجيل فيديو تم تصويره بهاتف خلوي وجرى تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي شوهد أعضاء يصفون أنفسهم بأنهم أعضاء في فيرست كابيتال كوماند وهم يمثلون بجثث متناثرة في فناء مكشوف داخل السجن. بحسب رويترز.

وسمع عضو من العصابة وهو يقول "أنتم قتلتم أخوتنا.. أليس كذلك؟ انظروا ماذا سيحدث لكم! هذا انتقام مما فعلتم بأخوتنا." وقال مسؤولون بالولاية إن قوات خاصة من الشرطة تمكنت من السيطرة على الشغب في أكبر سجن في رورايما. وفي أكتوبر تشرين الأول أودى العنف بين عصابتي المخدرات المتنافستين بحياة عشرة أشخاص.

وقال رافائيل الكاديباني وهو خبير في الأمن العام بمؤسسة جيتوليو فارجاس وهي مركز أبحاث في ساو باولو "هذا الوضع من الواضح أنه كرة ثلج تتدحرج ولا يوجد شيء يمكن أن تفعله الحكومة لوقف العنف في الأجل القصير." وأضاف قائلا "إننا ندفع ثمن 50 عاما من الإهمال التام لنظام السجون.".

أعمال شغب

وفي السياق نفسه استعادت شرطة السجون السيطرة على نزلاء سجن في برمنجهام بإنجلترا بعد مرور أكثر من 12 ساعة على اندلاع أعمال شغب وسط نحو 300 سجين. وقالت متحدثة باسم وزارة العدل إن الشرطة سيطرت بالكامل على جميع أجنحة السجن الأربعة.

كانت السلطات قد قالت في وقت سابق إن مئات من السجناء سيطروا على ما لا يقل عن جناحين بسجن (إتش.إم.بي برمنجهام) بوسط إنجلترا في أحدث وأخطر اضطرابات في السجون البريطانية هذا العام. وذكرت شركة (جي4إس) الخاصة التي تدير السجن أن الاضطرابات اندلعت في السجن الذي يسع 1450 نزيلا من الرجال بعد قليل مما أجبر العاملين على الانسحاب.

وقال جيري بيثيريكا العضو المنتدب لشركة(جي4إس) لخدمات الاحتجاز والاعتقال "فرقنا انسحبت في أعقاب الاضطرابات وأغلقت جناحين يضمان بعض المكاتب الإدارية. الاضطرابات امتدت منذ ذلك الحين إلى جناحين آخرين. تم الاستدلال على جميع العاملين." بحسب رويترز.

وقالت رابطة ضباط السجون التي تمثل العاملين بالسجن إن الواقعة شملت نحو 300 نزيل. وذكرت شرطة ويست ميدلاندز في بيان "علمنا أن مجموعة مفاتيح تتيح الوصول إلى مناطق إقامة (السجناء)انتزعت من ضابط وأن المجرمين احتلوا منذ ذلك الحين بعض المنشآت الخاصة بالسكن واللياقة البدنية."

وقالت (جي4إس) إنه جرى إرسال ضباط إضافيين إلى السجن الواقع قرب وسط مدينة برمنجهام والذي بني عام 1849. كما تم نشر ضباط مكافحة الشغب ووحدات من الكلاب البوليسية في محاولة لاستعادة السيطرة على الوضع. وذكرت الشرطة أنه نظرا لخطورة الواقعة تولت مصلحة السجون مسؤولية العملية. وقالت وزارة العدل في بيان "جرى احتواء الوضع... محيط السجن آمن ولا يوجد أي خطر على الجمهور. نحن واضحون تماما أن السجناء الذين يتصرفون بهذه الطريقة سينالون العقاب وربما سيقضون وقتا أطول خلف القضبان."

طائرة بدون طيار

وقال اتحاد السجون الدنمركي إن طائرة بدون طيار تمكنت من تهريب أشياء إلى زنزانة سجين في الطابق الرابع من سجن بالدنمرك لمساعدته فيما يبدو على الهرب. وعبرت الطائرة المحملة بهاتفين محمولين ومنشار وعدد من المسامير أسوار سجن نايبورج وتمكنت من توصيل هذه الأشياء بنجاح إلى السجين عن طريق نافذة زنزانته قبل أن تختفي.

واكتشف حراس السجن الأمر على الفور وصادروا الأشياء لكنهم لم يمسكوا بالطائرة ولا الشخص الذي كان يتحكم فيها. وقال كيم أوسترباي رئيس اتحاد السجون "من حسن الحظ أننا اكتشفناها هذه المرة لكن ربما لا يكون هذا هو الحال المرة المقبلة." بحسب رويترز.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي