معركة الموصل: حسم السيطرة غرباً وجبهة مفتوحة شرقاً
عبد الامير رويح
2016-12-10 08:37
تواصل القوات العراقية المشتركة تقدمها الميداني في معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، والتي شهدت بحسب بعض المصادر، زيادة في وتيرة التوغل الذي تقوم به القوات العراقية. حيث استطاعت قوات مكافحة الإرهاب وباقي القوات الاخرى في الايام القليلة الماضية، تحقيق انتصارات جديدة وتحرير مناطق اضافية داخل المدينة وخارجها، ومع تقدم المستمر والانتصارات المتواصلة للقوات العراقية المشتركة في جميع الجبهات والمحاور يرى بعض الخبراء، ان المعركة ربما ستدخل منعطفا جديدا، بسبب الكثافة السكانية العالية، التي قد تجبر القوات العراقية على عدم استخدام بعض الاسلحة المهمة، ويدفع القيادة العسكرية إلى تغيير خطط المعركة، من اجل الحفاظ على ارواح المدنيين في محافظة نينوى التي يبلغ تعداد سكانها نحو مليوني نسمة، وهو ما قد يسهم بتأخر العمليات العسكرية.
وفيما يخص اخر تطورات هذه المعركة فقد أعلن قائد قوات مكافحة الإرهاب بالعراق الفريق الركن عبد الغني الأسدي وكما نقلت بعض المصادر، انتهاء المرحلة الاولى لعمليات تحرير محافظة نينوى من عصابات داعش الارهابية. وقال الاسدي في تصريح صحفي، ان المرحلة الأولى من العمليات العسكرية انتهت بالسيطرة على 28 حياً من أحياء الجانب الأيسر من مدينة الموصل. وأضاف اليوم كان لدينا عمل جيد حيث ختمنا المرحلة الاولى لعملية التحرير مشيرا إلى أنه لدينا بعض الاحياء القليلة وستكون سهلة ونسير باتجاه الحافة القريبة لنهر دجلة. وأكد الاسدي ان العمليات تجري وفق ما هو مخطط لها لافتا إلى ان معنويات الجنود عالية للغاية.
وكشف قائد مكافحة الارهاب ان لدى قواته معلومات تفصيلية عن تحركات داعش مؤكدا ان الاهالي يقومون كذلك بمساعدة الجيش من خلال المعلومات عن مواقع الارهابيين اضافة الى المناطق الملغومة والعبوات التي تم زرعها مثلما الجيش يقدم المساعدات للأهالي.
واوضح ان قطاعات الجيش تتحرك ببطء للحفاظ على المدنيين من النيران الصديقة حيث لدينا تعليمات من رئيس الوزراء تفيد المواطن اولا ومن ثم مقاتلة داعش. واشار الى ان الاحياء التي تم السيطرة عليها تشمل حي عدن وحي الشهداء وحي الزهور لافتا الى ان القطاعات تمكنت من السيطرة على 28 حيا من احياء الموصل من مجموع 40 حيا. ويقسم نهر دجلة مدينة الموصل الى الساحل الأيسر والساحل الأيمن.
من جانب اخر باشرت قوات الحشد الشعبي بتطهير تل عبطة غربي مدينة الموصل بعد تحريرها من داعش. وذكر بيان لاعلام الحشد الشعبي ان قوات الحشد الشعبي باشرت بعمليات تطهير ناحية تل عبطة الاستراتيجية غربي الموصل بعد تحريره من عصابات داعش الارهابية. الى جانب ذلك قتلت قوات الشرطة الاتحادية، 19 داعشيا ودمرت خمس عجلات مسلحة في عمليات متفرقة قرب الموصل. واكدت قوات الحشد الشعبي، ان تحرير ناحية تل عبطة مثل السيطرة على مركز قيادة داعش في منطقة الجزيرة وقطع خطوط الامداد لداعش بين المحورين الجنوبي والغربي.
تقدم مستمر
من جانب اخر تخوض القوات العراقية مواجهات شرسة ضد الجهاديين في عمق الجانب الايسر من مدينة الموصل، شمال البلاد، وتتقدم باتجاه نهر دجلة بهدف فرض تفوقها في العملية التي انطلقت قبل اسابيع لاستعادة المدينة. ودفعت المواجهات خلال تقدم القوات العراقية لاستعادة الموصل، ثاني اكبر مدن العراق واخر اكبر معاقل الجهاديين فيه، الافا من اهالي المدينة للنزوح الى مخيمات مزدحمة حيث يواجهون ظروفا صعبة مع انخفاض درجات الحرارة الى اقل من الصفر.
واكد ضابط كبير في قوات الفرقة التاسعة من الجيش السيطرة على مستشفى السلام المؤلف من خمسة طوابق وحيث وضع الجهاديون قناصة في الطوابق العليا. ويعد التوغل الذي نفذته القوات الاكبر داخل الجانب الشرقي من الموصل منذ انطلاق العملية الواسعة في 17 تشرين الاول/اكتوبر. وقال رئيس اركان الفرقة التاسعة العميد شاكر كاظم ان القوات تقدمت في حي السلام على بعد حوالى كيلومترين من دجلة "لكن الوضع حرج اليوم لأن المعارك عنيفة".
واضاف "سيطرنا على مستشفى السلام الذي كان يعد مركز قيادة لداعش.. من المفترض أن نواصل تقدمنا باتجاه الجسر الرابع للالتقاء بقوات مكافحة الارهاب في جنوب شرق المدينة. بوصولنا الى نهر دجلة، ينتهي واجب الفرقة التاسعة". وقال ضابط رفيع في قوات مكافحة الارهاب ان القتال في حي السلام شرس. ولعبت قوات مكافحة الارهاب دورا رئيسا خلال الاسابيع الماضية في السيطرة على عدد من احياء الجانب الشرقي من الموصل.
وتقدمت قوات من الجيش العراقي داخل الموصل خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لكن تقدمها كان بطيئا، وباتت القوات العراقية الان تسيطر على حوالى نصف الجانب الشرقي من المدينة. وتوقع قادة امنيون ومحللون ان تكون المقاومة في الجانب الشرقي من المدينة اقل من الجانب الاخر ولكنها كانت شرسة، ولذلك يبدو من الصعب تحقيق وعد رئيس الوزراء حيدر العبادي باستعادة الموصل بنهاية العام الحالي. بدورها، تمكنت قوات الحشد الشعبي، من استعادة مناطق واسعة على الجبهة الغربية متقدمة باتجاه بلدة تلعفر الواقعة على الطريق الرابط بين الموصل و سوريا.
حققت القوات العراقية تقدما سريعا في المحور الجنوبي والشمالي من المدينة، لكن التقدم اصبح بطيئا خلال الايام الاخيرة. واستمرار تواجد مئات الاف المدنيين من اهالي الموصل في منازلهم لرفضهم المغادرة او لمنعهم من قبل الجهاديين هو ابرز العوامل المعرقلة لتقدم القوات. وذكر تقرير للامم المتحدة ، ان عدد النازحين بلغ اكثر من 82 الفا، لكنه مازال اقل من التوقعات التي اعلنت من قبل المنظمة قبل انطلاق العملية. وحذر التقرير الاممي الاخير من زيادة اعداد الضحايا المدنيين مع مواصلة القوات العراقية القتال من منزل الى اخر في الجانب الشرقي مع حرصها على حماية المدنيين. بحسب فرانس برس.
وذكر مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة ان "شركاء يسارعون لتقريب مراكز تقديم الرعاية من الخطوط الامامية لتوفير فرص بقاء افضل للجرحى المدنيين". واشار كذلك الى ان العمل يجري لاصلاح شبكتي المياه والكهرباء في شرق الموصل، حيث وصف حالة شح المياه ب"الحرجة". ويحرم مئات الالاف من اهالي الموصل منذ ايام من المياه الصالحة للشرب وباتوا يغلون مياه الآبار. وليست ظروف النازحين بأفضل حالا في المخيمات القائمة على اطراف المدينة، بسبب موجة البرد القارس مع حلول فصل الشتاء.
داعش تحول دفاعاتها
على صعيد متصل قال قائد بالتحالف إن تنظيم داعش نقل دفاعاته الأمامية من غرب الموصل إلى شرقها في إطار قتاله ضد القوات العراقية في معركة تحرير المدينة. وتتقدم قوات خاصة عراقية ببطء صوب أحياء في شرق الموصل آخر معقل للتنظيم في العراق حيث تواجه هجمات انتحارية وهجمات قناصة وقذائف مورتر من المتشددين المتحصنين وسط المدنيين. وتوقع قادة أن يكون النصف الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة أشرس معركة لكن يبدو أن تنظيم داعش -الذي سيطر على المدينة منذ عامين- ينقل دفاعاته إلى الشرق في مواجهة القوات العراقية.
وقال البريجادير جنرال سكوت إيفلاند نائب القائد العام لقوات التحالف "ما كنا نعتقد أنه سيكون أقوى دفاع" قام تنظيم داعش بنقله للأمام. وأضاف "طبيعة العدو الذي كنا نواجهه تراجعت الآن عما كانت عليه منذ شهر... ما كانوا يدخرونه للضفة الغربية من النهر ينقلونه الآن إلى الشرق."
وتباطأ القتال مع تقدم القوات الخاصة العراقية التي تلقت تدريبا على يد الولايات المتحدة صوب شرق المدينة. وقال إيفلاند إن المتشددين استعدوا بشكل جيد واستخدموا متاجر للماكينات في الموصل لتصنيع ذخيرتهم والسيارات المدرعة الملغومة. ولكنه أضاف أن القادة لمسوا أن خطورة وانتشار هذه السيارات الملغومة تتراجع في إشارة إلى التقدم.
وتتراوح التقديرات الأولية لعدد مقاتلي داعش في المدينة بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف إلا أن إيفلاند قال إن العدد يقترب الآن على الأرجح من ثلاثة آلاف بعد ستة أسابيع من القتال الذي قتل البعض أو أرغم آخرين على الفرار. وقال "إنهم مدربون بشكل جيد ويملكون موارد جيدة وكان لديهم متسع من الوقت للإعداد وهذا جعلها معركة كبيرة." بحسب رويترز.
وإضافة إلى القتال فإن وجود المدنيين في أنحاء المدينة عرقل التقدم العراقي إذ يقلل من خيارات استخدام ضربات جوية وأسلحة ثقيلة في الشوارع المكتظة بالسكان. لكن المدفعية الفرنسية والقوات العراقية بدأت قصف جنوب الموصل استعدادا للتقدم من الجنوب لتخفيف الضغط على جهاز قوات مكافحة الإرهاب العراقي الذي يقود القتال في شرق الموصل. وقال إيفلاند "إنها مدينة معقدة... مدينة من العالم القديم تتمتع بعامين من الدفاع المدروس. نحن كقوات تحالف كنا ندرك إنها ستحتاج لوقت طويل."
قبل تنصيب ترامب
الى جانب ذلك قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إنه رغم أن معركة استعادة مدينة الموصل العراقية من تنظيم داعش ستكون صعبة إلا أنه "من الممكن" اتمامها قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ويشارك نحو 100 ألف من قوات الحكومة العراقية وقوات الأمن الكردية والحشد الشعبي في الهجوم على الموصل الذي بدأ يوم 17 أكتوبر تشرين الأول بدعم جوي وبري من تحالف تقوده الولايات المتحدة.
وتعد استعادة الموصل أكبر مدينة في قبضة تنظيم داعش أمرا حاسما للقضاء على دولة الخلافة التي أعلنها المتشددون في أجزاء من العراق وسوريا عام 2014. وقال كارتر عند سؤاله عما إذا كانت استعادة المدينة ستتم قبل 20 يناير كانون الثاني حينما يبدأ ترامب فترته الرئاسية "هذا ممكن بالتأكيد ومرة أخرى (أقول) إنها ستكون معركة صعبة." ويقول مسؤولون عراقيون إنهم يواصلون تحقيق مكاسب على الأرض ضد المتشددين الذين لايزالون يسيطرون على ثلاثة أرباع أكبر مدينة في شمال العراق.
لكن المقاومة الشرسة تعني أن حملة الجيش ستمتد على الأرجح إلى العام المقبل فيما يسعى الجيش لاستعادة المنطقة التي يرابط فيها المقاتلون بين المدنيين ويستخدمون فيها شبكة من الأنفاق لشن سلسلة من الهجمات. ولم يحدد كارتر كيف سيمكن الانتهاء من عملية استعادة السيطرة قبل 20 يناير كانون الثاني في ظل المقاومة من جانب التنظيم. بحسب رويترز.
وفي كلمة منفصلة في كاليفورنيا ترك كارتر الباب مفتوحا للقوات الأمريكية وقوات التحالف لأن تبقى في العراق بعد طرد تنظيم داعش. وقال كارتر "في العراق تحديدا سيكون من الضروري أن يقدم التحالف مساعدة ثابتة ويواصل عمله لتدريب الشرطة المحلية وحرس الحدود وغيرها من القوات وتزويدها بالسلاح ودعمها للسيطرة على مناطق تم طرد داعش منها".