معركة الموصل: تطورات حاسمة على طريق تدمير دولة الخرافة
عبد الامير رويح
2016-11-12 08:25
نهاية تنظيم داعش الارهابي في مدينة الموصل اصبحت وبحسب بعض الخبراء، مسألة وقت خصوصا وان القوات العراقية المشتركة، قد استطاعت تحقيق تقدم كبير أسرع مما كان متوقعا. وحققت القوات العراقية منذ بداية هذه المعركة المهمة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مكاسب وانتصارات عديدة، واستعادت الكثير من القرى والمناطق المهمة داخل وخارج مدينة الموصل فضلا عن إلحاق تنظيم داعش بهزائم متعددة.
ورأى العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي بيتر منصور محلل شؤون الأمن القومي والإرهاب لدى CNN، إن "سقوط مدينة الموصل بيد الجيش العراقي سيعني فعليا انتهاء مزاعم تنظيم داعش حول تشكيل دولة خلافة، مؤكدا أن المواجهة هي "لحظة حاسمة" على طريق تدمير التنظيم. ووصف العملية في الموصل بأنها " معقدة " شارحا وجهة نظره بالقول " هناك آلاف الجنود من الجيش العراقي والبيشمركة الكردية ، وهناك عمليات تنسيق سياسي أيضا، أمريكا لا تريد انخراط مليشيات شيعية في المنطقة ، وبالوقت نفسه لدينا قوات تركية ، لذا فنحن أمام معركة تشارك فيها أعراق متعددة وميدانها هو ثاني أكبر مدن العراق لذلك سيكون هناك فوضى وصعوبات في التنسيق مع تقدم الوقت". واضاف: السيطرة على المدينة ستؤكد أيضا أن الجيش العراقي استعاد قواه بعد ما لحق به من خسائر عام 2014 وأن أيام داعش معدودة وبالتالي نحن أمام لحظة حاسمة في المعركة لتدمير داعش وإنهاء وجوده كمنظمة قادرة على التحرك.
وفيما يخص اخر تطورات هذه المعركة فقد أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، أن القوات العراقية بدأت التقدم داخل بلدات محاذية لمدينة نمرود الآشورية التاريخية التي تعرضت لعمليات تدمير على يد تنظيم داعش. ونقل بيان القيادة عن قائد عمليات نينوى الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله قوله إن "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة والحشد العشائري تباشر التقدم لتحرير قريتي عباس رجب والنعمانية باتجاه النمرود" الواقعة جنوب الموصل. وتحاصر القوات العراقية حاليا الموصل، آخر معاقل داعش في البلاد، لكن مسؤولين أشاروا إلى أن للتنظيم مقاتلين داخل أو قرب مواقع أثرية، ما يجعلها عرضة لمزيد من الدمار في المعارك المقبلة. يذكر أن اليونيسكو دعت عند انطلاق عملية استعادة الموصل في الـ17 من تشرين الأول/أكتوبر، جميع أطراف النزاع إلى حماية المواقع الأثرية.
من جانب اخر نفى القيادي في الحشد الشعبي جواد الطليباوي ، توّقف تقدم العمليات العسكرية الجارية ضمن المحور الغربي لتحرير الموصل ، واصفا الأنباء التي تحدثت عن توقف تلك العمليات لدواعي سياسية أو بسبب خلافات مع القيادة العامة للقوات المسلحة بـالكاذبة والغرض منها عرقلة سير العمليات الجارية في المحور الغربي. وكشف الطليباوي عن استعداد قوات الحشد في الوقت الحالي لانطلاق المرحلة الثالثة من العمليات العسكرية ضمن ذلك المحور بعد أن أنهت مؤخرا المرحلتين الأولى والثانية من العمليات واللتان أسفرتا عن تحرير منطقة الستمية وتلول الباج وتقاطع القيارة فضلا عن قطع الطريق الرابط بين الموصل والرقة السورية.
حمام العليل
على صعيد متصل استعادت القوات العراقية السيطرة على حمام العليل التي تعد البلدة الرئيسية على المدخل الجنوبي لمدينة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم داعش منذ أكثر من عامين. وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأن قوات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات النخبة التابعة لوزارة الداخلية سيطرت بالكامل على حمام العليل، آخر بلدة قبل الموصل من جهة الجنوب.
وكان التقدم على الجبهة الجنوبية بطيئا مقارنة مع التقدم السريع الذي حققته القوات العراقية على الجبهة الشرقية خصوصا، حيث تواجه مقاومة شرسة من الجهاديين. وتقع حمام العليل على الضفة الغربية من نهر دجلة، على بعد نحو 15 كيلومترا إلى جنوب شرق الأطراف الجنوبية للموصل. وكانت القوات العراقية دخلت إلى الموصل من الجبهة الشرقية، وتتقدم أيضا باتجاه الحدود الشمالية من المدينة، لكن لا تزال أمامها مسافة للوصول من الجنوب. بحسب فرانس برس.
واستؤنفت الحياة بسرعة في حمام العليل، حيث أعاد بعض السكان فتح متاجرهم بينما كان آخرون يسبحون في النهر. وكان من الممكن رؤية جنود يساعدون بعض النازحين في حمل أمتعتهم. وتمهد استعادة السيطرة على حمام العليل الطريق أمام القوات العراقية لمواصلة التقدم شمالا، والدخول إلى الأحياء الجنوبية للموصل. ويضم جنوب الموصل مطارا دوليا ومنطقة عسكرية واسعة وقاعدة كبيرة أجبرت القوات العراقية على إخلائها بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة في حزيران/يونيو 2014.
بلدة بعشيقة
الى جانب ذلك فرضت قوات البشمركة الكردية سيطرتها الكاملة على بلدة بعشيقة شمال شرق الموصل، على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية باتجاه معقل الجهاديين في مدينة الرقة السورية، وتعد هذه الخطوة إحدى أهم الخطوات في تأمين المحيط الشرقي الكامل لمدينة الموصل، بعد أسابيع على بدء القوات العراقية عملية عسكرية ضخمة لدخول ثاني أكبر مدن البلاد.
وقال الأمين العام لوزارة البشمركة جبار ياور، إن القوات الكردية فرضت "سيطرة كاملة" على بعشيقة، مضيفا أن "قواتنا تقوم بنزع الألغام وتمشيط المدينة من الداخل"، مشيرا إلى "مقتل 13 إرهابيا كانوا مختبئين داخل بعض البيوت وحاولوا الهروب عن طريق جبل بعشيقة (...) وعثر على خمسة آخرين داخل أنفاق". كما أشار ياور إلى استعادة كامل المناطق المحيطة بالموصل من شمال شرق المدينة وحتى جنوب شرقها، وقال إن "قوات البشمركة أكملت تحرير كل المناطق المحددة ضمن خطة تحرير الموصل، ومهدت الطريق في كل المحاور للجيش الاتحادي للعبور وتحرير مركز مدينة الموصل".
وتشارك القوات الكردية في عملية استعادة مدينة الموصل في شمال العراق بإشراف القوات الحكومية، لكنها تقاتل وحدها. أكد ياور "أن مركز المدينة هو من واجبات الجيش الاتحادي والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب، لن تدخلها لا البشمركة ولا فصائل الحشد الشعبي. على الضفة الأخرى، يتواصل تقدم قوات سوريا الديموقراطية باتجاه مدينة الرقة (شمال شرق سوريا). وكانت هذه القوات المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية مدعومة من الولايات المتحدة، بدأت وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن عملية عسكرية واسعة لطرد تنظيم داعش من أبرز معاقله في سوريا.
وقالت جيهان شيخ أحمد، المتحدثة باسم حملة "غضب الفرات"، وهو اسم العملية التي أطلقتها قوات سوريا الديموقراطية، "تقدمت قواتنا 14 كيلومترا جنوب شرق بلدة عين عيسى" التي تبعد خمسين كيلومترا عن الرقة. وتبعد قوات سوريا الديموقراطية حاليا 36 كيلومترا من الجهة الشمالية للمدينة، بحسب شيخ أحمد. ومنذ تشكيلها في تشرين الأول/أكتوبر 2015، نجحت قوات سوريا الديموقراطية التي تضم نحو ثلاثين ألف مقاتل، ثلثاهم من الأكراد، بدعم من التحالف الدولي، في طرد التنظيم المتطرف من مناطق عدة. كما تخطط القوات للتقدم باتجاه مدينة الرقة ثم عزلها وتطويقها قبل اقتحامها لاسقاطها، فيما يرجح محللون أن تكون معركة الرقة طويلة وصعبة مع شراسة الجهاديين في الدفاع عن معقلهم.
وقال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بعد ساعات من إطلاق المعركة "كما حدث في الموصل (العراق) فإن القتال لن يكون سهلا، وأمامنا عمل صعب". وترجح تقديرات غربية وجود أكثر من عشرة آلاف من المقاتلين الجهاديين الأجانب مع أفراد عائلاتهم في مدينة الرقة التي تشتبه أجهزة الاستخبارات الغربية بأنها المكان الذي يخطط فيه التنظيم لتنفيذ هجمات خارجية. بينما تقدر أعداد الجهاديين في الموصل بما بين ثلاثة وخمسة آلاف مقاتل. بحسب فرانس برس.
ويثير مصير المدنيين المحاصرين داخل معاقل الجهاديين قلق المنظمات الإنسانية، إذ يقدر عدد المدنيين المتواجدين في الموصل بأكثر من مليون شخص. أما الرقة فكانت تعد قبل بدء النزاع السوري في العام 2011 نحو 240 ألف نسمة، يضاف إليهم أكثر من 80 ألفا نزحوا إليها من أنحاء أخرى من البلاد. ومن شأن طرد تنظيم داعش من الرقة والموصل أن يشكل بداية النهاية للتنظيم الذي خسر الكثير من الأراضي التي استولى عليها في صيف 2014، لا سيما منذ بدأ التحالف الدولي غاراته ضد الجهاديين في آب/أغسطس 2014.
من جانب اخر أعلنت الشرطة العراقية أنها عثرت على مقبرة جماعية داخل كلية الزراعة في منطقة استعيدت السيطرة عليها من تنظيم داعش. وعثر على المقبرة في منطقة حمام العليل، التي تبعد حوالى 15 كيلومترا إلى جنوب ضواحي الموصل، آخر أكبر معاقل للتنظيم في العراق.
وقالت الشرطة في بيان "الشرطة الاتحادية تعثر على مقبرة جماعية غرب حمام العليل في كلية الزراعة" من دون مزيد من التفاصيل. ونشرت الشرطة مجموعة صور تظهر عناصر أمن وأشخاصا آخرين بملابس مدنية في منطقة مفتوحة غير مستوية مليئة بالقمامة. وأظهرت بعض الصور أشكالا غير واضحة قد تكون لجثث رميت بين النفايات. من جهتها، افادت قيادة العمليات المشتركة أن "القوات العراقية (...) عثرت على جريمة جديدة بوجود مئة جثة مقطوعة الرأس للمواطنين" داخل الكلية نفسها، لافتة إلى أنه "سيتم إرسال فرق تخصصية" للتحقيق. ولم تحدد القيادة ما إذا كانت تلك الجثث مدفونة أم لا. وسبق ان قدمت القوات العراقية تقديرات عن أعداد ضحايا في مقابر جماعية قبل أن يتم سحبها وتعدادها. واتسم حكم التنظيم بارتكاب بأعمال وحشية تضمنت عمليات إعدام جماعية موثقة بالصور وأشرطة الفيديو.
الحشد وتلعفر
في السياق ذاته قال مسؤولون في ائتلاف الفصائل الشيعية المسلحة في العراق الذي يتقدم باتجاه بلدة تلعفر التي يسيطر عليها تنظيم داعش إنهم يخططون لاستعادة قاعدة جوية قريبة من التنظيم وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها مثل هذه الجماعات قاعدة من هذا النوع. وينتشر مقاتلو الحشد الشعبي في المنطقة الجرداء غربي مدينة الموصل في إطار حملة عسكرية أوسع لاستعادة أكبر مدينة يسيطر عليها التنظيم سواء في العراق أو سوريا.
وتقع بلدة تلعفر وقاعدتها العسكرية على الطريق السريع غربي الموصل وستتيح السيطرة عليهما قطع خطوط الإمداد لداعش بين الموصل والأراضي الخاضعة لها في سوريا كما يوفر قاعدة لخطة الحشد الشعبي المعلنة في نقل المعركة ضد تنظيم داعش في النهاية إلى سوريا. لكن تقدم القوات ذات الغالبية الشيعية باتجاه تلعفر التي كان يسكنها مزيج من التركمان السنة والشيعة قبل أن يحتلها التنظيم عام 2014 أثار المخاوف من صراع طائفي وأثار قلق تركيا المجاورة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تعزز قواتها عند الحدود مع العراق وسترد في حال تسببت الفصائل الشيعية في إثارة "الذعر" في تلعفر. ويعد احتمال سيطرة الحشد الشعبي على قاعدة جوية مؤشرا على النفوذ المتنامي لتلك القوات التي تتلقى أوامرها من حكومة حيدر العبادي.
وقال كريم عليوي القيادي في منظمة بدر "الآن نبعد تقريبا 25 كم عن قاعدة تلعفر الجوية." وأضاف "قاعدة تلعفر تمثل لنا أهمية إستراتيجية بالنظر إلى وقوعها على الحدود السورية العراقية ولذلك ستكون مقرا عاما لقوات الحشد بكل فصائله وستكون نقطة انطلاق لهذه القوات لحماية الحدود السورية العراقية." وأشار عليوي إلى أن قاعدة تلعفر الجوية ستكون الأولى التي يسيطر عليها الحشد الشعبي الذي سينقل قتاله إلى الجهة الأخرى من الجبهة ما إن تتحرر الموصل. وقال "إذا تحرر العراق بلا شك فسيكون هدفنا الثاني مطاردة داعش داخل سوريا."
من جهته ألمح جعفر الحسيني المتحدث الرسمي باسم كتائب حزب الله وهي مجموعة إلى أن القاعدة قد تسلم إلى قوات الأمن العراقية. وقال "إنها (القاعدة) أحد الأهداف الأساسية لنا. مسألة أن نتواجد فيه قد تقرر لاحقا ونحن لدينا بدائل كثيرة." وبعد عامين على اجتياح التنظيم المتشدد شمال العراق بات لدى الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لاستعادة الموصل القدرة على تغيير شكل البلاد وسط توسيع الأكراد من الشمال الشرقي والقوات الشيعية من الجنوب لنفوذهما. بحسب رويترز.
ويسعى العبادي إلى تهدئة المخاوف حيال اشتعال التوتر الطائفي جراء عملية استعادة تلعفر أو تفاقم المشكلات مع تركيا مشيرا إلى أن القوة المهاجمة ستعكس التركيبة العرقية والدينية للبلدة. وقال الحسيني إنه لم يُتفق نهائيا على توجه الحشد الشعبي إلى تلعفر لكن هناك لواءين من التركمان السنة والشيعة جاءا من هذه البلدة قد يشاركان في العملية العسكرية "لتجاوز أي حساسية ترافق تحرير تلعفر." وأضاف "يمكن أن ينفذوا هذه العملية باعتبارهم جزء من الحشد الشعبي" مشيرا إلى أن "اللواءين قد يشتركا مع القوات الأمنية في دخول تلعفر".