تحرير الموصل: انتصار خاطف أم حرب استنزاف؟

عبد الامير رويح

2016-10-19 05:29

معركة تحرير الموصل ثاني أكبر المدن العراقية من قبضة داعش الارهابي، التي انطلقت بعد استعدادات مكثفة وبمشاركة مختلف صنوف القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي و البيشمركة، وبدعم من قوات التحالف الدولي. اصبحت محط اهتمام واسع خصوصا وان مدينة الموصل تعد اخر واهم معقل لتنظيم داعش في العراق، هذا بالاضافة الى موقعها الجغرافي المهم الذي يربط بين تركيا وسوريا وباقي المدن العراقية وهو ما جهل منها مركز لتجمع وانطلاق عناصر التنظيم ومقر اساسي لقيادة داعش المدعومة من قبل بعض الحكومات والدول الاقليمية، التي سعت وبشتى الوسائل الى عرقلة اوتاخير عملية التحرير، من خلال استخدام الحرب الاعلامية والتصريحات الطائفية التي تخدم مصالحها، ويرى بعض الخبراء ان معركة تحرير الموصل ستكون معركة صعبة ومعقدة، خصوصا وان تنظيم داعش الارهابي سيسعى الى استخدام كافة الاساليب والخطط المحرمة، ومنها استخدام الاهالي كدروع بشرية من اجل عرقلة تقدم القوات العراقية، وفي هذا الشأن فقد اعلن متحدث باسم البنتاغون، أن معركة الموصل للتخلص من داعش يقودها وينفذها عراقيون، موضحاً أن المشاركين في معركة الموصل هم قوات عراقية ضخمة والبيشمركة والعشائر السنية.

وأوضح أن القوات العراقية لها الدعم الكامل من التحالف في المعركة. يأتي ذلك فيما شنت طائرات حربية غارات على رتل مكون من عشرات المركبات لداعش وقتلت جميع عناصره الذين كانوا يحاولون الفرار من الموصل باتجاه الحدود العراقية السورية. وأضاف المتحدث باسم البنتاغون: "مستشارون أميركيون يقدمون المشورة للقوات العراقية"، مبيناً أن 5 آلاف جندي أميركي في العراق يقدمون الدعم لمعركة الموصل، ويمكن للقادة العراقيين الاستفادة من القدرات العسكرية الأميركية. وأوضح أن مروحيات الأباتشي ستشارك إذا احتاجها القادة العراقيون، وقال "أي دور للجنود الأميركيين في المعركة مرتبط بموافقة العراقيين". وقال المؤشرات تؤكد أن القوات العراقية متقدمة على البرنامج المعد مسبقا للمعركة.

من جانب اخرأعلن الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، أن هزيمة داعش في الموصل حتمية، وأن حماية المدنيين المهمة الأساسية للقوات المسلحة. ودعا معصوم الأمم المتحدة لمضاعفة المساعدات للنازحين. من جانبه قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني إن المعارك حققت نتائج جيدة، مؤكداً على وجود تنسيق عالٍ بين الجيش العراقي والبيشمركة. وقال إن هناك اتفاقاً مع حكومة بغداد حول الأراضي التي سيتم استعادتها، متمنياً أن يكون هناك خطط سياسية كما الخطط العسكرية. وأضاف "نعمل على أن لا يكون أي مشاكل سياسية وأمنية مع حكومة بغداد"، مبيناً أنه لا تغييرات حول التنسيق بين بغداد وأربيل. إلى ذلك أكد قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب عبدالغني الأسدي تدمير الخطوط الدفاعية لداعش في الموصل، مشيرا إلى أن القوات المشتركة بدأت بالتحرك حسب مهامها والدور المحدد لها. واستبق الجيش العراقي الهجوم على الموصل بإلقاء منشورات على سكانها تطالبهم بالبقاء في منازلهم والتعاون مع القوات الأمنية وعدم الاقتراب من مواقع داعش.

من جانب اخر اتخذ تنظيم داعش في الموصل سلسلة إجراءات لمنع تقدم القوات الأمنية عبر حفر أنفاق وإحراق الوقود لتمويه طائرات التحالف والطيران العراقي عن أهدافه في الموصل وما حولها. وتعد الحملة العسكرية على الموصل هي الأكبر على الإطلاق منذ سقوط النظام السابق ربيع عام 2003. وكانت المدينة ذات الغالبية السنية يقطنها نحو مليوني شخص قبل اجتياحها من قبل داعش في صيف عام 2014 وانسحاب الجيش. وأعًلنت معركة الموصل على الرغم من التوتر بين أنقرة وبغداد بشأن الوجود العسكري التركي في معسكر بعشيقة على مشارف الموصل. وفقد التنظيم الذي بلغ أوج قوته قبل عامين الكثير من قادته البارزين في غارات جوية معظمها لطيران التحالف الدولي.

استعادة الموصل

وفي هذا الشان بدأت القوات العراقية هجوما تدعمه الولايات المتحدة لطرد تنظيم داعش من مدينة الموصل الشمالية في معركة لاستعادة آخر معقل كبير للتنظيم المتشدد في العراق. وبعد عامين من سيطرة المتشددين على المدينة التي يقطنها 1.5 مليون نسمة وإعلانهم دولة خلافة إسلامية جديدة على أراض من سوريا والعراق بدأت قوة من حوالي 30 ألف جندي من الجيش العراقي والبشمركة الكردية ومقاتلين من عشائر سنية الهجوم لإخراجهم منها.

وأطلقت طائرات هليكوبتر نيرانها وترددت أصداء الانفجارات على الجبهة الشرقية للمدينة. وساعدت حملة جوية تقودها الولايات المتحدة في إخراج تنظيم داعش من أغلب الأراضي التي سيطر عليها لكن من المعتقد أن ما بين أربعة آلاف وثمانية آلاف من مقاتلي التنظيم ما‭ ‬زالوا في الموصل. ونفى سكان تم الاتصال بهم هاتفيا تقارير على قنوات تلفزيون عربية تفيد بمغادرة المقاتلين الذين لديهم تاريخ من استخدام الدروع البشرية وهددوا باستخدام الأسلحة الكيماوية.

وقال أبو ماهر مشيرا إلى التنظيم "داعش يستخدمون الدراجات النارية في تنقلاتهم وذلك لتجنب تعقبهم من الجو وهناك راكب خلفي على الدراجة يستخدم منظارا لمراقبة البنايات والشوارع عن بعد." ويعد أبو ماهر وغيره ممن تم الاتصال بهم دفاعات مؤقتة ويخزنون المواد الغذائية تحسبا للهجوم الذي يقول المسؤولون إنه قد يستمر أسابيع أو ربما شهورا. وحجب السكان أسماءهم الكاملة لاعتبارات أمنية. وتوقعت الولايات المتحدة أن يتكبد التنظيم "هزيمة دائمة" مع بدء القوات العراقية أكبر عملية لها منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 و طاح بحكم صدام حسين.

لكن الهجوم الذي يحمل أهمية كبيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما في ختام فترة ولايته محفوف بالمخاطر. وقال أبو ماهر "لقد قمنا بتجهيز غرفة محصنة داخل البيت عن طريق وضع أكياس من الرمل لسد النافذة الوحيدة الموجودة وقمنا أيضا بإزالة كل المحتويات الخطرة أو القابلة للاشتعال." وأضاف "لقد أنفقت تقريبا كل ما أملك في شراء الطعام وحليب الأطفال وكل شيء آخر قد نحتاجه." وقالت منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في العراق إن الجيش أبلغ المنظمة الدولية أنه يتوقع أن يكون أول تحرك كبير للسكان خلال خمسة أو ستة أيام مما يشير إلى موعد وصول الهجوم إلى المدينة نفسها.

وأضافت ليز جراندي أن قوات الأمن العراقية ستنقل المدنيين الفارين الذين سيجري التحقق من هوياتهم لضمان عدم اختباء مقاتلين من داعش بينهم في أعقاب تقارير للسكان بأن المسلحين حلقوا لحاهم لتفادي رصدهم. وقال العبادي في كلمة عبر التلفزيون الرسمي "أعلن اليوم ابتداء هذه العمليات البطلة لتحريركم من بطش وإرهاب داعش." وأضاف العبادي وحوله كبار قادة القوات المسلحة "يا أبناء شعبنا العزيز يا أبناء محافظة نينوى الأحبة لقد دقت ساعة الانتصار وبدأت عمليات تحرير الموصل. "وإن شاء الله قريبا نلتقي في أرض الموصل لنحتفل جميعا بتحريرها وبخلاصكم."

قال اللفتنانت جنرال الأمريكي ستيفن تاونسند قائد قوات التحالف المناهض لداعش في بيان "هذه العملية التي تستهدف استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدينة عراقية ستستمر أسابيع على الأرجح وربما أكثر." وإذا سقطت الموصل ستكون مدينة الرقة السورية أكبر مدينة ما‭ ‬زال التنظيم المتشدد يسيطر عليها. وقال آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي في بيان "هذه لحظة حاسمة في الحملة لإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم داعش." وتابع "إننا واثقون أن شركاءنا العراقيين سينتصرون في مواجهة عدونا المشترك وتحرير الموصل وباقي العراق من كراهية ووحشية التنظيم." وبدأ التنظيم في التراجع منذ نهاية العام الماضي في العراق حيث يواجه الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وقوات كردية بالإضافة إلى فصائل الحشد الشعبي.

لكن في ضربة للحملة المناهضة لداعش سحق مقاتلو التنظيم المتشدد في وقت سابق تمردا كان يخطط له داخل صفوفه في الموصل بهدف تسهيل عملية استعادة المدينة. وقالت القيادة العسكرية لأكراد العراق إن 4000 من قوات البشمركة سيشاركون في العملية لتحرير عدة قرى من قبضة التنظيم على الجبهة الشرقية في هجوم منسق مع تقدم وحدات من الجيش العراقي من الجبهة الجنوبية. وقال مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق شبه المستقل إن العملية التي قال إنها تمثل المرة الأولى التي تقاتل فيها قواته مع القوات العراقية معا ضد داعش انتزعت السيطرة من المسلحين على نحو 200 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية والقرى إلى الشرق من الموصل في اليوم الأول.

وسعى العبادي إلى تهدئة المخاوف من أن تتحول هذه العملية إلى أعمال عنف طائفية قائلا إنه لن يُسمح إلا لقوات الجيش والشرطة العراقية بدخول تلك المدينة التي تقطنها أغلبية سنية. وقال العبادي "إن القوة التي تقود عملية التحرير هي قوات جيش العراق الباسلة مع قوات الشرطة الوطنية وهم الذين سيدخلون مدينة الموصل لتحريرها وليس غيرهم." وكان ساسة محليون من السنة ودول تقطنها أغلبية سنية في المنطقة مثل تركيا والسعودية قد حذروا من أن السماح بمشاركة فصائل شيعية في الهجوم قد يؤدي إلى أعمال عنف طائفية. ولتجنب ذلك تم نشر مقاتلين شيعة غير نظاميين للمساعدة في الإغارة على مدينة أصغر في شمال العراق مما أثار مخاوف من ردود انتقامية هناك.

وكان الجيش العراقي قد ألقى عشرات الآلاف من المنشورات على مدينة الموصل لتنبيه السكان بأن الاستعدادات لعملية انتزاع السيطرة على المدينة من التنظيم دخلت مراحلها الأخيرة. وحملت المنشورات عدة رسائل من بينها طمأنة السكان أن وحدات الجيش والغارات الجوية "لن تستهدف المدنيين" فيما نصحهم منشور آخر بتجنب مواقع مقاتلي التنظيم المعروفة. وفي إشارة لمخاوف السلطات من نزوح جماعي يعقد العملية نصحت المنشورات السكان "بالبقاء في منازلكم وعدم تصديق إشاعات داعش". وقال أبو عبد الله أحد السكان إنه يريد رؤية بدء الهجوم وأضاف "لقد سمعنا انفجارات متتالية من مسافة بعيدة لذا توجهت إلى سطح المنزل بالرغم من المخاطر لأرى وميض الانفجارات. شعرت بالسعادة لبدء عملية تحرير الموصل." وكان أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم قد أعلن من المسجد الكبير بالموصل في 2014 إقامة "دولة خلافة" في العراق وسوريا المجاورة. ولم يواجه التنظيم مقاومة تذكر لكنه استخدم أساليب وحشية للحفاظ على سيطرته على الوضع. ونشر التنظيم صورا تظهر أطفالا يعدمون جواسيس مزعومين. بحسب رويترز.

وقالت الأمم المتحدة إنها تستعد لجهود إنسانية هي الأكبر والأكثر تعقيدا في العالم بسبب معركة انتزاع السيطرة على الموصل مما قد يتسبب في تشريد ما يصل إلى مليون شخص واستخدام المدنيين كدروع بشرية أو حتى قصفهم بالغاز. ويوجد بالفعل أكثر من ثلاثة ملايين نازح في العراق نتيجة للصراعات مع التنظيم. وهناك نقص في الأدوية في المدينة كما أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل حاد. وقال سعيد أحد السكان "العائلات في الموصل بدأت بتخزين المواد الغذائية منذ البارحة تحسبا لوصول القتال إلى شوارع المدينة لأننا عندها لن نستطيع الخروج." وأضاف "داعش لا زالوا في الموصل والحديث عن مغادرتهم أمر غير صحيح. هم ما زالوا مستمرين بوضع الجدران الكونكريتية في الشوارع لإعاقة أي تقدم."

كسب المعركة

على صعيد متصل تامل الولايات المتحدة من خلال معركة الموصل، آخر اهم معاقل الجهاديين في العراق، ان تحقق انتصارا عسكريا يخفف من وطأة اخفاقاتها الاستراتيجية في سوريا. فبعد شهر من التحضير وبدعم جوي من التحالف الذي تقوده واشنطن، شنت القوات العراقية هجوما بالغ الاهمية لاستعادة ثاني اكبر مدن العراق الذي سيطر عليها "تنظيم داعش" في حزيران/يونيو 2014. وغداة نهاية صعبة للدبلوماسية الدولية التي اجتمعت في اوروبا بهدف محاولة وقف الحرب في سوريا، قال وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر ان معركة الموصل تمثل "لحظة حاسمة في الحملة الهادفة لتكبيد التنظيم هزيمة دائمة".

ويعتبر خبراء في الاستراتيجية العسكرية الاميركيين ان العراق وسيطرة الجهاديين على مناطق شاسعة تبدو بمثابة تعويض عن مكافحة الجهاديين في سوريا. وفي الوقع، تعكس معطيات وزارة الدفاع ذلك مع توجيه واشنطن والدول ال 66 الاخرى المتحالفة معها خلال اكثر من عامين 15634 ضربة جوية في العراق وسوريا، لكن ثلث هذه العدد (10129 غارة) كان في العراق. ويشكل العراق اولوية بالنسبة لبريت ماكغورك مبعوث الرئيس باراك اوباما الى التحالف. وقال هذا الاخير في تغريدة "حظا سعيدا للقوات العراقية البطلة والبشمركة الكردية (...) نحن فخورون بان نكون الى جانبكم في هذه العملية التاريخية".

وقبل ايام من انطلاقة المعركة، قال المبعوث امام صحافيين معتمدين لدى وزارة الخارجية ان "الموصل هي المكان الذي اطلق داعش على الساحة الدولية، هي المكان الذي اعلن فيه (زعيمها ابوبكر البغدادي) خلافته الزائفة" صيف 2014 على مناطق من سوريا والعراق. واضاف "لدينا الان كل ما يلزم في المكان لطرد داعش من الموصل". وسيكون بامكان نحو 30 الف جندي عراقي التعويل على التحالف الدولي الذي يضم آلاف الجنود بينهم 4600 جندي اميركي معظمهم من المدربين. كما يؤمن التحالف معظم الدعم الجوي للقوات البرية.

واكد المسؤول الاميركي "العمل الضخم" في مجال التنسيق بين بغداد والقوات الكردية العراقية وقوات التحالف حتى "يكون الجميع متفقا" للقضاء على ثلاثة آلاف الى 4500 مسلح جهادي في الموصل. واعتبر والي نصر وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية في ادارة اوباما في صحيفة نيويورك تايمز "ان استعادة الموصل سيمثل هزيمة تاريخية ورمزية للتنظيم " وسيتيح لواشنطن "اعلان ان مهمتها قد انجزت".

لكن اذا تمت استعادة الموصل بعد عدة اشهر "وهي تجربة للاسف باتت معتادة للولايات المتحدة في المنطقة ويمكن ان تتكرر (فسنكون ازاء) نجاح كارثي"، بحسب ما كتب قبل ايام الباحثان في معهد بروكينغز ايان ميريت وكنيث بولاك مشيرين بالخصوص الى التهديد بحدوث "ازمات انسانية وسياسية". واقر مسؤولون عسكريون اميركيون ردا على اسئلة نيويورك تايمز ان استعادة الموصل لن تعني "نهاية الخلافة"، مشيرين الى ان "عاصمتهم" ما تزال في الرقة بسوريا. واصبحت سوريا تشكل رمزا للتردد الاستراتيجي لاوباما الذي سيغادر منصبه بعد ثلاثة اشهر. بحسب فرانس برس.

واوباما المشكك كثيرا في جدوى التدخل العسكري الذي كان انتخب لاخراج واشنطن من حروب الشرق الاوسط والحائز على جائزة نوبل للسلام، يقاوم دائما اي تدخل عسكري واسع النطاق للولايات المتحدة في سوريا. وكان احد ابرز قراراته المفاجئة ذلك الذي اتخذه صيف 2013 بالامتناع عن ضرب نظام الرئيس السوري بشار الاسد وسط استياء حلفاء واشنطن الاوروبيين والعرب.

تنسيق رائع

الى جانب ذلك وصف مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق ب"الرائع" التنسيق بين الجيش العراقي وقوات البشمركة عبر القتال جنبا الى جنب لاستعادة الموصل من قبضة تنظيم داعش. وقال بارزاني خلال مؤتمر صحافي في منطقة خازر على بعد حوالى 40 كلم من الموصل بحضور قادة من الجيش والبشمركة "اليوم تاريخي ونقلة نوعية في تعاون قوات البشمركة والجيش العراقي للوصول الى اتفاق لتحرير الموصل". وتابع ان "التنسيق رائع وجيد وهي رسالة تحمل معاني كثيرة بان العدو سيتقهقر بسرعة امام هذاالتعاون بين بغداد واربيل".

واكد ان "هذا التعاون سيستمر الى حين القضاء على الارهاب ". واضاف الزعيم الكردي "حتى الان تم تحرير اكثر من 200 كلم مربع في المرحلة الاولى التي بدأت في شمال وشرق وجنوب مدينة الموصل". وقال "انها المرة الاولى التي تختلط فيها دماء البشمركة والجيش في محاربة الارهاب (...) سيعتبر درسا جيدا لكي نعالج مشاكلنا بروح اخوية". وكانت اجواء من عدم الثقة تسود بين بغداد واربيل بخصوص استعادة الموصل بسبب مطالبة الاكراد ضم مناطق متنازع عليها في محافظة نينوى الى الاقليم.

وبالنسبة لمشاركة تركيا التي تدرب قوات في قاعدة بعشيقة قرب الموصل، قال بارزاني "يجب التوصل الى تفاهم بين بغداد وانقرة". وازدادت حدة التوتر بين العراق وتركيا حيث دعت بغداد انقرة مرارا الى سحب قواتها من القاعدة الواقع شمال شرق الموصل.

على صعيد متصل قال التلفزيون الرسمي العراقي إن العراق بدأ بثا إذاعيا لمساعدة سكان الموصل على البقاء آمنين خلال الهجوم العسكري. وتعطي هذه الإذاعة تعليمات بشأن الطرق المحتملة للخروج الآمن والأماكن التي يتعين تجنبها وأين يجدون المساعدة وأرقام التليفونات التي يتصلون بها عند الطوارئ خلال الهجوم. وسيكون مقر إذاعة جمهورية العراق في الموصل في بلدة القيارة التي تبعد 60 كيلومترا جنوبي الموصل والتي يوجد بها قاعدة جوية ستعمل كمركز لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والتي تدعم الوحدات العسكرية العراقية.

تحديات ضخمة

على صعيد متصل قالت الأمم المتحدة إنها تستعد لواحدة من أكبر جهود الإغاثة الإنسانية في العالم وأكثرها تعقيدا خلال المعركة المرتقبة لطرد تنظيم داعش من مدينة الموصل بشمال العراق وهو ما قد يؤدي لتشريد ما يصل إلى مليون شخص واستخدام مدنيين كدروع بشرية أو انهم ربما يتعرضون لهجمات بأسلحة كيماوية. وتستعد قوات عراقية مدعومة من الولايات المتحدة لمعركة طال انتظارها على المعقل الرئيسي الاخير للتنظيم في العراق. وقد تكون هذه أكبر معركة في البلاد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.

وقد يبدأ هجوم الموصل بنهاية هذا الشهر وفقا لمصادر عراقية ومنها مستشار أمني للحكومة ومسؤول إقليمي وقائد عسكري ميداني. ويتحصن مقاتلو داعش في المدينة ومن المتوقع أن يقاتلوا بضراوة ولديهم تاريخ من إجبار المدنيين على البقاء في طريق الأذى اثناء معارك سابقة للدفاع عن الأراضي التي يسيطرون عليها. والموصل التي كان يسكنها قبل الحرب زهاء مليوني شخص أكبر كثيرا من أي مدينة يسيطر عليها المسلحون وتزيد في الحجم أربع إلى خمس مرات عن أي مدينة أخرى جرى استعادتها حتى الآن من أيدي المقاتلين الذين اجتاحوا شمال العراق في 2014 ويسيطرون أيضا على أراض في سوريا.

وقالت ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق "أسوأ السيناريوهات في الموصل سيكون شيئا كهذا: طرد جماعي لمئات الآلاف من الأشخاص.. احتجاز مئات الآلاف من الأشخاص كدروع بشرية." وأضافت قائلة "هجوم كيماوي سيعرض الآلاف أو مئات الآلاف أو ربما حتى أكثر من ذلك لخطر كبير. إذا كان لهذا كله أن يحدث في نفس الوقت فستكون كارثة" مشيرة إلى أن داعش قالت إنها ستستخدم الأسلحة الكيماوية للدفاع عن المدينة. وقالت جراندي "من أجل إيواء ودعم وتسكين مليون شخص بمعايير تراعي الكرامة الانسانية يجب أن نضع نصب أعيننا عملية تتكلف مليار دولار."

ويزيد هذا المبلغ أربع مرات عن 230 مليون دولار حصلت عليها المنظمة الدولية حتى الآن لهذا المسعى وهو مبلغ لم يصل إلا في الآونة الأخيرة. وحتى الان تم بناء ستة مخيمات فقط يمكنها استيعاب 50 ألف شخص. وقالت جراندي إن الجهود جارية لإنشاء 11 مخيما آخر. وتأمل جراندي والمسؤولون العراقيون أن يظل السكان في منازلهم أطول فترة ممكنة لتجنب الوقوع وسط تبادل إطلاق النار عندما يبدأ القتال ولتجنب نزوح جماعي يطغى على جهود الإغاثة.

ومن بين ما يصل إلى 1.5 مليون شخص من المعتقد أنهم في الموصل الآن هناك نحو 200 ألف يتوقع أن يحاولوا الهروب بينما تتحصن الدولة الإسلامية من أجل معركتها الاكثر أهمية. وقالت جراندي "إذا كان لكم أن تروا تحركا قسريا لأكثر من 150 ألف شخص في تلك المرحلة فلن تتمكن أي مؤسسة في العالم من التكيف مع هذا النطاق من التحرك. ما نأمله هو أن تكون حركة السكان متدرجة وألا تحدث مرة واحدة." بحسب رويترز.

وتأمين موارد الإغاثة صعب بينما تعصف الحرب بأجزاء كثيرة من الشرق الأوسط وخصوصا سوريا. ويوجد بالفعل أكثر من ثلاثة ملايين نازح في العراق فيما له صلة بالصراعات مع الدولة الإسلامية. وفي سوريا المجاورة هناك 11 مليون نازح. وحاولت الأمم المتحدة فهم كيف تبدو الحياة في ظل داعش في مدن كالموصل وتتواصل مع مخبرين داخل المدينة منذ وصول الدولة الإسلامية. والنتائج قاتمة. فأسعار المواد الغذائية ارتفعت بشدة. والأدوية في تناقص حتى لمن يعانون من أمراض خطيرة. كما إن الكثير من الأطفال غير ملتحقين بمدارس.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي