حرب دمشق: من الوكلاء الى الاصلاء؟

عبد الامير رويح

2018-05-12 07:25

تطورات مهمة يشهدها ملف الصراع في سوريا، مع استمرار انتصارات الجيش السوري الذي حقق مكاسب جديدة في هذه الحرب، حيث استطاع وعلى الرغم من التحديات الكبيرة من تحرير مناطق واسعة كان تحت سيطرة العصابات المسلحة المعومة من دول خارجية ومنها تنظيم داعش والنصرة وباقي الجماعات الأخرى، فقد استطاع في الفترة الأخيرة وكما نقلت بعض المصادر، تحرير العديد من الأحياء والمناطق جنوب دمشق، والوصول إلى تسويات بمناطق أخرى بمحيط جنوب دمشق كانت تسيطر عليها مجاميع مسلحة وبعد الانتهاء وحسم ملف القلمون الشرقي وغوطة دمشق الشرقية وتأمين دمشق ومحيطها بشكل كامل، وتزامناً مع الانباء التي تتحدث عن تسوية شاملة مع المجاميع المسلحة الموجودة بريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي.

هذه التطورات وبحسب بعض المراقبين أزعجت خصوم سوريا، ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الاول لقوات سورية الديمقراطية، التي سعت وبتعاون مع دول حليفة اخرى الى اتخاذ قرارات عسكرية سريعة وتوجيه ضربات صاروخية لسوريا، بحجج مفبركة من اجل انقاذ الجماعات المسلحة والعمل على توسيع وزيادة مساحة النفوذ الأمريكي، داخل الأراضي السورية من اجل تأمين مصالحها في المنطقة. خصوصا وانها تتوقع أن يعمد الجيش السوري وحلفائه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعمق ريف دير الزور الغربي وعلى مراحل وصولاً إلى قطع الطريق على مشاريع الأمريكي التوسعية شرق سورية .

جهود مكثفة

وفي هذا الشأن كثفت الحكومة السورية جهودها لاستعادة السيطرة على آخر جيوب المعارضة المسلحة المحاصرة إذ استعد معارضون مسلحون للانسحاب من أحد هذه الجيوب فيما قالت صحيفة إن دمشق أمهلت آخرين 48 ساعة لمغادرة جيب آخر. وحقق الرئيس بشار الأسد نصرا كبيرا في الفترة الاخيرة، باستعادة الغوطة الشرقية التي كانت أكبر معقل للمعارضة قرب دمشق الأمر الذي جعل الجيش السوري في موقف هو الأقوى له منذ الشهور الأولى من الحرب الأهلية السورية.

وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضربات جوية مكثفة على ثلاثة أهداف سورية ردا على ما يشتبه بأنه هجوم بالأسلحة الكيماوية خلال حملة الجيش السوري على الغوطة. لكن التدخل الغربي المحدود لم يكن له فيما يبدو تأثير على الأرض إذ واصل الجيش السوري هجماته. لكنه أظهر أن بعض القوى الغربية مستعدة للتدخل خارج نطاق سلطة مجلس الأمن الدولي. وخرج آخر مسلحي المعارضة من الغوطة الشرقية بعد ساعات من الضربات الغربية. ومنذ ذلك الحين ركزت الحكومة السورية على استعادة أربعة جيوب محاصرة يقطنها عدد أقل من السكان.

ولا يزال الكثير من شمال غرب سوريا تحت سيطرة مسلحين تدعمهم تركيا أو جماعات متشددة لكن مناطق عدم التصعيد التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا على طول الحدود الجنوبية الغربية للبلاد أعطت بعض الحماية لمسلحي المعارضة المدعومين من الغرب. وحذرت إسرائيل أيضا من أنها لن تسمح لمقاتلين تدعمهم إيران ويعملون مع الجيش السوري في عدة مناطق بتوسيع نفوذهم في ذلك الشريط الحدودي الاستراتيجي. ويسيطر أيضا مقاتلون يقودهم الأكراد وتدعمهم الولايات المتحدة على كثير من منطقة شرق نهر الفرات حيث توجد معظم احتياطيات سوريا من النفط والغاز.

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات حية لقوات الشرطة والأمن تدخل مدينة الضمير إلى الشمال الشرقي من دمشق بعد ساعات من إرسال حافلات لنقل المقاتلين وعائلاتهم بينما وقف الجنود على جانب الطريق. وتقول مصادر بالمعارضة إن نحو خمسة آلاف شخص بينهم 1500 مسلح من المتوقع أن يغادروا إلى شمال سوريا بموجب اتفاق تم التوصل إليه بوساطة روسية هذا الأسبوع. وأكدت وسائل الإعلام الرسمية ذلك.

والضمير مشمولة بوقف غير رسمي لإطلاق النار منذ سنوات لكن استعادتها أمر مهم للحكومة لأنها تمكنها من ضمان سلامة المركبات المسافرة على الطريق السريع بين دمشق وبغداد. وفي حين يمثل الطريق السريع شريانا مهما للتجارة فإن طهران تستخدمه في إرسال الأسلحة لحليفها الأسد. وتعطل الطريق عندما سيطر متشددو تنظيم داعش جزئيا على الأراضي العراقية لكنه بات مجددا قناة رئيسية للأسلحة بعد إلحاق الهزيمة بالمتشددين العام الماضي.

وقال سعيد سيف المسؤول البارز بإحدى جماعات المعارضة في المنطقة إن جماعته ليس أمامها خيار ”إلا أن نخضع لتهديدات الضامن الروسي لأنه ما ضل في أي ضامن عربي أو دولي“. وأضاف ”نتمنى من الروس أن يفوا بتعهداتهم مع أنه ما عندنا ثقة في قرارات الضامن الروسي“. وفي جيب القلمون الشرقي القريب المشمول كذلك باتفاقات غير رسمية لوقف إطلاق النار قال معارضون إنهم يتفاوضون كذلك مع روسيا على الانسحاب.

وقال مصدر بالمعارضة مقرب من المفاوضين إن ضباط الجيش الروسي الذين يجرون مفاوضات الإجلاء يضغطون على مسلحي المعارضة في القلمون الشرقي لبدء مفاوضات الانسحاب. وقال مفاوضون إن المحادثات بدأت أيضا بين روسيا ومسلحي المعارضة بشأن مصير جيب في وسط سوريا حول مدينة الرستن حيث تتركز المحادثات على تيسير حركة التجارة والمسافرين عبر المعابر إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة.

والمحادثات المستمرة منذ شهور في حمص بشمال البلاد، في إطار الجهود الروسية لدفع مسلحي المعارضة للسلام مع الحكومة، لا تشمل في هذه المرحلة إجلاء مسلحي المعارضة من المنطقة. ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة السورية إنه تم إمهال متشددي داعش 48 ساعة للموافقة على الخروج من جيب يسيطرون عليه حول مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين إلى الجنوب من دمشق.

وأضافت الصحيفة ”في حال رفضهم فإن الجيش والقوات الرديفة جاهزة لشن العملية العسكرية وإنهاء وجود التنظيم في المنطقة واستعادة السيطرة عليها“. وفر معظم من كانوا في هذا المخيم الذي كان يعيش به أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لكن آلافا آخرين ما زالوا فيه. وعبر كريستوفر جونيس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) عن قلق منظمته البالغ على سلامتهم. بحسب رويترز.

وفي إشارة إلى عمليات الإجلاء الأخيرة، قالت الأمم المتحدة إنها تتوقع عمليات نزوح جديدة في شمال سوريا في المستقبل القريب. وقال قائد في تحالف عسكري إقليمي يدعم الحكومة السورية إن الجيش السوري بدأ قصف الجيب الخاضع لسيطرة المتشددين استعدادا لهجوم. وفقد تنظيم داعش معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها لكنه ما زال يسيطر على مناطق صحراوية صغيرة في شرق سوريا على جانبي الفرات. وقال الجيش العراقي إنه نفذ ضربات جوية ضد التنظيم المتشدد في سوريا بالتنسيق مع دمشق.

ممر انساني

على صعيد متصل ذكر المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن أكثر من 1.3 ألف من المسلحين مع أفراد عائلاتهم خرجوا من بلدات جنوبي دمشق عبر ممر إنساني بالقرب من بيت سحم، لنقلهم باتجاه حلب. وأكد رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء يوري يفتوشينكو، أن مركز المصالحة ووحدات الشرطة العسكرية الروسية يواصل تأمين خروج المسلحين من بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم عبر الممر الإنساني. وخلال 24 ساعة خرج عبره 1348 من المسلحين وأفراد عائلاتهم.

وفي منطقة تخفيض التصعيد شمالي محافظة حمص سلم المسلحون في الرستن وتلبيسة 4 قطع من المعدات العسكرية و17 قطعة سلاح مع الذخيرة للجيش السوري. وحسب المركز الروسي، وقعت هناك انتهاكات لنظام وقف إطلاق النار في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وحماة ودمشق ودرعا. وقصف المسلحون من منطقة الحجر الأسود بالهاون أحياء التضامن والقزاز وبرزة في دمشق، مما أسفر عن إصابة 8 أشخاص.

كما ذكر يفتوشينكو أن عدد السكان المدنيين الذين عادوا إلى منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق 63 ألفا و983 شخصا، بعد عودة 126 شخصا خلال اليوم الأخير. كما عاد 146 نازحا إلى منازلهم في محافظة حمص . ويتابع مركز المصالحة أيضا نقل النازحين من تل رفعت إلى منبج بريف حلب، حيث تم نقل 395 شخصا. كما قام العسكريون الروس بتأمين إيصال 207 أطنان من المساعدات الأممية إلى محافظة درعا جنوب سوريا.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي