أطفال الدواعش في العراق
التعامل الانساني والتحرز الامني
مؤيد جبار حسن
2017-08-29 05:40
ترك تنظيم داعش الارهابي حال انهزامه من محافظات العراق التي احتلها سابقا، العديد من الالغام والبيوت والسيارات المفخخة، لكنه خلف ما هو العن وأصعب من ذلك كله، انهم أطفاله الصغار.
عند دخول الدواعش الى ارض العراق وانكسار الجيش امامهم، استقر لهم الوضع، وهنئ لهم العيش، فذهبوا لإشباع رغباتهم وشهواتهم من نساء البلد او من المهاجرات العربيات والاجنبيات. وكانت نتيجة هذه الزيجات المشوهة العديد من الاطفال، لا يعرف عددهم على وجه التحديد، لكن من المتوقع ان يكون يمين الرقم اكثر من ثلاثة اصفار.
هؤلاء الاطفال يمثلون مشكلة بالنسبة للعراق، فلا يستطيع الاخير الانتقام منهم ومحاكمتهم بحكم عمرهم وبتهمة لم يرتكبوها هم، والان البلاد تدعي تطبيق حقوق الانسان وحماية الطفولة اول شروطها. كذلك لا تستطيع بغداد تجاهلهم واهمالهم، لما يمثلونه من قنابل موقوتة وخطر على الامن القومي العراقي.
أغلب صغار داعش يتامى، قتل ابائهم او امهاتهم اثناء المعارك مع القوات الامنية العراقية، والاسرى منهم سيواجهون عقوبة الاعدام. فبالتالي لا معيل لهم ولا أسرة تأويهم. ومع الظرف الامني الذي استتبع تحرير المناطق العراقية من رجس داعش، قام الاهالي المتضررين من جرائم التنظيم بتهديد عوائل المنتمين له بترك بيوتهم او الموت. كما فعل اهالي القيارة بتهجير عوائل الدواعش من مناطقهم.
العقوبات المجتمعية تركتها الحكومة تأخذ مداها، اما حكمة منها لتخفيف التوتر هناك، او ضعفا في فرض هيبة القانون وسطوته، فانبرى كل صاحب حق للمطالبة بحقه بيده. لكن بالطبع على السلطات ان تسترجع سريعا المبادرة في فرض الامن المجتمعي وعدم ترك الامر لأهواء السكان هناك.
وفي موضوع الاطفال من زيجات داعشية، يجب على المسؤولين في الدولة العراقية ان يحسنوا التعامل في هذه القضية، من منطلقات اسلامية او منطلقات حقوق الانسان والطفل. عبر دراسة حالة كل طفل على حدة، فمن لا أسرة له تحتضنه يجب ان يتم إيوائه في دور الايتام، ومن له اقارب يتم تسليمه لهم ومراقبة حالته بصورة دورية، ومن كان لأبوين اجنبيين يسلم الى دولة ابيه، ان طالبت به الاخيرة.
الخيارات كثيرة لمعالجة حالة اطفال مقاتلي داعش، لكن على قادة العراق وعقلاءه عدم تجاهل هذه الفئة الخطيرة التي زرعت داخل نسيج المجتمع العراقي، فالطفل التي اخرجه افراد القوات الامنية من تحت الانقاض ونهض وهو يشير لعلم العراق بعلم المرتدين، تعرض لغسيل مخ كبير.
وجل ما يخشى منه ان يلج هؤلاء الصغار الابرياء في دوامة المنازعات والمناكفات السياسية، ويصبحوا وجبة دسمة على موائد الاخوة الاعداء النهمة. ويتلقفهم الطائفيون لتثير فئة منهم سخط جمهورها بمن يريد الاعتناء بأبناء الدواعش وتستغل فئة اخرى تعاطف متابعيها بأطفال قد يجري الانتقام منهم بجريرة ابائهم وامهاتهم.
وكما ان الدولة كيان مجرد مبني على اسس قانونية يجب ان يكون تعامل الدولة مع قضاياها بشكل موضوعي ومجرد، بعيدا عن العاطفة والانجرار ورائها، وما قد يسببه الفعل الاخير من مأس وتعقيدات. لذا فعلى الحكومة العراقية ان تتحلى بالشجاعة والقوة وهي تواجه مخلفات داعش الارهابي. وان لا تتقدم مصلحة على مصلحة الوطن، ومن نتائج تحقيق الاخيرة الحفاظ على الامن القومي والسلم الاهلي والمجتمعي من كل طارئ او دخيل. والتعامل بحكمة وشفافية مع قضية اطفال داعش يصب في هذا الموضوع.