بعد اعتداء هامبورغ: هل تغير المانيا سياساتها تجاه المهاجرين؟

عبد الامير رويح

2017-08-01 05:10

اعتداء هامبورغ الذي نفذه لاجئ بسكين في متجر بمدينة هامبورغ الألمانية وأسفر عن مقتل رجل وإصابة عدد من الأشخاص، ما يزال محط اهتمام واسع داخل وخارج المانيا خصوصا وان دوافع هذا الهجوم ومع استمرار التحقيقات غير مؤكدة، وهل كان بدافع إرهابي او انتقامي، أم أنه نتيجة لاضطراب نفسي يعاني منه منفذه. حيث ذكرت صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية تفاصيل جديدة عن أحمد ع. (26 عاما)، وهو فلسطيني مولود في الإمارات، وجاء إلى ألمانيا عام 2015، وقدم طلبا للجوء تم رفضه، هذا الحادث الذي اثار موجة من الجدل قد يؤثر سلبا وبحسب بعض المراقبين على اوضاع المهاجرين في المانيا وباقي الدول الاوروبية، حيث ارتفعت أصوات الساسة الألمان من جديد نحو ضرورة تسريع إجراءات ترحيل المهاجرين غير المعترف بهم كلاجئين، ودعا السياسي البارز في الاتحاد المسيحي الديمقراطي فولفغانغ بوسباخ، إلى فرض تقديم جوازات السفر على المهاجرين واللاجئين عند دخولهم إلى الأراضي الألمانية.

يذكر أن الحصول على جواز سفر بالنسبة للاجئين الذين عليهم مغادرة البلاد، من أكبر المعوقات التي تواجهها السلطات الألمانية أثناء عملية الترحيل. ومنفذ حادث الطعن بهامبورغ كان من بين من صدر بحقهم قرار الترحيل، غير أن السلطات لم تنجح في الحصول على الأوراق اللازمة لذلك. ونقلت صحيفة "راينشه بوست" عن بوسباخ قوله إنه "علينا أن نتعرف على من يدخل إلى أراضينا"، محذراً من مواصلة العمل بالقبول بطلبات اللجوء دون حصول السلطات على جواز سفر مقدم الطلب، فذلك يعني أنه "يوماً بعد يوم سيدخل إلى البلاد المئات من مواطني غير الاتحاد الأوروبي، دون أن نتأكد من هوياتهم. وفي حال ترحيلهم في المستقبل سنواجه مشاكل كبرى".

في المقابل دعا مفوض الشؤون الداخلية عن ذات الحزب، الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، أنزغار هوفلينغ، إلى التفكير في معاقبة الدول التي ترفض إصدار أوراق الاستقبال بالنسبة لمواطنيها الذين تريد ألمانيا ترحيلهم، عبر منع التأشيرات على رعاياها الآخرين. ويقول: "من غير المقبول منح تأشيرات لمواطني دولة ما يريدون التسوق أو الدراسة في ألمانيا، في حين أن هذه الدولة تتعنت بقبول مواطنيها غير المرغوب بهم". ونقلت صحيفة "راينشه بوست" عن هوفلينغ أن على "ألمانيا الرد على سياسة التعنت في منح الأوراق اللازمة لعملية الترحيل من قبل دول بعينها، وذلك عبر سياسة صارمة لعملية منح التأشيرات".

تحقيق مستمر

وفي هذا الشأن قالت الشرطة الألمانية إن منفذ الهجوم بالسكين في مدينة هامبورغ الألمانية، الذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة 6 آخرين، كان معروفا لدى السلطات بأنه إسلامي. واقتحم المهاجم، الذي ولد في الإمارات ورفض طلب لجوئه إلى ألمانيا، الجمعة متجرا في هامبورغ وقتل شخصا بسكين.

وقال أندي غروته، وزير الداخلية في المدينة الساحلية في تصريحات صحفية "كان معروفا بأنه إسلامي وليس جهاديا". وأشار غروته إلى أنه بينما توجد مؤشرات على أنه ربما كان لهجومه دافع إسلامي، فإن المشتبه به يعاني ايضا من مشكلات نفسية. ولم تتمكن السلطات الألمانية من ترحيله نظرا لعدم حيازته لأوراق هوية. وقالت الشرطة إن المهاجم، 26 عاما، كان يتصرف منفردا وتمكن المارة من السيطرة عليه.

وكانت وسائل إعلام ألمانية قد قالت إن الهجوم ربما يكون محاولة سطو، لكن دوافع الهجوم مازلت غير واضحة. ووقع الهجوم في متجر "إيديكا" الشهير، وهو واحد من أكبر سلاسل المتاجر في ألمانيا، في تقاطع شارعي فالسبوتلر وهيرمان-كاوفمان في منطقة بارمبك شمالي المدينة. وقالت الشرطة إن المهاجم دخل المتجر واستل سكين مطبخ بطول 20 سم من الأرفف وطعن أشخاصا داخل المتجر.

وأوضحت كاثرين هيننغز المتحدثة باسم الشرطة أن المهاجم "نزع أغلفة السكين وهاجم بها شخصا يبلغ من العمر 50 عاما وقد لقي الأخير مصرعه جراء الهجوم." وقد أصيب في الحادث 6 آخرون بجراح، من بينهم امرأة في الخمسين من عمرها. وقال محققون إنه على الرغم من أن المهاجم تصرف بشكل منفرد إلا أنهم لم يستبعدوا أن يكون لديه شركاء. وقال مسؤول في الشرطة "نحن في مراحل أولى من التحقيق. في هذه المرحلة لا نستبعد شيئا. نحقق في كل الاحتمالات".

وأشادت الشرطة بثلاثة أشخاص من المارة لاحقوا المهاجم وظهروا في مقطع مصور يحملون كراس كدروع لمحاصرته وأحاطوا به وطرحوه أرضا، قبل أن يعتقله رجال شرطة في ثياب مدنية. وقال شهود عيان إن عددا من المارة تحدثوا مع المهاجم باللغة العربية وطلبوا منه ترك السكين. وتعرضت ألمانيا لعدة هجمات في الشهور الأخيرة.

وشددت السلطات الألمانية اجراءات الأمن بعد أن اقتحم شخصا سوقا للكريسماس "عيد الميلاد" في قلب برلين في ديسمبر/كانون الأول 2016. وفي يوليو/تموز 2016 ، أطلق مراهق ألماني، من أصول إيرانية، النار عشوائيا مصيبا 9 أشخاص في ميونيخ قبل أن يطلق النار على نفسه. وفي الشهر نفسه، أصاب لاجئ أفغاني كان يحمل سيفا وسكينا 4 أشخاص كانوا يستقلون قطارا جنوبي ألمانيا قبل أن ترديه الشرطة قتيلا.

ميركل تطالب

على صعيد متصل طالبت المستشارة ميركل بالكشف سريعا عن ملابسات اعتداء هامبورغ كما شكرت "كل من واجه الجاني بشجاعة"، في إشارة إلى من ساهموا في القبض عليه. كما أعرب وزير الداخلية عن صدمته إزاء الاعتداء مشيرا إلى ضرورة تحليل خلفياته بسرعة. وأعربت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، عن مواساتها لأسرة القتيل، وقالت ميركل: "أشعر بالحزن على ضحية هذا الهجوم الوحشي في هامبورغ. عميق مواساتي لأسرته".

كما أعربت ميركل عن تمنياتها بـ "الشفاء الكامل للمصابين من جروحهم الجسدية والنفسية"، وقالت: "يتعين الكشف عن ملابسات هذه الجريمة. أنا على اتصال مستمر بوزير الداخلية توماس دي ميزيير وعمدة هامبورغ أولاف شولتس. أشكر الشرطة على مهمتها وكل من واجه الجاني بشجاعة". ومن جانبه أعرب وزير الداخلية ، توماس دي ميزيير، عن صدمته إزاء هجوم الطعن الذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين. وقال دي ميزيير: "مجدداً يصيب هجوم مفزع مجتمعنا... أشعر بالحزن على القتيل، ومواساتي لأسرته وللضحايا المصابين". بحسب DW.

وفي إشارة إلى الدوافع المحتملة للجريمة، قال الوزير: "يتعين علينا أن نتوقع استخدام الإيديولوجية الجهادية كمبرر لمثل هذه الجرائم، والتي من الممكن أن تُرتكب لدوافع أخرى تماماً... الدافع الحقيقي من الممكن أن يكمن في شخصية الجاني نفسه". وذكر دي ميزيير أن مهمة السلطات الأمنية في هامبورغ الآن التحقيق في دوافع هذه الجريمة، وقال: "من المهم تحليل خلفيات الجريمة في أسرع وقت ممكن وكشف ملابسات حدوثها".

أبطال بارمبك

الى جانب ذلك مازالت دوافع الهجوم بسكين في هامبورغ حتى الآن غير مؤكدة، وهل كان بدافع إرهابي، أم أنه نتيجة لاضطراب نفسي يعاني منه منفذه. وذكرت صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية تفاصيل جديدة عن أحمد ع. (26 عاما)، وهو فلسطيني مولود في الإمارات، وجاء إلى ألمانيا عام 2015، وقدم طلبا للجوء تم رفضه، والذي نفذ الجمعة الماضية هجوما بسكين في هامبورغ؛ فقتل شخصا وأصاب سبعة آخرين، بعضهم حالته خطيرة، قبل أن تتم السيطرة عليه واعتقاله.

وقالت الصحيفة إن زبائن كثيرين كانوا في متجر "إدِكا" للمواد الغذائية، في شارع "فولسبوتلر" بحي "بارمبك"، حيث كانوا يتسوقون لأجل عطلة نهاية الأسبوع، وسحب أحمد ع سكين مطبخ، طول نصله 20 سم، من على أحد الرفوف في المتجر وأخرجه من علبته ثم بدأ بالهجوم على أقرب شخص منه فطعن ماتياس ب.، في العقد السادس من عمره، بطريقة وحشية أدت إلى مقتله. ثم توجه إلى رجل ثان وأصابه أيضا بجروح خطيرة، ثم توجه إلى باب الخروج وطعن شابا ألمانيا عمره 19، أصيب بجروح خطيرة أيضا وخضع لعملية عاجلة.

وقام أحمد ع. بكل ذلك خلال ثوان معدودة، وبدأت أولى الاتصالات التليفونية بالشرطة طلبا للاستغاثة "لكن مطاردة الجاني قام بها آخرون في البداية"، حسب ما حكي توفيق عرب (21 عاما)، وهو متدرب للعمل كمحصل بمتجر إدكا. وأضاف عرب لصيحفة "بيلد أم زونتاغ" أنه سمع أصوات زجاج يتكسر وصرخات رعب وشخصا يصيح "الله أكبر" وشاهد كيف أنه يطعن الشاب الألماني؛ فقز من كرسيه أمام الخزينة ولا يدري إن كان أغلقها أم لا. وتابع "أيقنت أنه لابد لي أن آخذ السكين منه وأن أمنعه من إصابة ناس آخرين."

بحث توفيق عن حجر أو عصا ليستخدمها ضد المهاجم لكنه لم يجد شيئا فجرى خلفه إلى الشارع وأخذ في تحذير المارة. وقام بدفع سيدة عجوز إلى داخل الحافلة مرة أخرى وأخذ يصيح في الركاب محذرا من النزول وقام السائق بإغلاق بابها. وقام المهاجم بمواصلة طعنه للمارة في الشارع فطعن رجلا وامرأة كانت منشغلة بدراجاتها. ثم رأى توفيق عرب كيف أن الجاني طعن سيدة عجوز (64 عاما) في صدرها، فسقطت واقعة "المنظر لن يخرج بعد ذلك من عقلي أبدا"، يقول عرب.

وكان محمد والي (49 عاما)، وهو من أصل مصري، ويعمل لدى دار نشر بهامبورغ، في طريقه إلى أحد البنوك في نفس الشارع، وعندما اقترب من متجر إدكا ببضعة أمتار، رأى شخصا يخرج من المتجر مسرعا وفي يده السكين. ويحكي والي لبيلد أم زونتاع: "كنت على بعد مترين منه ورأيت يديه ملطختين بالدماء ورأيته بعيني يطعن فجأة رجلا عند المدخل، وكان يصيح الله أكبر". ويضيف والي أنه صرخ في وجه الجاني وقال له باللغة العربية "الله يبغض هذه الأفعال".

وفي لحظة اعتقد والي أن الجاني سيهاجمه بالسكين، لكن عندما اقترب ناس آخرون من المكان تشتت ذهن المهاجم، فأخذ يجري وأخذ محمد والي يجري خلفه وطعن سيدة عجوز على الجانب الآخر من الشارع "فساعدتها لبرهة لكي تستيطع الجلوس ثم جاء شرطي"، يحكي والي. وطلب الشرطي من والي أن ينبطح أرضا، "فقلت له لقد حضرتم متأخرين، فالجاني هناك يجري وأشرت له على الإرهابي"، يحكي رب الأسرة، الذي لديه طفل.

لم يقف والي مكتوف الأيدي بعد قدوم الشرطي وإنما أسرع وأخذ كرسيا من أحد المطاعم وجرى وراء الجاني وقام ومعه عدد آخر من المشاة بمحاصرته "عثر الرجال على عصا حديدية وتبادلوا ضربه بها عند محطة الحافلات فسقط جريحا على الأرض"، يتابع والي. ثم جاءت الشرطة وأطلقت رصاصات تحذير وقيد أحمد ع. لم يكن عرب ووالي هما فقط من طارد الجاني وإنما كان هناك آخرون أيضا من بينهم التونسي الأصل جميل خريط، الذي كان يجلس في أحد المقاهي.

وقال جميل، حسبما ذكر موقع "n-tv" الألماني إنه حاول أن يقنع المهاجم (بالتوقف عن فعله)، لكن المهاجم تحدث بكلام غير مفهوم "لا أدري هل كان في عالم آخر؟ ولا أعرف ما الذي دهاه"، يقول جميل صاحب الـ50 عاما، الذي يعيش في ألمانيا منذ 27 عاما. ويقول شخص ولد في ألمانيا من أصول تونسية ورفض ذكر اسمه: "آمل أن يرى الناس أن العرب ليس كلهم أشرارا".

التركي عمر أونلو، كان في سيارته عندما شاهد الجاني وشارك هو أيضا في مطاردته، وقال لبيلد إنه أخذ عصا حديدية ثم وجه للجاني ضربات حتى أسقطه، حيث أصابه في ذراعه الأيمن. أما زونكه فيبر، وهو صاحب صالون حلاقة، فشارك معهم أيضا في المطاردة، وأخذ لوحة إعلانات من البلاستيك وتصدى بها للجاني، وقال "كراسي، حجارة، وعصي معدنية، لقد أخذنا كل ما أمكننا أخذه. وكرر الآخرون كلامهم للجانبي بالعربية طالبين منه أن يترك السكين".

احتفى مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي بتوفيق وأحمد وجميل ورفاقهم وأطلقوا عليهم لقب ""أبطال بارمبك". ويرفض جميل أن يصف نفسه والآخرين بالأبطال. وينظر هو ورفاقه أصحاب تلك الملحمة إلى تصرفهم على أنه تصرف عادي وطبيعي، وقال توفيق عرب لصحيفة بيلد: "أنا لست بطلا، فأنا لم أفعل سوى واجبي". أما محمد والي، ورغم مرور يوم على الهجوم، مازال الغضب الشديد يتملكه، وقال لمراسل "بيلد": "أكاد لا أستطيع الوقوف ..ولدي آلام في البطن". ويرى محمد والي أيضا أنه ليس بطلا وقال "لدي طفل، فكيف لي أن أقف متفرجا بينما يقوم وغد بطعن أشخاص آخرين، بكل بساطة". وما زال الجاني أحمد ع. قابعا في الحبس الاحتياطي ولم يدل بأية تفاصيل حول الواقعة، حسب ما قالت رئيسة النيابة العامة في هامبورغ نانا فرومباخ. والتي أضافت "لذلك فليست هناك حتى الآن معلومات حول الدافع الفعلي (للهجوم)".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي