الموصل بعد التحرير: مظاهر عودة الحياة الطبيعية ومصاعب مخلفات داعش

عبد الامير رويح

2017-06-21 04:58

مع قرب انتهاء العمليات ‏العسكرية الخاصة بتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش الارهابي، عادة الحياة وبحسب بعض المصادر إلى أغلب المناطق المحررة حيث اصبح السكان في هذه المدينة وعلى الرغم من الدمار الكبير والظروف الصعبة، يمارسون أعمالهم اليومية بشكل طبيعي بعد ان ودعوا سنوات الرعب والخوف والاضطهاد، وتوضح صور الأفراد وأقوال سكان ثاني أكبر المدن العراقية، كيف كانت هذه الجماعة المتطرفة وكما نقلت بعض المصادر، تؤذي النساء والأقليات الدينية، وتنشر الرعب والخوف والقتل في كل ازقة المدينة وتسعي للسيطرة على كل الأبعاد الحياتية للناس.

حيث بعض التقارير ان اغلب المؤسسات الحكومية الصحية والتعليمية باشرت اعمالها الطبيعية، فقد شهدت جامعة الموصل عودة تدريجية للحياة الى مقاعدها الدراسية التي توقفت بعد سيطرت عصابات "داعش" الإجرامية، كما شهدت المدينة ايضا عودة الكثير من العوائل التي اجبرتها الحرب على ترك منازلها، وعلى الرغم من فرحة النصر والتحرير فما تزال هناك تحديات كبيرة تحتاج وبحسب بعض المراقبين، الى جهود اضافية من اجل تخفيف معاناة السكان خصوصا وان نسبة الدمار كبيرة جدا، يضاف الى ذلك ان الاوضاع ماتزال غير مستقرة وهو ما قد يؤثر سلبا على العديد من العوائل وخصوصا الفقيرة منها.

وبدأ الهجوم لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل الواقعة شمال العراق في أكتوبر/ تشرين الأول. وسيطرت القوات الحكومية العراقية على شرق الموصل في يناير/ كانون الثاني، ثم بدأت بعدها بشهر، هجومًا على الشطر الغربي، حيث كان هناك نحو 200 ألف مدني محاصرين في مناطق يسيطر عليها داعش. وستنهي استعادة السيطرة على الموصل فعليا وجود “الخلافة” في الشطر العراقي التي أعلنها زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في خطاب من على منبر مسجد أثري في المدينة القديمة. وفر نحو 800 ألف شخص من الموصل أي أكثر من ثلث السكان قبل الحرب، ولجأوا لأصدقاء أو أقارب أو مخيمات للنازحين.

جامعة الموصل

بين أبنية مدمرة جزئياً وأخرى سويت بالأرض، استأنف طلاب الكليات الانسانية في جامعة الموصل دروسهم من حيث توقفوا حين سيطر الجهاديون على مدينتهم، بينما يخوض عدد منهم امتحاناته في قاعات تطايرت نوافذها والكهرباء مقطوعة عنها. ورغم أعمال التنظيف التي تشهدها كليات الجامعة المترامية على مساحة 251 هكتاراً وتتميز بتنوع اختصاصاتها التي كانت تجذب نحو 39 ألف طالب، إلا أن أبنية وكليات عدة ما زالت خارج الخدمة بانتظار إطلاق مشروع إعادة الإعمار، وفق ما يؤكد مسؤولون إداريون.

وعلى مدخل الجامعة الرئيسي، ينتشر عناصر أمن وحراس يتولون التدقيق في هويات الطلاب وتفتيشهم الواحد تلو الآخر. وفي الحرم الجامعي ينهمك عمال في تنظيف الحدائق والشوارع الملتفة حول الكليات وإزالة الدخان الأسود الذي صبغ الجدران. بعد توقف عن الدراسة لثلاث سنوات تقريبا، تعود الطالبة سناء نافع (21 عاما) الى مقاعد الجامعة لانهاء امتحانات الفصل الاول في اختصاص اللغة الانكليزية في كلية التربية. وتقول العشرينية بحماسة قبل دقائق من بدء الامتحانات "لم يمر شهر بعد على تحررنا من غرب الموصل وعدت فورا إلى الدوام". وتضيف "أشعر بالراحة رغم كل الدمار الذي أراه. مجرد تنشق الهواء يعني اننا سلمنا وأن الامور تعود الى طبيعتها في الموصل".

وتستعيد الشابة التي ترتدي حجابا ازرق وثوبا أسود طويلا كيف أمضت السنوات الأخيرة. وتوضح "في هذه الفترة كوننا بنات كنا نلازم البيت. في البدء كانت الكهرباء موجودة وتنقل وسائل الإعلام (...) وكان بإمكاني أن أستعين بالانترنت لتحميل الكتب وقراءتها. لكن بعد أشهر عدة قطع عنا الإنترنت والإعلام، وأمست فترة ظلام، يمكن للإنسان ان يستعين فقط بفكره ومخيلته حتى يتأمل ويحس بما يجري في العالم".

وتأمل سناء أن تنهي تحصيلها العلمي لتصبح مدرسة. وترى أن "داعش انبعث من الظلام.. ومن لحقوا به هم من لم يكن لديهم الوعي الكافي"، مشددة على أن "ديننا الإسلامي الحقيقي والتعلم هو ما نحارب به داعش". وخلال سيطرتهم على المدينة، وضع الجهاديون يدهم على الجامعة التي تضم 124 مبنى. ابقوا على بعض الكليات قيد الخدمة فيما أقفلوا بعضها الآخر.

وبحسب موظف إداري رفض الإفصاح عن اسمه واستمر في مزاولة عمله خلال سيطرة الجهاديين، فإن "معظم الطلاب الذين ارتادوا الجامعة خلال سيطرة الدواعش كانوا من اقاربهم وافراد عائلاتهم". وبعد بدء القوات العراقية في تشرين الاول/أكتوبر هجوماً لطرد التنظيم من المدينة، حول الجهاديون الحرم الجامعي مركز عمليات. وتبدو ملامح الدمار والتخريب واضحة على أبنية عدة، لا سيما المكتبة المركزية التي أحرقها التنظيم قبل انسحابه.

ويقول زيد محي الدين أحد موظفي الجامعة أثناء التقاطه صورة عبر هاتفه للمبنى الذي يلفه السواد، "قضى داعش على مئات الآلاف من الكتب والموسوعات القيمة والمخطوطات النادرة"، مضيفا "أول مرة رأيت المكتبة بهذه الحالة، وجدت نفسي أبكي من دون أن اشعر". ويؤكد المشرف السابق على المكتبة المركزية لجامعة الموصل محمود أبو مهند "كان هناك ما يقارب مليون ونصف المليون كتاب داخل مكتبة الجامعة، منها كتب التداول المحدود، التي يمنع إخراجها لقيمتها النادرة كالمخطوطات والدواوين".

ورغم الصعوبات اللوجستية والمادية التي تعيق عودة الجامعة الى سابق عهدها قبل الجهاديين، يبدي الطلاب تفاءلهم. ويقول أحمد شهاب احمد (23 عاماً) "وجودنا مع اصدقائي هنا اليوم دليل على اصرارنا وعلى مقاومتنا لهذه الظروف القاهرة (...) نأمل أن نحقق ما في بالنا رغم كل هذه العراقيل الموجودة في طريقنا". وفي هذا الإطار، يقول ماهر (25 عاما) وهو طالب في اختصاص الجغرافيا، سنة ثالثة، "طالما أن هناك دوام، فلا يهم إن كانت الأبنية محروقة أو مدمرة".

واستؤنفت الدراسة والامتحانات في الاختصاصات الانسانية فقط، فيما لا تزال الكليات العلمية التي تضم العدد الاكبر من طلاب الجامعة مقفلة بقرار من وزارة التربية بحجة عدم جهوزية المختبرات بعد. وتخطط إدارة الجامعة لاستئناف الدروس بشكل طبيعي مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر على أن يتم في الفترة الفاصلة عن هذا الموعد إنهاء الامتحانات وإكمال العام الدراسي من حيث توقف في العام 2014. بحسب فرانس برس.

ويقول مدير قسم الإعمار والمشاريع في الجامعة أسامة حمدون إن "أعمال التنظيف أنجزت حقيقة في كل الكليات تقريبا بجهود تطوعية من شباب المدينة، سواء أكانوا طلابا في الجامعة او في مدارس المدينة"، موضحا أنهم "خلال أربعة أشهر رفعوا آلاف الأطنان من الأنقاض ومخلفات الحرب". ولحق الدمار الكامل بـ12 مبنى بينها مقر رئاسة الجامعة فيما تتراوح نسبة الدمار بين خمسة و20 في المئة، وفق حمدون. وتصارع الجهات المختصة في الجامعة الوقت لإعادة الخدمات الرئيسية وتأهيل بعض الابنية قبل انطلاق العام الدراسي. وبحسب حمدون الذي يتخذ من بيت جاهز مقرا له، "يشكل عامل الوقت والضائقة المادية التي تؤثر على حركة الاعمار في الجامعة، التحديين الأكبر الذين نواجههما حالياً". ورغم هذا الواقع، يكرر حمدون كما طلاب وأساتذة وموظفون، أن "إعادة فتح الجامعة هي رسالة للعالم كله". ويقول "الموصل مدينة حضارية. لا داعش أو سواه سيكون قادرا على أن يكسر إرادة شعب الموصل في الحياة".

معاناة العوائل

من جانب اخر تعز الدنيا على أم محمد حين تضطر للانتظار في طابور طويل للحصول على سلة رمضانية تسد رمق أسرتها في غرب مدينة الموصل، بعدما كان شهر رمضان يعني لمديرة المصرف العاطلة عن العمل حاليا لمّ شمل العائلة والاحتفال. وتقول أم محمد (38 عاما)، وهي أم لولدين، بينما تغرورق عيناها بالدموع "يمر رمضان هذا العام وفي قلوبنا غصّة، بيوتنا وسياراتنا تدمرت والعائلة تفرقت"، في إشارة إلى إخوتها وأقاربها.

وفي حي الاقتصاديين في غرب مدينة الموصل، تسأل أم محمد بانفعال "هل يجوز أن نقف هنا في هذا الصف الطويل لننتظر مساعدة؟"، مضيفة "كنا قبل داعش في أحسن حال". تسكت قليلاً قبل أن تسحب من حقيبة يدها محفظة صغيرة تفتحها وتبدو فارغة إلا من أوراق وبطاقة تعرّف عنها كمديرة مصرف لا تشأ ذكر اسمه خشية على أقاربها العالقين في الاحياء تحت سيطرة تنظيم داعش في غرب المدينة. وتوضح بقهر لا يفارق ملامح وجهها "كانت حياتنا ملوكية، والآن سقطنا إلى القعر، من السماء إلى الأرض".

وتضيف قبل أن تسرع لاستطلاع حظوظها بالحصول على حصة رمضانية توزع على بعد أمتار، وفيما دوي قصف قريب يتردد في المكان، "الدنيا رمضان، زوجي لا يتمكن من الصيام وأنا أفطر على ما توفر"، قبل أن تتابع "حتى المياه التي نشربها فيها رمل وأحياناً ديدان". وتخوض القوات العراقية هجوماً منذ سبعة أشهر لاستعادة مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق ومركز محافظة نينوى، من أيدي الجهاديين الذين كانوا سيطروا عليها قبل ثلاثة أعوام. وحققت القوات العراقية منذ بدء هجومها تقدماً كبيراً ولم يبق تحت سيطرة الجهاديين إلا المدينة القديمة وبضعة أحياء في محيطها تشكل جبهات قتال راهناً.

وفي شارع طويل تتناثر فيه الحجارة والركام وهياكل السيارات المحروقة والمدمرة، يتهافت سكان من أحياء في غرب الموصل للحصول على حصص غذائية مجانية. ويقف أطفال ورجال ونساء وعجزة يغطون رؤوسهم بمناشف وقطع قماش تقيهم أشعة الشمس الحارقة، بينما يتدافع آخرون أمام الشاحنة التي تحمل المساعدات.

وعلى مقربة من مكان التوزيع، تذرف أم يوسف (40 عاماً) الدموع بعد فشلها بالحصول على الحصة التي تضم أكياساً من الأرز والعدس والحليب والسكر ومعجون الطماطم والجبنة، لعدم تمكنها من تسجيل اسمها في اليوم السابق. وتقول بحزن وغضب "لدي عشرة أولاد ونحن صائمون. نشرب الماء من البئر ونفطر على عصير الطماطم"، قبل أن تسأل "من يرضى بهذه الحال؟ أرتدي عباءتي منذ عشرة أيام"، في اشارة الى افتقار النازحين الى حاجات اساسية وهروبهم من مناطق المعارك من دون حمل شيء معهم.

وتتابع أم يوسف فيما يقدم أحد المارة بسكويتاً لطفلها "لا رمضان هذا العام ولا عيد بعد دمار منازلنا". ثم تضيف بغصة "أحتفل بالعيد عندما تتحرر ابنتي ليلى (19 عاما) مع زوجها وأولادها الأربعة من سيطرة داعش. لم يعد لديهم إلا العشب والتراب يأكلونه". وتمسك زهراء (34 عاما) من جهتها بقسائم بيضاء في يدها، بينما تنتظر الحصول على حصتها. وتقول "الطقس حار ونحن صائمون بلا مياه وبلا كهرباء، عدا عن أن جزءاً من منزلنا مدمر".

ورغم هذا الواقع، تقول زهراء التي ترتدي عباءة سوداء وحجابا،ً "كل الأمور يمكن أن تحل لكن لم شمل العائلة هو الأصعب". وتوضح أن قسما من أفراد عائلتها وأقاربها نزحوا من الموصل، "فيما لا يزال آخرون محاصرين في أحياء قريبة"، مضيفة "كانت مائدة رمضان تجمعنا". وبمبادرة من شباب عراقيين متطوعين في مجال الإغاثة بعنوان "وصل تصل"، تمّ خلال أسبوع من شهر رمضان توزيع ألفي حصة غذائية تضم كل منها 12 منتجاً على دفعتين في منطقة 17 تموز في غرب الموصل، بعد أيام من طرد الجهاديين منها. بحسب فرانس برس.

ويقول مدير الفريق محمد ديلان (21 عاماً) "نأمل أن نسدّ ولو جزءاً قليلاً من حاجات العائلات المحتاجة جدا في هذه المنطقة"، موضحاً أن المساعدات تأتي من تبرعات في العراق وخارجه. ويقول غزوان (38 عاما) بعد حصوله على حصص غذائية "الوضع ليس جيداً، لا مياه ولا كهرباء والجو حار". ويضيف أن إعداد مائدة الإفطار يعتمد على "الأرزاق والمساعدات". ويشكو الاهالي من غياب الخدمات الرئيسية عن المدينة التي خرجت منها مؤسسات الدولة بعد سيطرة الجهاديين عليها في حزيران/يونيو 2014. وألحقت المعارك والغارات أضراراً كبيرة بالبنى التحتية والمنازل والخدمات. واختار عبد الكريم علي (56 عاما) ألا يصوم في رمضان هذا العام، ويقول "لا نستطيع لأن لا ماء ولا كهرباء ولا مولد". ويضيف "الصائم يحتاج إلى البرودة... ونحن حتى قالب الثلج لا نتمكن من الحصول عليه".

اجراءات امنية

الى جانب ذلك وفي سوق النبي يونس الشعبي في مدينة الموصل، تتنقل سيدات بعباءات وحجابات ملونة بين البسطات والمحال التجارية من دون نقابهن الأسود الذي كان مفروضا عليهن خلال سيطرة تنظيم داعش، والذي حظرته الشرطة العراقية إثر توقيف جهاديين متنكرين بثياب نساء. ومع عودة مظاهر الحياة الطبيعية تدريجياً إلى شرق الموصل بعد طرد التنظيم، حظرت الشرطة العراقية كذلك سير الدراجات النارية والشاحنات الكبيرة بعد السادسة مساء وشراء شريحة هاتف خلوي من دون مستندات شخصية، في محاولة لمنع تسلل الجهاديين الى هذه المناطق.

ولم يكتف التنظيم المتطرف خلال وجوده في المنطقة بفرض ارتداء النقاب على النساء خارج منازلهن، بل أجبر أصحاب المحال على عرض الألبسة الشرعية. ويقول أبو مصعب (50 عاما)، صاحب محل ثياب في السوق، "لم يعد أحد يسأل عن النقاب نهائيا، معظم الناس يسألون عن ألوان جذابة، ألوان صارخة.. لم نعد حتى نشتري النقاب والخمار".

ويشير بيده إلى عنصري شرطة يقفان على الرصيف المواجه لمحله، موضحاً "هما موجودان دائما هنا وحين يريان نساء يرتدين الخمار يطلبان منهن (..) بأسلوب طيب نزعه باعتبار أننا تأذينا منه كثيراً". ويتابع "يتعاون الناس معهما". وإجمالا، ترتدي العراقيات العباءات التقليدية ويغطين شعرهن، الا ان الخمار والنقاب انتشرا مع تصاعد نفوذ التنظيم في البلاد التي احتل مساحات واسعة منها في 2014.

ويشهد السوق ازدحاما قبل ساعات من موعد الإفطار في شهر رمضان. نساء وأطفال يتنقلون بحرية. ويتجول بينهم عناصر من الشرطة. وتقول أم علي (45 عاما) بعد توقفها أمام واجهة متجر يعرض عباءات مزركشة، "خلال وجود الدواعش، لم نكن نجرؤ على المجيء إلى هذا السوق بلا خمار وقفازات وجوارب سوداء". وتتابع السيدة الممشوقة القامة والقوية البنية "كنت أرى الدنيا من خلف قماش أسود. كما لو أنها ظلام. لكن ما أن خرجوا حتى تخلصت من النقاب، الحمد لله والشكر(..) كما أن الشرطة منعت ارتداءه".

ويقول أبو مصعب فيما تتوافد السيدات تباعا إلى محله "أعدت المانيكان واهتممت بالمحل وأعدت تأهيله كما لو أننا انتقلنا إلى بيت جديد. عدنا إلى ما قبل أيام داعش". وجاء منع النقاب ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها قيادة شرطة نينوى، وفق ما يقول ضابط حركات (عمليات) شرطة نينوى العقيد طلال عبدالله. ويوضح أن مرد قرار منع ارتداء النقاب هو أن "داعش يستغل ويلبس زي النساء ليتجول في الأسواق المحلية"، لافتا إلى توقيف عدد من الجهاديين المتخفين بالنقاب خلال الأسابيع الأخيرة.

وتشمل الإجراءات المتخذة، وفق عبدالله، "الانتشار الأمني الواسع في جميع أنحاء المدينة" و"التدقيق في هويات المارة، وتفعيل دور المخاتير" الذين بات يتوجب عليهم الحصول على "معلومات عن كل المقيمين في مناطقهم". ويشدد المسؤول الأمني على أن الإجراءات تهدف الى "أن نقلل أو نمنع الدواعش من أي تسلل أو أي إجراء"، مشيرا الى ان هذه الاجراءات تحفظ "الأمن في المدينة في الوقت الحاضر". ويقول عبدالله "حين يتم استكمال تحرير كامل المدينة، يعود المواطن حرا في تصرفاته وفي دخوله وخروجه".

وبين الإجراءات الرئيسية المتخذة أيضاً منع الدراجات النارية من السير في الأسواق المحلية بعد الساعة السادسة مساء. ويسري قرار المنع على الشاحنات الكبيرة إذ "يمكن أن تؤدي إلى كوارث كبيرة" في حال تم تفخيخها. وسبق لتنظيم داعش أن نفذ اعتداءات بدراجات وشاحنات مفخخة، كان أكثرها دموية في شهر رمضان العام الماضي حين استهدفت شاحنة مفخخة مجمعين تجاريين في حي الكرادة وسط بغداد، متسببة بمقتل أكثر من 320 شخصاً.

وبعدما كانت عملية شراء شريحة للهاتف النقال متاحة من دون إبراز أي مستندات شخصية، منعت الشرطة أصحاب محال الهواتف من بيعها إلا في حال توفر شروط معينة. ويقول ياسر خليل (50 عاماً) بعد تأكده من بطاقة هوية أحد زبائنه الراغبين بشراء شريحة هاتف نقال "نتبع حاليا التفعيل الإلكتروني، بمعنى أن أي شار يجب أن يحضر شخصياً ونلتقط له صورة ونأخذ بصمته الإلكترونية". ويقول "بعد خروج داعش، فرضت الشرطة هذه الإجراءات وهي قانونية وصحيحة". بحسب فرانس برس.

وعند مدخل السوق، يركن علي محمود (22 عاما) دراجته النارية قبل أن يدخل إلى متجر للهاتف الخلوي. ويقول "أحتاج الى الدراجة أحياناً بعد الساعة السادسة، ولكن لا يمكنني استخدامها مساء"، مضيفا "يخافون أن يدخل أحدهم إلى السوق ويفجر نفسه". وفي وقت يمتنع عدد من المواطنين عن إبداء رأيهم بالإجراءات، يقول عبدالله قبل تعميمه أوامر عبر جهاز لاسلكي على قطعات الشرطة المنتشرة في المدينة "صحيح أن هذه الاجراءات تحد من حرية المواطن لكن أمان المواطن في الوقت الحاضر أكثر أهمية من حريته".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي