كيف وصل داعش الى الفلبين؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
عبد الامير رويح
2017-06-07 05:42
استيلاء جماعة ماوتي التي بايعت تنظيم داعش وحلفائهم على مدينة ماراوي الواقعة في الطرف الجنوبي للفلبين. يعد بحسب بعض المصادر أكبر إنذار حتى الآن يشير إلى أن تنظيم داعش الارهابي الذي تعرض لخسائر فادحة في سوريا والعراق، يسعى اليوم الى اقامة قاعدة جديدة له في منطقة اخرى وبتحديد جنوب شرق آسيا، خصوصا وان بعض دول هذه المنطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار، بسبب كثرة الصراعات وانتشار الجماعات الاسلامية المتشددة، وقد اكد بعض المسؤولين إن المعطيات والدلائل تشير الى وجود تحالفات جديدة بين جماعات وقوى مختلفة من مؤيدي لتنظيم داعش تسعى للسيطرة على بعض المناطق والدول.
واندلعت اعمال العنف عندما اجتاح عشرات المسلحين مراوي، التي يبلغ عدد سكانها 200 ألف، ردا على محاولة قوات الأمن القبض على ايسنيلون هابيلون، الذي يعتبر زعيم تنظيم داعش في الفيليبين وهو على لائحة وضعتها الحكومة الأميركية لأخطر الإرهابيين في العالم. وتحمي جماعة "ماوتي" المحلية التي تضم مسلحين أعلنوا عن ولائهم لتنظيم داعش، هابيلون، بحسب الحكومة. ويشير الجيش إلى أن مسلحين من ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة وغيرهم من الأجانب انضموا إلى القتال.
وقالت مصادر بأجهزة المخابرات الفلبينية والإندونيسية إن قوات هابيلون زادت أعدادها خلال الأشهر القليلة الماضية بانضمام مقاتلين أجانب ومجندين جدد من داخل ماراوي إلى صفوفها. وقال اللفتنانت كولونيل جو-ار هيريرا المتحدث باسم الجيش الفلبيني إن كثيرين من الأجانب جاؤوا إلى ماراوي تحت ستار مهرجان إسلامي عقد في وقت سابق. كما أكدت وزارة الدفاع الاندونيسية في مؤتمر دولي حول الأمن أن لدى تنظيم "داعش" الإرهابي حوالى 1200 مقاتل في الفلبين بينهم أجانب يقدر عدد الاندونيسيين منهم بنحو 40 . لكن مساعد وزير الدفاع الفيليبيني ريكاردو ديفيس قلل من حجم المقاتلين، وقال إنه لم يسمع من قبل بالعدد الذي ذكره رياكودو. وقال "لم أسمع حقيقة بهذا الأمر. العدد في نظري أقل بكثير، هو بين 250 و400".
لكنه أوضح أن نحو أربعين أجنبيا يشاركون في القتال في مدينة مراوي التي اجتاحها الإرهابيون عندما حاولت السلطات الفلبينية اعتقال زعيمهم ايسنيلون هابيلون.
حرب شرسة
وفي هذا الشأن قال الجيش الفلبيني إن غارة جوية على متشددين إسلاميين يتحصنون في مدينة بجنوب الفلبين أودت بحياة 11 جنديا بطريق الخطأ مما وجه ضربة قوية لمساعي الحكومة لإنهاء أكبر أزمة أمنية داخلية تواجهها منذ سنين. وقع الحادث عندما أخطأت طائرة من اثنتين كانتا تقصفان مواقع المسلحين هدفها في قلب مدينة ماراوي حيث تشن القوات البرية هجوما على متشددي تنظيم داعش في حرب شوارع شرسة.
وقال وزير الدفاع دلفين لورينزانا في مؤتمر صحفي "أحيانا في خضم المعركة تحدث الكثير من الأمور. وتقع حوادث مثل هذا". وأضاف "من المحزن للغاية أن نقصف قواتنا. ثمة خطأ ما حتما قد وقع إما من شخص يصدر التوجيهات من الأرض أو من الطيار". وتسعى القوات المسلحة في الفلبين من خلال عمليات برية وضربات جوية بطائرات هليكوبتر لطرد متمردي جماعة ماوتي من المدينة. وأرسلت طائرات (إس.إف-260) للمرة الأولى.
وبمقتل الجنود يرتفع عدد أفراد قوات الأمن الذين لاقوا حتفهم إلى 39 بينما قتل 19 مدنيا و120 من المتمردين في معارك في ماراوي. وأرسل الجيش 21 مدرعة وكتيبة ثالثة من الجنود لتعزيز القوات. وقال لورينزانا إن الضربات الجوية قد تعلق ووصف المتمردين بأنهم قوة صغيرة "لا تستطيع الصمود لفترة طويلة". وأثبتت جماعة ماوتي الموالية لتنظيم داعش أنها عدو شرس ورابطت في قلب مدينة ماراوي بعد ضربات جوية استمرت أياما ووصفها الجيش بأنها "دقيقة" وتضرب أهدافا معروفة للمتمردين.
وقال لورينزانا إن هناك متشددين من السعودية وماليزيا وإندونيسيا واليمن والشيشان بين ثمانية أجانب قتلوا في المعارك. ويقول خبراء إن هذا يمثل مؤشرا على أن الفلبين قد تتحول إلى مركز إقليمي للتطرف بشكل لا تستطيع احتواءه. وبدأ سكان مدينة ماراوي التي يغلب عليها المسلمون نزوحا جماعيا منها منذ 23 مايو أيار عندما عاث متمردو ماوتي فسادا وأحرقوا وسيطروا على مبان ونهبوا أسلحة وسيارات الشرطة واحتجزوا رهائن وحرروا سجناء لينضموا إليهم.
وقال لورينزانا إن الجيش قد يعلق الضربات الجوية ووصف المتمردين بأنهم قوة صغيرة "لا تستطيع الصمود لوقت طويل". وأرسل الجيش 21 مدرعة وكتيبة ثالثة من الجنود إلى العملية العسكرية يوم الخميس لوضع حد لاحتلال جزء من المدينة. ويخشى الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي انتشار الفكر المتشدد في جنوب الفلبين وأن تتحول المنطقة إلى ملاذ للمتشددين من جنوب شرق آسيا وما وراءه. بحسب رويترز.
وقال إن التمرد في جزيرة مينداناو ليس من تدبير عناصر جماعة ماوتي وإنما هو "داعشي صرف" لافتا إلى أنه حذر منذ وقت طويل من قرب وصول تنظيم داعش إلى بلاده. وتستهدف الضربات الجوية مواقع يعتقد الجيش أن ما يسمى بأمير الدولة الإسلامية في الفلبين إنسيلون هابيلون يختبئ فيها. وقال المتحدث العسكري البريجادير جنرال ريستيتوتو باديلا إن الجيش سيجري تحقيقا في حادث مقتل الجنود لكنه شدد على أن الحادث لن يضعف عزم الحكومة على هزيمة المتشددين.
سجناء وأسلحة
من جانب اخر قال الجيش الفلبيني إن الهجوم الذي بدأه متشددون إسلاميون في مدينة بجنوب الفلبين تغذيه أسلحة وذخيرة مسروقة ومقاتلين فروا من السجون. وأضاف الجيش أن جنوده يواصلون حملتهم على المتشددين الذين يقاومون الهجمات البرية والجوية. وأثبتت جماعة ماوتي التي بايعت تنظيم داعش أنها خصم شرس إذ صمدت في قلب مدينة ماراوي على مدى أيام من الغارات الجوية على ما يصفها الجيش بأنها أهداف للمتمردين، خلافا لتوقعات بنهاية سريعة لسيطرتهم على المدينة.
وأشار الجيش إلى أن المتمردين يسيطرون على حوالي عشرة بالمئة من مساحة ماراوي. وقال البريجادير جنرال ريستيتوتو باديلا المتحدث باسم الجيش إن جماعة ماوتي المتشددة تواصل القتال باستخدام بنادق وذخيرة سرقتها من مركز للشرطة وسجن ومدرعة للشرطة. وأضاف باديلا "تمكنوا من اغتنام مدرعة للشرطة. وفي داخلها هناك كميات من الطلقات" مضيفا أن الذخيرة من بين العتاد المسروق الذي يستخدمه المتمردون لمقاومة القوات التي يدفع بها الجيش إلى المنطقة. وقال باديلا إن المتمردين، الذين أخرجوا رفاقهم المحبوسين من السجن لينضموا إليهم في المعركة، لجأوا لأسلوب حرب المدن نظرا لتوفر الأسلحة في المدينة ووفرة المواد الغذائية التي يمكنهم الحصول عليها من المنازل والمتاجر. وأضاف "بالطبع لقد خططوا للأمر".
ويؤكد الجيش منذ البداية أنه يسيطر على الوضع، لكن بطء جهود استعادة ماراوي أثارت تساؤلات بشأن استراتيجيته المتبعة في القتال. وتشعر الحكومة الفلبينية بالقلق حيال قوة ماوتي خصوصا أن تقارير الاستخبارات تشير إلى أن الحركة تحالفت مع جماعات متشددة أخرى وجندت مقاتلين أجانب. وأعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي الأحكام العرفية على جزيرة مينداناو حيث تقع مدينة ماراوي في خطوة لسحق ما وصفه بأنه غزو لتنظيم داعش. بحسب رويترز.
ويعتقد الجيش أن ماوتي وشركاءها نفذوا عملية السيطرة على ماراوي لمحاولة الفوز بدعم التنظيم واعتبارهم ذراعها في جنوب شرق آسيا. وأسفرت الأحداث الأخيرة عن مقتل 89 متشددا و21 من قوات الأمن و19 مدنيا في إشارة، وفق ما يقول الخبراء الأمنيون، إلى أن المتشددين باتوا الآن أكثر تنظيما وتمويلا. وقال باديلا إن الجيش يحث من خلال قناة اتصال خلفية من تبقى من المقاتلين على الاستسلام.
داعش في مانيلا
الى جانب ذلك شهد فندق وكازينو في مانيلا إطلاق نار على ما أعلن مشغله، سرعان ما تبناه تنظيم داعش المتشدد. وشوهد اناس يجرون خارجين من منتجع "ريزورتس وورلد مانيلا" في حين قالت الشركة المشغلة للمنتجع على حسابها في موقع تويتر ان المجمع "مطوق حاليا بعد معلومات عن اطلاق نيران من قبل رجال مجهولين". وأضافت ان "الشرطة تتعاون بشكل وثيق مع الشرطة الوطنية الفيليبينية لضمان سلامة جميع الضيوف والموظفين".
وأعلن تنظيم داعش تنفيذ عناصره الهجوم، بحسب مركز "سايت" الاميركي المتخصص بمتابعة المواقع الجهادية على الانترنت. ولم تصل معلومات بعد عن سقوط قتلى أو جرحى. واكدت الشرطة وجود معلومات عن اطلاق نار في المنتجع المقابل لإحدى محطات المسافرين الرئيسية في مطار الفيليبين الدولي. ولم ترد معلومات فورا عن سقوط قتلى وجرحى. وفرض الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي الاحكام العرفية الفائت منطقة مينداناو الجنوبية للقضاء على ما اعتبره تهديدا متناميا لانتشار تنظيم الدولة الاسلامية فيها. بحسب فرانس برس.
واتى قراره بعد هجوم مسلحين على مدينة مراوي على بعد 800 كلم جنوبي مانيلا. وما زالت قوى الامن تواجه المسلحين في مراوي، واسفرت المعارك عن مقتل 171 شخصا على الاقل. واكد دوتيرتي انه قد يضطر الى فرض الاحكام العرفية في سائر انحاء البلاد في حال اتساع التهديد الجهادي.
وقاتل عشرات من الجهاديين الأجانب إلى جانب المتعاطفين مع تنظيم داعش ضد قوات الأمن في جنوب الفلبين خلال الأيام الماضية فيما يدل على أن المنطقة المضطربة تتحول بسرعة إلى مركز آسيوي للتنظيم المتشدد. وقال مصدر من المخابرات الفلبينية إن نحو 40 مقاتلا جاءوا في الفترة الأخيرة من الخارج وبعضهم جاء من دول في الشرق الأوسط كانوا ضمن ما بين 400 و500 مقاتل اجتاحوا مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو.
وأضاف المصدر أن من بينهم إندونيسيين وماليزيين وباكستانيا واحد على الأقل وسعوديا وشيشانيا ويمنيا وهنديا ومغربيا وشخصا واحدا يحمل جواز سفر تركيا. وقال روحان جوناراتنا الخبير الأمني بكلية اس. راجاراتنا للدراسات الدولية في سنغافورة "تنظيم داعش يتقلص في العراق وسوريا ويتناثر في مناطق من آسيا والشرق الأوسط". وأضاف "من المناطق التي يتوسع فيها جنوب آسيا والفلبين هي مركز الاستقطاب."
وأعلن تنظيم داعش والجماعات المرتبطة به مسؤوليته عن عدة هجمات في مختلف أرجاء جنوب شرق آسيا في العامين الماضيين لكن المعركة في مدينة ماراوي كانت أول مواجهة طويلة مع قوات الأمن. وفي العام الماضي أصدر متشددون من جنوب شرق آسيا يقاتلون في سوريا تسجيلا مصورا يحثون فيه مواطنيهم على الانضمام لإخوانهم في جنوب الفلبين أو شن هجمات في الداخل بدلا من محاولة السفر إلى سوريا.
وقدم سيدني جونز الخبير في شؤون الإرهاب المقيم في جاكرتا بعض الرسائل الحديثة المتبادلة في غرفة دردشة على تطبيق تليجرام للتراسل الذي يستخدمه أنصار داعش. وفي إحدى هذه الرسائل كتب أحد المستخدمين يقول إنه في قلب مدينة ماراوي حيث يمكنه رؤية أفراد الجيش "يركضون مثل الخنازير" و"دماؤهم القذرة تختلط بجثث القتلى من زملائهم". وطلب من آخرين في المجموعة نقل هذه المعلومات لوكالة أنباء أعماق الناطقة بلسان الدولة الإسلامية. ورد مستخدم آخر قائلا "الهجرة إلى الفلبين. الباب مفتوح".