مستنقع المخدرات والخمر يغرق العالم بالإدمان والموت
شبكة النبأ
2024-07-01 06:13
أظهر تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن هناك نحو 300 مليون شخص يتعاطون المخدرات على مستوى العالم، وأن هناك زيادة في حجم الاتجار.
وأصدر المكتب تقرير المخدرات العالمي تزامنا مع اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها الذي يصادف 26 حزيران/يونيو ويهدف إلى زيادة العمل من أجل تحقيق عالم خالٍ من المخدرات.
وتعترف حملة اليوم الدولي للمخدرات لهذا العام بأن السياسات الفعالة للمخدرات يجب أن تكون مبنية على العلم والبحث والاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتعاطف والفهم العميق للآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية لتعاطي المخدرات.
وقالت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي إن توفير العلاج والدعم القائم على الأدلة لجميع المتضررين من تعاطي المخدرات أمر ضروري، "مع استهداف سوق المخدرات غير المشروعة والاستثمار بشكل أكبر في الوقاية".
وأظهر تقرير المخدرات العالمي لعام 2024 أن عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات غير المشروعة ارتفع إلى 292 مليونا في عام 2022، أي بزيادة قدرها 20 في المائة على مدار عشر سنوات.
وأوضح أن أغلب المتعاطين في جميع أنحاء العالم يستهلكون القنب (228 مليون شخص)، بينما يستهلك 60 مليون شخص في جميع أنحاء العالم المواد الأفيونية، ويتعاطى 30 مليون شخص الأمفيتامينات، و23 مليونا الكوكايين، و20 مليونا يتعاطون الإكستاسي.
ونبه كذلك إلى أن هناك زيادة في الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة في أعقاب ظهور مادة النيتازينات - وهي مجموعة من المواد الأفيونية الاصطناعية التي قد تكون أكثر خطورة من الفنتانيل - في العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع.
ضرر لا يوصف
وقال تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إن المتاجرين في منطقة المثلث الذهبي، وهي منطقة في جنوب شرق آسيا، وجدوا طرقا لدمج أنفسهم في أسواق غير قانونية أخرى، مثل الاتجار بالحياة البرية والاحتيال المالي واستخراج الموارد غير القانوني.
وأضاف أن المجتمعات النازحة والفقيرة والمهاجرة تتحمل وطأة هذا النشاط الإجرامي، وفي بعض الأحيان تُجبر على الانخراط في زراعة الأفيون أو استخراج الموارد غير القانوني من أجل بقائها، وقد يؤدي هذا إلى تحول المدنيين إلى متعاطين للمخدرات أو الوقوع في الديون تحت رحمة جماعات الجريمة.
وأشار التقرير إلى أن الجرائم غير القانونية تساهم في تدهور البيئة من خلال إزالة الغابات وإلقاء النفايات السامة والتلوث الكيميائي.
وقالت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة "إن إنتاج المخدرات والاتجار بها واستخدامها يستمر في مفاقمة عدم الاستقرار وعدم المساواة، في حين يتسبب في ضرر لا يوصف لصحة الناس وسلامتهم ورفاهتهم".
وكشف التقرير عن أن إنتاج الكوكايين بلغ في عام 2022 أعلى مستوى قياسي له حيث تم إنتاج 2757 طنا، بزيادة 20 في المائة عن عام 2021.
وكان ارتفاع العرض والطلب على المنتج مصحوبا بارتفاع في العنف في الدول الواقعة على طول سلسلة التوريد، وخاصة في الإكوادور ودول الكاريبي، كما كان هناك ارتفاع حاد في المشاكل الصحية داخل بعض بلدان المقصد في أوروبا الغربية والوسطى، بحسب ما ورد في التقرير.
وقال المكتب في تقريره إن الاستخدام الضار للقنب ارتفع مع تقنين المنتج في جميع أنحاء كندا وأوروغواي و27 ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الكثير منه مخلوطا بنسبة عالية من رباعي هيدروكانابينول (دلتا 9-تتراهيدروكانابينول)، والذي يُعتقد أنه المكون الرئيسي وراء التأثير النفساني للمخدر.
وأدى هذا إلى زيادة معدل محاولات الانتحار بين متعاطي القنب العاديين في كندا والولايات المتحدة.
وشدد التقرير على أن الحق في الصحة هو حق إنساني معترف به دوليا ينتمي إلى جميع البشر، بغض النظر عن حالة تعاطي الشخص للمخدرات أو ما إذا كان الشخص مسجونا أو محتجزا أو مسجونا.
ودعا مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الحكومات والمنظمات والمجتمعات المحلية إلى التعاون في وضع خطط قائمة على الأدلة لمكافحة الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.
وأعرب عن أمله في أن تساعد المجتمعات المحلية في تعزيز القدرة على الصمود ضد تعاطي المخدرات وتعزيز الحلول التي تقودها المجتمعات المحلية.
موت مليوني بالكحول والمخدرات
وفي هذا السياق أظهر تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية أن 2.6 مليون حالة وفاة سنويا تقع لأسباب تتعلق باستهلاك الكحول، وأن نحو 600,000 وفاة أخرى تحدث بسبب تعاطي المخدرات.
التقرير الذي حمل عنوان "تقرير الحالة العالمي لمنظمة الصحة العالمية بشأن الكحول والصحة وعلاج اضطرابات تعاطي المخدرات"، أوضح أن مليوني حالة وفاة بسبب الكحول و400,000 وفاة بسبب المخدرات كانت بين الرجال، وأن الوفيات المتعلقة باستهلاك الكحول تمثل 4.7 في المائة من جميع الوفيات في العالم.
ويقدم التقرير تحديثا شاملا استنادا إلى بيانات عام 2019 حول التأثير الصحي العام لتعاطي الكحول والمخدرات والوضع المتعلق باستهلاك الكحول وعلاج اضطرابات تعاطي المخدرات في جميع أنحاء العالم.
وأظهر التقرير أن ما يقدر بنحو 400 مليون شخص يعيشون مع اضطرابات تعاطي الكحول والمخدرات على مستوى العالم، ومن بين هؤلاء، عاش 209 مليون شخص اعتمادا على الكحول.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس غيبريسوس قال "إن تعاطي المخدرات يلحق ضررا بالغا بصحة الفرد، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وحالات الصحة العقلية، ويؤدي بشكل مأساوي إلى ملايين الوفيات التي يمكن الوقاية منها كل عام. كما يفرض عبئا ثقيلا على الأسر والمجتمعات، ويزيد من التعرض للحوادث والإصابات والعنف".
وشدد على أنه من أجل بناء مجتمع أكثر صحة وإنصافا، يجب الالتزام بشكل عاجل بإجراءات جريئة تقلل من العواقب الصحية والاجتماعية السلبية لاستهلاك الكحول وجعل علاج اضطرابات تعاطي المخدرات متاحا وبأسعار معقولة.
وأوضح التقرير أن الرقم الأعلى بين الوفيات كان في المنطقتين الأوروبية والأفريقية، مضيفا أن معدلات الوفيات الناجمة عن استهلاك الكحول لكل لتر من الكحول المستهلك هي الأعلى في البلدان منخفضة الدخل والأدنى في البلدان مرتفعة الدخل.
ووفقا للتقرير، نتج ما يقدر بنحو 1.6 مليون حالة وفاة المرتبطة باستهلاك الكحول عن أمراض غير معدية، بما في ذلك 474,000 حالة وفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية و401,000 وفاة بسبب السرطان. ونتجت حوالي 724,000 حالة وفاة عن إصابات، مثل تلك الناجمة عن حوادث المرور وإيذاء النفس والعنف بين الأشخاص، فيما ارتبطت 284,000 حالة وفاة أخرى بأمراض معدية.
وأفاد التقرير بأن أعلى نسبة (13 في المائة) من الوفيات المتصلة باستهلاك الكحول في عام 2019 كانت بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاما.
وأظهر التقرير أنه على مستوى العالم، كان 23.5 في المائة من جميع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما يشربون الكحول، وأن معدلات الشرب الحالية أعلى بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما في المنطقة الأوروبية بنسبة 45.9 في المائة تليها الأمريكتان بنسبة 43.9 في المائة.
وكشف التقرير كذلك عن أنه لم يكن لدى معظم البلدان الـ 145 التي أبلغت عن بيانات في هذا الصدد، خط ميزانية محدد أو بيانات عن النفقات الحكومية لعلاج اضطرابات تعاطي المخدرات.
وأضاف أنه على الرغم من أن المساعدة المتبادلة ومجموعات دعم الأقران تعد موارد مفيدة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات، إلا أن ما يقرب من نصف البلدان المستجيبة ذكرت أنها لا تقدم مثل هذه المجموعات الداعمة لاضطرابات تعاطي المخدرات.
وحدد التقرير ثمانية مجالات استراتيجية تحتاج الحكومات والشركاء إلى تكثيف العمل فيها من أجل تسريع التقدم نحو تحقيق الغاية الخامسة من الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة، والتي تدعو إلى تعزيز الوقاية من إساءة استعمال المواد المخدرة، بما في ذلك تعاطي المخدرات وتناول الكحول على نحو يضر بالصحة، وعلاج ذلك.
ومن بين تلك المجالات التي حددها التقرير زيادة الوعي من خلال حملة منسقة عالمية للمناصرة، وتعزيز قدرة أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية على الوقاية والعلاج، وتوسيع نطاق تدريب المهنيين الصحيين.
وحض التقرير كذلك على إعادة الالتزام بتنفيذ خطة العمل العالمية للكحول 2022-2030، وتسريع الجهود الدولية لبناء القدرات ونقل المعرفة، وإشراك منظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية والأشخاص الذين عاشوا تلك التجربة، وتحسين أنظمة الرصد متعددة المستويات وقدرة البحث.
ودعا أيضا إلى توسيع نطاق تعبئة الموارد وتخصيصها وآليات التمويل المبتكرة لتعزيز قدرة الأنظمة الصحية والاجتماعية.
الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت
بدورها قالت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في تقريرها السنوي، إن تصاعد الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت يخلق تحديات جديدة. وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قال رئيس الهيئة الدكتور جلال توفيق إن شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت "مصدر قلق لأنها تستعمل للترويج للمخدرات".
وأضاف الدكتور جلال توفيق أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل صارت الإنترنت كذلك أداة لترويج الأفكار والمعلومات الزائفة بالنسبة للمخدرات، دون اعتبار "للمضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تمثلها هذه المخدرات على الإنسان".
لكنه أوضح أيضا أن التقرير السنوي للهيئة لعام 2023، يظهر كذلك أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تشكل "فرصة كبيرة جدا"، للوصول إلى الناس ونشر المعلومات الصحيحة حول المخدرات، وخصوصا للشباب.
وتحدث الدكتور توفيق كذلك عن تداعيات الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المتعلقة بتغير المناخ والنزاعات التي أدت إلى زيادة حادة في الاحتياجات الإنسانية للأدوية التي تحتوي على مواد خاضعة للرقابة دوليا. وشدد على أنه من حق أي شخص على وجه الأرض أن يتمكن من الوصول لأي دواء يحتاج إليه، لاسيما الأشخاص الموجودين في مناطق الحروب والنزاعات.
من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة، إلى "وضع الناس أولا" من خلال إنهاء الوصمة والتمييز ضد متعاطي المخدرات وتوسيع برامج الوقاية والعلاج.
وشدد الأمين العام في رسالة مصورة بمناسبة افتتاح الدورة السابعة والستين للجنة المخدرات على ضرورة معالجة انتشار المخدرات القوية في الشوارع وإساءة استخدام المستحضرات الصيدلانية من خلال استجابات متوازنة وعمل جماعي.
ودعا إلى مكافحة تهريب المخدرات، والاستثمار في الوقاية من تعاطي المخدرات، وضمان المساواة في الحصول على الرعاية الصحية والعلاج، مع حماية حقوق الجميع وكرامتهم. وأضاف: "يجب علينا أن نسعى دائما إلى وضع الناس في المقام الأول من خلال إنهاء الوصمة والتمييز وتعزيز الوقاية؛ التأكيد على إعادة التأهيل؛ دعم حقوق الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات؛ وتوسيع برامج الوقاية والعلاج والخدمات الصحية".
وتابع قائلا: "لنتحد من أجل تعزيز صحة ورفاهية جميع الناس، والنهوض بأهـداف التنمية المستدامة، وعدم ترك أحد يتخلف عن الركب".
وتأسست لجنة المخدرات في عام 1946، وهي الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة المعنية بصنع السياسات المتعلقة بمكافحة المخدرات وسياسات المخدرات. وهي مسؤولة عن مراقبة وضع المخدرات العالمي، والإشراف على تنفيذ المعاهدات الدولية المعنية بمكافحة المخدرات، وتقديم توصيات بشأن المسائل المتعلقة بالمخدرات. وهي تتألف من 53 دولة عضو ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة ثلاث سنوات.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن الدورة السابعة والستين لجنة المخدرات تنعقد على خلفية مشهد متزايد التعقيد- بما في ذلك شبكات الاتجار بالمخدرات، وإمدادات قياسية من بعض المخدرات غير المشروعة، وخيارات محدودة لعلاج متعاطي المخدرات.
وقالت غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة "إن تحديات المخدرات تتطور بسرعة، حيث تغير المواد الاصطناعية السوق، وتطور شبكات الاتجار بالمخدرات نموذج أعمالها، وتتداخل الأسواق غير المشروعة مع الصراع وعدم الاستقرار". ودعت لجنة المخدرات إلى استغلال هذه الدورة التاريخية لتوحيد الجهود حول استجابات متوازنة تحمي مجتمعاتنا، وتعزز الصحة العامة، وتدعم حقوق الإنسان.
وشددت السيدة والي أيضا على الحاجة الملحة إلى العمل الجماعي في مكافحة المخدرات غير المشروعة، داعية إلى الوحدة بين الدول بهدف الاستفادة من المعاهدات والأطر الدولية بالإضافة إلى زيادة الإرادة السياسية والموارد المالية لمواجهة مشكلة المخدرات.
ومن المتوقع أيضا أن تعتمد الدول المشاركة قرارات رئيسية بشأن الموضوعات المتعلقة ببرامج إدارة إعادة التأهيل والتعافي، وتحسين الوصول إلى المواد الخاضعة للرقابة وتوافرها للأغراض الطبية والعلمية، ومنع الجرعات الزائدة من المخدرات والتصدي لها.
مكافحة تعاطي المخدرات بالعلاج بدلا من العقاب
يتم التعامل مع الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات في الفلبين باعتبارهم مرضى يحتاجون إلى مساعدة طبية وتدخلات أخرى، أكثر من معاملتهم كمجرمين. وتعمل السلطات هناك إلى تغيير وتحديث السياسات السابقة المثيرة للجدل بعد أن قُتل الآلاف- وفق التقارير- في سياق ما أطلق عليه "الحرب على المخدرات".
الإدراة السابقة في الفلبين، الواقعة جنوب شرق آسيا، كانت تُروج "للحرب على المخدرات"، لكن الآن يتم اتباع نهج أكثر تعاطفا على المستوى المحلي صعودا إلى المستويات الأعلى.
الزميل دانيال ديكنسون من أخبار الأمم المتحدة سافر إلى مدينة أنتيبولو - بالقرب من العاصمة مانيلا - للقاء مايكل جون مايسترو، وهو ممرض مسجل يعمل في مجال الوقاية من تعاطي المخدرات وعلاجه في مكتب مكافحة تعاطي المخدرات في المدينة والمدعوم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
في هذه القصة يتحدث مايسترو عن عمله ويحكي تجربته أحد الأشخاص الذي تعامل معهم:
" تمت إحالة شاب سأطلق عليه اسم كارلو- حفاظا على خصوصيته، كان يتعاطى الميثامفيتامين- إلى مكتبنا. كان يعاني من نوبات نفسية وكان يهدد والدته، كما حاول خنق طفل. أرادت عائلته حمايته وحماية الأشخاص الآخرين في المجتمع، لذلك أبقوه محبوسا في غرفته. لم يكن معه سوى كلبه بوتشوكوي.
تم وصف أدوية مضادة لتلك الحالة له منذ ستة أسابيع، والتغيير الذي حدث منذ آخر مرة رأيته فيها لا يصدق. ولم يعد يعاني من أي نوبات نفسية، وأصبح مزاجه أكثر إيجابية ويستطيع التحرك في الحي الذي يقيم فيه، بل وحتى لعب كرة السلة مع الشباب الآخرين.
خلال الحرب على المخدرات ربما كان سيتم استهداف كارلو وإيداعه في السجن وربما حتى قتله. لقد اتسمت تلك الفترة بالخوف والعقاب، واعتبر الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات أشرارا وخطرا على المجتمع.
كان من الواضح بالنسبة لي أن كارلو يحتاج إلى التعاطف والتفهم وليس العقاب. إنه شخص عادي، لديه احتياجات طبية مختلفة. إدمان المخدرات هو اضطراب مزمن. إنها حالة صحية طبية وعقلية تتطلب العلاج، وهذا هو النهج الجديد المتبع هنا في أنتيبولو ومن قبل السلطات الصحية في جميع أنحاء البلاد.
أدى هذا التغيير في السياسة وتعاطفنا تجاه الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يبحثون عن العلاج لحالتهم في مكتب مكافحة تعاطي المخدرات بمدينة أنتيبولو. في العام الماضي، سعى 30 شخصا طوعا للعلاج في مكتبنا، ولكن خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024 استقبلنا 36 مريضا.
من خلال إظهار الاحترام والتعاطف، يمكننا الاستمرار في المساعدة في تقليل الوصمة تجاه الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات. سيستغرق هذا التغيير بعض الوقت، لكنني أعتقد من خلال تجربتي في الحديث عن المخدرات في المدارس والمراكز المجتمعية أن الناس مستعدون للاستماع.
وبمساعدة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، استخدم مجموعة أدوات من الاستبيانات التي تحدد احتياجات المرضى وتوجه خطط العلاج. تتتبع هذه الأدوات جميع أنواع البيانات الاقتصادية والصحية والاجتماعية. ومن المعلومات التي نجمعها، يمكننا إحالة المريض إلى الوكالة المناسبة لعلاجه ودعمه.
هذا النهج فريد من نوعه، ونقوم الآن بدراسة أثره، على أمل توسيعه ليشمل بلديات أخرى في الفلبين إذا ثبت أن النتائج إيجابية.
أنا متحمس جدا لعملي. أنظر إلى الناس وأرى أنهم بحاجة إلى المساعدة، ودوري هو الاهتمام. إن الحب والعاطفة التي أشعر بها تجاه الأشخاص الذين يأتون إلى مكتبي والتغيير الإيجابي في حياتهم الذي يمكنني المساهمة فيه من خلال اتباع نهج رحيم يمنحني الدافع للقيام بهذه المهمة".