الأفغان ومواجهة مربع الجوع والاستبداد والترحيل القسري والكوارث الطبيعية

شبكة النبأ

2024-01-18 06:53

قدر برنامج الأغذية العالمي أن واحدا من كل ثلاثة أفغان لا يعرف من أين ستأتي وجبته التالية، وسط نقص مزمن في التمويل الإنساني فيما تستعد المجتمعات المحلية لمواجهة فصل الشتاء القارس.

هذا ما جاء على لسان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الذي نقل إلى الصحفيين في نيويورك اليوم الأربعاء تحذير البرنامج بأن جميع المقاطعات في أفغانستان تواجه حاليا أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي.

وقال السيد دوجاريك إن مساهمات المانحين واسعة النطاق والمستدامة ساعدت ملايين الأفغان على اجتياز فصلي الشتاء الماضيين القاسيين، وانتشلت أكثر من خمسة ملايين شخص من حافة المجاعة. إلا أنه وبعد عام من النقص الهائل في التمويل، لم يعد باستطاعة البرنامج الآن سوى مساعدة الأسر الأكثر يأسا على البقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء، وذلك بحصص غذائية عند أدنى مستوياتها المطلقة.

وأشار المتحدث إلى أن برنامج الأغذية العالمي يحتاج بشكل عاجل إلى 670 مليون دولار أمريكي للوصول إلى 15.2 مليون رجل وامرأة وطفل بالمساعدات الغذائية والتغذوية المنقذة للحياة ودعم سبل العيش.

مواجهة قساوة الشتاء بأمعاء خاوية

تقول المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كارولين غلوك إنه و"مع اقتراب فصل الشتاء، أصبح الوضع كارثياً بالفعل" في أفغانستان، "لدينا هنا حالتا طوارئ هائلتان".

ينام في هذا البلد عشرات الآلاف من الأشخاص داخل خيام منذ وقوع ثلاثة زلازل متعاقبة دمرت في تشرين الأول/أكتوبر 31 ألف منزل في منطقة حيرات في غربي البلاد.

وتضيف المتحدثة أنه يُضاف إلى ذلك النصف مليون أفغاني الذين طردوا من باكستان وعادوا إلى بلدهم الذي يعاني اقتصاده من وضع متأزم ويخضع لعقوبات دولية "خلال أسوأ فترات العام".

وقد اضطرت كورما إلى استعارة حذاء من جارتها للقدوم إلى بل علم والحصول على مساعدات متواضعة تمكنها والملايين من الأفغان الذين يعيشون وضعا مترديا من مواجهة شتاء قاس.

تنتظر هذه الأرملة البالغة من العمر 45 عاماً والتي ترتدي برقعاً أزرق رثًا، وهي أمّ لستة أطفال، الحصول على ما قيمته 3200 أفغاني (حوالي 42 يورو) كمساعدة مالية من برنامج الأغذية العالمي في عاصمة إقليم لوغار الشرقي حيث تنخفض دراجة الحرارة هذا الشتاء إلى 18 درجة تحت الصفر.

تفصح لفرانس برس "نحن بحاجة ماسة...عندما لا نجد الخبز ننام بأمعاء خاوية".

رباني البالغ من العمر 32 عاما واحد من بين هؤلاء. وبصفته لاجئا يحق له الاستفادة من مساعدة من البرنامج الأممي، تتمثل في 50 كيلوغراما من الطحين وستة كيلوغرام من الفاصوليا الحمراء وخمسة ليترات من الزيت ورطلا من الملح لاطعام كافة أفراد عائلته المتكونة من سبعة أشخاص.

ولكن "لا يوجد عمل هنا" بحسب رباني.

حصلت شاكار غول التي ترتدي حجابا أبيض اللون وتبلغ من العمر 67 عاماً، للتو على 3200 أفغاني، وهي الدفعة الأولى من ست دفعات شهرية يتم توزيعها في شكل مساعدات.

وتؤكد "نحن الكبار، إذا لم يكن لدينا ما يكفي من الطعام لعدة أيّام، فلا بأس، لكننا لا نستطيع ترك أطفالنا يموتون من الجوع".

سيمكنها هذا المبلغ الآن من شراء "كيس من الطحين وخمسة لترات من الزيت وبعض من الشاي والسكر" ما يكفيها للاستهلاك خلال الـ15 يوما القادمة فقط.

يفيد مسؤول مركز توزيع الاعانات باريالي حكيمي أن "الذين لا يحق لهم الحصول على المساعدات وخصوصا من النساء، يأتون إلينا غاضبين ولكن نفسر لهم بأن هناك من يستحقها أكثر منهم".

وزع حكيمي الأموال على 600 أسرة في ذلك اليوم. لكن "التبرعات شحيحة" بشكل كبير هذا الشتاء، بسبب كثرة الأزمات في العالم.

وعلى الرغم من حجم الاحتياجات الإنسانية في أفغانستان، فإن النداء الذي وجهته منظمة الأمم المتحدة لجمع 3,2 مليار دولار لم يتم تمويله إلا بنسبة 40% حتى كانون الأول/ديسمبر الفائت.

ويعتبر المسؤول أن ذلك "مروع، هناك أشخاص ليس لديهم أي شيء".

بيبي ريحانة (40 عاماً) أم لثمانية أطفال، وزوجها يقبع في السجن. أما هي فتعاني من مشاكل صحيّة، وتنتعل صندلًا بلاستيكيا،. وتقول "لا يوجد أفغاني واحد في جيبي ... لم يكن اسمي مدرجا في القوائم. ولم يعطوني أي شيء"، بينما تظهر الدموع من خلال ثقوب البرقع الذي تضعه على وجهها.

يؤكد المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي فيليب كروبف "يحتاج 15,8 مليون أفغاني هذا الشتاء إلى المساعدة ومن بينهم 2,8 مليون في حالة طوارئ غذائية".

ويوضح أنه بسبب شح التبرعات "سنقدم مساعدات طارئة لستة ملايين شخص فقط".

وفي المقابل "سيتعين على عشرة ملايين شخص العيش من دون مساعدة"، في هذا البلد الذي عانى طيلة أربعة عقود من النزاعات وتأثر بشدة بتغير المناخ وحيث يعيش 85% من السكان على أقل من دولار واحد في اليوم.

ينتشر الفقر في كل مكان في البلاد في الأرياف كما في المدن.

"باع حفيدته"

يضطر البعض من الأكثر بؤسا إلى ترك حصتهم من الغذاء للأطفال، وتستدين بعض العائلات من الجيران ويترك الأطفال المدرسة للعمل في الشوارع لتحصيل المال.

وفي الحالات القصوى يصل الأمر إلى بيع طفل، على غرار علاء الدين، المزارع من ولاية بادغيس (غرب)، الذي أبلغ برنامج الأغذية العالمي أنه باع حفيدته لشراء 60 كيلوغراماً من القمح. لكن الجفاف أتلف المحصول.

على بعد نحو ساعة بالسيارة من بل علم، في وسط الصحراء، يقوم برنامج الأغذية العالمي - الذي يوفر 90% من المساعدات الغذائية لأفغانستان - بتوزيع الطحين والزيت والعدس في منطقة باراكي باراك.

ينتظر لمبات حصته من الطعام الذي ستجلبه لمنزله عربة ذات ثلاث عجلات.

يقول الأفغاني البالغ من العمر أربعين عاما مشيرا إلى ثيابه الرثة "انظر إلى ثيابي نحن شديدو الفقر".

يقول ذو الفقار البالغ من العمر 77 عاماً وهو يجلس على العربة بين أكياس الطحين أن عائلته في بعض الأحيان لا تأكل أي شيء ليومين أو ثلاثة أيام. وأضاف الرجل الذي فقد أسنانه "عندما لا يتبقى لدينا شيء، نلف أنفسنا بالباتو (شال كبير) وننام".

لا تدفع حكومة طالبان مساعدات للفئات الأكثر حرمانا، بل تمنح مبلغا متواضعا من المال للأفغان العائدين إلى البلاد.

"البقاء على قيد الحياة"

يأتي الآلاف من العائدين من باكستان إلى ضواحي كابول الفقيرة لطلب المساعدة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

يحصل كل فرد في أحسن الأحوال على 375 دولارًا (340 يورو)، وأحيانًا أقل بكثير لأنه يتحتم عليهم تقديم أوراق رسمية.

التقت فرانس برس بنجيبة هناك، وأطلعت الوكالة على الكوخ الذي تقيم فيه مع زوجها وأطفالهما الثلاثة. يعيشون كلهم في غرفة واحدة ويضطرون للنوم على الأرض.

وتقول وهي تهدهد طفلها الأصغر أمام طفليها الآخرين حافيي القدمين رغم البرد، "نحن نحاول البقاء على قيد الحياة".

وتكافح بنزيرة (34 عامًا) هي الأخرى وهي أمّ لثماني بنات وابن وزوجها مريض. وتقول "لا أستطيع أن أتخيل كيف سنقضي هذا الشتاء".

96 ألف طفل تضرروا من الزلازل

بدورها دعت منظمة اليونيسف إلى زيادة الدعم لأكثر من 96 ألف طفل تضرروا من الزلازل في أفغانستان، وأعربت عن قلقها إزاء أوضاعهم خاصة في ظل برودة الطقس. وحذرت اليونيسف من أن الأطفال والأسر ممن ليس لديهم منازل يعيشون في ظروف تهدد حياتهم، مع عدم توفر وسيلة لتدفئة ملاجئهم المؤقتة.

جاء ذلك في بيان صحفي أصدرته المنظمة، بالتزامن مع مرور 100 يوم على الزلازل التي وقعت في غرب أفغانستان، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص- معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن تدمير 31 ألف منزل أو تضررها بشدة.

كما تسببت الزلازل في فقدان أعداد كبيرة من الأسر سبل عيشها ومواشيها ومحاصيلها. وأوضحت اليونيسف أن آثار الزلازل التي ضربت مقاطعة هرات لا تزال تلقي بظلالها بعد مرور ثلاثة أشهر على وقوعها، حيث لا تزال العديد من الأسر تعيش في الخيام أو تنام في العراء على الرغم من البرد القارس. ومما زاد الأمر سوءا أن مقاطعة هيرات تعاني الآن من شتاء قارس، مما يهدد الأرواح ويبطئ جهود إعادة البناء.

ويقول فران إكويزا، ممثل اليونيسف في أفغانستان: "تخيم المعاناة على الأجواء في هذه القرى حتى بعد مرور 100 يوم على الزلازل التي ضربت غرب أفغانستان. ولا يزال الأطفال يحاولون التغلب على الفقدان والصدمة. تعرضت المدارس والمراكز الصحية- التي يعتمد عليها الأطفال- لأضرار لا يمكن إصلاحها أو دمرت بالكامل. وكأن هذا لم يكن كافيا، فقد حل الشتاء وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون التجمد".

وأشارت اليونيسف إلى أنها استجابت للزلازل في غضون أيام من وقوعه عن طريق نقل المياه النظيفة والآمنة بالشاحنات إلى المجتمعات المتضررة، وإنشاء مرافق صحية مؤقتة ونشر العاملين الصحيين، وتوزيع البطانيات، ومستلزمات الأسرة مع معدات الطبخ، والملابس الشتوية. وبعد مرور 100 يوم منذ الاستجابة الأولية، قامت اليونيسف بتحويل المرافق الصحية في الخيام إلى مرافق أكثر استدامة في حاويات الشحن. وعالجت فرق الصحة والتغذية ما يقرب من 90 ألف حالة طبية- غالبيتهم من النساء والأطفال.

كما أنشأت اليونيسف 61 مكانا مؤقتا للتعلم و61 مكانا صديقا للأطفال، حيث تمكن ما يقرب من 3,400 طفل- أكثر من نصفهم من الفتيات- من مواصلة التعليم الأساسي. وستبدأ قريبا أعمال إعادة تأهيل الفصول الدراسية المدمرة. وقالت اليونيسف إنها تواصل نقل المياه النظيفة بالشاحنات إلى ما يقرب من 19,000 شخص. وسيحصل 5,400 شخص على مساعدات نقدية للمساعدة في تغطية احتياجاتهم الأساسية خلال فصل الشتاء.

ولكن اليونيسف أكدت الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لأن درجات الحرارة المتجمدة في فصل الشتاء تؤدي إلى تفاقم الصعوبات. ولم تتمكن العديد من العائلات من إعادة بناء منازلها وهي بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي المناسب لمنع انتشار الأمراض ووقف المزيد من المعاناة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسر التي فقدت سبل عيشها ومحاصيلها معرضة لخطر الجوع وسوء التغذية.

وأعرب ممثل اليونيسف، فران إكويزا عن امتنانه للمانحين الذين حشدوا الموارد بسرعة، الأمر الذي مكن اليونيسف من الاستجابة خلال أيام للاحتياجات العاجلة للأطفال وأسرهم في هيرات. لكن الآلاف ما زالوا بحاجة إلى مساعدتنا". كما أبدى ممثل اليونيسف قلقا إزاء أوضاع 96 ألف طفل متضرر من الزلازل إذا لم نتمكن من توفير الخدمات التي يحتاجون إليها للتعافي. "نحن نعول على الدعم المستمر لضمان بقاء الأطفال على قيد الحياة في فصل الشتاء وأن يحظوا بفرصة النمو في الأشهر والسنوات القادمة".

الترحيل إلى جحيم طالبان

ويعج السهل الصحراوي القاحل بين الجبال الواقعة شرقي أفغانستان بنازحين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف، حيث يعيش بعضهم داخل خيام، بينما ينام آخرون في العراء بين أكوام من الممتلكات القليلة التي تمكنوا من اصطحابها عندما أجبروا على الفرار من دولة باكستان المجاورة.

ويعيش في المخيم المترامي العائدون إلى أفغانستان الذين قدموا من معبر "تورخام" الحدودي، مما يعد أحدث علامة على بحث الأفغان الطويل والمؤلم عن مكان مستقر يعيشون فيه.

وأدت أكثر من 40 عاما من الحرب والعنف والفقر في أفغانستان، إلى واحدة من أكثر التجمعات السكانية نزوحاً في العالم، حيث يوجد حوالي 6 ملايين أفغاني لاجئين خارج البلاد، وفق وكالة أسوشيتد برس.

وهناك 3.5 مليون آخرين نزحوا داخل الدولة - التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة - بسبب الحرب أو الزلازل أو الجفاف أو الموارد المستنفدة.

وأصبحت أفغانستان دولة فقيرة، خاصة بعد الانهيار الاقتصادي الذي أعقب استيلاء حركة طالبان على السلطة قبل عامين، إذ يعتمد أكثر من 28 مليون أفغاني، أي ما يعادل ثلثي السكان، على المساعدات الدولية من أجل أساسيات الحياة.

ويعتبر النازحون شريحة من أفقر الفقراء، فمعظمهم يعيش داخل مخيمات بجميع أنحاء البلاد، وهم غير قادرين على توفير ما يكفي من الغذاء أو الحطب للتدفئة في فصل الشتاء.

هرع آلاف الأفغان غير المسجلين في قوائم اللاجئين في باكستان إلى الحدود، حيث يواجهون موعدًا نهائيًا يجبرهم إما على مغادرة البلاد أو ترحيلهم، وفقا لما ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية.

وتلجأ نساء وأطفال إلى التسول في كثير من الأحيان، بينما يزوج آخرون بناتهم الصغار لرجال من عائلات مستعدة لدفع المال لهن.

وفي أحد مخيمات النازحين داخليا خارج كابول، أقيم حفل زفاف الطفلة، شاميلا (15 عاما)، التي وقفت بفستانها الأحمر بين نساء العائلة الذين جئن لتهنئتها، بيد أن حالة الفتاة كانت مزرية.

وتقول شاميلا التي رفضت الإفصاح عن اسمها كاملا: "لا أملك خيارا، ستتأذى عائلتي إذا لم أوافق".

وكانت عائلة الزوج قد أعطت والد العروس الصغيرة أموالا لسداد ديونه التي تحملها لإعالة زوجته وأطفاله.

وحذرت الأمم المتحدة، من أن العديد من الأسر الأفغانية التي أُبعدت من باكستان لا مأوى لها وستواجه صعوبات في تأمين الغذاء خلال الشتاء.

وقالت شاميلا: "كنت أتمنى أن أدرس وأعمل.. كان ينبغي أن أذهب إلى المدرسة، والآن يجب أن أنسى كل أحلامي حتى أتمكن على الأقل من مساعدة والدي وعائلتي قليلا، وربما أتمكن من رفع العبء عن أكتافهم".

وشكّل القرار الذي اتخذته باكستان هذا العام، بترحيل الأفغان الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، بمثابة "ضربة قوية" لهم.

ويعيش عدد كبير من الأفغان في باكستان منذ عقود، مدفوعين بالحروب المتعاقبة في الداخل، بيد أنه عندما أعلنت إسلام آباد عن قرارها، خشي مئات الآلاف التعرض لخطر الاعتقال، وفروا عائدين إلى أفغانستان.

ويقول بعض العائدين، إن السلطات الباكستانية "كثيرا ما تمنعهم من أخذ أي شيء معهم قبل رحيلهم".

انتهاكات ضد المُرحلين

من جهته قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إنه يشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن الطرد التعسفي للمواطنين الأفغان من باكستان كان مصحوبا بانتهاكات، بما في ذلك سوء المعاملة، والاعتقال والاحتجاز التعسفيان، وتدمير الممتلكات والمتعلقات الشخصية، والابتزاز.

وأفاد بيان أصدره فولكر تورك بأن باكستان أمرت الأجانب الذين لا يحملون أوراقا قانونية، بمن فيهم الأفغان المقيمون في باكستان، بمغادرة البلاد بحلول الأول من تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام.

وأشار البيان إلى أنه في الفترة ما بين 15 أيلول/سبتمبر و11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وصل أكثر من 327 ألف شخص إلى أفغانستان قادما من باكستان، اضطر العديد منهم إلى المغادرة خشية الاعتقال.

وأضاف أنه على الرغم من إصدار السلطات الباكستانية تعميما على مستوى الحكومة ينص على أنه لا يمكن ترحيل الأفراد الذين يحملون بطاقات إثبات التسجيل وبطاقات الجنسية الأفغانية إلى وطنهم إلا على أساس طوعي في الوقت الحالي، فقد تلقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان شكاوى تفيد بأن هذا الأمر تم تجاهله على الأقل في بعض الحالات.

وكانت هذه البطاقات قد أُصدِرت من قِبل حكومة باكستان بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويعد حاملو بطاقات إثبات التسجيل لاجئين معترفا بهم من قِبل الحكومة.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إن تلك التطورات الجديدة "تتعارض مع تقليد باكستان المستمر منذ عقود في استضافة اللاجئين الأفغان بأعداد كبيرة بسخاء".

وأضاف تورك أن العديد من الأفغان يصلون بموارد مالية قليلة للغاية، بعد أن أُجبروا على ترك منازلهم ووظائفهم، بالإضافة إلى إجبارهم على دفع رشى أو مصادرة ممتلكاتهم، مشددا على أنه في السياق الحالي لأفغانستان، "يؤدي هذا إلى تفاقم الوضع الإنساني المحفوف بالمخاطر بالفعل".

وأفادت المفوضية بأنها تلقت روايات مباشرة من أفغان يعبرون الحدود قالوا إنهم تعرضوا لمعاملة تعسفية أو سوء معاملة على يد السلطات الباكستانية.

وقال أحد أولئك الأشخاص "قامت الشرطة المحلية بمداهمة ليلية لمنزلنا. صادروا الأموال النقدية والمجوهرات والماعز والأغنام وغيرها من الأشياء من منزلنا وأخذوها. أعطونا بضع ساعات فقط لجمع الأغراض المتبقية ومغادرة المنزل بحلول فجر ذلك اليوم. وبينما كنا نغادر، بدأت جرافة في تدمير منزلنا. شعرنا بعجز شديد وغادرنا القرية وأعيننا تفيض بالدموع".

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها تلقت تقارير في بعض الأحيان تفيد باعتقال واحتجاز أفغان بشكل تعسفي في باكستان، وبأن البعض تعرض لسوء المعاملة.

وشدد فولكر تورك على أن الاعتقالات والاحتجازات التعسفية تتعارض مع التزامات باكستان بموجب القانون الدولي، مضيفا أن الحق في الحرية الشخصية هو حق أساسي مكفول للجميع دون تمييز، بما في ذلك جميع المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم.

وأكد أن احتجاز المهاجرين يجب أن يكون الملاذ الأخير، وألا يستخدم لإجبارهم على العودة، ويجب تجنبه تماما في حالة الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى.

ذات صلة

أزمة البرود الجنسي: أسبابها وحلولهاالخطاب السياسي الإسلامي في العراق.. اضاءات في طريق التجديددفاع عن المثقفكيف أصبحت جامعة كولومبيا بؤرة للاحتجاجات في الجامعات العالمية؟الدولة من الريع الاستهلاكي الى الاستثمار الانتاجي