مفاتيح السعادة في القرآن: ولا تزر وازرة وزر أخرى
مروة خالد
2015-07-23 06:11
كانت هناك فتاة جميلة جدا، يتقدم الشباب لخطبتها دائما وهي تحكم عقلها في الاختيار، حتى جاء اليوم الذي تقدم لخطبتها شاب ترضاه كل فتاة تبحث عن الاخلاق والايمان في زوج المستقبل. وافقت الفتاة على هذا الشاب واتفقوا على يوم معين لعقد قرآنهما. وعندما جاء ذلك الصباح جاء معه ماغير مجرى ذلك الزواج بل وألغاه، والسبب هو اخ الفتاة الطائش، بعد نزاع بينه وبين وابن (الجيران) حيث أدى الى قتل ابن الجيران وتعطل العقد الى ما ﻻيعرف وبعد ان جلست القبيلتين ليتفقا؟
تقرر اما تسليم القاتل او دفع الدية. واخذ الاخت الوحيدة له زوجة لوالد المقتول الذي يبلغ من العمر 82 عام وهوما يسمى لديهم (بالفصلية). وبعد ضغط العائلة واجبارها على ان تنقذ اخيها من الموت ذهبت تلك الفتاة الجميلة المهذبة الى بيت المقتول كي ينعم القاتل بالحياة وتكون هي خادمة لهم، ولا يخفى على أحد كيف تكون معاملة مثل هكذا فتاة من قبل اهل المقتول. بذنب لم تقترفه حكموا ان عليها ان تعيش هذه الحياة، ولكن وبعد ايام قليلة قررت ان تنهي حياتها من ظلم الاهل والاخ واهل المقتول.
حذر القرآن الكريم مرارا من الظلم بشكل عام في آيات كثيرة، ولكن في هذه الآية ينهى عن نوع خاص من الظلم وهو ان لاتزر وازرة وزر اخرى.
وان للظلم صور كثيرة ومن هذا الظلم ما بينه الله في هذه الآية وهو ان يحاسب انسان او تحاسب نفس على ذنب لم تقترفه. لذلك جاءت هذه الآية الكريمة وتكررت خمس مرات في خمس سور فقد وردت هذه الآية في سورة الانعام والاسراء وفاطر والنجم والزمر.
هل قصر البيان فاحتاج الى التكرار، أم عجزت البلاغة عن ايجاد صيغة غير التكرار ان هذا محال فالقرآن معجزة في البلاغة والبيان وقد احكمت آياته وفصلت من لدن عليم خبير.
وتكررت هذه الآية للتأكيد، لتوجهنا نحو السعادة الحقيقية ولتكن حجة علينا، ولترسخ فينا مبدأ العدل والانصاف وعدم التعدي على حقوق الآخرين، لأن منهج الاسلام هو تطبيق العدل ومن ضمنه أن لا تؤخذ نفس بذنب اخرى.
هناك آيات كثيرة في القرآن تشير وبوضوح إن كل انسان مسؤول عن عمله وسوف يحاسب هو في الاخرة على عمله وعليه تبعات اعماله في الدنيا والاخرة، ومن هذه الآيات (كل نفس بما كسبت رهينة)، ولا تكسب كل نفس الا عليها وزر ما عملت وكل عمل من طاعة او معصية الا عليها عقاب معصيتها ولها ثواب طاعتها.
الله عز وجل يحاسب العباد على هذا الاساس من العدل.
وبالتأكيد هذ الاصرار والتكرار في الآية يريد منا ان نتعامل مع بعضنا على اساس هذه الآية، وان لانظلم بعضنا البعض، وان ﻻ نستهين بهذا النوع من الظلم.
حتى وان كان قليلا، بل حتى على مستوى تعاملنا مع ابنائنا، وان لا نعاقب الجميع على تأديب أحدهم، او بذنب أحدهم، حتى على اقل المستويات علينا ان لا نكون ظالمين.
يقول الله في الحديث القدسي (اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا).
إن السعادة تكمن في الابتعاد عن الظلم إذ إن عاقبته وخيمة في الدنيا والاخرة، وعقوبته بالغة الاثر فقد يجعلها الله في الدنيا وقد يأخرها الى الاخرة.