استخدام تكنلوجيا الكوانتم في الاعلام الجديد
شبكة النبأ
2023-05-25 05:00
م.م علي جبري
مقدمة
تمثل التقنيات الحديثة المستخدمة في وسائل الاتصال الجديدة عامل مهم في الإعلام كونها تسهم في إنتاج محفزات إضافية تساعد في نقل الأخبار وبسرعة كبيرة حيث تعد تقنية الكوانتم من التقنيات الحديثة التي ستحدث نقلة نوعية في المستقبل وذلك بسبب الخصائص الفريدة التي تتمتع بها والتي تمكنها في إنتاج كل شيء، كذلك دخولها في مجال الإعلام الجديد لرفع مستوى الكفاءة من ناحية نقل المعلومات والبيانات وفي عملية التشفير والتطوير التلفزيوني ودقة الوضوح في الألوان المستخدمة.
نشأة الكوانتم
في عام 1900م طرحت هذه النظرية وكانت من قبل عالم الفيزياء الألماني ماكس بلانك، وتعد هذه النظرية أهم نظرية في الفيزياء الحديثة واحدة من بين نظريتين أساسيتين اعتمدت عليهم الفيزياء الحديثة في التأسيس والوضع وهي نظرية الكم والنظرية النسبية لأينشتاين، وقد تركت لنا هذه النظرية الكثير من الانجازت الملموسة في عالمنا والتطبيقات العملية مثل اختراع الراديو والتارنسيستور والدوائر المتكاملة و ظهور اجهزة التلفزيون والهاتف والكومبيوتر وغيرها.
ومثال ذلك أننا حين نسخن جسما لدرجة حرارة عالية فإنه يتوهج ويبعث شعاعا أحمر وإذا ازدت درجة الحرارة تحوّل لون الذهب إلى برتقالي ثم أصفر ثم إذا زدنا درجة الحرارة تحوّل إلى لون أبيض فالثابت هو كم الطاقة الصادرة عن الذرة في الثانية الواحدة.
تعريف الكم أو الكوانتم
(الكم أو الكوانتم بالإنجليزية :(quantumهو مصطلح فيزيائي يستخدم للتعبير عن أصغر كمّية يمكن تقسيم بعض الصفات الطبيعية إليها، مثل الطاقة فهي تنتقل في هيئة كم، أي وحدات صغيرة لا يوجد أصغر منها؛ والشحنة الكهربائية هي أيضا كمومية فأصغر وحدة منها هي الشحنة الأولية شحنة الإلكترون، وكذلك اتجاه المجال المغناطيسي للإلكترون أو للبروتون.
كما لا يمكن أن ت ارها بعينيك المجردة ولا حتى من خلال الميكروسكوب الضوئي التقليدي، ولكن رغم كل ذلك فأنها ستغير العالم، انها الكوانتم أو ما يطلق عليها اسم النقاط الكمية أو الكمومية. ببساطة يمكننا تعريف الكوانتوم بانها عبارة عن جسيمات نانوية متناهية في الصغر
(اصغر من شعرة الرأس بـ ١٠,٠٠٠ مرة).
هذه الجسيمات هي في الأصل بلورات من أشباه موصلات من صنع الإنسان، وتمتلك خاصية متميزة تتمثل في اللمعان أو التوهج (luminescence)، حيث يمكن للكوانتوم دوت أن تمتص إشعاعات الطاقة العالية ذات الطول الموجي القصير على شكل ضوء، أو تكون مستثارة كهربائياً بحيث تشع ضوءً بطاقة كهربائية منخفضة أي عند طول موجي أكبر. ويمكن ضبط طاقة الضوء المنبعث بدقة من الكوانتوم من خلال التحكم في حجم وتكوين جسيماتها بلوارتها (النانوية).
الحوسبة الكمومية:
بدأ العلماء والباحثون في تسخير قوة فيزياء الكم لبناء أجهزة كمبيوتر قوية مع القدرة على كسر خوارزميات التشفير في العالم حيث يمكن للحوسبة الكمومية أن تهدد أمن النظام المالي العالمي، ووكالات الاستخبارات السرية للغاية، وكذلك جميع البيانات الموجودة على هاتفك.
تعرف فيزياء الكم باسم الفيزياء الكمومية وهي نوع من الفيزياء لا تنطبق إلا على الأشياء الصغيرة بما يكفي في الفيزياء الكلاسيكية يتصرف كل شيء تقريبا بطريقة يمكن التنبؤ بها حيث يمكن أن تكون الحسابات والقياسات دقيقة بمجرد البدء في دراسة الأشياء العادية بالفيزياء الكلاسيكية لكن وبدراستها عن طريق الفيزياء الكمومية تصبح الأمور غير متوقعة بدرجة كبيرة القياسات والحسابات في فيزياء الكم ليست مضمونة لتكون دقيقة، حيث يمكن تخمينها فقط باستخدام الاحتمالات على المستوى الكمي، يمكن أن تبدأ الجسيمات في التصرف مثل الأمواج وحتى تغيير حالتها فجأة اعتمادا على ما إذا كان يتم ملاحظتها أم لا.
النظرة المستقبلية لتكنولوجيا الكوانتم
ينظر العلماء إلى تكنولوجيا الكوانتم في كافة المجالات الحياة إلى أنها ستعمل ثورة في عملية نقل المعلومات والبيانات وفي عملية التشفير.
والفارق الأساسي بين الحاسبات الكمّية والحاسبات الحالية أن الحاسبات الحالية تعتمد على ما يعرف بـ«النظام الثنائي»، وهو نظام العمل الذي تقوم عليه فكرة «الترانزستور» أو المكون الأساسي لمعالج البيانات، والتي تتلخص في أن «الترانزستور» يقوم بعمليتين ثنائيتين فقط، هما الإغلاق والفتح عند مرور التيار الكهربائي فيه، وتشغيل وتخزين البيانات في صورة ثنائية على هيئة صفر وواحد أو ما شابه، وهو ما نطلق عليه اسم «بت»، Bit أما «الحاسب الكمّي» فهو يتخلى تماما عن فكرة «النظام الثنائي» لـ«الترانزستور» ويعتمد على توظيف التنوع والاختلاف بالمجال المغناطيسي لبع ض أجزاء الذرة، ما بين السالب والموجب، بحيث يتم استغلال ذلك في تنفيذ المهام المشابهة لمهام الغلق والفتح التي يقوم بها «الترانزستور»، وهذه الفكرة مستمدة بالأساس من نظريات وقواعد تعرف باسم «فيزياء الكم»، التي تعنى بالعلاقة بين حركة الجسيمات الدقيقة كالإلكترونات والجزيئات والطاقة المنبعثة عن هذه الحركة، أو ارتباط الطاقة بالظواهر الفيزيائية كالطيف الذري والطاقة الكهرومغناطيسية وغيرها، ومن هنا عرفت باسم «الحاسبات الكمّية».
وحسب قوانين «فيزياء الكمّ»، لن يكون في الحاسب الحالة واحد والحالة صفر فقط، كما هو الحال في الحاسبات الحالية، بل ستكون لدينا حالة ثالثة مكونة من الصفر والواحد معاً، ومن «قيمة احتمالية» معينة، والقيمة الاحتمالية تعطي احتمال الحصول على الحالة واحد وعلى الحالة صفر، وحالة تداخل من الحالتين الأولى والثانية، ويطلق على الوحدات الأساسية الناتجة عن هذا النظام اسم «كيو بت»، QuBit أي بإدخال أول حرفين من كلمة Quantum الإنجليزية إلى Bit المستخدمة في الحاسبات الحالية.
سرعة فائقة
ولا وجه للمقارنة بين الحاسبات الحالية و«الحاسبات الكمية» من الناحية العملية، فعلى سبيل المثال، أسرع كمبيوتر معروف لنا حالياً (Super-Computer) يحتاج إلى مليار سنة ليتمكن من كسر شفرة إلكترونية مكونة من 400 عدد فقط، أما «الحاسب الكمي» فيحتاج إلى سنة واحدة فقط لتكسير الشفرة الإلكترونية المعقدة، وتميز الكمبيوتر الكمّي لا يكمن فقط في السرعة الفائقة، بل إنه سيتيح تطبيقات وسيدخل في مجالات لا يمكن للكمبيوتر التقليدي أن يرتادها.
تعتزم الصين طرح مشروع جينان، وهو أوّل شبكة حاسوبية في العالم غير قابلة للاختراق، والتي تقوم على المبادئ الكمّية. يستخدم المشروع مدينة جينان كمركز حاسوبي كمّي يعزّز الشبكة الكمّية بين بكين وشنغهاي بسبب موقعها الجغرافي المركزي بين المدينتين الكبيرتين. تنبّه الشبكة، على وجه التحديد، كلا المستخدمَين في حال حدوث أيّ تلاعب بالنظام، حيث يؤدي التلاعب إلى تغيير المعلومات المنقولة. يمكن التعرّف على التشويش على الفور وبإمكان الطرفين مباشرةً معرفة فيما إذا فُ قد شيءٌ أم لا.
الكوانتم واستخداماته في الاعلام الجديد
نظر للمميزات التي تتمتع بها تكنولوجيا الكوانتم فهي ستعمل على دفعة كبيرة تحققها في مجال وسائل الإعلام الجديد من خزن الملفات والبيانات وسرعة في عمل وسائل الإعلام كذلك معالجة البيانات والمعلومات الرقمية بسرعة فائقة وكذل ك الألوان في تقنية الكوانتم ستكون بدرجات عالية من الوضوح تختلف على ما هو عليه اليوم ان انتشار الكوانتم سوف يساعد في إنتاج التقارير الإخبارية ومعالجة الصور والفيديو كذلك في عملية تحليل النصوص بصورة أكبر واسرع بما معمول به الآن ليس لأن الحوسبة الكمومية أسرع، ولكن لأنها نموذج جديد يحل المشكلات التي لم تستطع البشرية حلها من قبل. هذه المشاكل - بما في ذلك التحسين والتشفير والهندسة والكيمياء - تتخلل العديد من الصناعات. يولد حلها إمكانات تخريبية هائلة. ربما تأتي أكبر الاضطرابات ت من كسر نظام الأمان بأكمله الذي يقوم عليه الإنترنت والاقتصاد الرقمي.
كذلك تعمل على رفع مستوى التشفير في نقل البيانات والمعلومات التي يصعب الوصول إليها أو اخت ارقها فقد أطلقت الصين مهمة "ميكيوس" كانت محاولة التواصل مع الأرض باستخدام مبدأ التشابك الكمومي، حيث تصبح الجزيئات دون الذرية مرتبطة ارتباطاً لا يمكن فصله أو "متشابكة" بطريقة أن أيّ تغيير في هذه الجزيئات يؤثر في الجزيئات الأخرى حتى ولو كانت متباعدة بشكل كبير. وهذا يعني أن أي محاولة للقرصنة المتشابكة الجسيمات، من حيث المبدأ، ستكون مستحيلة.
نجح "ميكيوس" في هذه المهمة، إذ أرسل هذا الشهر مفاتيح كمومية إلى المحطات البرية فى منطقتي شينغلونج ونانشان شمال الصين، وتراوحت مسافة الاتصال بين القمر الصناعي والمحطات الأرضية من 645 كيلومتر إلى 1200 كيلومتر، بمعدل نقل للبيانات يفوق كفاءة الألياف البصرية. وهي تستخدم الفوتونات، أي الجسيمات التي تنقل الضوء، لنقل البيانات، بحيث تسمح لشخصين متباعدين بإنتاج مفتاح سري عشوائي معروف لهما فقط، يمكن استخدامه لتشفير وفك تشفير الرسائل إن حمل البيانات عن طريق الفوتون يجعل التشفير "غير قابل للكسر"، لأن الفوتون لا يمكن أن يتم نسخه بشكل مطابق، وبالتالي فإن أي محاولة لقياسه ستترك أث اًر يمكن اكتشافه بسهولة، وستنبّه إلى محاولة لخرق الشبكة، في حين أن التشفير النموذجي الذي يعتمد على الرياضيات التقليدية يعدّ مهدداً في المستقبل من قبل الحوسبة الكمومية، حيث ستتمكن الحواسيب الكمومية، وهي أجهزة كمبيوتر أسرع وأقوى بكثير من الموجودة حالياً من كسر المستويات الحالية للتشفير، وبالتالي فإن الحوسبة الكمومية قد تغير التشفير الذي نعرفه.
خاتمة
استنتاجا لما تقدم وعلى الرغم من ظهور الكوانتم منذ فترة طويلة إلا أن عدم استخدام تكنولوجيا الكوانتم في الإعلام يرجع إلى الصعوبات التي تواجه تطبيقها في نقل البيانات والمعلومات وان استخدامها ستمكن اجهزة الكمبيوتر التي تعمل وفقًا لمبادئ الكم ذات قيمة كبيرة في حل مشكلات التحسين المعقدة ذات الصعوبة شبه الباهظة اليوم. هذا يمس كل شيء من البحث الطبي إلى العمليات التجارية والحكومية، ويعمل مجتمع عالمي من الفيزيائيين اللامعين لتحقيق ذلك، ولكن قبل أن تساعدنا تكنولوجيا الكم في تصميم أدوية جديدة وجعل الأعمال التجارية أكثر ربحية، فإنها ستجعل اتصالاتنا الإلكترونية أكثر أمانًا إلى حد كبير.