فاعلية الاجهزة الرقابية في مكافحة الفساد في العراق
مقترح (استراتيجية رقابية فاعلة في وزارة التجارة)
د. حيدر عبد الامير الغريباوي
2021-02-15 04:40
المقدمة
تعد مكافحة الفساد من قبل الأجهزة الرقابية مسألة حيوية في النظم السياسية والاقتصادية في كافة بلدان العالم ومنها العراق الذي وضع اجهزة رقابية تصدت لهذه الآفة المتأصلة في البنية المجتمعية منذ قيام الدولة العراقية الحديثة في عام 1921، وتباين تطورها وتأثيرها في البناء السياسي للنظم السياسية العراقية المتعاقبة، وصولاً الى عام 2003 وما تلا ذلك من سقوط النظام السياسي وقيام نظام سياسي ديمقراطي تعددي واقرار دستور دائم في عام 2005.
الا ان النظام الجديد واجه تحديات عديدة اختلف في شدتها وخطورتها وكان الفساد أحد اهم هذه التحديات، وأن أهم مخاطر الفساد على المستوى المحلى تتمثل في إهدار الأموال العامة، وسوء تخصيص الموارد وإمكانات التنمية في الوحدات المحلية، وعدم كفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، وإضعاف المناخ الاستثماري، وانخفاض النمو الاقتصادي وقد صنف الكثير من الباحثين والدارسين الفساد إلى عدد من الاشكال والمظاهر السلوكية.
ومن الواضح أن أشكال الفساد كثيرة ومتنوعة، وأساليبه أيضا متنوعة، وبالتالي لا يمكن حصر أشكال الفساد بعدد محدود من الاشكال والمظاهر السلوكية، فلربما يظهر بعد فترة من الزمن شكل آخر جديد من أشكال ومظاهر الفساد، فلدى الانسان القابلية على الابداع والابتكار في هذا المجال كما في المجالات الحياتية الأخرى، وليس الفساد بحد ذاته مشكلة بل المشكلة في شرعنه الفساد وإضفاء الشرعية بطرق مبتكرة وغاية في الاحتراف، وتعاني مختلف المؤسسات الحكومية من ظاهرة الفساد الإداري والمالي، وبدأت تلك المظاهر تتسع وتتسع لتأخذ أشكال عديدة ومتنوعة، فلكل ظاهرة من مظاهر الفساد أشكال وسبل وطرق عديدة.
تحاول هذه الدراسة من خلال تناول الفساد واسبابه ودور الجهات الرقابية في الحد من ظاهرة الفساد في المؤسسات الحكومية، واقتراح استراتيجية رقابية في وزارة التجارة تمثل الاساس الذي تبني فوقه بقية الاسس التطويرية لعمل الوزارة، وابتداءً من المهم أن نعرف ما هو الفساد؟ وما مدى تغلغله في الجسد الحكومي العراقي وتوضيح مخاطر هذه الظاهرة التي تمتد الى عدة ابعاد منها الاقتصادية والاجتماعية.
الملخص
ان ظاهره الفساد الإداري والمالي تعد من اخطر الظواهر التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية ومنها العراق والتي يترتب عليها شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية بما تنطوي عليه من تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية، وإن ظاهرة الفساد ظاهرة برزت على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي فيقتضي مواجهتها من قبل المجتمـع المحلي بوسائل عالمية تتمثل بتشريع قوانين داخلية والانضمام الى الاتفاقيات والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد، وإن الفساد يشبه جبل الثلج الضخم في قاع البحر لا يظهر منه إلا القمة أي ما يكتشف أما ما خفي فأعظم بكثير، وقد شهد العراق موجات من الفساد الاقتصادي ظهرت بشكل ملفت للنظر في ثمانيات القرن الماضي واشتدت درجاتها في التسعينات منه اثر العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق، والتي انخفضت فيه المستويات المعاشية للمواطنين والموظفين بشكل كبير جدا اجبرت بعض ضعاف النفوس الى اللجوء الى ممارسة الفساد من اجل تغطية النفقات الاعتيادية لحياتهم.
وبعد عام 2003 أصبح الفساد ظاهرة اعتيادية، الى جانب ضعف الادوار التي تمارسها الجهات الرقابية كديوان الرقابة المالية او هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين، رغم اعلان الحكومات المتعاقبة بمحاربتها للفساد، وبالتالي يصعب على الحكومة القضاء عليه بشكل كامل، هذا الكم من الفساد تغلغل في اروقة الوزارات في العراق ليكون مدعاة كبرى لتفعيل الاجهزة الرقابية في كافة الوزارات ومنها وزارة التجارة وتفعيل الادوار الرقابية التي تضطلع بها الدوائر الرقابية في الوزارة. وتحاول دراستنا طرح سبل وآليات في ذلك منها استراتيجية لتفعيل مجمل الفعاليات الرقابية.
اولاً: الاطار المفاهيمي للفساد واسبابه وآثاره
- مفهوم الفساد وآثاره
تعرف منظمة الشفافية العالمية الفساد المالي والإداري بـأنه (إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص)(1)، اما تعريف صندوق النقد الدولي (IMF) بانه (علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد)(2). اما في الاصطلاح القانوني فقد عرفه مشروع اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد بانه "القيام بأعمال تمثل اداء غير سليم للواجب او اساءة استخدام لموقع او سلطة بما في ذلك افعال الاغفال توقعاً لمزية او سعياً للحصول على مزية يوعد بها او تعرض او تطلب بشكل مباشر او غير مباشر(3).
ويشير الفساد من الناحية القانونية الى (تجاوز الموظف المختص في الدولة حدود واجباته ومن ثم مخالفته للقوانين والأنظمة السارية أو المرعية بقصد تحقيق منفعة غير مشروعة له أو لغيره مثل الاستيلاء على المال العام، أو الأملاك الخاصة في الدولة من أراضي أو عقارات أو آليات)(4) وبحسب تعريف موسوعة العلوم الاجتماعية (الفساد هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصة) ولذلك كان التعريف شاملاً لرشاوي المسؤولين المحليين أو الوطنيين، أو السياسيين مستبعدة رشاوي القطاع الخاص. كما عرفته (هو خروج عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما من اجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة). أما تعريف منظمة الشفافية العالمية فهو (إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة) وبدورها يعرف صندوق النقد الدولي (IMF) (علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد).(5)
إن الفساد (Corruption) مصطلح يتضمن معاني عديدة في طياته، والفساد موجود في كافة القطاعات الحكومية منها والخاصة فهو موجود في أي تنظيم يكون فيه للشخص قوة مسيطرة أو قوة احتكار على سلعة أو خدمة أو صاحب قرار وتكون هناك حرية في تحديد الأفراد الذين يستلمون الخدمة أو السلعة أو تمرير القرار لفئة دون الأخرى وقد يتضمن مصطلح الفساد الإداري مجالات عديدة. (6)
1. الفساد السياسي ويتمثل بالانحراف عن النهج المحدد لأدبيات التكتل أو الحزب أو المنظمة السياسية نتيجة الشعور بالأزلية أو كونه الأوحد أو الأعظم أو المنظر، أو بيع المبادئ الموضوعة في أدبيات المنظمة للكتل الدولية أو الإقليمية او القومية لسبب أو أكثر فالخيانة والتواطؤ والتغافل والإذعان والجهل والضغط... وغيرها اشكال متنوعة للفساد السياسي.
2. الفساد الإداري ويتعلق بمظاهر الفساد والانحراف الإداري أو الوظيفي من الذي يصدر عن المنظمة او التي تصدر من الموظف العام إثناء تأدية العمل بمخالفة التشريع القانوني وضوابط ولوائح العمل، أي استغلال موظفي الدولة لمواقعهم وصلاحياتهم للحصول على مكاسب ومنافع بطرق غير مشروعة.
3. الفساد المالي ومظاهره المتمثلة بالانحرافات المالية ومخالفة الأحكام والقواعد المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة (إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط وتعليمات الرقابة المالية.
وفي هذا المبحث سنسلط الضوء على تعريف الفساد الاداري والمالي اضافة الى بيان مظاهره، حيث يعرف الفساد الاداري بأنه: انتهاك القوانين والانحراف عن تأدية الواجبــــــــات الرسمية في القطاع العام لتحقيق مكسب مالي شخصي، كما يعرف على إنه استغلال الموظف العام لموقع عمله وصلاحياته للحصول على كسب غير مشروع او منافع شخصية يتعذر تحقيقها بطريقة مشروعة، وقد عرف صندوق النقد الدولي الفساد الاداري والمالي في تقريره لسنة 1996 بأنه سوء استخدام السلطة العامة من أجل الحصول على مكسب خاص يتحقق حينما يتقبل الموظف الرسمي الرشــــــــــــــــــــوة أو يطلبها أو يستجديها أو يبتزها أما مظاهر الفساد الاداري والمالي تتمثل بالانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية، وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام خلال تأديته لمهام وظيفته الرسمية ضمن منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية والتي يمكن اجمالها بالاتي: (7)
أ: الفساد الوظيفي التنظيمي:
يرتبط الفساد الوظيفي التنظيمي بالانتهاكات التي يرتكبها الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته، والتي تضر بالعمل وانتظامه، كعدم الالتزام بأوقات ومواعيد العمل والحضور والانصراف أو إضاعة الوقت باستقبال الزوار والانتقال من مكتب إلى آخر أو تأدية الاعمال الشخصية، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل، وعدم تحمل المسؤولية، وإفشاء أسرار الوظيفة وغيرها.
ب: مظاهر الفساد والانحراف الخلقي:
وهي تلك المتعلقة بمسلك الموظف الشخصي وتصرفاته في العمل، كأن يرتكب فعلا مخلا بالحياء في أماكن العمل أو ان يتعاطى الخدرات، أو أن يسيء إلى مصلحة الجمهور أو أن يطلب من أي كان هدية أو عمولة، أو أن يجمع بين الوظيفة واي عمل آخر دون إذن إدارته، أو أن يستغل وظيفته لتحقيق مكاسب شخصية له على حساب المصلحة العامة.
أو أن يمارس المحسوبية الاجتماعية، باختيار الاقارب والمعارف والاصدقاء في التعيين، أو المحسوبية السياسية التي لا تتوقف عند حدود اختيار الموالين سياسيا وحسب، وإنا تمتد إلى معاقبة ومحاربة الخصوم السياسيين أو المستقلين بحرمانهم، بل وفصلهم من الوظائف العامة، دون الاخذ بنظر الاعتبار الكفاءة والادارة, وقد ترتب على انتشار ظاهرة المحسوبية والمنسوبية أن شغلت الوظائف العامة والمراكز الوظيفية العليا بأشخاص غير مؤهلين وغير كفوئين وغير نزيهين.
ت: مظاهر الفساد والانحراف المالي:
وتلك المظاهر تتمثل في انتهاك القوانين والانظمة المالية التي تحكم سير النشاط الاداري والمالي في الدولة ومؤسساتها، كظاهرة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق المصالح الشخصية وظاهرة الاسراف في استخدام المال العام التي تأخذ اشكالا وصورا متعددة اكثرها انتشارا هي تبديد المال العام. يعد الفساد المالي والإداري المعرقل الرئيسي لخطط وبرامج التنمية إذ تتحول معظم الأموال المخصصة لتلك البرامج لمصلحة أشخاص معينين من خلال استغلال مراكزهم أو الصلاحيات المخولة لهم وبذلك تتعرقل عملية التنمية ويتفشى التخلف والفساد وينعكس بدوره على مجالات الحياة كافة وفي ذلك خسارة كبيرة للمال والجهد والوقت وضياع فرص التقدم والنمو والازدهار.
- الجهات المسؤولة على مكافحة الفساد عالمياً:- (8)
حددت الجهات التالية كجهات دولية مهمتها مكافحة الفساد الإداري على نطاق عالمي وهي:
أ- منظمة الأمم المتحدة
أصدرت الأمم المتحدة عدد من القرارات لمحاربة ومكافحة الفساد للقناعة التامة بخطورة الفساد وما له من مخاطر وتهديد على استقرار وامن المجتمعات وأصدرت أيضاً اتفاقية لمكافحة الفساد سنة 2004 وقد انضمت إليها كثير من دول العالم.
ب- البنك الدولي
وضع البنك الدولي مجموعة من الخطوات والاستراتيجيات لغرض مساعدة الدول على مواجهة الفساد والحد من أثاره السلبية على عملية التنمية الاقتصادية.
ت- صندوق النقد الدولي
لجأ صندوق النقد الدولي إلى الحد من الفساد بتعليق المساعدات المالية لأي دولة يكون فيها الفساد عائق في عملية التنمية الاقتصادية.
ث- منظمة الثقافة العالمية
أنشأت هذه المنظمة سنة 1993 وهي منظمة غير حكومية (أهلية) تعمل بالشكل الأساسي على مكافحة الفساد والحد منه من خلال وضوح التشريعات وتبسيط الإجراءات واستقرارها وانسجامها مع بعضها في الموضوعية والمرونة والتطور وفقاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية.
ثانياً: اسباب الفساد الاداري والمالي وآثاره
تتعدد الدوافع والاسباب التي تؤدي الى خلق آفة الفساد الاداري والتي يمكن اجمالها بالآتي:(9)
1- اسباب تتعلق بالإدارة العامة:
ان الخلل في الادارة العامة له الاثر الكبير في انتشار ظاهرة الفساد الاداري ويتمثل ذلك في عدم تحديد المهام والواجبات بدقة في الجهات الحكومية وتعقد الاجراءات وضعف الرقابة الذاتية في الاجهزة الحكومية وعدم ربط الرواتب الاجور بالكفاءة والنزاهة وعدم توفر الشفافية في سبيل ذلك.
2- تـدني الرواتب والأجـور:
ان انخفاض مستوى الرواتب والاجور فـي القطـاع العـام وارتفـاع مسـتوى المعيشـة مـن الأسـباب الرئيسة والجوهرية للفساد، فانخفاضها وعـدم كفايتـها لتلبيـة المطالـب ادى الى خلق بيئـة ملائمـة لقيـام بعـض العــاملين بالبحـث عـن مصـادر ماليـة أخــرى بديلـه، حتـى لــو كـان ذلــك مــن خــلال نهــج السـلوك السـيئ، حيـث يـؤدي هـذا الوضـع إلـى نتيجـة سـلبية ولـدت مـن خلالهـا الرغبة في تقبل الرشوة والاختلاس والغش والتحايل والتدليس على المال العام.
3- القصور في تطبيق القوانين:
ان وجود التشــريعات والقــوانين واللــوائح حاجة ملحة فرضتها متطلبات تحقيق المصلحة العامة تنظيمـاً وترتيبـاً ومحاسبة، واستلهمت من الوحي الإلهي والكتب السماوية وسـنن الأنبيـاء وتجـارب الشـعوب ومـن ضـمنها مـا يـنص علـى معاقبـة كـل مرتكـب جريمـةً مهمـا كـان نوعهـا إذا ثبـت ذلـك.
وفي مقابل ذلك فان التقصـير والتهاون في تطبيق العقوبة، يؤدي بالضرورة إلى زيادة معدل وقوع الجريمة، فالمذنب إذا لـم يعاقـب يـزداد سـوءاً، لعـدم وجـود الـرادع، والراغـب فـي الجريمـة يستسـهل الأمـر، وضـعاف النفوس وعديمي الضمائر الخالين من القيم يتخذون ذلك مساراً لهم فينتهجونـه.
وبالتـالي ينتشـر ويعم مبدأ عدم العقاب فيستباح المال العام.
4- ضعف دور الرقابة والإعلام والصحافة:
ان الرقابـة أداة فعالـة فـي مكافحـة الفسـاد والقضـاء عليـه، إذا مـا أحسـن توظيفهـا واسـتغلالها وهـي عامـل مهـم مـن العوامـل الرئيسـية للإصـلاح ومكافحـة الفسـاد، فمـن خلالهـا يـتم اسـتباق حـدوث تلك الظاهرة، فتصحح المفاهيم وتتم دراسة ومعالجـة القصـور، وتوضـع البـدائل فيـتم تفاديهـا، واحالة مرتكبيها أو محاولي ارتكابها إلى الجهات المختصة.
فضلاً عما ذكر آنفاً بالإمكان عرض ابرز أسباب الفساد وعلى النحو الآتي: (10)
- انتهاك الحقوق والحريات من دون، رادع، وتصادر حرية الرأي والتعبير والتنظيم، كما يحاصر دور الصحافة والاحزاب، واختلال التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
- ضعف الجهاز القضائي وعدم قدرته على تنفيذ الاحكام، لتدخل السلطة التنفيذية.
- ضعف الارادة والنية الصادقة لدى القيادات السياسية في مكافحة الفساد، وعدم اتخاذها اجراءات صارمة، ووقائية أو عقابية بحق عناصر الفساد.
- ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها، وبالتالي ضعف أدوات المساءلة ونظمها في قطاعات المجتمع المختلفة.
- ضعف وسائل الاعلام، وعدم حيادتيها في طرح المعلومات والاخبار التي تخص الفساد، حيث تعاني وسائل الاعلام في العراق من التبعية للتيارات والحركات السياسية، فضلاً عن ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في مجال محاربة الفساد
- يساهم انتشار الفقر والجهل في مجتمع ما في تفشي الفساد، إذ يكون هناك جهل عام بالحقوق الفردية للمواطن وبحقه في الاطلاع والمساءلة على دور الحكومة وعملها في كثير من المجالات).
ومن الاسباب المتنوعة للفساد الاداري والمالي والتي تعد من الاسباب الرئيسة ما يأتي:(11)
أ- الاسباب السياسية: من الاسباب السياسية التي تؤدي الى تفشي ظاهرة الفساد هو ضعف الممارسة الديمقراطية و شيوع حالة الاستبداد السياسي والدكتاتورية في العديد من البلدان يسهم بشكل مباشر في تنامي هذه الظاهرة وفي النظم الديمقراطية تكون هناك جهة رقابية خارج سيطرة السلطة التنفيذية تستطيع المحاسبة على أية تجاوزات مالية وإدارية
ب- عدم استقلالية القضاء: عدم استقلاليـــة القضاء يؤدي الى انتشار ظاهرة الفـــساد بمســــــــــــــتوى عالي، حيث يلاحظ في معظم البلـــــــدان المتقدمــــــة استقلالية القضاء عن عـــــــمل وأداء النظـــــــــــــــــام السياسي وهو ما يعطي أبعاداً سليمة تتمثل بالحكم الصالح، فاستقلالية القضاء مبدأ هـــــــام يستمد أهميته من وجود سلطة قضائية مستقلة نزيهة تمارس عملها بشكل عـــــــادل وتمتلك سلطة رادعـــــــــة تمارسها على عموم المجتمع دون تمييز وإشاعة العدل بين أفراد المجتمع.
ج- أسباب اجتماعية: ان الأسباب الاجتماعية تتمثل في التركيبة السكانــــــــــــية والولاء العائـــلي، مما يؤثر على انتشار الواسطـــــــة وهي تنتشر في مجتمعات الــــبــــــلاد العربيـــــــــة وذلك لان الحــيـــــاة الاجتماعية تتقبلها ولا تعتبرها فساداً، بل يتم تقديـــــم العون على استمراريـــــة مثل هــــــذا الــنوع مــن الآفات وإيجاد المبررات الشرعية لها.
د- ضعف الدور الرقابي على الأعمال: يظهر الفساد في حالة ضعف الـــــــدور الرقابي وعـــــــدم القدرة على ممارسته، وعدم تطبيق القانون فضلاً عن عدم تفعيل صلاحيات الأجهزة الرقابية على أعمال الجهاز التنفيذي ومحاسبة المقصر على المخالفين وضعف المسؤولية الإدارية عـــــن الأعمال الموكلة لهــــا أو المحاسبة عـــليها، والقصور الحاد في استخـــــــدام الأساليب التكنولوجــــيــــــة.
وفيما يتعلق بآثار الفساد الاداري والمالي، يرى كينغ (King) بشأن ذلك أن الفساد يؤثر بشكل واضح على مستوى الاستثمار الاجنبي المباشر في الدول التي تعاني من الفساد، وذلك من خلال تشويه الادراك حول الاستقرار من والجودة ونوعية إمكانية الاستثمار.
ثالثاً: الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للفساد في العراق
- الانعكاسات والاجتماعية للفساد في العراق
بالرغم من استفحال وتفشي الفساد الاداري والمالي في عهد النظام السابق إلا أنه كان بعيداً عن أعين التقارير الدولية ومعتم عليه بشكل كبير نظراً لعزلـة النظـام السابق لفترة طويلة من الزمن إلا أن مظاهر الفساد الاداري والمـالي أصـبحت مكشوفة وغير قابلة للكتمان والسرية فقد كتبت تقارير دولية ومحلية كثيـرة عـن حالات الفساد المالي والإداري منذ تسلم سلطة الائتلاف المؤقتة زمام إدارة العراق وتصرفها بأموال إعادة الاعمار بشكل غير سليم.
ويظهر الفساد المالي والاداري بصور متعددة يجمعها عامل مشترك يتمثل في انها نتاج لاستغلال غير مشروع للوظيفة العامة، وقد اشارت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام ٢٠٠٣ صور الفساد المالي والإداري بالصور التالية: (12)
1. الرشوة: وهي صورة واضحة للموظف الذي يريد استغلال وظيفته للحصول على منافع مادية، وهي معروفة لدى كبار وصغار الموظفين وقد أطلقت عليها تسميات متنوعة منها اكرامية او مساعدة او هدية الغاية من ذلك تلطيف شكلها لكن هي في جوهرها رشوة يحاسب عليها القانون بوصفها جريمة
2. اختلاس الاموال العامة: وهي صورة من صور جرائم الفساد المالي والاداري ولها انعكاسات اقتصادية خطيرة تتمثل في كونها تبديدا لأموال المجتمع وتعتبر ضربا من ضروب خيانة الامانة للموظف الذي عهدت اليه الاموال العامة بحكم توليه الوظيفة العامة.
3. الاتجار بالنفوذ: اشارت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام ٢٠٠٣ الى صورة ثالثة للفساد المالي والاداري وهي جريمة الاتجار بالنفوذ وتتمثل في قيام الموظف او اي شخص اخر باستغلال نفوذه الفعلي المفترض للحصول على مزية غير مستحقة.
4. اساءة استغلال الوظيفة: نصت المادة 19 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد على ضرورة اعتماد كل دولة طرف في الاتفاقية ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم الموظف الذي يتعمد اساءة استغلال وظيفته او موقعه وذلك من خلال القيام او عدم القيام بفعل لغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه او لصالح شخص اخر او كيان اخر وهو ما يشكل اهانة للقوانين.
5. الاثراء غير المشروع: وهي صورة من صور الفساد المالي والاداري وفيها يستغل الموظف الثغرات الموجودة بالقوانين او التعليمات او الانظمة لينفذ من خلالها مما يعود عليه بالنفع الكثير فتزداد امواله واصوله بشكل لا يتناسب مع مدخلاته الحقيقية، لذا نصت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد على ضرورة محاربة الثراء غير المشروع من خلال توجيه الدول باتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية ودستورية لتجريم الاثراء غير المشروع.
6. اخفاء الاموال المتحصلة من جرائم الفساد: ان اخفاء الاموال المتحصلة من جرائم الفساد المالي والاداري يشكل بحد ذاته جرما وفسادا يجب المحاسبة عليه لان الشخص الذي اخفى تلك الاموال مع علمه بمصدرها يكون بذلك قد سهل للجاني الاستفادة من تلك الاموال وعرقلة سير العدالة في الكشف عنها.
7. غسيل الاموال المتحصلة من جرائم الفساد: ان غسيل او تبييض الاموال المتحصلة من جرائم الفساد تمثل صورة من صور الفساد الخطرة جدا لأنها تضمن للجاني استمرارية الاستفادة من تلك الاموال دون الخوف من المسائلة القانونية لأنها ستظهر بصورة الاموال المشروعة.
8. عرقلة سير العدالة: وهي صورة اخرى من صور الفساد المالي والاداري التي تضمنتها الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وتتمثل بتهديد الشهود والموظفين المنوط بهم تنفيذ القانون وذلك من خلال العنف او التهديد او الترهيب.
9. الاحتيال والنصب: وتعني القيام بالأفعال الاحتيالية التي تنطلي على الاخرين بممارسة عمل وظيفي هام ليستغل به الاخرين ويعمل على ابتزازهم.
10. المحاباة والمحسوبية: وتتمثل هذه الظاهرة برعاية الاقارب والمعارف وتفضيلهم في مجال التعيين او ابرام العقود وهذا يمثل نوعا خطيرا للفساد لأنه يعني اعطاء حق لمن لا يستحقه
هذا النوع من الفساد المالي والإداري (المؤسسي) هو النتيجة الحتمية للتناقض بين البنية التحتية (النظام الاقتصادي) والبنية الفوقية (النظام السياسي). فبعد العام 2003، تأسس نظام سياسي مختلف كلية. (13) الا ان مما لا يمكن انكاره ان انتشار واستفحال هذه الظاهرة أكبر واوسع في الدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة حيث انها تمثل بيئة خصبة لنمو هذه الظاهرة لعدم توفر ما يكفي من شفافية ونزاهة تكفل ضمان وجود رقابة مستمرة لأداء الأجهزة الإدارية وتطبيق امثل للقانون، بل على العكس نجد ان البيروقراطية هي المسيطرة على المؤسسات والإدارات الحكومية.
اما عن الانعكاسات الاجتماعية المترتبة على هذه الظاهرة فان المجتمع الفاسد لا يمكن أن يكون قويًا لان الدولة التي يداهمها الفساد ليست قوية، حيث أن القوة هي سمة النظام السياسي والاجتماعي في مجتمع تتمكن فيه الدولة من الوصول إلى درجة عالية من مستويات التماسك حول قيم جوهرية تكون سائدة بين الأفراد وعليه فإن استشراء الفساد الاداري يتمثل في عدم النزاهة، لاسيما عندما تبدأ وتيرة هذا المنحى في التصاعد السريع، وبالتالي يصبح الفساد ظاهرة اجتماعية رئيسية تمس المجتمع والدولة بأسرها. (14)
وفي مقابل ذلك فان التقصـير والتهاون في تطبيق العقوبة، يؤدي بالضرورة إلى زيادة معدل وقوع الجريمة، فالمذنب إذا لـم يعاقـب يـزداد سـوءاً، لعـدم وجـود الـرادع، والراغـب فـي الجريمـة يستسـهل الأمـر، وضـعاف النفوس وعديمي الضمائر الخالين من القيم يتخذون ذلك مساراً لهم فينتهجونـه.
لابد من الاشارة الى ظاهرة الفساد بشقيها الاداري والمالي والتي تؤدي بالنتيجة الى فساد اجتماعي كحتمية لهما، حيث تجمع الادبيات والدراسات التي تناولت موضوع الفساد الاداري والمالي على انه مجموعة ممارسات التي تتنافى ومصلحة المجتمع وتسيئ له وتخل بمبدأ المساواة في المعاملة بين ابناء المجتمع الواحد. (15)
- الانعكاسات الاقتصادية للفساد في العراق
بدأت انعكاسات الفساد الاقتصادي في العراق تبدو بشكل جلي بعد عام 1991 وبالأخص بعد فرض العقوبات الاقتصادية المشددة على العراق، رغم ان فترة الثمانينات بدأت فيها ملامح الفساد بشكل بسيط خصوصا في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي وذلك من خلال ظهور السوق السوداء والسوق الموازية للصرف وبعض المحسوبيات والتوسط، الا انها لم تعطي مؤشرا كبيرا لشيوع هذه الظاهرة، الا انها في فترة التسعينات اصبحت ظاهرة مقبولة بعد ان كان المجتمع يرفضها جملة وتفصيلا، وكان السبب الاساس فيها تدني مستويات الرواتب والاجور التي يتقاضاها موظفي الدولة آنذاك والتي وصلت الى ما يقارب 2.5 دولار شهريا ورغم علم الحكومة انها لا تغطي متطلبات النقل الا انها اصرت ان تبقى عند هذه المستويات، وهو ما دفع ببعض العاملين في القطاع الحكومي الى اللجوء الى طرق غير قانونية واخلاقية للحصول على ايرادات يسدون بها رمق حياتهم، وبأشكال مختلفة كالابتزاز والسرقة والمساومة والتلاعب بالكلف، وبيع بعض المواد الاولية الداخلة في الانتاج فضلا عن تغيير العقود الحكومية وقيام المزايدات والمناقصات واستغلال المنصب.. الخ.
من الصعب علميًّا تقدير حجم الأموال التي اختُلست أو أُهدرت، خلال السنوات الماضية، ولكن يمكن قياس ذلك من خلال المؤشرات على الانعكاسات الاقتصادية السلبية للفساد على التنمية الاقتصادية؛ ففيما يتعلق بمستويات البطالة، تعاظمت هذه الظاهرة في العراق على خلفية استمرار تراجع جهود التنمية، وتفاقم الديون الخارجية، والظروف السياسية والأمنية التي يتعرض لها العراقيون منذ 2003، فضلًا عن طغيان الفساد المالي، والإداري، واختلال منظومة القوانين الخاصة بالاستثمارات، وسوق العمل، وحركة الأموال. ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة البطالة بين الشباب في العراق بلغت 22.6 بالمئة بين الفئات العمرية بين 15 الى 29 سنة، فيما أعلن صندوق النقد الدولي، في مايو/أيار 2018، أن معدل بطالة الشباب في العراق بلغ أكثر من 40 بالمئة، بسبب غياب الخطط الحكومية والتمويل اللازم والتي تهدف إلى توفير فرص عمل للعاطلين من خلال تفعيل القطاع الخاص (16) لقد ذهبت منظمة الشفافية العالمية في تقدير وضع العراق في سلم الفساد الى ان العراق وقع في مراتب متدنية.
وفي ذات السياق قامت منظمة الشفافية الدولية (TI) (International Transparency) بإعداد مقياس عالمي للفساد أسمته بارومتر الفساد العالمي Barometer Corruption Global وقد أطلق المقياس منذ عام 2003، ويشير تقرير منظمة الشفافية للعام 2010 إلى تطبيق بارومتر الفساد ومن ضمنها العراق، الذي شمل مقابلة أكثر من 91500 شخص، في 86 بلدا حيث تقوم مؤسسات ومراكز بحثية في هذه الدول بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية لتطبيق المقياس، وأن الطريقة المعتمدة في ملء الاستبانات هي طريقة المقابلة المباشرة مع المستجيبين وطرح الاسئلة عليهم، وذلك لغرض توضيح الافكار والحصول على إجابات أكثر دقة ومصداقية، وقد أظهرت النتائج أن 6 من كل 10 دول أظهرت زيادة في مستويات الفساد، وأن أكبر زيادة هي تلك التي حصلت في أمريكا الشمالية والاتحاد الاوربي، وقد أشار 8 من كل عشر مستجيبين الى أن الاحزاب السياسية parties political عادة ما تكون، وتليها الخدمة المدنية service civil، والسلطة القضائية judiciary، فاسدة أو فاسدة جدا والبرلمانات parliaments، والشرطة police، وأن الرشوة مازالت منتشرة بشكل كبير وبقي مستوى تعاطي الرشوة (الفساد الصغير) نفسه مقارنة مع تقرير 2006، وأن الشرطة هي للرشوة، وكانت أكثر أسباب دفع الرشوة هو تفادي المشاكل مع أبرز المؤسسات تعاطيا المؤسسات الحكومية، وأن (1) من كل (2) أشاروا إلى أن إجراءات الحكومة في مكافحة الفساد غير مؤثرة، وغيرها من النتائج. أما فيما يخص العراق، فقد أظهرت الدراسة أن %77 من المستجيبين أيدوا بأن الفساد في العراق ازداد في السنوات التي أعقبت عام 2003. (17)
وتصف منظمة الشفافية الدولية إسقاط تهم الفساد بالتقادم بأنه “عد تنازلي نحو الإفلات من العقاب” وتقترح عدة إجراءات أهمها المرونة في تحديد مدة التقادم في الوظائف التي تمنح أي نوع من أنواع الحصانة وقت ارتكاب الجريمة.
لقد أصدرت ستيوارت بوبن المفتش العام الامريكي لبرنامج أعادة أعمار العـراق تقريراً يتضمن تبديد (9) مليارات دولار أمريكي حيـث منحـت تلـك الامـوال للوزارات العراقية بدون التأكد من كيفية إنفاقها وقد حدد التقرير أن الكثيـر مـن الاجور التي أنفقت لموظفي الدولة وحراس الوزارات كانت وهمية، ففي احـدى الوزارات قدمت قوائم رواتب بعدد (8206) حارس فيما لم يتم التعرف إلا على (602) حارس منهم، كما اتهم التقرير الادارة الامريكيـة بالفـشل فـي خلـق الضوابط اللازمة لمعرفة كيفية إنفاق تلك الاموال الباهظة مما عزز فرصة الفساد الاداري، كما أن الإداريين الذين أشرفوا على الإنفاق ومراقبتـه اتـسموا بعـدم الكفاءة أو تدنيها، كما إتهم المفتش العام بريمر باستخدامه (104) مليار دولار من أموال العـراق لشراء أسلحة كان يفترض أن تدفع من قبل الحكومة الامريكيـة مباشـرة ولـيس الحكومة العراقية المؤقتة لأن أموال العراق كانت مخصصة للإعمار فقط، كمـا رصد التقرير (110) حالة مخالفة تتضمن أعمالاً بأكثر من (19) مليون دولار لم يتسن العثور على تقارير ومستندات مؤيدة لها أو معرفة الخدمات التي جـرى الحصول عليها مقابل العقود الموقعة والاموال المدفوعة. فيما أشار المجلس الدولي للاستشارة والمراقبة التابع للأمم المتحدة فـي تقريـره الصادر في أكتوبر 2004 الى سوء إدارة صندوق تنمية العراق الـذي يرأسـه بريمر، وعلى القصور الحاد في عمليات الرقابة وانعدام الشفافية بإبرام العقـود ومن حيث نقص العطاءات التنافسية على العقود الكبيرة وقلـة المعلومـات عـن العقود ودفع أموال مقابل عقود لم تخضع للإشراف فضلاً عن وجـود سـرقات صريحة في بعض الحالات، لقد حدد التقرير مخالفات قد تبلغ قيمتها الاجماليـة (81210) (مليون دولار).
كما أكد التقرير عدم وجود منظومة لتحديد كميات النفط المستخدم فعلاً مما سـهل عمليات تسريب وتهريب النفط المستخرج على نطاق واسع فضلاً عن عدم شفافية عملية مقايضة النفط بمنتجات أخرى كالكهرباء مع بلدان الجوار، فيما أشار تقرير منظمة مراقبة ايرادات العراق في نيويورك (وهي منظمة تراقب الشؤون المالية) الى مخالفات حسابية ونقص الاشراف على العقود، وكما أوضح الى أن المؤسسات العامة العراقية بدأ يسودها مناخ من الاهمـال وهـو مـا يثير مخاوف خطيرة بشأن أنظمة الادارة المالية التي تتبعها الحكومة العراقية، ان أهم ما ذكره التقرير عن الفساد الاداري هي العقود التي أسندت الى شـركة كوسـتر باتلز للأمن والتي فازت بأربعة عقود أمنية في العراق وبعد مراقبة وتدقيق العقود تم توجيه الاتهام لها بإقامة سلسلة من (الشركات الوهمية التي استخدمت للاحتيال)، ان الفساد المالي والاداري قد أدى الى هدر كبير جداً في الاموال، كما أكدت تقارير أخرى مثل تقرير مكتب المحاسـبة التـابع للحكومـة الامريكية المقدم الى الكونغرس الامريكي في أوائل أيار 2007 أن بين 100 الى 300 الف) برميل في اليوم من إنتاج النفط العراقي وعلى مدى أربع سنوات غير معلنة ويمكن أن تكون استعملت في عمليات تهريب وفساد ويعنـي تكبـد وزارة المالية العراقية خسارة من عائدات النفط الخام والمنتجات النفطية تقـدر بنحـو (10) مليون دولار يومياً مما يعني أن الفساد الاداري والمالي أهدر فرصة كبيرة لأعمار العـراق وفرصة التعاون المجتمع الدولي مع العراق في ظرفه الصعب فقد كـان الفـساد والارهاب وجهين لعملة واحدة في الاضرار بالعراق واقتصاده وأمله في عـيش حياة كريمة تحت سقف المجتمع الدولي.(18)
رابعاً: دور الاجهزة الرقابية في مكافحة الفساد في العراق
كما سبق وذكرنا في المبحثين الاول والثاني فإن الفساد الإداري والمالي يعد ظاهرة في إمكانية تغلغله في كافة جوانب الحياة وما يترتب عليه من الآثار السلبية على كافة مفاصل الدولة والتي ادت الى تعدد سبل مكافحته وذلك من خلال المحاسبة اي خضوع الأشخاص الذين يتولون المناصب العامة للمساءلة القانونية والإدارية عن نتائج أعمالهم، أي أن يكون الموظفين الحكوميين مسؤولين أمام رؤسائهم (الذين هم في الغالب يشغلون قمة الهرم في المؤسسة أي الوزراء ومن هم في مراتبهم) الذين يكونون مسؤولين بدورهم أمام السلطة التشريعية التي تتولى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
فلا بد من المسائلة التي هي واجب المسؤولين عن الوظائف العامة، سواء كانوا منتخبين أو معينين، فيتوجب عليهم تقديم تقارير دورية عن نتائج أعمالهم ومدى نجاحهم في تنفيذها، وحق المواطنين في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال الإدارات العامة (أعمال النواب والوزراء والموظفين العموميين) حتى يتم التأكد من أن عمل هؤلاء يتفق مع القيم الديمقراطية، وهو ما يشكل أساساً لاستمرار اكتسابهم للشرعية والدعم من الشعب.
وما تقدم يفترض توفر الشفافية التي تتمثل بوضوح ما تقوم به المؤسسة ووضوح علاقتها مع الموظفين وعلنية الإجراءات والغايات والأهداف، وهو ما ينطبق على أعمال الحكومة كما ينطبق على أعمال المؤسسات الأخرى غير الحكومية، وهذا كله يتم من منطلق النزاهة التي "هي عبارة عن منظومة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والإخلاص والمهنية في العمل"، وبالرغم من التقارب بين مفهومي الشفافية والنزاهة إلا أن الثاني يتصل بقيم أخلاقية معنوية بينما يتصل الأول بنظم وإجراءات عملية، فضلاً عن ذلك لا بد من توفر الإرادة الجادة من قبل القيادة السياسية لمحاربة الفساد الإداري حتى يكون ذلك على مستوى الدولة والمجتمع أو على الأقل بأن لا تصطدم توجهات مكافحة الفساد الإداري مع السلطة السياسية.
كما يمكن للقيـادة السياسـية فــي ســعيها لمكافحــة الفســاد أن تفســح المجــال لحريــة المنافســة السياســية النزيهــة ومبدأ التعددية السياسية والتداول سلميا على السلطة علـى كـل المسـتويات، واقرار مبــدأ ســيادة القــانون وعــدم التمييــز فــي تطبيقــه بــين فئــات المجتمــع والمســاواة فــي الحقــوق والواجبــات والفصــل بــين الســلطات وهــذا كلــه يســاعد علــى كســر الفساد كنظام. تعدد الجهات الرقابية في العراق بنحو كبير، إذ هناك جهات ترتبط بالسلطة التنفيذية، وأخرى بالسلطة التشريعية، وأخرى مستقلة – تعمل تحت إشراف مجلس الوزراء.
وهناك مؤسسات رقابية في العراق تعمل على مكافحة الفساد الإداري والمالي في العراق والتي تتمثل بالآتي(19)
1) ديوان الرقابة المالية:
والتي تعد الجهة المسؤولة عن التدقيق المالي في العراق أنشأ سنة 1990 مهمته تزويد الجمهور والحكومة بالمعلومات الدقيقة الخاصة بالعمليات الحكومية والأوضاع المالية لغرض تعزيز الاقتصاد من خلال مهمة التدقيق المالي وتقييم الأداء ولغرض مكافحة الفساد المالي وبعد 2003 وتم تفعيل دورها بموجب الأمر 77 لسنة 2004 لتعزيز الاقتصاد من خلال مهمة التدقيق المالي وتقييم الأداء لغرض مكافحة الفساد المالي، وديوان الرقابة المالية الاتحادي مرتبط بمجلس النواب، ومسؤوليته الرقابة اللاحقة على عن أعمال التدقيق على المال العام أينما وجد، فضلا عن مهامه في تقويم الاداء في الجهات الخاضعة لرقابته، ويعد أعلى مستوى للرقابة في الدولة (الدور الرقابي لمجلس النواب)
2) هيئة النزاهة:
أنشأت هيئة النزاهة بموجب الأمر 55 لسنة 2004 مهمتها التحقيق في حالات الفساد المشكوك فيها كقبول الهدايا والرشاوي والمحسوبية والمنسوبية والتمييز على الأساس العرقي أو الطائفي واستغلال السلطة لتحقيق أهداف شخصية أو سوء استخدام الأموال العامة من خلال وضع أسس ومعايير للأخلاق الخدمة العامة وثقافة مبنية على الشفافية والنزاهة والشعور بالمسؤولية التي يستوجب الالتزام بتعليماتها مـن قبل جميع موظفي الدولة، فضلاً عن عقد ندوات وإعداد برامج توعية للتثقيف وتبني ثقافة مبنية على الشفافية والنزاهة والشعور بالمسؤولية، وهي من الهيئات المستقلة التي نص عليها الدستور صراحة، وأخضعتها المحكمة الاتحادية العليا الى إشراف مجلس الوزراء، وتتولى التحقيق في قضايا الفساد تحت اشراف القضاء ولها بعض الادوار الوقائية المتمثلة بملاحقة الكسب غير المشروع، والتثقيفية المتمثلة بنشر ثقافة النزاهة، والشفافية، والمساءلة.
3) الرقابة القضائية:
ومن المعروف إن الرقابة على دستورية القـوانين فــي النظــم الدستورية المختلفة تتخـذ صورتين أساسيتين هما الرقابة ألسياسيـة والرقابة القضائية استنادا إلـى الجهة التي تتولى هذه الرقابة، والذي يهمنا هنا هـــو أسلـوب الرقابة القضائية علـى دستورية القوانين وسنقتصر عليه فـي بحثنا دون اسلــــوب الرقابة السياسية، فضلا عـن إن العـــراق كان من أول الــدول العربية التي أخذت بالرقابة القضائية على دستورية القوانين في أول دستور للدولة ألعراقية عام 1925.
والمقصود بالرقابة القضائية هو ان تتولى هيئه قضائية مراقبة دستورية القوانين، أي أن يتولى القضاء فحص القوانين ليتحقق من مطابقة احكامها للدستور، ان الرقابـة القضائية أداة فعالـة فـي مكافحـة الفسـاد والقضـاء عليـه، إذا مـا أحسـن توظيفهـا واسـتغلالها وهـي عامـل مهـم مـن العوامـل الرئيسـية للإصـلاح ومكافحـة الفسـاد، فمـن خلالهـا يـتم اسـتباق حـدوث تلك الظاهرة، فتصحح المفاهيم وتتم دراسة ومعالجـة القصـور، وتوضـع البـدائل فيـتم تفاديهـا، واحالة مرتكبيها أو محاولي ارتكابها إلى الجهات المختصة، غياب هذه الرقابة او ضعف جهاز القضاء وفساد الساسة وافتقار الدولة لسياسة الحساب كل ذلك يسهل من عملية الانحراف التي تطال سلوك العاملين على ادارة الدولة وتزيد من خرق القوانين وتسهل عملية الافلات من العقاب.
4. الرقابة البرلمانية:
الرقابة البرلمانية التي تمارسها السلطة التشريعية يفترض أن تكون في النظام البرلماني هي أهم السلطات وأعظمها لكونها الممثلة للشعب والمعبرة عن نبض أعماقه. ولذلك فإن رقابتها على السلطة التنفيذية تعتبر من أهم الاختصاصات التي تمارسها، وتعتبر وفق هذا التصور سلطة أصيلة قابلة متوجهة في ظل الأنظمة البرلمانية المعاصرة.
تتعدد أشكال الرقابة على أعمال السلطات، فالرقابة قد تكون إدارية تمارسها الإدارة بنفسها على أعمالها وموظفيها وتسمى الرقابة الذاتية سواء كانت خارجية تمارسها أجهزة مركزية مستقلة، أم كانت داخلية تمارس من داخل الجهاز المركزي. وقد تكون رقابة مالية تستهدف التأكد من حسن استعمال المال العام، بما يتفق مع غايات التنظيم الإداري، أو قد تكون رقابة قضائية تباشرها المحاكم المختلفة باختلاف مسمياتها واختلاف الهياكل القضائية داخل كل دولة. وقد تكون رقابة سياسية تمارس عن طريق أعضاء المجالس النيابية الممثلة لطوائف الشعب. وما يعنينا في هذا المضمار الرقابة البرلمانية حيث يقرر النظام البرلماني جملة من الحقوق للسلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية، وذلك من أجل مراقبة الاختصاصات المنوطة لها، الأصل أن الرقابة الإدارية تنصب على التصرفات الإدارية غير المشروعة، فتستطيع الإدارة إلغاء هذه التصرفات أو سحبها أو الاكتفاء بتعديلها. أما التصرفات الإدارية الصحيحة، فالقاعدة العامة أنه لا يجوز سحبها أو إلغاؤها حتى ولو كانت مخالفة لمقتضيات ملاءمة إصدارها إلا استثناءً لاعتبارات معينة.
بوجه عام بأنها التحقق والتأكد من التزام الإدارة بالقوانين والأنظمة والتعليمات في أدائها لعملها لتحقيق الأهداف المرسومة وفق الخطط الموضوعة، بكفاءة وفاعلية، والوقوف على نواحي القصور والخطأ، ومن ثم العمل على علاجها ومنع تكرارها.
أما فيما يخص الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية فتتعدد من حيث موضوعاتها سواء في مجال السياسة الخارجية من خلال دوره في التصديق على المعاهدات أو التعاقدات الدولية أو في مجال السياسة الداخلية للسلطة التنفيذية من خلال مناقشة نشاطها المالي أو الإداري.
ومن المهم أن نشير ان تعدد المؤسسات الرقابية واختلاف مسؤولياتها ليست من مصلحة العمل الرقابي حيث انها ستطيل الاجراءات والآراء والتفسيرات، فضلاً عن حجم التأثيرات الخارجية على كل منها، اذ من الاجدى توحيد تلك المنظومة الرقابية في جهاز واحد ذات صلاحيات واسعة ويضم كل الخبرات المحاسبة والادارية والتحقيقية والقضائية من اجل اتخاذ قرارات حاسمة بوجه الفساد بأسرع وقت وباقل جهد وتكاليف.
ورغم اداء هذه الجهات الرقابية الا ان الفساد بقي ينتشر وترتفع مؤشراته وهذا يعطي انطباعا خطيرا عن العراق خصوصا وان مؤشر المنظمات الدولية قد وضع العراق في المراتب المتأخرة في الترتيب الدولي للفساد، والذي ينبني على مؤشرات متعددة لا يمكن للرغبات السياسية الحكومية تغييرها او التأثير عليها، وهو يؤشر انخفاض قدرة الحكومة العراقية على ادارة ملف الفساد المالي، وهو يرجع لوجود عدة تحديات تجعل القدرة على ادارة هذا الملف الشائك غير ممكنة، اذ تم اتخاذ تدابير عديدة لمواجهة الفساد على صعيد اقرار بعض القوانين ودعم الهيئات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، بات الفساد الاداري آفة إدارية متفشية في القطاعين العام والخاص على حد سواء في جميع دول العالم بلا استثناء، حتى أنه يكاد يمر يوم من دون أن تطلع علينا وسائل العالم المكتوبة أو المرئية أو المسموعة بأخبار عن هذا الداء العضال، وفي مسح أجراه البنك الدولي تناول 3600 منشأة في 69 دولة في العالم عام 1997 تبيَّن أن الفساد يعدُّ من العقبات الرئيسة التي تواجه التنمية في تلك الدول. (20)
ومن المسائل التي تدعم الاجراءات الرقابية للمؤسسات الرقابية في العراق وعملها على مكافحة الفساد الإداري والمالي الاسترشاد بفريق عمل بحثي كبير مكون من 37 أستاذاً جامعياً وخبيراً في الاقتصاد والإدارة والقانون والعمل المصرفي بمركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة كربلاء، الذي أعد تقريرا حول الفساد في العراق وسبل مكافحته. وامتدت الفترة الزمنية التي يتناولها التقرير من عام 2012 حتى العام 2017، ونشرت نتائجه في أواخر عام 2018. ويقع التقرير في 130 صفحة من القطع الكبير ويشتمل على ثلاثة محاور أساسية بعلاقتها بالفساد: (21)
- الجانب الاقتصادي ومتضمناً الموازنة العامة للدولة، والقطاع المصرفي والتعامل في البنك المركزي العراقي مع العملات الجنبية والتحويلات المالية.
- الجانب السياسي في علاقته بالفساد مخترقاً حاجز الممنوع في الساحة العراقية التي تشهد درجة من الفوضى السياسية والدستورية. تناول التقرير علاقة السلطة التنفيذية بالفساد، وكذا الأحزاب السياسية، وأيضا دور البرلمان العراقي في تعظيم حالة الفساد، وأخيرا دور مجالس المحافظات والأقاليم في تنامي ظاهرة الفساد في البلاد.
- الجانب الإداري بكل ما يندرج تحته من بنية إدارية وترهل تنظيمي وتجاوز الموظفين والمديرين لاختصاصاتهم القانونية والإدارية، وتداخل الاختصاصات بين المكونات الإدارية المختلفة.
وفي الختام نشير الى ان تحقيق التنمية يرتبط بالقضاء على الفساد وتحقيق الاصلاح المالي والاداري الاستخدام الافضل للموارد وتطوير السياسات الادارية ورفع كفاءة الافراد وهي الاهداف التي تسعى الرقابة الى تحقيقها والتصدي للفساد بكافة الوسائل وتطوير الأدوات والاساليب المستخدمة لتواكب التطور العلمي في الاستثمار بمختلف أنواعه الوطني والخارجي.
مقترح
(استراتيجية رقابية فاعلة في وزارة التجارة)
إن مفهوم المراقبة لا ينحصر فقط بوصفها أداة لتصحيح الأخطاء وملاحظة مدى القيـام بالواجب، وإنما باعتبارها قبل كل شيء أداة لتعليم العاملين الطريق الأمثل لجعل عملهـم أكثـر تنظيما وذو مردودية أحسن واستعدادهم لمواجهة الأخطار الفجائية وفـي الوقـت المناسـب، وللمراقبة جهتين:
1. المراقبة الذاتية وهي التي يقوم بها مسؤول المؤسسة وذلك عن طريـق تتبـع مختلـف مراحل عملية إعادة الإنتاج المرتبطة بعمل المؤسسة.
2. المراقبة المركزية وهي التي تتم من قبل الدولة ومن الهيئات المراقبة التابعة لها.
ومن ثمة هدف المراقبة هو الوقاية أو القضاء على الخطر الذي يهدد المستهلك، وهذا ال يتم إلا بواسطة تنظيم خاص، وعليه فقد أقر ت التنظيمات والقوانين وجوب رقابة جودة ونوعية المنتوج أو الخدمة وقمع الغش إضافة إلى الممارسات التجارية والمضادة للمنافسة.
والجدير بالذكر انه كثير ما يجري الخلط بين استعمال مفهومي الجودة والنوعية، وإزالة هذا الخلط نقوم بتوضيح الفرق بين هذين المفهومين: فالمقصود بالجودة هو قابلية منتوج معين أو خدمة معينة علـى إرضـاء المـستهلك وإشباع حاجاته بحيث تجعله إما يرغب في المزيد أو الامتناع، بهذا المعنى يمكن القـول بـأن جودة المنتوج مرتبطة بخصائصه الداخلية أي طبيعة عناصره أو مكوناته، أما بالنسبة للخدمـة فالجودة تنسب إلى الكيفية التي يتم بها تقديم الخدمة بما في ذلك وجـود السهولة والراحـة، فالجودة إذا تمثل العمل المتقن للسلعة الذي يمكن قياسه وتحديده والتحكم فيه.
ويمكن التعبير عن الجودة بأنها مختلف المعايير والمقاييس المحددة لكل منتوج والتي تتماشى مع رغبات الزبائن، إذ تتخذ هذه المواصفات كأساس لقيام عملية الرقابة على الجـودة وهذا عن طريق ملاحظة مدى مطابقة هذه السلعة أو الخدمة للمواصفات المحددة لها مسبقا، أما المقصود بالنوعية فهي الخصائص الخارجية للمنتوج أو الخدمة كالحجم، اللـون، الشكل، فهي التي تمكن من تعداد المنتجات وتجعل منها أنواعا مختلفة، فهي تمثل الجانب الفني للسلعة، أي أنها تعبر عن المفهوم الضيق للجودة.
وباستقرائنا مختلف النصوص القانونية المتعلقة بموضوع الرقابة بشكل عام والتي بالإمكان الاسترشاد بها في مسارات العمل الرقابي في وزارة التجارة نجدها تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
• مراقبة مسبقة
• مراقبة لاحقة
• مراقبة مستمرة
المراقبة المسبقة:
سنتناول في هذه النقطة دراسة رقابة المنتج اولاً ثم رقابة المنتوج.
رقابة المنتج: في اطار حماية المستهلك "يجب على كل منتج أو وسيط أو موزع وبصفة عامة كل متدخل في عملية الوضع للمستهلك أن يقوم بنفسه أو عن طريق الغير بالمراقبة الازمة للتأكد من مطابقة المنتـوج أو الخدمـة للقواعد الخاصة والمتميزة له، وتكون هذه المراقبة متناسبة مع نوع العمليات التي يقوم بهـا المتدخل ومع حجم صنف المنتوج أو الخدمة المعروضة للمستهلك والإمكانيات التي يجـب أن يتوفر عليها اعتبار لتخصصه والقواعد المعمول بها عادة في هذا الميدان".
رقابة المنتوج: قدر تعلق عمل وزارة التجارة العراقية في المراقبة على المنتجات التي تدخل في موضوعة البطاقة التموينية كالطحين والسكر والزيوت والرز وأي منتوج شمل المنتوجات الزراعية، المحلية والمستوردة أيضا، ومهما كانت طبيعة المنتوج فعلى القائمين بإنتاج السلع والخدمات الالتزام بأمن المنتوج أي ضرورة توفير ضمانات في المنتوج ضد كل المخاطر التي من شأنها المساس بصحة المستهلك أو أمنه أو تضر بمصالحه المادية.
فهنا يظهر جليا دور الرقابة المسبقة على المنتوج. هذه الرقابة تتمثل في منع إنتاج بعض المنتجات دون الحصول على ما يسمى "بالرخصة المسبقة".
الرقابة اللاحقة
بعد أن يكتمل صنع المنتوج ويصبح جاهزا للتسويق والاستهلاك لا بد من القيام بجميـع المراقبة اللازمة لمدى مطابقة واستجابة المنتوج للمقاييس المعتمدة والمواصفات القانونية بقصد تفادي المخاطر التي قد تهدد صحة وأمن وسلامة المستهلك أو تمس بمصالحه المادية، وهو ما يتولى القيام به اعضاء اللجان الرقابة الاقتصادية، لهذا فإن لهذه اللجان الحق في اتخاذ جميع التدابير التحفظية والوقائية الرامية لحماية المستهلك ومصالحه.
والجدير بالذكر فإن هذه الإجراءات التي تقوم بها اللجان هي التي تضمن شرعية العملية وتضمن حماية المنتوج من جهة، ومن جهة أخرى فإن ضرورة احترام هذه الإجراءات تضمن حماية سير صناعة المنتوج.
الرقابة المستمرة
يمكن للسلطة الإدارية المختصة أن تقوم في أي وقت وفي أي مرحلة مـن مراحـل عـرض المنتوج للاستهلاك بتحريات لمراقبة المطابقة قصد تفادي المخاطر التي تهدد المستهلك، وبالتالي أثناء عرض المنتوج للاستهلاك سواء من طرف المنتج أو الموزع أو البائع يكون محل رقابة مستمرة وذلك عن طريق اللجان الرقابية في التابعة لوزارة التجارة حيث يقوم هؤلاء بممارسة نشاطهم في أي مكان مـن أماكن الإنشاء الأولي، والإنتاج والتحويل والتوضيب والإيداع، والنقل، والتسويق، أي في أي مرحلة من مراحل عرض المنتوج للاستهلاك، لعدم الإخلال بالتزام الحفاظ على صحة المستهلك.
- مجالات حماية المستهلك في ظل قوانين رقابة الممارسات التجارية بوزارة التجارة
1) حماية المستهلك في مجال شفافية الأسعار: وهو إلزامية الإعلام عن السعر توعية للمستهلك حتى يكون في مأمن عن أية مفاجأة في مبلغ الإنفاق الكلي للحـصول علـى منتـوج أو تقـديم الخـدمات المقترحة، فالمواطن يجب عليه أن يعرف السعر أو الثمن الذي سوف يدفعه، عن طريق وضع علامات أو وسم أو معلقات أو بأية وسيلة أخرى مناسبة، يجب أن تبين الأسعار والتعريفات بصفة مرئية ومقروءة.
2) حماية المستهلك من الغش التجاري والممارسات غير الشرعية: "الغش كل فعل عمدي تجاه سلعة معينة أو خدمة ,يكون مخالفا للقواعد المقررة في التشريع أو في أصول البضاعة متى كان من شأنه أن ينال من خواصها أو فائدتها أو ثمنها بشرط عدم علم المتعامل الآخر به،" اما الغش التجاري نقصد به الغش المتعلق فقط بالبيع والخدمات المسموحة للإنتاج والتـداول والاستهلاك عرفا وقانونا، و للغش التجاري طرق تتمثل في:
- الخداع (بالتأثير على فكر الشخص لمشتري من خلال اظهـار الشيء بغير حقيقته عن غير طريق يؤدي الى التباسه بغيره).
- التزييف (عن طريق الخلط او الصنع)
- التداول التجاري (أهم وسائل التداول التجاري والتي طالها الغش هي الاستيراد منتهي الصلاحية).
نستنتج مما سبق ان مجالات حماية المستهلك في ظل رقابة الممارسات التجارية لوزارة التجارة على غرار ما معمول به في اغلب الدول اثناء عملها الرقابي والتجاري والتي تولي اهمية بموضوع حماية المستهلك، وهذا حرصا منها على الحفاظ على سلامته وحماية قدرته الشرائية، وبالتالي القضاء على كل المظاهر السلبية التي تؤثر على المنتوج والتلاعب بمصالح المستهلكين الامر الذي يؤدي الى المحافظة على استقرار توريد السلع للمستهلك عبر مختلف المنافذ التجارية سواء الحكومية منها او التابعة للقطاع الخاص، وقد وضع العراق عدة قوانين بهذا الشأن تتضمن حماية المستهلك واهمها:
قانون حماية المستهلك (1) لسنة 2010
يهدف هذا القانون إلى- ضمان حقوق المستهلك الأساسية وحمايتها من الممارسات غير المشروعة التي تؤدي إلى الإضرار به - ورفع مستوى الوعي الاستهلاكي. - منع كل عمل يخالف قواعد استيراد أو إنتاج أو تسويق السلع أو ينتقص من منافعها أو يؤدي إلى تضليل المستهلك.
قانون وسم الموازيين والمكاييل التجارية رقم(42) لسنة 1978 المعدل
جاء القانون ليؤكد ان أسبابه الموجبة لصدوره انه: وضع قانون ينسجم مع الأوضاع الاقتصادية السائدة ويؤدي الى استقرار المعاملات التجارية بما يضمن الثقة في التعامل والعدالة بين الموطنين، وذلك عن طريق توحيد ادوات الوزن والقياس والكيل، لغرض منح السلطة العامة الصلاحيات اللازمة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع التلاعب والتزوير، وفرض العقوبات المناسبة.
وأهم ما تضمن هذا القانون:
- الوسم (الختم): وهو وضع رمزين على ادوات الوزن او القياس او الكيل بعد فحصها وعيارها.
- الفحص: هو اجراء للتأكد من مطابقة اداة الوزن او القياس أو الكيل للمواصفة القياسية ذات العلاقة.
- المعايرة هي تدقيق مدى صحة الوزن او القياس او الكيل بالنسبة لمراجع القياس التجارية المعتمدة لدى الهيئة.
- وحدات القياس وهي وحدات معترف بها قانونا يتعين بموجبها استعمال الكيلو غرام ومضاعفاته واجزائه لقياس الكتلة واستعمال المتر ومضاعفاته واجوائه لقياس الاطوال والابعاد واستعمال اللتر والمتر المكعب ومضاعفاته واجزائهما في قياس المكيلات والاحجام.
- مراجع القياس التجارية هي أدوات قياس تجارية سبق معايرتها على أدوات قياس أدق منها.
- ادوات الوزن او القياس او الكيل، هي اداة لتحديد ومعرفة كمية المواد وزنا او قياسا او كيلاً.
ولا يجيز القانون" حيازة او بيع او استعمال ادوات الوزن والقياس والكيل للأغراض التجارية، الا اذا كانت مضبوطة ومختومة، وهو ما لا يسمح بحدوث الغش التجاري عن طريق الموازين والمكاييل ويقضي القانون بمحاسبة ومعاقبة المخالفين بشكل رادع.
قانون الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية رقم 54 لسنة 1979 (المعدل)
الهدف الاساس من صدوره، وهو المساهمة في النهوض بالاقتصاد القومي وتحسين الإنتاج القومي وحماية الثروة القومية.
قانون الصحة العامة رقم(89) لسنة 1981 المعدل
تشترك مواد هذا القانون في حماية المواطن وتوفير بيئة صحية لها مع الحقوق الاساسية كمستهلك، ومنها حقه في توفير بيئة نظيفة لها، من خلال المادة (3) من القانون منه.
قانون تنظيم الوكالة التجارية رقم (51) لسنة 2000
يهدف هذا القانون إلى تنظيم أعمال الوكالة التجارية التي يمارسها في العراق وكيل لمصلحة شخص طبيعي أو معنوي من خارج العراق، وتنظيم تعامل دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والخاص والاتحادات مع الأشخاص الطبيعية والمعنوية العربية والأجنبية بالشكل الذي يحقق أهداف التنمية ويحول دون الاستغلال ويؤمن مصلحة الاقتصاد الوطني.
قانون حماية المنتجات العراقية رقم (11) لسنة 2010
بهدف هذا القانون الى دعم الاقتصاد العراقي والنهوض بالصناعة الوطنية، ووضع حلول جذرية للاعتماد على المنتج المحلي بدلاً من المنتج المستورد وتشجيع الصناعة الوطنية خدمة لبلدنا العزيز.
ونشير بهذا الصدد الى امكانية تقسيم آليات حماية المستهلك العراقي الى شقين أساسين:
الأول: الشق التشريعي والقانوني: وهو الشق الأساس الذي يوفر لنا القدرة على الحد من ظاهرة الفساد واعادة تنظيم بما يخدم المستهلك العراقي والاقتصاد الوطني على حد سواء.
الثاني: شق الحماية والدعم: وهو الشق الذي يكمل الجانب المتعلق بتقوية الاقتصاد العراقي سواء بشكل مباشر عن طريق القروض والدعم للمشاريع الرائدة او للمشاريع الصغيرة او بشكل غير مباشر عن طريق الحماية الكمركية للمنتج المحلي.
- آليات بناء استراتيجية الاجهزة الرقابية وفاعليتها في مكافحة الفساد في وزارة التجارة:
تضمن الدستور العراقي فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والإداري ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها.
وتلتزم الدولة بمكافحة الفساد ومعها الهيئات والاجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ضماناً لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في العراق.
وبموجب ذلك سنطرح الرؤيـــــــة والرسالـــــة للاستراتيجية الفاعلة للأجهزة الرقابية في مكافحة الفساد في وزارة التجارة:
الرؤيـــــــة: إيجاد هيئة وزارية تؤشر كافة مخاطر الفســـاد تعمل في ظل جهاز إداري تسيير وفق اسس تعتمد على قيم الشفافية والنزاهة في مسارات عملها.
الرسالـــــة: السير نجو تحديـــد وتقييــم مخاطر الفســـاد في كل مفاصل وزارة التجارة والعمل علـــى الوقاية منـــها ومكافحتها مع وضـــع الأهداف والإجراءات والبرامج والآليات التي تقود نحو تفعيـــل ثقافة مجتمعيـــة رافضـــة للفســـاد للارتقاء بمستويات الشفافية والنزاهة في البلاد.
استراتيجية الاجهزة الرقابية وفاعليتها في مكافحة الفساد في وزارة التجارة:
1. التوجه نحو المشاركة الفاعلة بيـــن كافة الجهات المعنية في وزارة التجارة العراقية في بنـــاء جبهة موحدة لمكافحة الفســـاد في كل مفاصل الوزارة ومنافذ تسويق الوزارة فضلاً عن كافة وكلاء توزيع مفردات البطاقة التموينية.
2. دعم تطويـــر نظـــم العمل الرقابي في وزارة التجارة علـــى نحو يحقـــق الوقاية من الفســـاد ومكافحته.
3. تفعيل آليات مكافحة الفسـاد لتشمل (ترشيد الهيـــاكل التنظيميـة / لتنميــة المــوارد البشــرية / تطبيــق مبادئ الشفافية والنزاهة / تفعيل التدوير الوظيفي باتجاه تفعيل شعار الموظف المناسب في المكان المناسب)
4. إعداد فريق متخصص لوضع الخطة التنفيذية لدوائر وأقسام الرقابة في الوزارة ضمن الخطة الوطنية لمكافحة الفساد، ووضع هيكلية لإدارة برنامج لتلك الخطة، حيث يكون مكتب الوزير ووكلائه هو أعلى جهة تنفيذية ورقابية للبرنامج ومشرفا ومتابعا ميدانيا للتنفيذ.
5. إمكانية وضع الأهداف القريبة / المتوسطة والبعيدة المدى مـــع لتحقيق الهدف المحـــدد بما لا يتعارض مع الأهداف الأخرى.
6. تدريب منسوبي الجهات الرقابية في وزارة التجارة، وفق منهج تدريبي واضح وشامل مع التأكيد على استخدام أساليب متعددة بالتدريب منها (العصف الذهني، تبادل الأدوار، الأسئلة والأجوبة، المحاضرة، الأمثلة، الصور التوضيحية...). المواضيع التي تم التأكيد عليها:
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تعريفها والغرض منها: موقف العراق من الاتفاقية. دور المواطن ومؤسسات المجتمع المدني في الاتفاقية.
- الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في العراق.
- المؤسسات المسؤولة عن مكافحة الفساد في العراق.
- دور منظمات المجتمع المدني في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في العراق.
- دور المواطن في الاستراتيجية وتفعيل أخلاقيات المواطنة الشفافية في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في العراق.
- عقد اجتماعات دورية بين الجهات المشتركة بالحملة لتبادل الخبرات واطلاع الأطراف إلى أي مدى تم تنفيذ الاتفاقية.
- تبادل المدربين بين الجهات. تنفيذ حملة إعلامية موازية للحملة المباشرة.
7. العمل على توفيـر كافـة المــوارد (البشــرية / الماليـــة/ والتكنولوجية (اللازمة لتنفيـــذ الاستراتيجية.
8. العمل وضـــع آليـات بديلـــة عنـــد الضـرورة لتحقيـــق المرونـــة اللازمة لمواجهة أي معيقات أو متغيـــرات قد تواجه تنفيذ الاستراتيجية.
9. إعداد خطة لإطلاق حملات توعية وطنية لمكافحة الفساد تهدف إلى رفع الوعي الجمهور بخطورة الفساد ومناصرة الأجهزة الرقابية وخلق رأي عام مضاد للفساد باستخدام جميع الوسائل السلمية (ورش، منتديات، إعلام، كسب الدعوة والتأييد...).
10. العمل على تعزيز العلاقة مع السلطات التشريعية (وخاصة مجلس النواب العراقي) كأفراد او مؤسسة لدعم جهود وزارة التجارة في مكافحة الفساد من خلال تبنيها وإصدار تشريعات خاصة لمكافحة الفساد.
11. تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد فهذا القطاع غالبا ما يكون ًطرفا في ممارسات الفساد لا سيما الرشوة، فهو إما يكون ّ محفًزا عليها أو ضحية لها في الحالتين، مما يستوجب وضع القطاع الخاص في إطار أي استراتيجية تعزز الاهتمام بالنزاهة ومكافحة الفساد
12. تفعيل الرقابة المباشرة والرقابة الغير المباشرة في عمل اللجان الرقابية من خلال:
- الرقابة المباشرة: يتم هذا النوع من الرقابة عن طريق الملاحظة الشخصية التي تلعب دورا مهماً ومستمرا في مراجعة النتائج الفعلية، إذ يقوم المسئول بشخصه بمراقبة أعمال المرؤوسين والتحدث معهم، بغرض التعرف على المعلومات الضرورية وعلى الانعكاسات التي يبديها هؤلاء الأفراد، اتجاه طبيعة العمل وظروفه ونظام الأجور وغيرها من الأمور التي لا يجري نقلها في التقارير المكتوبة.
- الرقابة غير المباشرة: لأسباب عديدة قد يتعذر على المسئول القيام بملاحظات شخصية لسير أعمال المشروع لهذا يلجأ المسئول إلى الرقابة غير المباشرة، وذلك عن طريق التقارير الرقابية، وتهدف هذه التقارير إلى كشف الأخطاء في سير العمل، إلا أنها تزداد فعاليتها إذا قدمت بسرعة ودقة حتى يتمكن المسئول من اكتشاف الخطأ في الوقت المناسب، واتخاذ الإجراءات الضرورية لتصويبه قبل أن يسبب مشكلة قد تؤثر على سير المشروع بأكمله.
الجهات المشاركة في تنفيذ الاستراتيجية
ان تحقيـــق الأهداف والإجراءات استراتيجية لمكافحة الاجهزة الرقابية وفاعليتها في مكافحة الفساد في وزارة التجارة:
1. الإشراف المباشر من اللجان الرقابية في مجلس النواب.
2. اللجنـــة الوطنية لمكافحة الفســـاد في العراق، واللجان الفرعية المنبثقة عنها.
3. الســـلطات الرقابيـــة في المؤسســـات الرقابية (ديوان الرقابة المالية- هيئة النزاهة الوطنية)
4. وسائل الإعلام والصحافة في البلاد.
5. منظمات المجتمع المدني.
الاستنتاجات والتوصيات
الاستنتاجات
1) ان الفساد الاداري والمالي يتمثل بالقيام بأعمال تمثل اداء غير سليم للواجب او اساءة استخدام لموقع او سلطة بما في ذلك أفعال الاغفال توقعا لمزية او سعيا للحصول على مزية يوعد بها او تعرض مما يتطلب وتفعيل دور مؤسسات الرقابة (هيئة النزاهة المفتشون العامون ديوان الرقابة المالية).
2) ضعف الجهاز الرقابي والقضائي وعدم توحيد المهام الأساسية له والتهاون مع المقصرين والتستر عليهم يسبب تفشي ظاهرة الفساد وتعدد تلك الاجهزة ما يؤدي إلى ضعف الاستثمار وهروب الأموال خارج البلد في الوقت الذي كان من المفروض استغلال هذه الأموال في إقامة مشاريع اقتصادية تنموية تخدم المواطنين من خلال توفير فرص العمل.
3) تتعدد دوافع وأسباب الفساد الاداري والمالي حيث ان الخلل في الادارة العامة له الأثر الكبير في في انتشار ظاهرة الفساد الإداري ويتمثل ذلك في عدم تحديد المهام والواجبات بدقة في الجهات الحكومية.
4) حددت دراستنا الاجهزة التي لها دور هام في حماية المستهلك بصفة عامة والتي تحمي المستهلك بصفة خاصة والتابعة لوزارة التجارة في إطار تكثيف الجهود ما بين الاجهزة المكلفة بوقاية المستهلك قصد تحقيق المصلحة العامة، هذه الاجهزة متعددة وأحيانا تتشابه الاجراءات التي تتخذها.
5) الهدف الرئيسي من طرح استراتيجية الاجهزة الرقابية وفاعليتها في مكافحة الفساد في وزارة التجارة: العام لهذا هو تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد".
التوصيات
1) العمل على وضع المناهج التربوية والثقافية عبر وسائل الأعلام المختلفة لنشر ثقافة النزاهة وحفظ المال العام لغرض تحقيق الولاء والانتماء بين الفرد والدولة مع إعطاء الدور الريادي لوزارات الثقافة والتعليم العالي والتربية لوضع منهج دراسي لكل المراحل لتلبية ثقافة الحرص على المال العام والنزاهة في التعامل وتقليص روح الأنانية الفردية والسمو بالروح الجماعية.
2) تفعيل الدوائر الرقابية لهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وكلاً حسب اختصاصه ضمن الوزارات المعنية.
3) إصدار قوانين صارمة لمنع هدر الأموال العامة والفساد الإداري والمسائلة الجدية لهم فضلاً عن الاختيار الصحيح للأشخاص النزيهين من هيئات الرقابة والمفتشين والنزاهة فضلاً عن تفعيل وسائل المحاسبة والمساءلة وتأكيد أن لا رقابة بدون مساءلة ومحاسبة، مع تطوير أدوات وبرامج الاصلاح وتحديث وسائل وأساليب الرقابة.
4) تشريع القوانين اللازمة للقضاء على الفساد الإداري يتلائم مع حجم هذه الظاهرة والتي بلغت مستويات عالية كما تم إيضاحه في التقرير الذي أصدرته هيئة النزاهة العراقية مع الاهتمام بمستوى الرواتب والاجور سواء كان ذلك للقطاع الخاص او العام وتحقيق التوازن بين مستلزمات المعيشة ومستوى الاجور.
5) وضع آليات التعامل مع بناء استراتيجية الاجهزة الرقابية وفاعليتها في مكافحة الفساد في وزارة التجارة التي وردت تفاصيلها في دراستنا مع تبني دراسة توزيـــع المهام والمسؤوليات في ضوء محاور الاستراتيجية من ذوي الاختصاص.