مبدأ المشاركة في النظام الإتحادي العراقي
دراسة مقارنة
مؤتمر الإصلاح التشريعي
2018-12-06 06:10
إعداد الدكتورة: روافد محمد علي الطيار-مركز الدراسات الاستراتيجية/جامعة كربلاء
(بحث مقدم الى مؤتمر (الاصلاح التشريعي طريق نحو الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد) الذي اقامته مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام وجامعة الكوفة/كلية القانون 25-26 نيسان 2018)
المقدمة
إن من أهم المبادئ التي تحكم النظام الإتحادي أو الدولة الإتحادية هو (مبدأ المشاركة) أو (قانون المشاركة) والذي يقصد به (إشراك كل دولة عضو في الإتحاد أو الاقاليم في تكوين الارادة العامة لهذه الدولة وذلك عن طريق: إشراكها في تكوين السلطة التشريعية الإتحادية، فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية يضم مجلس الشيوخ الامريكي ممثلين من كل دولة عضو في الإتحاد الامريكي أو ما يطلق عليها (ولاية)، بصرف النظر عن عدد السكان في كل ولاية من الولايات الامريكية (1).
إضافة إلى ذلك يخول هذا المبدأ الدول الاعضاء في الإتحاد المساهمة في إعداد القرارات الإتحادية ذات المنفعة المشتركة وبدونه لا يمكن القول بتعاون الاعضاء في الإتحاد وانما بخضوعهم للسلطة المركزية، فالدولة الإتحادية لا توجد إلا إذا ساهمت الجماعات المشتركة بواسطة ممثليها بتكوين الأعضاء في الدولة الإتحادية وبإعداد قراراتها وقوانينها (2).
أشار الدستور العراقي لعام 2005 في المادة الاولى منه إلى إن العراق دولة إتحادية. وفي المادة (48) من الدستور حددت السلطة التشريعية الإتحادية والتي تتشكل من مجلس النواب ومجلس الإتحاد.
وأشار في المادة (65) إلى إنه يتم " إنشاء مجلس تشريعي يدعى (مجلس الإتحاد) يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه واختصاصاته وكل ما يتعلق به، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ".
أما المادة (137) من الدستور أشارت إلى تأجيل العمل بأحكام المواد الخاصة بمجلس الإتحاد أينما وردت في هذا الدستور إلى حين صدور قرار من مجلس النواب، بأغلبية الثلثين بعد دورته الانتخابية الاولى التي يعقدها بعد نفاذ هذا الدستور.
وبالرغم من إدراج مشروع مجلس الإتحاد لعام 2011 ضمن جدول أعمال مجلس النواب، وصدور حكم من المحكمة الإتحادية العليا لعام 2018 بوجوب تشريع قانون مجلس الإتحاد، إلا إنه مازال مجلس الإتحاد لم يرى النور.
مبحث تمهيديي: ماهية مبدأ المشاركة والنظام الفدرالي
يتضمن هذا المبحث البحث مفهوم مبدأ المشاركة وأنواعها، بالإضافة إلى تحديد مفهوم الفدرالية وتبنيها في العراق في المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: مفهوم مبدأ المشاركة وأنواعها
الفرع الاول: مفهوم مبدأ المشاركة
يقصد بمبدأ المشاركة: مشاركة الولايات أو الاقاليم أو المقاطعات، أيا كان تسميتها، الاعضاء في الدولة الإتحادية، كونها كيانات دستورية مميزة ذات دور في تكوين إرادة الدولة الفدرالية مما يترتب عليه تحقيق الانسجام والتوافق بين مبدأي وحدة الدولة الفدرالية والاستقلال الذاتي للأعضاء في الإتحاد(3).
الفرع الثاني: أنواع مبدأ المشاركة
إن المشاركة في تكوين الارادة العامة هي في الواقع مشاركة في تكوين مؤسسات الدولة الدستورية وفي تسيير هذه المؤسسات وهي تتم بطريقتين:
الطريقة الاولى (المشاركة غير المباشرة)
الطريقة الثانية (المشاركة المباشرة)
أولا: المشاركة غير المباشرة:
وتتمثل بتمثيل الدول بصفة متساوية في هيئة خاصة من هيئات الدولة الإتحادية تجسد الارادة العليا للدولة، وهي عادة السلطة الاشتراعية أي السلطة التي تعود إليها إصدار القوانين وتمثيل إرادة الدول.
وفي سبيل تحقيق هذه المشاركة، يراعي النظام الفدرالي والدستور الإتحادي عند تنظيم السلطات العامة هذا العامل المزدوج بحيث يتم إنشاء مجلسين تشريعيين، أحدهما يمثل الشعب والآخر يمثل الاعضاء في الإتحاد على أساس تحقيق المساواة فيما بينها، وتدعى الى التمثيل فيه بهذه الصفة وبوصفها عناصر مكونة للدولة الإتحادية التي لا تقوم بدونها، وذلك لمشاركتها في التعبير عن إرادتها داخل الهيئة أو المؤسسة التي تخرج منها إرادة الدولة العليا وتسود كل الأرادات.
ولكن المشاركة التي تمارسها الاعضاء في الإتحاد عن طريق المجلس الممثل لإرادتها، كمجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الامريكية ومجلس الدول في الإتحاد السويسري، لغرض الدخول في تكوين إرادة الدولة الإتحادية لا تتحقق عمليا إلا بصورة غير مباشرة، ذلك لأن مندوبي الاعضاء في الإتحاد لايباشرون مهامهم إلا وفقا لتعليمات يتلقونها من حكومات هذه الاعضاء في الدولة الإتحادية، ولكنهم يظهرون بصورة عامة من خلال ممارسة نشاطاتهم التشريعية المعبرة عن إرادة الاعضاء التي يمثلوها(4).
ثانيا: المشاركة المباشرة:
تتمثل المشاركة المباشرة في إظهار إرادة الاعضاء في الدولة الإتحادية بصورة مباشرة وفعالة تتم عن طريق الاشتراك في عملية تعديل الدستور سواء من حيث منح الاعضاء في الدولة الإتحادية حق اقتراح تعديل الدستور أو حق المصادقة على الدستور أو كلاهما، وهنا تكمن المشاركة الحقيقية للأعضاء في الدولة الإتحادية في صنع إرادة الدولة الإتحادية.
المطلب الثاني: مفهوم الفدرالية وتبنيها في العراق
الفرع الأول: مفهوم الدولة الفدرالية
تنشأ الدولة الفدرالية كشكل من أشكال الدولة، من خلال إتحاد عدد من الدول تتعايش معا دون انفصال، تتنازل كل دولة عن بعض سلطاتها الداخلية وسيادتها ثم تتوحد ثانية لتكون دولة فدرالية تخضع لدستور فدرالي، كما في الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا وألمانيا الإتحادية.
تتميز الدولة الفدرالية بثلاث مظاهر وهي الوحدة والاستقلال والمشاركة، حيث تبرز مظاهر الوحدة في التعامل الخارجي تمارس الدولة الفدرالية دورها في التعامل على الصعيد الدولي كدولة واحدة. وأيضا تتمتع بجزء من السيادة الداخلية، تمارس السيادة الداخلية بواسطة سلطتان لكل وظيفة من وظائفها (التشريعية والتنفيذية والقضائية) تتمثل بالسلطة الإتحادية الفدرالية وسلطة الاعضاء في الإتحاد الفدرالي، تنظم العلاقة بين السلطتين عن طريق الدستور الإتحادي.
إن معظم الدول الفدرالية عند تنظيمها للسلطة التشريعية الإتحادية تأخذ بنظام المجلسين – وهو محور بحثنا - لأن نظام المجلسين يتلائم مع طبيعة التكوين القانوني والسياسي للدولة الفدرالية، يطلق على أحد المجلسين اسم المجلس الاعلى، حيث يمثل الاعضاء في الإتحاد، يتساوى الاعضاء في نسبة تمثيلها في هذا المجلس تطبيقا لمبدأ التمثيل المتساوي الذي يمنع طغيان أحدهما على الاخر بسبب التفوق السكاني أو الاقتصادي أو غيرهما، ويطلق على المجلس الاخر اسم المجلس الادنى، وهو مجلس منتحب عن طريق الاقتراع العام، وتوزع مقاعده على أساس عدد السكان لكل عضو، ويمثل الشعب في الدولة الفدرالية بأكمله لذلك يتفاوت عدد الاعضاء الذين يمثلون كل عضو وفقا لعدد سكانه (5).
تنشأ الدولة الفدرالية من تفكك دولة كبيرة بسيطة تعاني من مشاكل داخلية اجتماعية وسياسية واقتصادية كاختلاف اللغة، العادات، الثقافات والثروات، فيعمل شعبها على المطالبة بالاستقلال التام عن الحكومة المركزية وتقرير مصيرها دون تدخل من الاخرين، ثم تقوم الدولة المعنية بتحويل شكلها من دولة بسيطة إلى دولة إتحادية فدرالية، كما في البرازيل والعراق(6).
وهناك من يرى بإن الدولة الفدرالية يمكن أن تقوم بطريقة ثالثة ناتجة عن دمج الطريقتين السابقتين معا، كما في الهند وكندا، حيث تشكل الإتحاد الهندي استنادا إلى دستور عام 1950 وذلك عن طريق التنازل عن السلطة لولايات كانت في السابق مقاطعات بالاضافة إلى ضم ولايات كانت منفصلة إلى الفدرالية الجديدة (7).
الفرع الثاني: النظام الفدرالي في الدستور العراقي لعام 2005
تبنى الدستور العراقي لعام 2005 النظام الفدرالي الإتحادي في أكثر من موضع في الدستور حيث أشار في مقدمته إلى: "نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الإتحاد بنفسه، و........ إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق إتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً ".
وأكد المشرع الدستوري على النظام الإتحادي في المادة الاولى منه والتي تشير إلى: " جمهورية العراق دولة إتحادية.....".
كما يؤكد ذلك في المادة (109): " تحافظ السلطات الإتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الإتحادي".
إضافة إلى إشارات أخرى لمظاهر النظام الإتحادي كما في المادة (13) حيث أشار إلى وجود دستور إتحادي يعلو على دستور الاعضاء في الإتحاد (الاقاليم): "اولاً ـ يُعدُ هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق، ويكون ملزماً في انحائه كافة وبدون استثناء. ثانياً ـ لايجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو اي نص قــانوني آخــر يتعارض معه".
وكذلك أشار في الباب الثالث إلى السلطـات الإتحاديـة ومنها السلطة التشريعية والتي تتشكل استنادا للمادة (48) من مجلس النواب ومجلس الإتحاد. نظم المشرع الدستوري مجلس النواب ضمن خمس عشرة مادة (49 – 64).
أما المجلس الثاني - وهو محور بحثنا – تناوله المشرع الدستوري بمادة واحدة وهي المادة (65): "اولاً ـ يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى بـ"مجلس الإتحاد" يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".
اكتفى المشرع الدستوري العراقي بهذا النص بالنسبة للمجلس الثاني في السلطة التشريعية الإتحادية واوكل مهمة تنظيم تشكيل المجلس واختصاصاته وطبيعة علاقته بجلس النواب بقانون يسنه مجلس النواب، وكان حري بالمشرع الدستوري وهو ليس بالأمر الصعب عليه تنظيم مجلس الإتحاد ضمن نصوص الدستور وليس بقانون عادي، وعليه نرى ضرورة إعادة النظر بنصوص الدستور وإدخال النصوص الخاصة بمجلس الإتحاد ضمن نصوص الدستور شأنه شأن مجلس النواب.
المبحث الأول
المشاركة غير المباشرة (المشاركة في مجالس الاقاليم)
المطلب الأول: تشكيل المجلس الاعلى
ذكرنا سابقا إن وجود إتحاد فدرالي يتطلب وجود مجلسين تشريعيين أحدهما يمثل الاعضاء في الدولة الإتحادية بشكل متساوي، ويطلق عليه (المجلس الاعلى) ومجلس آخر يمثل الشعب ويطلق عليه (المجلس الثاني).
في الولايات المتحدة الامريكية يتمثل المجلس الاعلى بمجلس الشيوخ، نشأت من فكرة ايجاد هيئة محافظة تعادل مجلس ممثلي الشعب فكان تشكيل هذا المجلس ضمانه تطمئن المندوبين اللذين كانوا يتخوفون من سلطة المجلس الواحد وتكفل عدم اتخاذ أي اجراء ضد إرادة الولاية (8)، فإذا كان مجلس النواب الامريكي يتصف بالعمومية الوطنية الشاملة للشعب الامريكي بأسره، فان مجلس الشيوخ تتمثل فيه الصفة الإتحادية للدولة الامريكية المتحدة، ويتم اختيار أعضائه عن طريق الانتخاب، على أن يكون شيخان عن كل ولاية مهما كبر حجمها أم صغر، ومهما كان عدد سكانها، فتستوي في ذلك ولاية نيويورك التي يقرب عدد سكانها من عشرين مليون نسمة مع ولاية الاسكا التي لايزيد تعدادها عن ربع مليون نسمة، وبهذه الطريقة يضمن هذا التمثيل المتساوي للولايات نوعا من التوازن ويحول دون طغيان الولايات الكيرة على الولايات الصغيرة، يبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ في الوقت الحاضر مائة عضو، يرأس المجلس نائب رئيس الجمهورية بحكم الدستور(9).
ونجد الامر ذاته في سويسرا الإتحادية حيث تتألف الجمعية الإتحادية (البرلمان) من مجلسين: مجلس المقاطعات ومجلس الشعب ويتكون مجلس المقاطعات من 46 ممثلا عن المقاطعات(10)، كما هو الحال في أغلب الدول الإتحادية الفدرالية (11).
بالنسبة للعراق ذكرنا سابقا إن السلطة التشريعية تتألف من مجلسين: مجلس النواب ومجلس الإتحاد، إلا إن المادة (137) من الدستور العراقي لعام 2005 أشارت إلى تأجيل العمل بأحكام المواد الخاصة بمجلس الإتحاد أينما وردت في هذا الدستور إلى حين صدور قرار من مجلس النواب، بأغلبية الثلثين بعد دورته الانتخابية الاولى التي يعقدها بعد نفاذ هذا الدستور.
وفي يوم ٢٠١٨/١/١٦ أصدرت المحكمة الإتحادية العراقية حكماً يلزم البرلمان بتشكيل "مجلس الإتحاد"، باعتباره "ضرورة لاستكمال مكونات السلطة الاشتراعية ولأن الدستور يلزم تشريع قانون له"، على أن يضمّ ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في كيان، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه وتخصصاته وكل ما يتعلق به بقانون يسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.
وتشدد المحكمة على أهمية استيفاء القانون الشروطَ الشكلية والموضوعية وعلى مستوى الوضوح، والدقة التي تمنع الاجتهادات المتعارضة، لذا يلزم أن يصدر عن مجلس النواب قرار يشير إلى ضرورة تشريع قانون لمجلس الإتحاد، لإكمال جناحي السلطة الاشتراعية الوارد ذكرها في المادة (48) من الدستور والتي تنص على أن تتألف السلطة الاشتراعية من مجلسي النواب والإتحاد(12).
وكان يجدر على مجلس النواب إصدار التشريع الخاص بمجلس الإتحاد بعد الدورة الانتخابية الاولى التي يعقدها بعد نفاذ هذا الدستور حسب ما ذكر في المادة (137) من الدستور العراقي لعام 2005.
وحاليا درج ضمن جدول أعمال مجلس النواب مشروع قانون مجلس الإتحاد لعام 2011والتي تمت القراءة الاولى له في جلسة مجلس النواب رقم (18) بتاريخ 22 أيلول 2014، ولم يتم التصويت عليه لغاية يومنا هذا ونحن على وشك نهاية الدورة الانتخابية الثالثة لمجلس النواب بحجة إن المشروع يحتاج إلى التعديل والنضج.
أشارت مسودة قانون مجلس الإتحاد إلى الهدف من تشريعه، بغية اكمال هيكلية السلطة التشريعية الإتحادية وتكريسا لبناء مؤسسات الإتحادية وحماية مصالح الاقاليم والمحافظات ومعالجة الفراغ الدستوري.
تضمنت المسودة في المادة الاولى منه التعريف بمجلس الإتحاد (مجلس الإتحاد هو احد مجلسي السلطة التشريعية الإتحادية يمثل مصالح الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ويضم ممثلين عنهم) وحددت في المادة الثانية منه العضوية يكون لكل محافظة اربعة اعضاء في مجلس الإتحاد، سواء كانت المحافظة منتظمة في اقليم، او غير منتظمة.
ومن وجهة نظري أرى بضرورة التقليل من عدد الاعضاء في مجلس الإتحاد مع الحد والتقليل من عدد أعضاء مجلس النواب وحصر العضوية بعدد محدد.
المطلب الثاني: العلاقة بين مجلسي السلطة التشريعية
الفرع الأول: الصلاحيات المشتركة
نظم المشروع علاقة الجهازيين التشريعيين، حيث نص في المادة (13) على إن: يجتمع مجلس الإتحاد مع مجلس النواب في جلسات مشتركة يرأسها رئيس مجلس الإتحاد او من يقوم مقامه، في الحالات الاتية: -
اولا: - جلسة افتتاح المجلس التي تعقب اجراء الانتخابات.
ثانيا: - اعلان حالة الحرب.
ثالثا: - مساءلة رئيس الجمهورية.
والملاحظ إن المشرع عالج مسألة اجتماع كلا المجلسين التشريعيين الإتحاديين في هيئة مؤتمر، على أن يترأس الجلسة المشتركة رئيس مجلس الإتحاد أو من يقوم مقامه، وبذلك يكون المشرع قد أعطى مجلس النواب أعلوية وتفضيلا سياسيا.
الفرع الثاني: الصلاحيات المستقلة
وتتضمن مجموعة من الصلاحيات التي تدل على أعلوية مجلس الإتحاد على مجلس النواب والذي يمثل الشعب بأكمله.
- تقديم مشروعات وافكار للحقوق المتعلقة بالأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، الى مجلس النواب لصياغتها في مقترحات قوانين.
- حق النقض على القوانين الصادرة من مجلس النواب والمحالة إليه، وهنا على مجلس النواب أخذ أحد الطريقين اما الاستماع والاخذ باعتراض مجلس الإتحاد وعندها يصوت بالأغلبية المطلقة او لايستمع لاعتراض مجلس الإتحاد فعندها يشترط التصويت بثلثي مجلس النواب وهذه النسبة عالية جدا وقد تؤدي لتعطيل كل التشريعات التي يسنها مجلس النواب.
- حق النقض والاعتراض لممثلي محافظة بعينها او اقليم بعينه على القوانين التي يسنها مجلس النواب في حال رؤيتهم لها بالمساس بصلاحيات اقاليمهم او محافظاتهم، وهذا يعني ان عددا محدودا قد لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة يعطل تشريع يسنه مجلس النواب بالأغلبية.
- الموافقة بالأغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس على تعيين رئيس واعضاء محكمة التمييز الإتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الاشراف القضائي، بناءً على اقتراح من مجلس القضاء الاعلى.
- السعي لتسوية الخلافات التي تحصل بين الاقاليم، او بينها والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، او بين المحافظات، بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس الإتحاد وهي نسبة عالية جدا وقد لا تنتج حلا لأية مشكلة او خلاف.
- مراقبة ضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في المشاركة العادلة في ادارة مؤسسات الدولة الإتحادية المختلفة.
- مراقبة اعمال هيئة العامة لمراقبة تخصيصات الايرادات الإتحادية تخصيص الواردات الإتحادية.
المبحث الثاني
المشاركة المباشرة (المشاركة في تعديل الدستور الفدرالي)
المطلب الأول: اقتراح التعديل.
في الولايات المتحدة الامريكية نظم الدستور الامريكي طريقة مساهمة الولايات في اقتراح تعديل الدستور(13)، فقد أشار الدستور إلى إنه يتم اقتراح تعديل الدستور بناء على اقتراح الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) بأغلبية ثلثي أعضاء المجلسين في حالة وجود ضرورة لذلك أو بناءا على طلب الهيئات التشريعية لثلثي مختلف الولايات، ويتم ذلك بعقد مؤتمر مشترك لاقتراح التعديلات الدستورية.
في سويسرا، أشار الدستور السويسري عام 2000 المعدل إلى حق اقتراح مراجعة الدستور بصورة شاملة من قبل مجلسي البرلمان(14).
فيما يتعلق بمجلس الإتحاد ودوره في تعديل الدستور، فلم ينهج ذات نهج الدول الفدرالية الاخرى حيث نظم الدستور العراقي النافذ لعام 2005 في الباب السادس منه والخاص بالأحكام الختامية والانتقالية، الاحكام الخاصة بتعديل الدستور من حيث الجهة المختصة باقتراح تعديل الدستور (15).
حيث أشار في المادة (126/ أولا) إلى الجهة المختصة بالتعديل وهي جهتان: الاولى تتمثل برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، والثانية تتمثل بأعضاء مجلس النواب بنسبة (1/5) من أعضاء مجلس النواب، أما مجلس الإتحاد فليس له حق اقتراح التعديل وكذلك الاقاليم.
المطلب الثاني: إقرار التعديل.
أشار دستور الولايات المتحدة الامريكية لعام 1789 أي إن تعديل الدستور يعد مصادق عليه من قبل ثلاثة أرباع مختلف الولايات من قبل السلطة التشريعية لكل ولاية أو مؤتمر يعقد في ثلاثة أرباع الولايات (16) وبذلك فإن للولايات دور مهم في تعديل الدستور الامريكي.
وإن الهدف من مشاركة الولايات الامريكية في تعديل الدستور الفدرالي تهدف للحيلولة دون تغيير النظام القانوني والكيان السياسي للولايات، بأن تقوم السلطة الفدرالية بزيادة اختصاصاتها على حساب اختصاصات الولايات، كون الدستور الفدرالي الامريكي قد حدد اختصاصات كل من السلطتين الفدرالية والاقليمية، وعدم السماح للولايات بالمشاركة في تعديل الدستور يعطي للسلطة الفدرالية حق التعديل بشكل منفرد.
استنادا للدستور العراقي، يشترط لنفاذ تعديل اي نص في الدستور الحصول على موافقة الشعب بالاستفتاء عام ومصادقة رئيس الجمهورية.
أما دور الاقاليم فقد أشارت المادة (126/رابعا) من الدستور إلى دور الاقاليم في تعديل الدستور فيما يتعلق بمواد الدستور التي من شأنها أن تنقص من صلاحيات الاقاليم، إلا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني، وبموافقة أغلبية سكانه باستفتاء.
الخاتمة
بعد البحث في (مبدأ المشاركة في النظام الإتحادي العراقي: دراسة مقارنة) نصل إلى مجموعة من النتائج:
- إن النظام الفدرالي يتطلب وجود في السلطة التشريعية الفدرالية مجلسين: احدهما يمثل الشعب والاخر يمثل الاقاليم أو الاعضاء في الدولة الفدرالية.
- الدستور العراقي لعام 2005، تبنى النظام الفدرالي وأشار تتشكل السلطة التشريعية الفدرالية من مجلسين، مجلس النواب ومجلس الإتحاد، إلا إنه نظم تشكيل وصلاحيات مجلس النواب بشكل تفصيلي دون مجلس الإتحاد.
- ترك تنظيم مجلس الإتحاد إلى مجلس النواب بقانون يصدر عن مجلس النواب.
وعليه نصل إلى مجموعة من التوصيات:
- لابد من تنظيم مجلس الإتحاد ضمن مواد الدستور كونه لايقل أهمية عن مجلس النواب، وذلك بتعديل نصوص الدستور بشكل كامل.
- تحديد عدد ممثلي الشعب في مجلس النواب وتقليل من عدد النواب المقترحين في مجلس الإتحاد للحفاظ على ميزانية الدولة.
- مشروع قانون مجلس الإتحاد لعام 2011 المقترح، لايعطى الصلاحيات الكافية لمجلس الإتحاد لضمان القيام بعمله بالشكل الصحيح.