الصراع بين إسرائيل وإيران قد يكسر موازين الشرق الأوسط؟

شبكة النبأ

2014-12-22 09:54

كان موقف حكومة نتنياهو اليمينية في إسرائيل رافضا، منذ البداية، لأية مفاوضات نووية بين حليفتها القوية (الولايات المتحدة الامريكية) وعدوها اللدود (إيران)، والتي عكست مخاوفها في إمكانية حدوث تقارب امريكي-إيراني لن يصب بالتأكيد في مصالحها الاستراتيجية، وقد هاجم نتنياهو وأركان حكومته، إدارة البيت الأبيض ووصفت سياسية الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) بالفشل وانها اضعفت إرادة الولايات المتحدة الامريكية امام خصومها التقليديين في الشرق الأوسط والعالم، كما وصف نتنياهو، في اكثر من مناسبة، بان السعي لإبرام اتفاق نووي مع ايران بانه "خطأ تاريخي"، بعد ان وصفه مسؤولون من الولايات المتحدة بانه "اتفاق تاريخي" فيما لو كتب له النجاح، وقد هدد إسرائيل، بالعمل بمفردها وضرب المنشئات النووية الإيرانية، في حال تمكنت الأخيرة من إتمام صنع القنبلة النووية التي قد تهدد وجود إسرائيل، بحسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين، سيما وان ايران قد لا تتردد في استخدامها ضد إسرائيل، بحسب اعتقادهم، الامر الذي ولد توتر كبير في العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل، استدعت جملة من الاعتذارات والدبلوماسية، خصوصا من جانب إسرائيل.

ومارست إسرائيل المزيد من الضغوط الداخلية على إدارة أوباما، مستخدمته جماعات الضغط الإسرائيلية التي تنشط داخل الولايات المتحدة الامريكية ولها دور فعال وقوي في التأثير على عملية صناعة القرار السياسية داخل أمريكا، ومنها جماعة الضغط المحابية لإسرائيل (ايباك)، والتي تساهم في رسم السياسية العامة للولايات المتحدة الامريكية تجاه إسرائيل، إضافة الى تقديم الدعم والحماية لها.

ويرى خبراء ان موقف إسرائيل التي تحاول تجاوز عقبة الانتخابات الداخلية القادمة والتي ستحدد ملامح الحكومة الجديدة، قد مال اكثر الى الهدوء والمراقبة لما ستؤول اليه نتائج المفاوضات الإيرانية مع القوى الكبرى في مدته الثالثة، سيما بعد الضغوط الامريكية بوقف اطلاق التهديدات التي من شانها تعكير الجو العام (الذي وصف بالإيجابي) للمفاوضات، ويبدو ان إسرائيل باتت تبحث اليوم عن ضمانات أمريكية لعدم ابرام "اتفاق سيء"، على حد وصف الإسرائيليين، بدلا من منع ابرام أي اتفاق مع ايران، والذي من المرجح ان يزيد وتيرة العنف والتطرف والاعمال العدائية بين الدول في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا بعد ان قطعت الولايات المتحدة الامريكية والدول الخمس الأخرى اشواطا كبيره في المفاوضات النووية (بعد قطيعة دامت لعقد من الزمن)، كما ان الإدارة الحالية للبيت الأبيض تعول كثيرا على تحقيق هذا الاتفاق التاريخي مع ايران، والذي قد يحول الكثير من موازين الشرق الأوسط التقليدية.     

إسرائيل والنووي الإيراني

فقد قال مسؤول اسرائيلي رفيع ان اسرائيل لن تدفع واشنطن الى تشديد العقوبات على إيران بينما المفاوضات النووية مستمرة خلال الشهور الستة القادمة لكنها ستضغط من اجل اتخاذ إجراء صارم إذا لم يتم الوفاء بمهلة يونيو حزيران، وتشير تصريحات مدير عام وزارة المخابرات الاسرائيلية يوفال وولمان الى ثقة مشوبة بالحذر في ان واشنطن ستتمسك بمطالب بأن تقيد إيران نشاطها النووي وان كان من غير المرجح ان يلبي أي اتفاق النداء الاصلي لاسرائيل بتفكيك البرنامج النووي لدى طهران، وتنفي إيران اتهامات الغرب بأنها تسعى إلى امتلاك اسلحة نووية وتقول ان لها حق سيادي في امتلاك برنامج نووي مدني، وتم تمديد المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست بما فيها الولايات المتحدة بعد انتهاء مهلتين سابقتين منذ فبراير شباط، وقال وولمان "في اطار المحادثات التي تم تمديدها نعتقد ان الشيء الصحيح هو نظام عقوبات مستمر وقوي"، وأضاف "نحن لا نتعامل مع عقوبات اضافية الان، وأنا لا اعرف وجود موقف (اسرائيلي) يدعو إلى ذلك سواء رسميا أو غير رسمي".

واسرائيل (التي يعتقد انها الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية) ليست طرفا في المفاوضات لكنها تستخدم نفوذها بسبب علاقاتها الوثيقة مع واشنطن وتهديداتها بشن ضربات وقائية ضد ايران لمنعها من امتلاك اسلحة نووية اذا فشلت الدبلوماسية، وقال وولمان انه اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بحلول 30 يونيو حزيران وهو موعد أحدث مهلة فان اسرائيل تريد من القوى العالمية إلغاء الإعفاء المحدود للعقوبات الممنوح لإيران بموجب الاتفاق المؤقت الموقع عام 2013، وقال انه من المرجح ان يؤيد الكونجرس الامريكي (الذي يميل أكثر الى اليمين وسيتم تنصيبه في واشنطن) فرض اجراءات أكثر صرامة على ايران تشمل فرض عقوبات على "طرف ثالث" تعاقب بموجبها واشنطن الاجانب الذين يزاولون نشاطا تجاريا مع إيران، وهون وولمان من شأن أي إحتمال بان الرئيس باراك اوباما الذي أصبح في فترة الولاية الثانية قد يستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي تشريع ضد إيران من اجل تأمين التوصل إلى اتفاق نووي تعتبره اسرائيل غير كاف. بحسب رويترز.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان اسرائيل قامت بدور رئيسي في منع التوصل الى اتفاق مع ايران حول كبح نشاطات برنامجها النووي، وقال في كلمة مسجلة لمركز فكري في واشنطن ان الاتفاق كان من شأنه "بشكل فعال ان يترك ايران على عتبة ان تصبح قوة نووية"، مضيفا ان "صوت اسرائيل ومخاوفنا لعبت دورا حاسما في منع التوصل الى اتفاق سيء"، وانتقدت اسرائيل علنا الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتوصل الى اتفاق بشان برنامج ايران النووي، محذرة من ان الادارة الاميركية مخدوعة بالوجه الجديد الاكثر اعتدالا للقيادة الإيرانية، ومددت القوى الكبرى المعروفة بمجموعة 5+1 الجهود لوقف ايران من تطوير سلاح نووي، مهلة التوصل الى اتفاق نهائي حول برنامج ايران النووي حتى 30 حزيران/يونيو 2015 بعد فشلها في التوصل الى الاتفاق في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، وقال نتانياهو ان هدف اسرائيل الان هو العمل من اجل التوصل الى اتفاق يؤدي الى تفكيك جميع قدرات طهران من الاسلحة.

المتشددون يضغطون بقوة

فيما كان من نتائج الاتفاق على تمديد المحادثات بين القوى العالمية وإيران من أجل التوصل لاتفاق يقيد البرنامج النووي الإيراني أنها شجعت المنتقدين في واشنطن وطهران الأمر الذي يهدد استمرار المحادثات، فبعد الاخفاق في اقتناص اتفاق يفرض قيودا على برنامج إيران النووي نظير رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها اتفق الجانبان على تأجيل الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق حتى يوليو تموز المقبل، وتتفاوض إيران مع مجموعة خمسة زائد واحد التي تضم أعضاء مجلس الأمن الدائمين وألمانيا لكن هذه التسمية يمكن تغييرها إلى خمسة زائد واحد زائد اثنين إذا ما أخذ في الاعتبار دور المتشددين في كل من الكونجرس والمؤسسة الحاكمة في إيران، وحتى قبل أن يجف مداد اتفاق التمديد الذي تم التوصل إليه في فيينا كان المتشككون في واشنطن يطالبون بفرض عقوبات جديدة لزيادة الضغط على حكام إيران، فقد طالبت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) التي تعتبر من أكثر جماعات الضغط فعالية في واشنطن الكونجرس بالبدء في سن تشريع يفرض عقوبات.

وقالت اللجنة في بيان "يتعين على الكونجرس الآن أن يتحرك ليبعث رسالة واضحة أن صبر الولايات المتحدة ليس بلا حدود وأنه يجب عدم السماح لإيران بالوصول إلى القدرة على انتاج أسلحة نووية"، وقال السناتور روبرت ميننديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وهو ينتمي للحزب الديمقراطي "دائرة المفاوضات المتبوعة بتمديد مصحوب بتخفيف العقوبات على إيران لم تحقق نجاحا"، لكنه لم يصل إلى حد المطالبة بعقوبات جديدة على الفور، وتمثل العقوبات الجديدة تحديا للرئيس باراك أوباما الذي أشار إلى أنه قد يستخدم حق النقض (الفيتو) اعتراضا عليها، ويواجه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي انتخب العام الماضي بناء على وعوده بتحسين معيشة الإيرانيين ضغوطا أيضا، وفيما يعكس شعورا بخيبة الأمل أن العقوبات على قطاعي النفط والبنوك في إيران ستظل سارية نشرت صحف إيران تقاريرها تحت عناوين مثل "هيش" وهي كلمة فارسية تعني "لا شيء" لوصف نتيجة المحادثات.

وخلال مؤتمر صحفي قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن محادثات فيينا حققت "تقدما حقيقيا وجوهريا" لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل، وأضاف "هذه المحادثات لن تصبح سهلة فجأة لمجرد أننا مددناها، فهي صعبة وكانت صعبة وستظل صعبة"، ويريد الغرب فرض قيود مشددة على أجهزة الطرد المركزي التي تتولى تخصيب اليورانيوم في إيران وغيرها من الأنشطة النووية مقابل رفع العقوبات تدريجيا، أما إيران فتريد وضع نهاية فورية لكل العقوبات والاتفاق على مدة قصيرة نسبيا للاتفاق بالإضافة إلى الاحتفاظ بقدرة تخصيب كبيرة، وخلال محادثات مغلقة استمرت يومين وشابها التوتر في بعض الأحيان بمنتجع خارج العاصمة العمانية مسقط عرض كيري والوفد المرافق له على نظيره الإيراني إمكانية احتفاظ إيران بالقدرة على تشغيل 4500 جهاز للطرد المركزي بدلا من الرقم الذي اقترحه الغرب سابقا وهو 1500 جهاز، وفشل هذا العرض فيما يبدو في زحزحة إيران عن موقفها إذ بدا أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي صاحب القول الفصل في القضايا الأمنية لم يمنح فريق المفاوضين الإيرانيين مرونة تذكر. بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي غربي كبير بعد محادثات سلطنة عمان "فريق التفاوض يريد التوصل لاتفاق لكنهم لم يأتوا بالعناصر التي تسمح لنا بإبرام الاتفاق"، وفي حين يتعين على كل من روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف أن يحسب حساب خامنئي ومؤسسة الحرس الثوري الإيراني صاحبة النفوذ القوي فعلى كيري أن يراقب الكونجرس حيث تشتد الشكوك في انفتاح أوباما الدبلوماسي على إيران، ولم يفت الإيرانيون أن الجمهوريين المعارضين ستكون لهم السيطرة على الكونجرس في يناير كانون الاول بعد انتخابات التجديد النصفي التي جرت مؤخرا فقد أثار هذا الموضوع تساؤلات خلال المحادثات في مسقط وفيينا، وقال مساعدو وزير الخارجية إن كيري أجرى ما يصل إلى عشر مكالمات مع أعضاء بالكونجرس أثناء وجوده خارج البلاد، وقال أحد العاملين بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن من هؤلاء الاعضاء السناتور بوب كوركر أكبر أعضاء اللجنة من الجمهوريين، وقال كوركر في بيان إنه يفضل أن يواصل البيت الأبيض التفاوض مع إيران بدلا من التوصل إلى اتفاق سيء لكنه أضاف أن على الكونجرس أن يعد خيارات بما في ذلك تشديد العقوبات إذا فشلت المحادثات، ويقول مسؤولون أمريكيون إنه في ضوء الضغوط الداخلية والخارجية فليس من المستبعد تمديد المحادثات مرة أخرى بعد يوليو تموز.

تهديدات اسرائيلية بضرب إيران

الى ذلك ورغم التهديدات الإسرائيلية بضرب إيران إذا فشلت الدول العظمى في وقف طموحاتها النووية في المحادثات التي دخلت مرحلة حاسمة في فيينا، إلا أن خبراء اعتبروا ذلك بمثابة "ورقة دبلوماسية" ضمن سياسة حافة الهاوية التي تمارسها إسرائيل إلى درجة ما، تواصل إسرائيل ممارسة الضغوط على الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، الدول المشاركة في المحادثات مع إيران، وإسرائيل التي تعد القوة النووية الوحيدة غير المعلنة في المنطقة، تعتبر نفسها أول هدف محتمل إذا قامت إيران بتصنيع قنبلة نووية، وحذرت من التوصل إلى ما وصفته "بالاتفاق السيء" مع طهران، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد حذر في وقت سابق من أن اتفاقا نوويا "سيئا" يترك لإيران إمكانية تخصيب اليورانيوم سيكون "كارثيا" وأسوأ من عدم التوصل إلى اتفاق، وقال وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتز في وقت سابق إنه إذا تم التوقيع على اتفاقية تضع إيران على عتبة القوة النووية "فإننا سنحتفظ بكافة الخيارات وكامل حقوقنا لنقوم بما نعتبره مناسبا للدفاع عن إسرائيل".

لكن إميلي لاندو، مديرة أحد مشاريع مراقبة الأسلحة في مركز جافي للدراسات الاستراتيجية بجامعة تل أبيب، قالت إن إسرائيل "لا تريد حربا"، وأضافت "إن إسرائيل بتلويحها بالتهديد بتدخل عسكري فإنها تعتمد على عامل الردع"، وتابعت "أن اتفاقية جيدة (مع إيران) غير ممكنة لأنها لن تشمل الصواريخ الإيرانية العابرة للقارات التي يمكن تزويدها بروؤس نووية"، ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية في آذار/مارس الماضي تقريرا مسربا على ما يبدو ذكر أن نتانياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون أصدرا أوامر للجيش بتخصيص ميزانية احتياطية بقيمة 3 مليارات دولار لهجوم محتمل ضد منشآت نووية إيرانية، وفي العلن، وجه يعالون صفعة لأمريكا حليفة إسرائيل، وقال "إن الولايات المتحدة بدأت مفاوضات مع الإيرانيين لكن لسوء الحظ أصبح الأمر بازارا فارسيا حيث الإيرانيين هم الأفضل"، وتعارض إسرائيل بشدة المفاوضات مع عدوها اللدود، وأعربت مرارا عن استعدادها للتحرك منفردة في حال الضرورة، بعمل عسكري استباقي ضد المنشآت النووية لإيران.

وقال افرايم كام، من معهد الدراسات الأمنية الوطنية الإسرائيلي، "خلال السنة الماضية لم يتحدث الأمريكيون عن الخيار العسكري"، وأضاف "إذا تم تمديد المفاوضات، وهناك فرصة كبيرة لذلك، فان إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالتحرك منفردة فيما الأمريكيون يواصلون المحادثات مع الإيرانيين"، وقال "لدى إسرائيل القدرة على تأخير البرنامج النووي الإيراني سنوات عديدة لكن ليس القضاء عليه تماما"، وقال الخبير النووي افرايم اسكولاي، المسؤول الكبير السابق في لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية، إن إسرائيل "لديها مصلحة في لعب الورقة الدبلوماسية كي لا يتم رفع العقوبات الدولية عن إيران"، وأضاف "في حال التوصل إلى اتفاق فإن إسرائيل لن تكون قادرة على مهاجمة دولة لديها اتفاق مع الولايات المتحدة"، ويقول المحللون إن لدى إسرائيل القدرات العسكرية لضرب إيران إذا أرادت، كما أنها تقوم بتعزيز دفاعاتها الصاروخية، ويعتقد أنه في 2007 قامت طائرات إسرائيلية بضرب منشأة نووية سورية غير معلنة رغم أن الدولة العبرية لم تؤكد قيامها بذلك، وفي أيلول/سبتمبر، أعلنت إسرائيل أنها أجرت بنجاح تجربة مشتركة مع الولايات المتحدة على نسخة مطورة من النظام الصاروخي حيتس-2 (آرو-2) الاعتراضي فوق البحر المتوسط.

والنظام المصمم لاعتراض الصواريخ البعيدة المدى، اعترض بنجاح نماذج شبيهة بصواريخ شهاب-3 الإيرانية في ظروف اختبار مختلفة، ويقول افرايم هاليفي، أحد الرؤساء السابقين لجهاز الاستخبارات (موساد) إن "إسرائيل قادرة على ضرب إيران وتكبيدها خسائر بالغة"، ويقول خبراء إن الموساد تواصل تخطيطها لعمليات سرية تستهدف علماء نوويين إيرانيين، لكنه يضيف أن "الخيار العسكري الحقيقي هو الولايات المتحدة التي تنشر جنودها وبحريتها وسلاحها الجوي في الخليج"، ويتابع "أن (الحل) الأمثل لإسرائيل والولايات المتحدة هو كسب المعركة عبر استعراض قوتهما دون استخدامها فعلا".

دور ايباك الداعم

من جانب اخر ومع سعي الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى عبر المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، كان أحد الأصوات هادئا على غير العادة وهي جماعة الضغط الرئيسية الموالية لإسرائيل (أيباك)، وينتاب إسرائيل شكوك عميقة في محاولة الوصول إلى اتفاق في المحادثات التي تجرى في فيينا من شأنه أن يؤدي إلى رفع العقوبات الدولية الصارمة على إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي بهدف منعها من اكتساب سلاح نووي، غير أن أشد أنصار الولايات المتحدة الذين تمثلهم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية ذات النفوذ (أيباك) عمدوا إلى اتباع نهج هادئ، وفشلوا في وقت سابق من هذا العام في مسعى واسع النطاق لفرض مزيد من العقوبات وهو ما قال البيت الأبيض إنه قد يخرج المحادثات عن مسارها، وقال مصدر مقرب من أيباك "لا يوجد شيء ينبغي الضغط من أجله، حتى نرى نتائج المحادثات في فيينا، ولكن بعد ذلك سيكون السؤال هل سنرى سعيا مكثفا لدى الكونجرس، وقد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة".

وقد أثار فوز كاسح للجمهوريين في انتخابات الكونجرس الأمريكي مؤخرا تهديدات من مشرعين متشددين بالسعي إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران، ومن المحتمل أن تجد جماعة الضغط أيباك الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون ويبدأ ولايته في يناير كانون الثاني أكثر استجابة لتشديد العقوبات على طهران ومن المحتمل بدرجة أقل أن يجد الرئيس باراك أوباما الأصوات التي تمكنه من احباط مسعى فرض عقوبات جديدة باستخدام حق النقض (الفيتو)، وفي فبراير شباط الماضي استطاع أوباما عرقلة حملة ساندتها لجنة أيباك لاقناع الكونجرس بفرض عقوبات جديدة وكانت هذه أكبر هزيمة سياسية للجماعة منذ سنوات، ويُعزى إلى جماعة أيباك التي يبلغ عدد أعضائها نحو مئة ألف الفضل على نطاق واسع في المساعدة على ضمان بقاء إسرائيل على رأس قائمة متلقي المعونات الخارجية الأمريكية، وكان العهد بها أن معظم مشروعات القوانين التي تؤيدها في الكونجرس تم إقراراها دونما معارضة تقريبا، وفي هذا الصيف ساعدت أيباك في تدبير زيادة في التمويل قيمتها 225 مليون دولار لمنظومة القبة الحديدية الدفاعية لإسرائيل لحمايتها من نيران الصواريخ التي تطلقها حركة حماس في حرب غزة. بحسب رويترز.

وفي الوقت نفسه خففت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقاداتها التي كانت شديدة في وقت من الأوقات لأسلوب أوباما في إدارة الدبلوماسية الخاصة بإيران مع أنها لا تزال تعارض بقوة أي تنازلات لا تكفل تجريد طهران من كل قدرات لتخصيب اليورانيوم، وقد يكون هذا النهج الهادئ تعبيرا عن رغبة في الحيلولة دون إثارة مزيد من الاستياء لدى الحكومة الأمريكية أهم حلفاء إسرائيل في وقت توترت فيها العلاقات، وتكافح أيباك أيضا انقسامات داخلية بشأن ما يراه بعض المنتقدين ميلا نحو الحزب الجمهوري من جانب الجماعة وهو ما قد يفسد مبادئها التي تقوم على عدم الانحياز إلى أحد الحزبين، واستبعد مصدر في أيباك هذه المخاوف قائلا "في كل ما نفعله نسير على نهج يحظى بتأييد الحزبين"، وإذا وافقت واشنطن على تمديد آخر للمحادثات النووية مع إيران فإن أيباك واصدقاء إسرائيل في الكونجرس سيكون عليهم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي إمهال الجهود الدبلوماسية مزيدا من الوقت أم السعي لفرض عقوبات جديدة، وشدد أوباما من قبل على ان فرض مزيد من العقوبات سيلقى رد فعل معاديا من إيران ويؤدي إلى انهيار المفاوضات.

وحينما تم تمديد المحادث في يوليو تموز قالت أيباك إن الولايات المتحدة يجب "أن توضح لإيران أنه يجب ألا تتوقع تمديدا جديدا"، ولكن مسؤولين قريبين من المحادثات قالوا إنه قد يتم تحديد موعد نهائي جديد ربما في مارس آذار، ولم تقل أيباك كيف سترد لكن مصدرا مواليا لإسرائيل قال إن المخاوف الأولية للجماعة وهي أن إيران تحاول بذلك كسب الوقت لمواصلة تقدمها النووي "ستنطبق على هذا الوضع وربما بدرجة أكبر"، واتبع المسؤولون الإسرائيليون شأنهم شان ايباك نهجا أهدأ من المعتاد في واشنطن في الأسابيع القليلة الماضية ربما لأنهم يريدون تفادي خلق انطباع بالتدخل في الشؤون الأمريكية، وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز في القدس "لا نقوم بأي أنشطة ضغط في الوقت الحالي".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي