النباتات: اكسير صحة الأرض
مروة الاسدي
2018-01-17 06:10
يزخر عالم النباتات بجمال الطبيعية والكثير من الفوائد الصناعية، التي تنفع البشرية في حياتنا العصرية، إذ تتعدد الدراسات والابحاث في هذا العالم، ففي الاونة الاخيرة توصل علماء ألمان الى طريقة لاستخلاص عنصر كيميائي نفيس من النبات هو الجرمانيوم وهو عنصر شبه موصل استخدم في تصنيع أول جهاز ترانزيستور لقدرته الفائقة السرعة في نقل الموجات الكهربائية، وفي عصرنا هذا لا غنى عن سيليكون الجرمانيوم وهو عنصر لا فلزي في حياتنا المعاصرة فهو ضروري لصناعة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وكابلات الالياف الضوئية، كما يستخدم الجرمانيوم الذي يبدو شفافا في الاشعة تحت الحمراء في أجهزة التوجيه الذكية والمجسات التي تستخدمها السيارات في توجيه حركتها في موقف السيارات، وعلى الرغم من وجود الجرمانيوم في التربة في شتى انحاء العالم إلا ان استخلاصه صعب وتجيء معظم الامدادات من الصين.
كما تستخدم النباتات في استخلاص العديد من العقاقير المهمة لكن بعض النباتات الطبية إما مهددة بالانقراض وإما يجري الاحتيال من أجل زراعتها.. وبالنسبة الى بعض العلماء فإن التوصل الى سبل لسهولة استخلاص هذه العقاقير بات يكتسب أولوية قصوى.
فقد لا يتوقع القراء وربما حتى المعنيون بأن عالم النبات له خصوصية فائقة، وأنه قد لا يقل أسرارا عن عوالم الكائنات الآخرة من ضمنها الإنسان، وقد بذل الخبراء المختصون جهودا حثيثة للحفاظ على النباتات خاصة تلك المعرضة لمخاطر الزوال، في حين لطالما كانت الزهور مصدراً لإلهامنا بجمالها الأخاذ وسحرها الذي يمتع الأبصار حتى أصبحت رمزاً للجمال ولغة سامية للوجدان والمشاعر، لكن بسبب الحروب والنزاعات تحولت الازهار الجميلة الى ثكنة رماد للبارود ولعل من اشهر الزهور التي نالت منها الحروب والدمار "الوردة الشامية" التي تعود الى آلاف السنين، وانتقلت زراعتها مع الزمن الى دول عدة بينها بلغاريا وفرنسا وايران وتركيا.
عموما لا يزال الخبراء المهتمون بعالم الأشجار وأسراره، يبذلون كل ما يمكنهم من أجل حمايتها من أية عوارض طبيعية أو تلك التي يتسبب بها الانسان، كي يبقى هذا العالم محميا ومحافظا على نكهته وعوالمه الخاصة بعد ظهور بوادر تدل على تعرض نسبة مهمة من الأجناس النباتية الى التجاوز والانتهاك مما جعلها تواجه خطو المحو التام.
كيف غزت الأزهار والورود الملونة كوكبنا؟
يعتقد علماء أنهم توصلوا لحل اللغز الذي حير علماء الأحياء عبر التاريخ، بمن فيهم صاحب نظرية التطور تشارلز داروين، ألا وهو كيف تطورت الزهور وانتشرت لتصبح النباتات المهيمنة على الأرض؟، فالنباتات المزهرة أو كاسيات البذور، تشكل نحو 90 في المئة من مجموع أنواع النباتات الحية، بما في ذلك معظم المحاصيل الغذائية.
وقد تفوقت النباتات المزهرة في الماضي السحيق، على نباتات كانت سبقتها في الوجود على سطح الأرض، مثل الصنوبريات والسرخسيات. ولكن اللغز الحقيقي هو كيف تمكنت تلك النباتات من تحقيق ذلك؟
وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن الأمر متعلق بشكل ما بحجم المادة الوراثية، أو الجينوم، والذي تبين أنه يتناقص، كما أن صغر حجم المادة الوراثية يبدو أفضل، يقول كيفن سيمونين من جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، الولايات المتحدة: "إن الأمر يتعلق حقا بمسألة حجم الخلية وكيف يمكنك بناء خلية صغيرة لكنها تحتفظ بجميع الخصائص الضرورية للحياة"، قبل مئات ملايين السنين، كانت الصنوبريات والسرخسيات تهيمن على الأرض. ثم، قبل نحو 150 مليون سنة، ظهرت أول النباتات المزهرة.
وسرعان ما انتشرت إلى جميع أنحاء العالم، مغيرة المشهد من أخضر صرف إلى مهرجان من الألوان النابضة بالحياة، وقد نوقشت على مدى عدة قرون الأسباب الكامنة وراء نجاح النباتات المزهرة بصورة مذهلة وتنوعها الواسع. حتى أن تشارلز داروين وصف الأمر بأنه "غموض بغيض"، خوفا من أن هذا التطور المفاجئ الواضح قد يشكل تحديا أمام نظريته للتطور، وتساءل سيمونين والباحث المشارك من جامعة ييل آدم رودي، عما إذا كان حجم المادة الوراثية للنبات، أو الجينوم، قد يكون مهما.
وشرع علماء الأحياء بتحليل البيانات التي تحتفظ بها الحدائق النباتية الملكية، كيو، على حجم المادة الوراثية لمئات النباتات، بما في ذلك النباتات المزهرة، وعاريات البذور (مجموعة من النباتات، والتي تشمل الصنوبريات وفصيلة الجينكو) والسرخسيات.
بعد ذلك قارن علماء الأحياء حجم الجينوم مع الخصائص التشريحية مثل وفرة المسام على الأوراق، وقالوا إن ذلك قدم "دليلا قويا" على أن نجاح وانتشار النباتات المزهرة في جميع أنحاء العالم يعود إلى "تقليص حجم المادة الوراثية". فمن خلال تقلص حجم المادة الوراثية، الموجودة داخل نواة الخلية، يمكن للنباتات بناء خلايا أصغر.
وهذا بدوره يسمح بزيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتشكيل الكربون من عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تستخدم بها النباتات الطاقة الضوئية لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى الجلوكوز والأكسجين.
يمكن لكاسيات البذور أن تجمع المزيد من الأوردة والمسام في أوراقها، مما يزيد من إنتاجيتها، ويقول الباحثون إن تقليص حجم المادة الوراثية حدث فقط في كاسيات البذور، وكان هذا "شرطا مسبقا ضروريا لارتفاع معدلات النمو السريع بين النباتات البرية"، ويضيف الباحثون "أن النباتات المزهرة هي أهم مجموعة من النباتات على الأرض، والآن نحن نعرف أخيرا لماذا كانت ناجحة جدا".
كيف نطور "نباتات خارقة" لمساعدة البشرية؟
يسعى العلماء للاستفادة من الثروات الطبيعية بهدف إيجاد حلول لمشاكل القرن الحادي والعشرين، مثل زراعة غابات مضادة للحرائق، واستخدام ما يعرف بـ "الموز الخارق" في أفريقيا للقضاء على المجاعات.
تدخل النباتات في غذائنا، وصناعة ملابسنا، ونضعها أمام منازلنا بغرض الزينة، لكن هل نحن نستفيد منها لأقصى حدّ ممكن بالفعل؟
يعتقد الباحثون العاملون في الحدائق النباتية الملكية في كيو، بالعاصمة البريطانية لندن، أن هناك الكثير من الطرق التي تمكنّنا من الاستفادة القصوى من النباتات، وأن هناك أربعة طرق ستقلب عالمنا رأسا على عقب، خاصة إن كنا من المتحمسين لمكافحة الحرائق، ومواجهة المجاعاتـ عندما ننظر إلى الخضراوات الموجودة في أطباقنا اليوم، لا نرى سوى ما كان يوما محاصيلا نمت في مزارع تقليدية، لكن هذه المحاصيل لها أشباه برية في الغابات، والتي تعرف في مجال الزراعة باسم "الأقارب البرية للمحاصيل".
وكما يقال إن "الذئاب هي الأقارب البرية للكلاب"، فهناك أيضا "أقارب برية" للمحاصيل التي نتغذى عليها، وفقا لمنظمة "الأقارب البرّية للمحاصيل" (CWR)، لكن تلك المحاصيل البرية التي تظهر بعيدا عن المزارع الأهلية، استطاعت تطوير مناعة قوية ضد الحشرات، والأمراض، وملوحة التربة، ومقاومة للتغيرات المناخية.
لذلك، طرحت منظمة "الأقارب البرّية للمحاصيل" فكرة مثيرة للاهتمام، مفادها أنه يمكننا أن نهجّن المحاصيل الزراعية التقليدية مع تلك البرية من فصيلتها، لكي تكتسب المحاصيل العادية قوةَ تلك المحاصيل البرية، مع المحافظة على كمية إنتاجها، والفوائد التي تقدمها لنا، ويمكن لتهجين الخضراوات البرية مع نظيراتها في المزارع التقليدية أن يؤدي إلى إنتاج "خضراوات خارقة"، مقاومة للحشرات والأمراض.
ويمكن لهذا النهج أن يشكل خطة عالمية بالفعل، فالدول صاحبة العدد الأكبر من تلك النباتات البرية التي لها أشباه من النباتات التقليدية هي البرازيل، والصين، والهند. بينما تشكّل كل من أذربيجان والبرتغال واليونان الدول الأعلى كثافة في زراعة تلك النباتات البرية.
نباتات آكلة للحوم.. صراع مع الطبيعة من أجل البقاء
النباتات آكلة اللحوم من النباتات الغريبة والتي بات من الممكن شراءها تجاريا. هي شكلها ملفت للنظر وتتغذى على الحشرات. فريق بحثي في جامعة فورتسبورغ انشغل لدراسة هذه النبتة وكيف تعمل والأسباب وراء أكلها للحشرات.
مازالت النباتات الآكلة للحوم تثير فضول العلماء الذين يحاولون الكشف عن أسرار هذه النباتات التي يتغذى معظمها على الحشرات. ويحاول الباحثون معرفة الجينات المسؤولة عن قدرة هذا النوع من النبات على افتراس الحشرات والحيوانات وتحليلها للحصول على مواد غذائية من أجسامها. وقد نجحت مؤخرا مجموعة بحثية من جامعة فورتسبورغ في تحديد جينات لدى نبتة فينوس التي تسمى أيضا بـ "صائدة الذباب" يعتقد أنها مسؤولة عن قدرة النبتة على تحليل الحشرات التي تفترسها وبالتالي حصولها على بعض العناصر الغذائية كالبوتاسيوم، وذلك حسب ما أعلنته الجامعة الألمانية في بيان حول الموضوع.
ويعزو العلماء قدرة هذه النبتة على افتراس الحشرات إلى البيئة الجغرافية والطبيعية التي تعيش فيها. التربة الفقيرة في تلك المناطق جعلت هذه النبتة تشهد على مر تطورها تحورا جعلها قادرة على افتراس الحشرات كمصدر للعناصر الغذائية الضرورية للبقاء قيد على الحياة.
تعتمد نبتة فينوس "صائدة الذباب" على أوراقها التي تتحول إلى مصيدة لجذب وافتراس الحشرات. فحين تلامس الحشرات الشعيرات الدقيقة الموجودة في الأوراق تنغلق بسرعة شديدة وتتحول إلى ما يمكن وصفه بمعدة تقوم بتحليل ما تم صيده. وهنا تلعب الغدد الموجودة في النبتة دورا مهما حيث تقوم بإفراز انزيمات تعمل على تحليل فريستها لاسيما أن هذه النباتات لا تملك جهازا هضميا حقيقيا. وتساعد عملية التحليل على تحويل الحشرات إلى عناصر غذائية يمكن امتصاصها كالكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم.
وأشارت الدراسة التي نشرتها الجامعة الألمانية إلى أن البوتاسيوم بالتحديد من العناصر الهامة للنباتات آكلة اللحوم. كما انشغل الباحثون في دراستهم بمعرفة مدى تمكن النبتة من امتصاص البوتاسيوم من الفريسة. جدير بالذكر أن المجموعة البحثية التي أجرت الدراسة شملت مجموعة من المتخصصين في الفيزياء الحيوية من مدينة فورتسبورغ وكذلك باحثين من أستراليا و المملكة العربية السعودية ومدينة فرايبورغ الألمانية.
أعشاب ونباتات طبية في منزلك غير آمنة للأطفال!
قال الاتحاد الأوروبي إن الأغذية النباتية العلاجية لا تعني تلقائيا أنها آمنة للأطفال. فما ضرر النباتات والأعشاب الدوائية مثل شاي البابونج أو الشمّر على الأطفال؟ وما الذي على الوالدين الحذر والاحتراز منه؟
من تقاليد الوالدين في بعض البلدان مثل ألمانيا إعطاء أطفالهم شاي الشمر العلاجي ابتداءً من سن الرابعة وإعطاء الأطفال شاي البابونج وأيضا القنفذية ليتناولوه بدءا من سن الثانية عشرة. وقد قيمت لجنة الاتحاد الأوروبي سلامة الأدوية العشبية على الأطفال. وأظهرت نتائج التقييم أن الأغذية النباتية العلاجية التي تشتريها العائلات لا تعني تلقائيا أنها آمنة للأطفال. نتعرف هنا ما ينبغي على الآباء والأمهات الانتباه إليه من أجل سلامة أطفالهم.
الأدوية العشبية المنزلية تأتي من الطبيعة وتعتمد على مكونات الأشجار والشجيرات والجذور والأوراق والأزهار. وتعتبر الأدوية العشبية من المواد التي يتحملها جسم الإنسان بشكل جيد، كما أن آثارها الجانبية قليلة، ويبدو أن هناك تقديرا اجتماعيا لهذه الأعشاب خاصة لعلاج الأطفال المرضى. لكن بالنسبة للأطفال لم يتم من قبل إجراء التجارب السريرية اللازمة للتحقق من أمان الكثير من الأدوية العشبية المنزلية.
لكن مثلاً في ألمانيا غالبا ما يتم شراء شاي الأعشاب العلاجية المنزلية "في كثير من الأحيان من دون تفكير نظرا للتأثر بالإعلانات"، كما ورد في تصريح كتبه الباحث فيلاند كيس من مستشفى الأطفال والمراهقين في جامعة لايبتسيغ، ونقله موقع شبيغل الإلكتروني. وفي دراسة أجراها هذا الباحث وزملاؤه مع أكثر من 400 من الأمهات والآباء في ألمانيا حول ما إذا كانوا يعطون أطفالهم أدوية نباتية، جاءت النتيجة أن 85 في المائة من الأطفال يتناولون بالفعل الأعشاب العلاجية.
وبالنظر إلى تقييم لجنة منتجات الأعشاب الطبية HMPCالتابعة للاتحاد الأوروبي فإن تناول الأطفال للأدوية النباتية دون تمييز قد يكون محفوفا بالمخاطر رغم سماح السلطات الألمانية به، ووفقا للتقرير فإنه لا توجد أعشاب طبية مناسبة للأطفال من جميع الأعمار. ولا تنصح اللجنة بإعطاء شاي الشمر للأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات، فيما تقول إن بإمكان الأطفال تناول شاي البابونج ولكن ابتداءً من سن الثانية عشرة.
لكن الألمانية كارين نيبر من معهد الصيدلة الألماني في لايبتسيغ تنظر بتشكك إلى تقييم لجنة منتجات الأعشاب الطبية التابعة للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بأعشاب بهذين النباتين مبررة ذلك بأن هذه اللجنة تتكون من أعضاء ينتمون أيضا إلى بلدان أخرى حيث شرب شاي الشمر والبابونج عادة غريبة عليهم، وتقول الصيدلانية الألمانية إن شرب شاي هذه الأعشاب وأيضا تناول الزعتر واللبلاب (ومن أسمائها العمشق أو حبل المساكين) تقليد قديم وبديهي في ألمانيا، وإنه لم يتم تسجيل أعراض جانبية بعد تناولها، ولم تتم إجراء دراسات علمية جيدة يعتمد عليها حتى الآن في هذا الشأن. وقد أظهرت الدراسة أن 40 في المائة من الألمان الذين سئلوا في الدراسة يعطون أولادهم شاي هذه الأعشاب.
النباتات والأعشاب مصدر لانتاج المواد الكيمياوية
تُنتج عدد من المواد على نطاق واسع كالألوان، والبلاستيك والأدوية من النباتات والأعشاب بدل النفط والفحم والغاز. ويرى خبير ألماني أن المواد الكيميائية ستعتمد مستقبلاً على النباتات الطبيعية وستكون تكلفتها أقل ومفعولها أنجع.
ترتفع أسعار النفط يوماً بعد يوم، وهو ما يضر بقطاع الصناعات الكيماوية بشكل مضاعف، لأنه يعتمد على النفط بالدرجة الأولى. غير أن الباحث الألماني في مجال الكيمياء هيرمان فيشر البالغ من العمر ستين عاما، يرى أن قطاع الصناعة الكيميائية سيتوجه مستقبلاُ إلى الاستغناء عن البترول وإحلال المصادر النباتية بدلاً منه.
ففي عام 1983 ساهم فيشر في تأسيس شركة لإنتاج مواد الصباغة من مصادر طبيعية، تنتج ألوان الصباغة من النباتات والمعادن، وتصل قيمة التداول لتلك الشركة سنوياً سبعة ملايين يورو. ويؤكد فيشر أنه لا يتم استخدام النفط أو الفحم في منتجاته، حيث يُنتج الصباغة الصفراء مثلاً من نبات البليحاء (الخزام) الذي ينبث في مدينة توبنغن شرق ألمانيا ومن أكسيد الألومنيوم فقط، تنبت في الطبيعة سنويا أعشاب ونباتات بكميات كبيرة تجعل التخلي عن البترول والغاز الطبيعي والفحم كمواد أولية، أمراً ممكنناً حسب فيشر الذي لا يشك في ذلك. وقد بدأ منذ مدة عدد من المصانع والمختبرات في استخدام النباتات لإنتاج لون الصباغة الأصفر أو مواد التنظيف. وحتى المواد البلاستيكية وأغلفة التعبئة يتم إنتاجها من عديد حمض اللبنيك الذي يُنتج بدوره من الذرة أو قصب السكر. كما أن صناديق الحواسب أو الهواتف المحمولة تنتج جزئياً من مواد ذات أصل نباتي، كما هو الحال بالنسبة لزيت التشحيم.
رغم كل شيء تبقى المواد الكيميائية من مصادر نباتية موجهة فقط لمنتجات خاصة، حيث يجب مستقبلا القيام بالمزيد من الأبحاث لتنتج تلك المواد على نطاق واسع، كما يقول الباحث الألماني. وبالفعل فقد بدأ الباحثون في مجال الكيمياء في الجامعات والشركات أبحاثهم في المجال، حيث يبحثون عن طرق مواد ثمينة تستعمل في الصناعة الكيمائية من مصادر كالذرة أومن الألياف الخشبية.
نباتات قمح مقاومة لجفاف المناخ وملوحة التربة
تسوء ظروف نمو المحاصيل الزراعية في آسيا الوسطى بسبب فترات الجفاف الطويلة والتربة الشديدة الملوحة. وهو ما دفع باحثين في مدينة بون الألمانية لاستحداث أصناف من القمح ذات عوائد حصاد كبيرة حتى في مثل هذه الظروف القاسية.
رغم وجود مساحات كافية للزراعة في أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان وتوفر تربة خصبة مناسبة لزراعة المحاصيل تبرز مشكلة الملوحة الشديدة الموجودة بشكل طبيعي في مياه أنهار هذه البلدان. ولا تنحصر هذه الأملاح على ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) فحسب بل منها كميات هائلة من ملح كبريتي وهو كبريتات الصوديوم. وقلما تهطل فيها أمطار خالية من الأملاح في فترات الجفاف الطويلة الممتدة لأشهر عديدة.
وهي عوامل جعلت الأملاح تتركز على مدى آلاف السنين في التربة ما أدى إلى نشوء ظروف سيئة لنمو المحاصيل الزراعية، ومن ذلك القمح. من جانب آخر أدى الإنتاج المكثف للقطن في الماضي، حين كانت تلك الدول ضمن الاتحاد السوفييتي، إلى استنزاف المياه وندرتها ونجم عنه تقلص مياه بحر آرال وتفاقم مشكلة ملوحة التربة. ومثل هذه الظواهر حفزت الباحثين في جامعة بون الألمانية لمحاولة إنماء حبوب زراعية ذات منتوج حصاد جيد حتى في مثل هذه الظروف الزراعية السيئة.
طالب الدكتوراه سعيد دادشاني هو أحد الباحثين القائمين على هذه الدراسة العلمية في جامعة بون. يفتح سعيد باباً معدنياً ثقيلاً يوصل إلى غرفة مكيَّفة هوائيا تُجرى فيها تجارب استنبات القمح المقاوم للملوحة، وتسود في الغرفة شدة ضوئية مناسبة وحرارة 20 درجة مئوية ونسبة رطوبة 50 في المئة. وعلى طاولة في هذه الغرفة يتم استنبات بذور القمح وهي موضوعة "على أوراق فيها مسامات يُصَبّ على بعضها ماء دون ملح وعلى البعض الآخر ماء يحتوي على ملح ليتم بعد ذلك رصد مدى نموها" والتحقق من النتائج، كما يقول الباحث سعيد، ينحدر الباحث في علم الأحياء سعيد دادشاني من أفغانستان وتتركز تجاربه البحثية في جامعة بون على استنبات أصناف قمح خاصة. يقوم سعيد في بحثه بتهجين نوع قمح نباتي بري مع نوع آخر مستنبَت في حجرة التجارب. ورغم أن القمح الناتج عن التهجين لا يحب التربة المالحة لكن عوائده عالية من حيث وفرة المحصول. في حجرة التجارب المكيفة تنمو 160 نبتة من نباتات القمح الهجينة وفي وقت لاحق يظهر جيل ثانٍ وثالث ورابع من هذا الصنف الهجين.
نباتات الجاتروفا- البذور السامة المفيدة
يمكن إنتاج النفط ووقود الديزل الحيوي من نباتات الجاتروفا التي لا تتطلب قدرا كبيرا من العناية. فهل يمثل هذا أملا جديدا للحصول على الوقود من مصادر متجددة أم حلقة فاشلة جديدة في سلسلة المحاصيل المستغلة لتوليد الطاقة؟.
على مدى ستة أشهر استخدمت شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا الوقود الحيوي في رحلاتها بين مدينتي فرانكفورت وهامبورغ، لكن هذه المرحلة التجريبية انتهت مطلع عام 2012. وفي جميع أنحاء أوروبا أحاطت ظلال سلبية باستخدام الوقود الحيوي، ومن المرجح أن يتراجع استخدام مزيج وقود الديزل الحيوي من عشرة في المئة إلى خمسة في المئة. ولا يزال النقاش محتدما حول استغلال الأراضي الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي على حساب المحاصيل الغذائية. فهل يعني هذا أن التوقف التام عن إنتاج الوقود الحيوي أصبح وشيكا؟.
يدور الجدل في الغالب حول المحاصيل التي تستخدم لإنتاج الإيثانول كالذرة أو قصب السكر، وأيضا حول تلك المستخدمة لإنتاج وقود الديزل كبذور اللفت وزيت النخيل.لكن هناك نباتات مختلفة وهي الجاتروفا curcas ، التي لا تصلح للاستخدام كغذاء لأن ثمارها سامة، إلا أن هذه الثمار تحتوي في الوقت نفسه على نسبة عالية من الزيت، وهي بالإضافة إلى ذلك لا تتطلب عناية خاصة، إذ تنمو الجاتروفا حتى في التربة الفقيرة التي قد لا تكون مناسبة لزراعة المحاصيل الغذائية. وتبدو بذور هذه النباتات الزيتية مناسبة للزراعة في المناطق المقفرة في البلدان النامية، حيث يمكن لصغار المزارعين تحقيق دخل إضافي عن طريق زراعتها وبيعها. وهناك بلدان عديدة كالهند والإكوادورعلى سبيل المثال التي قامت بزراعة نباتات الجاتروفا كمحصول للطاقة. ولكن ما هي الآفاق المتاحة عمليا لاستخدام زيت نباتات الجاتروفا؟
نباتات مجمدة منذ قرون تعود الى الحياة
بدأت بعض النباتات التي تجمدت قبل قرون خلال العصر الجليدي الصغير بالعودة إلى الحياة، حسب ما لاحظ بعض العلماء، وقد أزهرت نباتات طحلبية كانت متجمدة لمدة أربعة قرون، وتوصلت الى هذه الاكتشافات مجموعة من الباحثين في جامعة "ألبيرتا" كانوا يستكشفون مناطق قطبية في كندا.
وقد بدأ الجليد في تلك المنطقة بالذوبان بمعدلات متسارعة منذ عام 2004، وبدا الجليد بالانحسار بمعدل 3-4 أمتار في السنة، مما يكشف مسطحات من الأرض لم تتعرض للضوء منذ ما يسمى العصر الجليدي الصغير الذي امتد من 1550 الى 1850.
وتختلف تلك الطحالب عن النباتات البرية التي نعرفها من حيث أنها لا تملك انسجة وريدية تستخدم لضخ السوائل الى جميع أنحاء الكائن، وبإمكانها أن تبقى بدون سوائل في الشتاءات القطبية، ثم تعود إليها الحياة حين ترتفع درجات الحرارة.
وقد لاحظ الباحثون بعض الطحالب التي كانت مطمورة تحت الجليد فترة طويلة، وهذا يناقض الاعتقاد السائد بأن نمو النباتات في المناطق الجليدية يكون على حواف السهل الجليدي فقط، ولاحظ الباحثون أن المسطحات الجليدية تذوب بسرعة، مما يفتح المجال أمام ظهور كائنات نباتية متعددة الأنواع.