حلم الهجرة الى اوربا ينتهي في ليبيا

زينب شاكر السماك

2017-02-23 06:58

مع تحسن الأحوال الجوية نتيجة قدوم فصل الصيف فتحت قوارب النجاة في شواطئ البحر المتوسط اشرعتها مستقبلة اللاجئين والمهاجرين الى اوربا فقد بلغ عدد المهاجرين في العام الماضي الى 181 ألفا أغلبهم من الأفارقة المهاجرين بالقوارب إلى إيطاليا ليصل العدد الإجمالي للوافدين في السنوات الثلاثة الماضية إلى ما يربو على نصف مليون شخص.

لكن يتوقع المراقبون ان انطلاق موسم الهجرة هذا العام سيكون اقوى من العام السابق بين ليبيا واروبا وذلك بسبب اتفاق تركيا واروبا الخاص باللاجئين والذي عمل على اغلاق طريق البحر بين تركيا واليونان بشكل شبه كامل هذا ما قد يدفع اللاجئين لإيجاد طريق آخر للوصول إلى اوروبا وهو بالطبع طريق ليبيا حيث يستفاد المهربون والمهاجرون من الفوضى السائدة في هذا البلد منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011.

الامر الذي زاد قلق دول الاتحاد الاوربيً من ارتفاع وتيرة قوارب الهجرة غير الشرعية المتوجهة من ليبيا إلى الشواطئ الايطالية الطريق الرئيسي للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا. عليه بدأ الاتحاد الاوربي بتنفيذ خطط لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر الى اوربا.

فقد قامت الحكومة الايطالية بأنشاء صندوق بقيمة 200 مليون يورو مخصص لمساعدة دول افريقية عدة في الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على ايطاليا. ايضا وقع رئيس الوزراء الايطالي مذكرت تفاهم مع الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة بتمويل بشأن التعاون في مجالات التنمية ومكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار وتعزيز أمن الحدود بين الجمهورية الإيطالية وليبيا من حيث ينطلق عشرات آلاف المهاجرين سنويا نحو اوروبا. لكن البرلمان الليبي رفض هذه الاتفاقية حول مكافحة الهجرة واعتبرها أمرا "باطلا".

هذا وقد ابدى حلف شمال الاطلسي لتقديم المساعدة اللوجستية واستعداده لدعم القوات البحرية الليبية في التصدي لمهربي المهاجرين قبالة سواحل هذا البلد، اذا طلبت السلطات منه ذلك وايضا بناء مؤسسات امنية ودفاعية فاعلة. ويعرض المزيد من المال والمساعدات لليبيا وغيرها من البلدان الأفريقية حتى تتمكن من إحكام السيطرة على حدودها لمنع تسلل المهاجرين الراغبين في حياة أفضل في أوروبا.

من جانبها انتقدت المنظمات الدولية خطط الاوروبيين اتجاه وقف المهاجرين في ليبيا خشية تعرضهم لسوء المعاملة، حيث ذكر تقرير اعدته السفارة الالمانية في النيجر أنهم يعانون من انتهاكات واسعة ومتواصلة بينها الاحتجاز التعسفي والعمالة القسرية والاغتصاب والتعذيب وغيرها من انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان بمخيمات في ليبيا بحسب تقرير أعدته السفارة الألمانية في النيجر للحكومة الألمانية.

زيادة الهجرة من افريقيا

قالت مصادر بالاتحاد الأوروبي إن الاتحاد يزيد مساعداته لتدريب خفر السواحل الليبي وإقامة مخيمات أفضل في أفريقيا وإجراءات أخرى مع استعداده لتدفق مزيد من المهاجرين من القارة في فصل الربيع. لكن المصادر قالت إن استمرار الفوضى في ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011 وعجز الحكومة الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة عن بسط سيطرتها على كافة المناطق يمثل تحديا كبيرا.

وقال أحد المصادر للصحفيين "نحن نقوم بما هو ضروري حقا... ونقوم بذلك بفعالية. هل نقدم إسهاما مهما في تحسين الموقف؟ نعم. لكن هل سيحل ذلك كل المشكلات؟ لا." ومن المتوقع أن يصدر زعماء الاتحاد الأوروبي بيانا في ختام اجتماعهم في مالطا يركز على الهجرة عبر البحر المتوسط والموقف في ليبيا. بحسب رويترز.

وأوضحت المصادر أن التركيز الأساسي سينصب على قضية الهجرة من أفريقيا. وقام عدد قياسي بلغ 181 ألف شخص بالرحلة الخطرة من ليبيا إلى أوروبا العام الماضي منهم 25 ألفا من القصر كما يُعتقد أن أكثر من خمسة آلاف غرقوا وهم يحاولون عبور البحر. ومن المتوقع أن تزداد أفواج المهاجرين مجددا مع بدء دفء الطقس وتحسن الظروف المناخية.

منع المهاجرن من الوصول الى اوربا

على صعيد متصل بحث وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي خططا لتمويل مخيمات في أفريقيا تديرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات إغاثة في محاولة لمنع المهاجرين من السعي لعبور البحر المتوسط إلى أوروبا. ورحلات عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا التي ينظمها مهربو البشر هي الطريق الرئيسي المفتوح الآن أمام المهاجرين الذين يسعون لحياة أفضل في أوروبا لكن الاتحاد الأوروبي يريد غلق هذا الطريق وقبول اللاجئين فقط.

وغرق أكثر من 4500 شخص العام الماضي وحده خلال محاولات القيام بالرحلة. ونشر الاتحاد الأوروبي سفنا في البحر المتوسط والآن يريد الاتحاد الأوروبي أيضا إعادة المهاجرين الذين تنتشلهم سفنه من البحر إلى الدول التي جاءوا منها. وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره للصحفيين في فاليتا عاصمة مالطا "الفكرة هي إرسالهم إلى مكان آمن دون إدخالهم إلى أوروبا." بحسب رويترز.

وستدير المخيمات الموجودة في ليبيا أو الدول المجاورة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو المنظمة الدولية للهجرة واللتان ستفحصان أوضاع المهاجرين وتساعدان غير المؤهلين منهم للجوء على العودة إلى بلادهم. ومعظم من يسلكون مسار ليبيا-إيطاليا يعتبرون مهاجرين لأسباب اقتصادية مما يعني أنه ليس أمامهم فرصة للجوء إلى الاتحاد الأوروبي.

مكافحة الهجرة غير الشرعية

الى جانب ذلك اعلنت الحكومة الايطالية انشاء صندوق بقيمة 200 مليون يورو سيخصص لمساعدة دول افريقية عدة في الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على ايطاليا. وقال وزير الخارجية الايطالي انجيلينو الفانو خلال توقيع المرسوم المتعلق بالصندوق ان الاخير تلحظه موازنة 2017 وهو منفصل عن المبلغ المرصود عادة للتعاون في التنمية ويهدف الى "التصدي لتهريب البشر والهجرة غير الشرعية".

والاجراء يشمل خصوصا ليبيا والنيجر وتونس التي تشكل نقاط انطلاق او عبور لقسم كبير من المهاجرين الذين يصلون سنويا بعشرات الالاف الى السواحل الايطالية. والمبالغ التي ستسدد لهذه الدول يمكن استخدامها لتدريب قوات الامن او لمعدات او ادوات تقنية تستهدف تعزيز "الحدود الخارجية" لايطاليا. بحسب فرانس برس.

واضاف الفانو "لن نبني جدارا في المتوسط، لا نستطيع القيام بذلك ولن نقوم به"، في اشارة الى السياسة التي ينتهجها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على صعيد الهجرة. ووصل اكثر من 180 الف مهاجر الى السواحل الايطالية في 2016. وكررت روما بداية 2017 انها ستكثف ترحيل المهاجرين غير الشرعيين واولئك الذين لا يحق لهم طلب اللجوء.

اتفاق ايطالي ليبي

في نفس الشأن وقع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني ونظيره الليبي فائز السراج اتفاق ووقد اطلعت عليه رويترز حيث يقول الاتفاق إن روما والاتحاد الأوروبي سيقدمان التمويل لمخيمات ليبية يتم إبقاء اللاجئين والمهاجرين فيها. لكن مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين قالت إن إدارة مخيمات في ليبيا يعني إبقاء المهاجرين في ظروف غير إنسانية وتعريضهم لمزيد من المخاطر.

ويجتمع زعماء الاتحاد في مالطا ي لبحث كيف يمكن للاتحاد الذي يضم 28 عضوا وقف المهاجرين قبل أن يستقلوا قوارب متهالكة من الساحل الليبي ويبحروا عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. وتشير تقديرات إلى مقتل نحو 4500 شخص خلال محاولة العبور من شمال أفريقيا إلى إيطاليا العام الماضي. بحسب رويترز.

ويقول الاتفاق الإيطالي الليبي الذي أقره زعماء الاتحاد إن المخيمات- بعضها قائم بالفعل- التي سيبقى فيها المهاجرون "لحين ترحيلهم أو موافقتهم طواعية على العودة إلى بلادهم" ستديرها وزارة الداخلية الليبية. ويضيف أن إيطاليا ستوفر التدريب للعاملين بالمخيمات إلى جانب الإمدادات الطبية والأدوية للمهاجرين.

رفض مذكرة التفاهم

من جهته رفض البرلمان الليبي ومقره طبرق شرق البلاد مذكرة تفاهم حول مكافحة الهجرة غير الشرعية وقعها رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج مع ايطاليا، واعتبر مجلس النواب ان "المذكرة باطلة وغير ملزمة، ولا يترتب عليها أي التزام مادي أو قانوني أو أخلاقي على الدولة الليبية في الحاضر أو في المستقبل"، على اعتبار ان "المجلس الرئاسي (اي حكومة الوفاق الوطني) ورئيسه لا يحملون اي صفة قانونية بدولة ليبيا، وفقاً للإعلان الدستوري".

واضاف ان "قضية مثل قضية الهجرة غير الشرعية هي من القضايا المصيرية المرتبطة بقرار من الشعب الليبي، من خلال نوابه الذين انتخبهم عبر صندوق الانتخاب ديمقراطيا". وقع السراج في روما في 2 شباط/فبراير مذكرة تفاهم مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنيتلوني، بشأن التعاون في مجالات التنمية ومكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والتهريب وتعزيز أمن الحدود بين الجمهورية الإيطالية وليبيا من حيث ينطلق عشرات آلاف المهاجرين سنويا نحن اوروبا. بحسب فرانس برس.

ورغم دعم المجتمع الدولي للسراج الا انه لا يحظى باعتراف البرلمان المنبثق عن انتخابات نظمت في 2014 ويدعم حكومة منافسة تسيطر على مناطق شرق البلاد. وانتقد عدد كبير من السياسيين الليبيين الاتفاق الموقع في روما لانه ينص على اعادة المهاجرين الى ليبيا لكن السراج نفى ان يكون وافق على مثل هذا الاجراء.

التصدي لمهربي المهاجرين

من جانب اخر ذكر الامين العام لحلف الشمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ خلال استقباله رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج في بروكسل، بان الحلف يقدم منذ نهاية 2016 مساعدة لوجستية للعملية البحرية للاتحاد الاوروبي قبالة ليبيا. وقال ستولتنبرغ "اذا وجه الينا طلب، يمكننا ان ندعم جهود الاتحاد الاوروبي لتعزيز خفر السواحل والبحرية الليبية. هذا يمكن ان يساهم في التصدي للتهريب والنشاط الارهابي في المتوسط، وهو اولوية استراتيجية للحلف وشركائنا في شمال افريقيا".

ولا تزال العملية "صوفيا" التي اطلقها الاتحاد الاوروبي في 2015 عاجزة عن التدخل في المياه الاقليمية الليبية ما يحد من فاعليتها للتصدي للمهربين. وعلى صعيد تعزيز خفر السواحل، قال رئيس الوزراء النروجي السابق "علينا بحث افضل سبيل للقيام بذلك". بحسب فرانس برس.

واوضح السراج ان هذا الامر يتطلب "اتفاقا بين البحرية الليبية والاطراف الراغبين في ذلك"، وذلك لدى سؤاله عن امكان السماح للبوارج الدولية بالوصول الى المياه الاقليمية الليبية. ولا تزال ليبيا تعاني وضعا سياسيا وامنيا مضطربا في ظل انقسام البلاد بين حكومة الوفاق التي يعترف بها المجتمع الدولي وحكومة موازية في الشرق.

معسكرات اعتقال يديرها المهربون

هذا وقد ذكرت صحيفة فيلت ام زونتاج أن المهاجرين يواجهون الإعدام والتعذيب وغيرها من انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان بمخيمات في ليبيا بحسب تقرير أعدته السفارة الألمانية في النيجر للحكومة الألمانية. وذكر تقرير الصحيفة أن السفارة قالت في برقية دبلوماسية أرسلت للمستشارية ولوزارات أخرى "توثق صور وتسجيلات مصورة أصلية التقطت بهواتف محمولة لظروف تشبه معسكرات الاعتقال فيما يسمى بسجون خاصة" يديرها مهربون.

ونقلت الصحيفة عن تقرير السفارة "عمليات إعدام عدد لا يحصى من المهاجرين والتعذيب والاغتصاب والرشوة والنفي إلى الصحراء تحدث يوميا." وتابع التقرير "تحدث شهود عيان عن خمس عمليات إعدام بالضبط أسبوعيا في سجن واحد مع إشعار مسبق ودائما لإفساح المجال لمهاجرين جدد بمعنى زيادة عدد البشر وإيرادات المهربين."

وأثارت أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مخاوف بشأن الأوضاع في ليبيا يوم السبت قائلة في فيديو على الإنترنت إن أوروبا يجب أن تعمل مع الدولة الواقعة في شمال أفريقيا للسيطرة على الهجرة غير الشرعية لكن لا يمكنها أن توقع اتفاقا مماثلا للاتفاق الذي وقعته مع تركيا العام الماضي لحين استقرار الأوضاع. بحسب رويترز.

وقالت سكا كيلر التي ترأس مجموعة الخضر التي تدعو لحماية البيئة في البرلمان الأوروبي إن الحكومة الألمانية ينبغي أن تعمل لمنع أي نوع من الاتفاق مع الحكومة الليبية إذا كانت على دراية بانتهاكات حقوق الإنسان. ونقلت الصحيفة عنها قولها إن توقيع اتفاق هجرة مع ليبيا يعني أن الناس "سترسل مرة أخرى إلى وضع كارثي وغير إنساني". وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره للصحيفة إن مواثيق الأمم المتحدة تعطي اللاجئين حقوق الملاذ لكنها لا تضمن لهم حق اختيار المكان.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا