افغانستان: بين رمضاء الارهاب وطوفان الهجرة

عبد الامير رويح

2016-12-08 08:15

مع استمرار الأزمات وحالة الحرب والعمليات الإرهابية، التي تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية المتشددة، ما تزال أفغانستان تعيش حالة نزوج كبيرة حيث تمثل أزمة الهجرة والمهاجرین وكما تنقل بعض المصادر إحدى أهم المشكلات في هذا البلد، وكشفت منظمة الهلال الأحمر الأفغانية في وقت سابق، أن موجة النزوح في البلاد خلال العام الجاري بلغت معدلات قياسية، بسبب ضراوة المعارك بين القوات الأمنية الداخلية والمجموعات المسلحة. وقال ميرويس أكرم رئيس منظمة الهلال الأحمر الأفغاني: ان ما يقارب من مليون مواطن أفغاني نزحوا عن مناطقهم هذا العام، وهذا الرقم من النازحين في أفغانستان وهو أمر غير معتاد. كما حذر مسؤولون بالأمم المتحدة من أن موجة من النازحين داخل أفغانستان واللاجئين العائدين ربما تكون أكبر من التوقعات السابقة داعين إلى المزيد من التمويل والاهتمام بالأزمة المتنامية. وقال شالوكا بياني وهو خبير في الأمم المتحدة في شؤون النازحين عاد للتو من رحلة لتقصي الحقائق شملت عددا من معسكرات النازحين في أرجاء أفغانستان إن أعداد النازخين "تشير إلى أزمة متفاقمة تواجهنا." وأضاف "شركاؤنا من المنظمات الإنسانية يحذرون من أن عددا أكبر بكثير من النازحين ربما يتحركون بنهاية العام لكن الاهتمام والموارد المخصصة لحاجاتهم تبدو أنها تقل".

ولم تنفذ الحكومة الأفغانية بشكل كامل حتى الان سياستها الوطنية لمساعدة النازحين في الداخل كما أن الكثير من أجهزة الدولة "تفتقر إلى الموارد والإمكانيات للقيام بوظائفها." ووسط تصاعد موجة العائدين والنازحين في أفغانستان يشتكي المسؤولون الأفغان من نقص الإمكانات المالية لسد حاجات المهاجرين والنازحين.

وفي هذا الشأن ذكرت منظمة العفو الدولية ان عدد الافغان الذين فروا بسبب اعمال العنف للجوء الى مناطق اخرى في البلاد تضاعف بين عامي 2012 و2015 ليصل الى 1,17 مليون نازح. وعزت المنظمة غير الحكومية هذه الارقام "المفاجئة" الى اتساع رقعة اعمال العنف على كافة الاراضي الافغانية. ومنذ انتهاء مهمة حلف شمال الاطلسي القتالية لم يعد متمردو طالبان يكتفون بمواجهة قوات الامن في معاقلهم التقليدية في جنوب البلاد وشرقها. فالمعارك باتت تدور في مناطق وسط البلاد وشمالها والتي كانت مستقرة سابقا.

واضافت المنظمة ان استيلاء طالبان الخريف الماضي على قندوز الولاية الاستراتيجية في شمال افغانستان ارغم "13 الف اسرة على مغادرة المدينة". وقالت منظمة العفو في تقريرها ان عدد النازحين الافغان كان 351900 في 2010 و486300 في 2012 و1,17 مليون العام الماضي. واضافت انه "خلال الاشهر الاربعة الاولى من العام 2016 غادر 118 الف شخص منازلهم". لكن الظروف المعيشية السيئة في مخيمات اللاجئين تجعل منظمة العفو تصف حياتهم بانها "بقاء على قيد الحياة". واضافت ان "الاشخاص مضطرون كل يوم لعبور مسافات طويلة لتأمين المياه ويصعب عليهم الحصول على وجبة يومية

عدد قياسي

من جانب اخر ذكرت الأمم المتحدة أن عدد النازحين جراء الصراع في أفغانستان هذا العام تخطى نصف مليون شخص وهو الرقم الأعلى منذ بدء متابعة هذه الإحصاءات عام 2008. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 515800 شخص نزحوا داخليا جراء القتال عام 2016 وهو عدد يتخطى الرقم المسجل العام الماضي وهو 471 ألفا.

وانتشر العنف في أنحاء البلاد بينما كانت الحكومة المدعومة من الغرب تقاتل طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة. وتشير التقديرات إلى أن طالبان تسيطر أو تسعى للسيطرة على حوالي ثلث البلاد في حين تقترب أعداد الضحايا بين المدنيين وقوات الأمن من مستويات قياسية. وسعى عشرات الآلاف من الأفغان إلى اللجوء في أوروبا ومناطق أخرى لكن الكثيرين أجبروا على العودة إلى بلادهم.

وهذا العام تعرض أكثر من 600 ألف لاجئ أفغاني في باكستان لضغوط للعودة لبلادهم مما أضاف إلى عبء ربما يكون طويل الأمد على وكالات الإغاثة وعلى الحكومة الأفغانية. وقال مارك بودن منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في بيان "ما يزعجني أن هذه الأرقام القياسية لا تظهر فقط عددا مقلقا للنازحين داخليا لكن تشير أيضا إلى أزمة أطول تواجه فيها أعداد متزايدة من العائلات في أفغانستان نزوحا لفترة طويلة." بحسب رويترز.

وتابع "علينا إعادة التفكير بشكل جماعي في الطريقة التي يمكننا تقديم المساعدات من خلالها وأن نضمن أن تتلقى العائلات النازحة المعرضة للخطر المساعدات الإنسانية الطارئة الضرورية بل والدعم الذي يوفر فرصة حقيقية للنازحين لإعادة بناء حياتهم على المدى الطويل." وقالت الأمم المتحدة إنها تلقت ما يزيد بقليل عن نصف المبلغ الذي تحتاجه كتمويل طارئ لتوفير الحاجات الضرورية للنازحين في أفغانستان وهو 152 مليون دولار.

العودة من باكستان

في السياق ذاته أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 380 ألف لاجئ أفغاني مسجل عادوا إلى بلادهم من باكستان هذا العام، وهو أعلى عدد منذ 2007، مضيفة أنها وزعت على اللاجئين مساعدات نقدية وصلت إلى 135 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقالت المفوضية أن المخاوف من تعرض اللاجئين لحملة قمع في باكستان، ومضاعفة قيمة المنح النقدية التي تقدمها الأمم المتحدة للعائدين الطوعيين لتصل إلى 400 دولار، أدت إلى زيادة عدد العائدين بعد تموز/يوليو من هذا العام.

من جهتها، قالت دنيا إسلام خان، المتحدثة باسم المفوضية، "هذه أرقام غير مسبوقة لم نتوقعها. وفي تشرين الأول/أكتوبر عاد نحو 148 ألف شخص، وهو أعلى عدد من العائدين خلال شهر واحد منذ آب / أغسطس 2005". وأضافت أن المفوضية كانت تتعامل مع معدل 5500 طلب يوميا. وتشير التقديرات إلى أن نصف مليون لاجئ آخر غير مسجلين ربما عادوا كذلك هذا العام، رغم أنه لم يتسن التحقق من هذا العدد من المسؤولين.

ويواجه العائدون إلى أفغانستان مستقبلا غير أكيد بسبب الاضطرابات في البلاد التي عانت من عقود من الحرب، حيث شرد أكثر من نصف مليون شخص داخليا بسبب القتال في 2016، بحسب أرقام الأمم المتحدة. كما قال مسؤولون أن عمليات الهجرة الداخلية تستنزف موارد المناطق المحلية خاصة المناطق الحضرية الأكثر أمانا. ومن جهتها، ذكرت المفوضية الأممية الجمعة أن عمليات إعادة اللاجئين الطوعية ستتوقف ابتداء من الأول من كانون الأول / ديسمبر، بسبب العطلة الشتوية الروتينية، وستستأنف في آذار/مارس. وقالت خان إن هذه العطلة ستتيح للمفوضية حشد المزيد من الموارد. بحسب فرانس برس.

وقدرت المفوضية سابقا ألا يتجاوز عدد اللاجئين الراغبين في العودة 50 ألف لاجئ خلال 2016 استنادا إلى أرقام الأعوام السابقة. كما قالت خان إن نحو 1,34 مليون لاجئ مسجل لا زالوا يعيشون في باكستان، إضافة إلى نصف مليون لاجئ آخر غير مسجلين، ما يجعل باكستان واحدة من أكبر الدول المستضيفة للاجئين في العالم. ومددت باكستان المهلة النهائية لمغادرة اللاجئين إلى أراضيها من آذار/مارس 2017 إلى كانون الأول/ديسمبر. وعاد نحو 4,2 مليون لاجئ أفغاني إلى بلادهم طوعا في إطار برنامج المفوضية للعودة الطوعية الذي بدأ العمل به منذ 2002.

الاتحاد الأوروبي وإيران

لم تكن وعود مسؤول المساعدات بالاتحاد الأوروبي خلال زيارته لإيران بتقديم المزيد من المساعدة للاجئين الأفغان كافية لإثناء مريم الحيدري عن التوجه إلى أوروبا. وتخطط الحيدري للذهاب إلى ألمانيا للالتحاق بزوجها وأبنائها الثلاثة الذين كانوا ضمن موجة مهاجرين غير عادية إلى أوروبا العام الماضي بلغت مليون شخص وأحدثت شقاقا بين أعضاء الاتحاد الذين عانوا من أجل التوصل لاتفاق بشأن سبل التعامل مع الأزمة.

وقالت الحيدري التي كانت في مركز للاجئين في طهران عندما زار كريستوس ستالياندس مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية المنشأة "الحياة كانت صعبة للغاية هنا وزوجي كان العائل الوحيد للأسرة.. لم نتمكن من تحمل تكاليف المعيشة." وللمساعدة في كبح التدفق يزيد الاتحاد مساعداته لبلدان محددة في طريق الهجرة على أمل إقناع المهاجرين بالبقاء في بلدانهم. وشملت تلك الجهود حتى الآن كلا من تركيا والأردن ولبنان وبعض البلدان الأفريقية. بحسب رويترز.

ويجرب الاتحاد حاليا الاستراتيجية في إيران التي تقع على طريق الهجرة بالنسبة للأفغان الذين كانوا أكبر مجموعة تدخل أوروبا عبر البحر بعد السوريين. وفي طهران أعلن المسؤول الأوروبي عن مضاعفة مساعدات الاتحاد الأوروبي لإيران إلى 12.5 مليون يورو هذا العام مع التركيز على الخدمات التعليمية والصحية للأطفال الأفغان اللاجئين. وقال ستالياندس "من الأفضل أن تكون قريبا من منزلك وتعود عندما يتحسن الوضع." وبات تواصل أوروبا مع إيران أكثر سهولة منذ الاتفاق التاريخي بين إيران والقوى العالمية الذي وافقت طهران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا