مملكة الانتهاكات.. قمع الداخل واستباحة الخارج

شبكة النبأ

2016-06-15 03:12

إعلان الامم المتحدة سحب اسم التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، من القائمة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق الصراعات، والذي أثار تنديدا قويا من عدة منظمات حقوقية دولية، لايزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذا الاعلان قد اثار الشكوك حول مصداقية وحيادية منظمة الأمم المتحدة، التي اصبحت قراراتها وبحسب بعض الخبراء، تخضع لضغوط وتهديدات الدول الغنية التي تدعمها ومنها المملكة العربية السعودية، التي هددت بعد هذا القرار بوقف جميع المساعدات المالية التي تقدمها الى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومن بينها منظمة الاونروا، التي ترعى شؤون اللاجئين الفلسطينيين، باعتبارها رابع دولة الاكثر تبرعا لها، حيث قدمت مئة مليون دولار في العام الماضي، علاوة على عقد اجتماع لعلماء مسلمين، واصدار فتوى ضد الامم المتحدة باعتبارها معادية للإسلام، الامر الذي وصفه دبلوماسي اممي بانه احد ابشع انواع الابتزاز، مما يدين هؤلاء العلماء، ويؤكد ان فتاواهم تصدر حسب الطلب.

فعاصفة الحزم السعودية قتلت بصواريخها وقذائفها اكثر من 500 طفل يمني، و1168 قاصرا، علاوة على ستة آلاف آخرين، حسب احصاءات الامم المتحدة نفسها، وحذف اسم السعودية وحلفائها من القائمة السوداء لا يمكن ان يحجب هذه الحقيقة، او يقلل من فداحة المصاب اليمني بجوانبه كافة. وتتهم جماعات ومنظمات حقوقية دولية السعودية والتحالف الذي تقوده في اليمن بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي. وسبق أن طالبت منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن "كل الدول التي تدعم التحالف، ومن بينها الولايات المتحدة وبريطانيا بوقف إمدادات وصفقات الأسلحة التي تستخدم في خرق القانون الدولي".

وقد اكدت منظمة العفو الدولية إن مصداقية منظمة الأمم المتحدة باتت محل شك بعد أن تراجعت بشكل فج أمام الضغوط التي مورست عليها لسحب التحالف العربي من قائمة الدول والجماعات التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق الصراعات. وقالت المنظمة في بيان إن إعلان بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة سحب التحالف العربي من اللائحة السوداء نتيجة مباشرة للضغوط الديبلوماسية التي مارستها السعودية. ووجه ريتشارد بينت مدير مكتب منظمة العفو الدولية في مقر الأمم المتحدة انتقادات حادة للمنظمة الدولية وقال: "لم يسبق أن تراجعت الأمم المتحدة أمام ضغوط لتعديل تقرير صدر عنها. إن الضمير لا يقبل بأن يسمح لدولة ورد اسمها ضمن هكذا تقرير ممارسة ضغوط لسحبه... هذا التراجع الصارخ يقوض أهداف الأمم المتحدة في حماية الاطفال في مناطق الصراعات... على بان كي مون أن يقاوم الضغوط حتى لا يسيء لمصداقية الامم المتحدة."

وكان بان كي مون الأمين العام للمنظمة الدولية قد أعلن سحب اسم التحالف من القائمة السوداء إلى حين الانتهاء من مراجعة مشتركة بين التحالف والأمم المتحدة لنتائج التقرير الذي نشرته المنظمة الدولية. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع في اليمن أدى إلى مقتل 6400 شخص إضافة إلى أن 80 في المئة من سكان البلاد يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.

ضغوط السعودية

وفي هذا الشأن قال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إن السعودية مارست ضغوطا غير مناسبة و"غير مقبولة" بالتهديد بقطع التمويل عن المنظمة الدولية بعد إدراج التحالف الذي تقوده المملكة باليمن على قائمة سوداء بسبب قتلى أطفال. وكانت الرياض هددت بوقف تمويل برامج تابعة للأمم المتحدة ردا على إدراج التحالف في القائمة السوداء واقترحت إصدار فتوى ضد المنظمة الدولية.

وأعلنت الأمم المتحدة أنها رفعت اسم التحالف من قائمة صدرت في وقت سابق وتضم جهات متهمة بانتهاك حقوق الأطفال في الصراعات المسلحة لحين إجراء مراجعة من قبل المنظمة الدولية والتحالف لحالات وفيات وإصابات الأطفال خلال الحرب الدائرة منذ أكثر من عام في اليمن. وقال بان إن قراره بحذف اسم التحالف مؤقتا من القائمة "كان من بين أكثر القرارات التي اتخذتها إيلاما وصعوبة" مضيفا أن التهديدات زادت "الاحتمال شبه المؤكد من أن يتعرض ملايين من الأطفال الآخرين للمعاناة بشدة."

وأضاف الأمين العام للصحفيين "الأطفال الذين يواجهون الخطر بالفعل في فلسطين وجنوب السودان وسوريا واليمن وغيرها الكثير من الأماكن سيصيبهم المزيد من اليأس." وتابع "من غير المقبول أن تمارس دول أعضاء ضغطا غير مناسب. التدقيق جزء طبيعي وضروري من عمل الأمم المتحدة." ولم يذكر بان التحالف بالاسم لكنه كان بوضوح محط التركيز في تعليقاته.

وأيدت الولايات المتحدة تصريحات بان وقالت إن الأمين العام وجه الدعوة للسعوديين وأعضاء التحالف لبحث التقرير في نيويورك يوم 17 يونيو حزيران. وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "ينبغي السماح للأمم المتحدة بتنفيذ التزاماتها والاضطلاع بمسؤولياتها دون خوف من انقطاع التمويل." وبدأ التحالف بقيادة السعودية حملة عسكرية في اليمن في مارس آذار 2015 بهدف منع الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح من السيطرة على الحكم. وقتل نحو 6000 شخص نصفهم مدنيون في الصراع منذ مارس آذار من العام الماضي وفقا لبيانات الأمم المتحدة. بحسب رويترز.

والحوثيون وقوات الحكومة اليمنية والمسلحون الموالون للحكومة مدرجون على القائمة السوداء للأمم المتحدة لحقوق الأطفال منذ خمس سنوات على الأقل وتعتبرهم المنظمة "جناة دائمون." وضمت القائمة أيضا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. واتهمت جماعات حقوقية الأمين العام بالرضوخ للضغوط التي تمارسها الدول القوية وقالت إنه يخاطر بتلطيخ إرثه في المنظمة الدولية. وذكر تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال والصراع المسلح أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن 60 في المئة من وفيات وإصابات الأطفال في اليمن العام الماضي والتي بلغت 510 قتلى و667 مصابا.

تهديدات مختلفة

على صعيد متصل قالت مصادر دبلوماسية إن حلفاء مسلمين للسعودية أهالوا الضغوط على بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة بعد إدراج التحالف بقيادة السعودية على قائمة سوداء بشأن حقوق الطفل في اليمن كما لوحت الرياض بوقف مساعدات للفلسطينيين ووقف تمويل برامج أخرى تابعة للمنظمة الدولية.

وأعلنت الأمم المتحدة حذف اسم التحالف من القائمة السوداء التي أعلنت وذلك لحين إجراء مراجعة مشتركة بين المنظمة الدولية والتحالف لحالات الوفيات والإصابة بين الأطفال أثناء الحرب في اليمن. وأثار الحذف ردود فعل غاضبة من جماعات معنية بحقوق الإنسان اتهمت بان بالانصياع لضغوط الدول القوية. وقالت إن بان الذي يمارس عمله في العام الأخير لولايته الثانية يجازف بالإضرار بإرثه كأمين عام للأمم المتحدة.

وقالت المصادر طالبة عدم نشر أسمائها إن مكالمات من وزراء خارجية دول خليجية عربية وزراء من منظمة التعاون الإسلامي انهالت على مكتب بان بعد إعلان إدراج التحالف على القائمة السوداء. وتحدث مسؤول بالأمم المتحدة عن "ضغوط من هنا وهناك" لهذا السبب. وتعليقا على رد الفعل قال مصدر دبلوماسي طالبا عدم نشر اسمه "تنمر وتهديدات وضغوط" مضيفا أن ما حدث "كان ابتزازا بمعنى الكلمة".

وذكر المصدر أنه كان هناك تهديد أيضا "باجتماع شيوخ في الرياض لإصدار فتوى ضد الأمم المتحدة تقضي بكونها معادية للإسلام مما يعني أنه لن تكون هناك اتصالات بدول منظمة التعاون الإسلامي ولا علاقات ولا مساهمات ولا دعم لأي من مشروعات أو برامج الأمم المتحدة." وردا على هذه المزاعم قال سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي إن المملكة لا تستخدم التهديدات ولا الترهيب وإنها ملتزمة جدا تجاه الأمم المتحدة.

ونفى المعلمي أي تهديد باحتمال إصدار فتوى ووصف الأمر بالسخيف والمشين مضيفا أن الهدف من اجتماع هيئة كبار العلماء في السعودية هو إقرار وإصدار بيان يدين إدراج التحالف في اليمن على القائمة السوداء. وقال المعلمي إن التقرير السنوي للأمم المتحدة بشأن الدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الطفل في الحرب "مبالغ فيه بشدة" وطالب بتصحيحه.

وتضمنت الشكاوى السعودية الرئيسية أن الأمم المتحدة لم تستند في تقريرها إلى معلومات من الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية كما اتهمت الرياض المنظمة الدولية بعدم التشاور مع التحالف. لكن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة قال إنه جرى التشاور مع السعوديين.

وقالت مصادر دبلوماسية عديدة إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) سوف تتضرر على نحو خاص لو أعيد إدراج التحالف على القائمة السوداء. والسعودية هي رابع أكبر مانح للأونروا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقدمت قرابة مئة مليون دولار للوكالة العام الماضي. كما أن الكويت والإمارات العضوين في التحالف مانحتان كبيرتان للأونروا إذ قدمتا للوكالة قرابة 50 مليون دولار في 2015.

وإلى جانب السعودية قال دوجاريك إن الأردن والإمارات وبنجلادش اتصلت بمكتب بان للاحتجاج على الخطوة. وقال دبلوماسيون إن مصر والكويت وقطر عبرت لمكتب بان عن شكواها. ويضم التحالف بقيادة السعودية إلى جانب المملكة كلا من الإمارات والبحرين والكويت وقطر ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان. ولا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى حليفة للسعودية شجعت الأمم المتحدة على العدول عن قرار إدراج التحالف على القائمة السوداء.

وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه ليست لديه معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة اتصلت بالأمم المتحدة بشأن التقرير. وأضاف "نأخذ حماية الأطفال في الصراع المسلح باليمن على محمل الجد بشدة ونواصل حث كل الأطراف في الصراع باليمن على حماية المدنيين وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني." وقال دوجاريك إن قرار حذف التحالف اتخذ انتظارا لمراجعة لحالات الوفيات والإصابات بين الأطفال في اليمن ويمكن العدول عنه لكن المعلمي قال إن الحذف "لا رجعة عنه وغير مشروط".

وتحدثت دينا قعوار سفيرة الأردن في الأمم المتحدة عن شكوى بلادها للأمين العام للأمم المتحدة. وقالت إن التقرير يتهم التحالف وبالتالي الأردن بما أنه عضو فيه لذلك اتصل وزير الخارجية الأردني بالأمين العام للأمم المتحدة وعبر له عن رأيه بأن التقرير منحاز وأن المنظمة الدولية بحاجة للنظر فيه. وقال بعثة بنجلادش إن وزير خارجية البلاد اتصل بمكتب بان قبل الحذف أثناء قيامه بزيارة رسمية للسعودية.

وأفاد مصدر دبلوماسي مطلع على الموقف أن غضب السعودية كان متوقعا وأن "رد فعل الأمين العام على ما حدث كان مخيبا للآمال." وأشار عدد من الدبلوماسيين إلى قرار الأمم المتحدة عدم إدراج إسرائيل على القائمة السوداء العام الماضي بسبب مقتل أطفال في قطاع غزة بعد أن ضغطت الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية بشدة على بان. وقال الدبلوماسيون إن من الواضح أن الأمين العام الحالي ضعيف أمام الضغوط. وذكر مصدر دبلوماسي آخر أن الخلاف الأخير بين الأمم المتحدة والمغرب بسب استخدام بان لكلمة "احتلال" لوصف وجود المغرب في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها أرسى سابقة سيئة. بحسب رويترز.

وأضاف أنه عندما طلب المغرب خروج العشرات من موظفي بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المدنيين من أراضيه هذا العام لم يقدم مجلس الأمن الدولي الدعم القوي لبان. وتابع أن هذا الأمر أرسى سابقة خطيرة في المنظمة الدولية التي تضم 193 دولة. وقال المصدر الدبلوماسي "كانت الرسالة واضحة .. إذا قسوت على الأمين العام فإن مجلس الأمن لن يهب لمساعدته."

مطالب اخرى

في السياق ذاته حثت 20 منظمة حقوقية الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون ء على إعادة إدراج التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في القائمة السوداء لقتل وتشويه الأطفال لأن الأدلة ضد التحالف "دامغة." وانتقد الخطاب الموجه إلى بان من منظمات أبرزها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وأوكسفام الأمين العام للمنظمة الدولية الذي يمارس عمله في العام الأخير لولايته الثانية وقال إنه انصاع للسعودية ولطخ إرثه.

وقالت المجموعة "إذا رغب التحالف الذي تقوده السعودية في رفع اسمه من القائمة فعليه وقف قتل وتشويه الأطفال وقصف المدارس والمستشفيات في اليمن- وهي الانتهاكات التي بسببها أدرج بالقائمة." وذكر تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال والصراع المسلح الذي نشر أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن 60 في المئة من وفيات وإصابات الأطفال في اليمن العام الماضي فقتل 510 أطفال وأصاب 667 طفلا.

وجاء في خطاب المنظمات الحقوقية "مسؤولية التحالف الذي تقوده السعودية تجاه الانتهاكات الصارخة ضد الأطفال في هذه الهجمات ليس محل شك." وأضافت الرسالة "الأدلة دامغة عن تورط التحالف بقيادة السعودية في انتهاكات صارخة ضد الأطفال في اليمن." ووصف سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي تقرير الأمم المتحدة بأنه "مبالغ فيه بشدة". وقالت المنظمات الحقوقية إن قرار بان برفع اسم التحالف من القائمة يقوض "أداة لا تقدر بثمن في جهود كبح العنف ضد الأطفال في الصراعات المسلحة." بحسب رويترز.

وأضافت أن القائمة تضغط على أطراف الصراعات المسلحة للالتزام بالقانون الدولي. وقالت المنظمات الحقوقية إن أكثر من 20 حكومة وجماعة مسلحة وقعت على خطط عمل تابعة للأمم المتحدة واتخذت خطوات لإنهاء الانتهاكات ضد الأطفال حتى تدرس المنظمة رفع اسمها من القائمة. وكانت الأمم المتحدة رفعت إسرائيل وحركة حماس من القائمة السوداء العام الماضي بعد إدراجهما في مسودة سابقة لكنها انتقدت إسرائيل بشأن عملياتها العسكرية في 2014.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي