سرطان الاستيطان الاسرائيلي يلتهم حقوق الفلسطينيين
عبد الامير رويح
2016-04-20 12:27
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها الصارخة لجميع الاحكام والقوانين الدولية والانسانية، من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها ولاقامة المزيد من المستوطنات عليها، ضاربة عرض الحائط كل القرارات الشرعية الدولية التي تدين سياسة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة وترفضه، حيث اكدت بعض التقارير ان حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة قد سعت في السنوات الاخيرة، الى توسيع سياستها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية من اجل الاخلال بالتركيبة السكانية لصالح اليهود وبتالي خلق واقع جديد، يستفيد منه المفاوض الاسرائيلي، والسياسة الاسرائيلية بحسب يعض المصادر تجاه المستوطنات واحدة، فلم يسبق ان اجمعت الحكومات الاسرائيلية المتتالية على موقف موحد، مثلما اجمعت على موقفها في قضية المستوطنات ودعمها بكافة السبل الممكنة دون ايلاء محادثات السلام الجارية او القوانين الدولية ادنى اهتمام. فمنذ توقيع اتفاقية اوسلو قامت اسرائيل ببناء ٤٤ بؤرة استيطانية وبعد توقيع اتفاقية واي ريفر بنيت ٢٧ بؤرة استيطانية ١١ منها تأسست في شهر مارس ١٩٩٩. وبلغ مجموع الاراضي الفلسطينية التي صودرت منذ التوقيع حولي ٢٧٣٨٣ دونما. ويبرر المسؤولون الاسرائيليون ذلك بأنه لا علاقة بين عملية السلام والاستمرار في بناء المستوطنات. حيث لم تنص اتفاقية اوسلو وبكل اسف وما تلاها على اي قرارات تحظر على اليهود بناء مستوطنات جديدة. او توسيع القائم منها.
كما اكدت بعض التقاريرا إلى ان اسرائيل قد استفادت كثيرا من جملة المتغيرات والاحداث الامنية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة، خصوصا بعد انهيار وسقوط العديد من الحكومات وتفكك الجيوش التقليدية في بعض الدول، وقد كشفت حركة "السلام الآن" وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية مناهضة للاستيطان، أن مشاريع بناء وحدات استيطانية في الضفة الغربية المحتلة تضاعف أكثر من ثلاث مرات في الثلث الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي. وقالت الحركة في بيان إنه تم تقديم خطط لبناء 674 وحدة استيطانية، في الفترة بين يناير ومارس هذا العام، مقارنة بـ194 وحدة في الثلث الأول من العام 2015. وأوضحت الحركة ان العام 2015 شهد انخفاضاً حاداً في عدد خطط البناء الاستيطاني وخطوات تشريع البؤر الاستيطانية العشوائية التي أنشئت دون موافقة السلطات الإسرائيلية مقارنة بعام 2014. وحول ذلك، قالت حاغيت أوفران المسؤولة في حركة السلام الآن "لكن منذ بداية العام 2016، فإن الاتجاه قد انعكس تماما". وأضافت أن أرقام العام 2016 تظهر حقيقة أن حكومة بنيامين نتنياهو تواصل بشكل سري الاستيطان مع هدف واضح هو جعل تطبيق حل الدولتين مستحيلا.
قرارات جديدة
في هذا الشأن يخشى سكان قرية فلسطينية شمال غرب الضفة الغربية أن تستولي إسرائيل على ما تبقى من أراضيهم بعد تسلمهم قرارا بمصادرة 2400 دونم (600 فدان) منها. وقال نعيم حمودة رئيس بلدية الزاوية "تبلغنا أن هناك قرارا إسرائيليا بمصادرة 2400 دونم من أراضي الزاوية هي ما تبقى منها تحت ما يسمى مصادرة لأغراض الدولة." وأضاف حمودة أن آخر عملية مصادرة واسعة لأراضي القرية جرت في عام 2004 حيث أصبحت هذه الأراضي خلف سياج أقامته إسرائيل لفصلها عن أراضي عام 1948.
وتقع قرية الزاوية على بعد بضعة كيلومترات عن الحدود الغربية التي تفصل الضفة الغربية عن إسرائيل ويسكنها حاليا نحو 6000 نسمة. وقال حمودة "هناك قرار قديم صدر أوائل الثمانينات بمصادرة هذه المساحة واعترض عليه بعض الأهالي في حينه. واضح أنهم جددوا القرار أو أنهم يريدون إعادة ترسيم المنطقة." وأضاف "الأراضي التي سيتم مصادرتها أراضي معظمها زراعية بعضها مزروعة بأشجار زيتون معمرة".
وتابع "من الواضح أن هناك مخططا لتوسعة المستوطنات والسيطرة على المنطقة. هناك عمارات تبنى في المنطقة المقابلة في الفترة الأخيرة. يبدو أنهم يحاولون توسيع المنطقة." وتعهد حمودة بعمل كل الاجراءات اللازمة والمرافعات القانونية لإلغاء قرار المصادرة رغم خشيته أن تكون عملية المصادرة "قرار محسوم الأمر فيها وفي أي لحظة يمكن أن يبدأ العمل في هذه الأرض." وقال "هناك جزء من الأرض التي تريد إسرائيل مصادرتها مبنى عليها منازل." وأضاف "إذا تمت مصادرة هذه الأرض لن يبقى للقرية سوى الأرض المقامة عليها المنازل والمقبرة."
وتنتقد العديد من الدول قرارات المصادرة الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية وترى فيها تقويضا لأسس حل الدولتين. ويسعى الفلسطينيون إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية. وتشير أرقام للأمم المتحدة إلى أن الجيش الإسرائيلي زاد في الأشهر الثلاثة الماضية عمليات هدم مباني الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة إلى أكثر من ثلاثة أمثال وهو ما أثار قلقا بين دبلوماسيين وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بشأن ما يعتبرونه انتهاكا مستمرا للقانون الدولي. ويقول الجيش الإسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية منذ حرب عام 1967 إنه ينفذ عمليات الهدم لأن المباني غير قانونية فهي إما بنيت بدون ترخيص أو في منطقة عسكرية مغلقة أو في منطقة إطلاق نار أو تخالف قواعد أخرى خاصة بالتخطيط وتقسيم المناطق.
وطالب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في بيان "المجتمع الدولي.. بايجاد الآليات الضرورية لإلزام إسرائيل بوقف النشاطات الاستيطانية ووقف مصادرة الأراضي والعقوبات الجماعية لأن هذه الحكومة الإسرائيلية هي من المستوطنين وللمستوطنين وبالمستوطنين ولديها تصميم على تدمير خيار الدولتين." وأضاف "نحن نحضر أنفسنا للذهاب إلى مجلس الأمن وطرح الموضوع حول القرار الاستعماري الإسرائيلي بأسرع وقت ممكن."
وانتقدت وزارة الخارجية الأمريكية مصادرة الأراضي قائلة إن المصادرات الجارية والتوسع الاستيطاني "يقوض بصورة أساسية احتمالات الحل القائم على أساس دولتين". وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في تصريح صحفي "نعارض بشدة أي خطوات تعجل بالتوسع الاستيطاني الذي يثير تساؤلات خطيرة بشأن نوايا إسرائيل بعيدة المدى". ولدى سؤاله عن تقرير راديو الجيش الإسرائيلي ردّ مكتب وزير الدفاع موشيه يعلون برسالة الكترونية قال فيها "لا صلة لنا بالموضوع."
غير أن منظمة التحرير الفلسطينية نشرت عبر حسابها على تويتر صورا لخطة المصادرة الإسرائيلية مرفقة بخريطة بالعبرية ووثيقة تحمل عنوان "إعلان بممتلكات الحكومة". وتضم الخريطة 2342 دونما (579 فدانا) وتحمل توقيع مسؤول يشار إلى منصبه على الخريطة بأنه "المشرف على أملاك الحكومة وأملاك الغائبين في يهودا والسامرة" وهو الاسم العبري للضفة الغربية.
وهذه المصادرة هي الأكبر منذ أغسطس آب عام 2014 وتشمل منطقة أوسع من المنطقة التي أعلنت إسرائيل في يناير كانون الثاني إنها تسعى إلى مصادرتها على مقربة من البحر الميت وتبلغ مساحتها 380 فدانا. وأثارت التقارير عن وجود مثل هذه الخطة في ذلك الوقت استنكارا دوليا. وقالت اسرائيل إنها تنوي الحفاظ على وجود التجمعات الاستيطانية الكبيرة في أي اتفاقية سلام مستقبلية مع الفلسطينيين. بحسب رويترز.
في حين يخشى الفلسطينيون الذين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة من أن يحرمهم التوسع الإسرائيلي من تأسيس دولة قابلة للحياة. واعتبر الفلسطينيون توسع النشاط الاستيطاني أحد الأسباب وراء انهيار محادثات السلام التي رعتها الولايات المتحدة عام 2014 وتصاعد أعمال العنف في الأشهر القليلة الماضية مما أضعف الآمال بإحياء المفاوضات في أي وقت قريب.
غلق الطرق
في السياق ذاته قال مسؤول محلي ومواطنون إن الجيش الإسرائيلي يغلق أجزاء من شارع رئيسي يربط بين مدينتي نابلس ورام الله في ساعات محددة من اليوم فيما يبقيه مفتوحا كل الوقت أمام المستوطنين. وقال ناصر الحواري رئيس بلدية حوارة "كل هذه القصة (إغلاق أجزاء من الشارع) لحماية وتسهيل مرور المستوطنين خلال سيرهم على هذا الشارع لا أكثر ولا أقل." ويستخدم الفلسطينيون والمستوطنون المقيمون في عدد من المستوطنات المجاورة للمدن والقرى الفلسطينية الشوارع ذاتها.
ويعاني الفلسطينيون من إغلاق الجيش الاسرائيلي لأجزاء من شارع نابلس رام الله الذي تمر فيه آلاف السيارات يوميا بحجة وجود أعمال صيانة في مقطع الطريق الذي يمر من بلدة حوارة. ويتوجب على الفلسطينيين سلوك طرق فرعية وسط عدد من القرى خلال تنقلهم بين مدينتي رام الله ونابلس أو القرى المجاورة لان الإغلاق يسرى على الداخل إلى نابلس والخارج منها. ويتم إغلاق حاجز زعترة الموجود على طريق نابلس رام الله أمام الداخلين إلى مدينة نابلس من الساعة الواحدة ظهرا وحتى الثانية ومن الساعة الرابعة حتى السادسة.
ويُمنع المرور عبر حاجز حوارة الموجود على ذات الطريق للخارجين من نابلس عبره من الساعة الخامسة صباحا وحتى العاشرة مساءا. وقال اللواء جهاد الجيوسي مدير الارتباط العسكري الفلسطيني إن الجانب الاسرائيلي أبلغهم أن الإغلاق بسبب الأعمال التي تجري في الجزء الذي يمر ببلدة حوارة من الشارع. وأضاف "أن الشارع مغلق أمام الفلسطينيين فقط."
ويرفض رئيس بلدية حوارة هذا المبرر قائلا "إن الأعمال الرئيسية انتهت كليا في الشارع منذ مدة وما يجري حاليا هو أعمال كماليات من أرصفة وغيرها." وأضاف "إذا كانت الحجة لإغلاق الطريق بسبب الأشغال عليه لماذا لا يتم إغلاقه امام الجميع (مواطنين ومستوطنين)." وأوضح الحواري أنه عندما كانت تجري أعمال الحفر والتجريف كان الشارع مفتوحا أمام السيارات واليوم لا يوجد أعمال في الشارع وهو مغلق امام الفلسطينيين.
وأوضح أن من يريد الوصول من نابلس إلى حوارة عليه السير ما يقارب من 15 كيلومترا بدل نصف كيلومتر عبر الشارع الرئيسي وسط عدد من القرى غير المؤهلة شوارعها لاستيعاب عدد كبير من السيارات. ويضطر عدد كبير من الموظفين من مدينة نابلس الذين يعملون في مؤسسات السلطة الفلسطينية والجامعات والشركات الخاصة في رام الله إلى مغادرة منازلهم مبكرا للوصول إلى أماكن عملهم في الوقت المحدد.
وقالت نفين صلاح من مدينة نابلس التي تعمل موظفة في مقر إدارة جامعة القدس المفتوحة في رام الله إنها تغادر منزلها في تمام السادسة والنصف للوصول إلى مكان عملها في الساعة الثامنة وإنها تصل منزلها في طريق العودة في وقت متأخر بسبب سلوك طرق فرعية عبر العديد من القرى بدل الشارع الرئيسي. وأوضحت الصحفية رشا حرز الله التي تعمل في المقر الرئيسي لوكالة الانباء الفلسطينية أن المسافة بين نابلس ورام الله اصبحت تستغرق أكثر من ساعتين بعد أن كانت تستغرق ما يقارب الساعة.
وقالت "أتنقل في مواصلات عامة بين نابلس ورام الله وبإمكانك أن تحس بالقهر الذي يعانيه الناس من جراء إغلاق الشوارع امام الفلسطينيين فقط فيما يسمح للمستوطنين المرور منه." ولكن الجيش الإسرائيلي قال إن تلك إجراءات سببها عمليات رشق بالحجارة تستهدف سيارات إسرائيلية. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي في بيان إنه "بعد تقييم الموقف جرى إغلاق طريق في منطقة حوارة. تلك منطقة تشهد رشقا للحجارة يستهدف سيارات مدنية.
الى جانب ذلك انتقدت إسرائيل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتبنيه إجراء يدعو إلى وضع قاعدة بيانات للشركات "المتورطة في أنشطة" في الضفة الغربية المحتلة. ووصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون قاعدة البيانات بأنها "قائمة سوداء" وقال إن مجلس حقوق الإنسان يتصرف "بهوس" ضد إسرائيل. وحصل الاقتراح على موافقة 32 دولة من الدول الأعضاء بالمجلس وعددهم 47 ولم تعترض عليه أي دولة في حين امتنعت 15 دولة معظمها دول أوروبية عن التصويت. وتأسس مجلس حقوق الإنسان قبل عشرة أعوام وتتهمه إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بالتحيز ضد إسرائيل.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانا يصف المجلس بأنه "سيرك معادي لإسرائيل" مضيفا أن المجلس "يهاجم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويتجاهل الانتهاكات الصارخة لإيران وسوريا وكوريا الشمالية." وطلب المجلس بتحديث قائمة الشركات سنويا وتقييم "حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي المتعلقة بإنتاج المستوطنات من السلع." وقال نتنياهو إن من السخافة إدانة إسرائيل بدلا من التعامل مع الهجمات التي ينفذها فلسطينيون ضد إسرائيل وتلك التي ينفذها تنظيم داعش في أوروبا. وتابع "تدعو إسرائيل الحكومات المسؤولة إلى عدم تنفيذ قرارات المجلس المنحازة ضد إسرائيل." بحسب رويترز.
وقال دانون إن قرار المجلس يعيد إلى الأذهان "فترة مظلمة في أوروبا عندما كان يتم استهداف الشركات اليهودية. يجب على كل من أيد قرار اليوم أن يشعر بالخجل." وعين المجلس أيضا الكندي ستانلي ميشيل لينك محققا جديدا له بشأن وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية في أعقاب استقالة المقرر الخاص مكارم ويبيسونو في يناير كانون الثاني بسبب عدم تعاون إسرائيل معه.
العمل في المستوطنات
محمد عرباسي أب فلسطيني لخمسة أبناء في قرية قيرة بالضفة الغربية المحتلة ولديه دبلوم في العلوم المالية والمصرفية وآمال عريضة لأبنائه الذين يدرس اثنان منهم في الجامعة. ورغم درجته العلمية وطموحه الشخصي يعمل عرباسي منذ 12 عاما كعامل بناء في مستوطنة أرييل الإسرائيلية القريبة من قريته ويكسب 150 شيقلا في اليوم (38 دولارا). وهذا أفضل عمل يمكنه الحصول عليه.
وقال عرباسي وهو يزم شفتيه "أنا بشتغل في المستوطنة لأنه فش (لا يوجد) بديل وعندي خمسة أولاد اثنين منهم في الجامعة كيف بدي أصرف عليهم؟" ويعمل نحو 36 ألف فلسطيني في مستوطنات الضفة الغربية بينهم كثيرون في البناء ويكسبون ما يصل إلى ثلاثة أمثال متوسط الأجور الفلسطينية. وتوجد معظم هذه الأعمال في الكتل الاستيطانية الكبيرة القريبة من الحدود مع إسرائيل وهي مناطق تعتزم إسرائيل الاحتفاظ بها في إطار أي اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين.
وأقامت إسرائيل هناك واحدة من بين عدة مناطق صناعية تضم نحو ألف شركة في المجمل بينها شركات كثيرة تستفيد من إعفاءات ضريبية وتسهيلات أخرى خاصة بالعمل مثل توفر العمالة الفلسطينية الرخيصة. وفي تقرير أطلقت منظمة هيومن رايتس ووتش على المناطق اسم "شركات الاحتلال" مشيرة إلى أنها تعد انتهاكا للقانون الدولي لأنها بنيت على أراض استولت عليها إسرائيل في حرب 1967. وجاء في التقرير "تمارس إسرائيل في الضفة الغربية نظاما ثنائيا يقدم معاملة تفضيلية للمستوطنين الإسرائيليين اليهود بينما يفرض شروطا قاسية على الفلسطينيين." وأضافت أنها تستغل الموارد الفلسطينية في كثير من الحالات خاصة محاجر الضفة الغربية.
وتنفي الشركات العاملة في الضفة الغربية استغلال العمال الفلسطينيين وتقول إنهم يوفرون العمالة المطلوبة بشدة. وتقول إسرائيل إن مستوطناتها قانونية وإنه يجب تحديد الوضع النهائي للأراضي التي سيطرت عليها قبل نحو نصف قرن في محادثات السلام مع الفلسطينيين. ويشعر عرباسي وآخرون مثله بأنه لا توجد خيارات كثيرة سوى هذا العمل حتى وإن لم يشعرهم بالراحة. فالاقتصاد الفلسطيني يعاني من معدل بطالة يبلغ 27 بالمئة. وعلى الرغم من أن العمل في المستوطنات قد لا يتضمن دفع أموال نظير وقت العمل الإضافي ولا معاش ولا تأمين فإن الأجور الأعلى تعوض هذا النقص.
وقال عرباسي (56 عاما) "لو في شغل في البلد بيدفعوا 70 إلى 80 شيقلا ما هي كيلو اللحمة (سعره) 70 شيقلا." واشتغل عودة دقروق (26 عاما) في أعمال عديدة بمستوطنات منذ أن كان يبلغ من العمر 16 عاما ويكسب ما يصل إلى 250 شيقلا في اليوم. وبعد أن تزوج وأنجب طفلين أصبح لا يمكنه الكف عن ذلك حتى إن أصابه هذا بالإحباط. وقال دقروق "أنا واحد من الناس اتعرضت لحادث وأنا بشتغل في مستعمرة بركان واتعطلت عن العمل أسبوع ولا في تأمين ولا حدا عوضني في شيقل ... احنا بنشتغل في المستوطنات لأنه ما في مفر بنشتغل في المستوطنات علشان بدنا يعيش أولادنا ونصرف عليهم."
وسارع شاهر سعد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين بالاعتراف بالمعضلة. وقال "من حيث المبدأ نحن نفضل عدم العمل والامتناع عن العمل في المستوطنات لكن للأسف لا توجد بدائل وهذا ما يجعل العمال يعملون في المستوطنات لأنه لا يوجد أماكن عمل عنا (لدينا) في كل الضفة." وأضاف أن نحو نصف الفلسطينيين العاملين في المستوطنات وعددهم 36 ألف عامل لا يحملون تصاريح عمل ملائمة. وتابع "وما يعزز العمل في المستوطنات هو التبادل التجاري ما بين المستوطنات والقطاع الخاص وحتى إن بعض المناطق الصناعية في المستوطنات هناك شراكة مع بعض (رجال الأعمال) الفلسطينيين." بحسب رويترز.
وتقول إسرائيل من آن لآخر إن العمل في المستوطنات يفيد الفلسطينيين لأنهم يحصلون على أجور أعلى. لكن سعد يرفض هذا الرأي ويقول إنه يمنح الاحتلال ذريعة ويقوض قدرة الفلسطينيين على تطوير اقتصادهم. وقال "المستوطنات لا تساعد العامل بشكل مطلق على أن يبني وظيفة محترمة براتب محترم وهي وظيفة مؤقتة في مكان عمل مؤقت. عندما ترى العمال وأسماءهم وكيفية عملهم نلاحظ أن هناك عدم انتظام في الأيدي العاملة في المستوطنات مما يعني أن معظم العمال أيدي عاملة غير منظمة داخل المستوطنات وهناك استغلال لهم."