الرقي الفكري والاندماج الثقافي من صفات المسلمين في امريكا.. فما هي صفات ترامب؟!
عبد الامير رويح
2015-12-17 08:38
تصاعدت حدة العداء ضد الأقليات المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية وكما تنقل بعض المصادر، بشكل غير مسبوق بعد تزايد الاعتداءات الارهابية التي ينفذها تنظيم داعش وباقي التنظيمات الارهابية المتشددة في العديد من دول العالم، والتي كان اخرها حادث اطلاق النار في مقاطعة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا احد أكثر حوادث إطلاق النار دموية في الولايات المتحدة
والذي تسبب بمقتل14 شخص وأصابا 21 آخرين، حيث اسهم هذا الحادث بتصاعدت حدة الكراهية والعنصرية ضد المسلمين، خصوصا بعد ان سعت بعض الجهات والشخصيات المعادية للاسلام، من الاستفادة من هذه الاعتداءات في اثارة الرأي العام وتعميق ظاهرة الإسلاموفوبيا وبتالي تحقيق مكاسب سياسية، وقد دعا المرشح الجمهوري المحتمل سباق الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب ومن خلال حملته الانتخابية الى استهداف الاسلام وفرض حظر على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، الامر الذي عده البعض تصريح واضح ومباشرللعنصرية، والتفرقة ونشر الكراهية بين البشر بحسب العرق والدين. وفقاً لبعض الخبراء وكما نقلت بعض المصادر الاعلامية، فقد سيسجل عام ٢٠١٥ أكبر عدد من الحوادث المعادية للإسلام في أمريكا منذ هجمات ١١ سبتمبر/أيلول عام 2001. وتعرضت المساجد والمراكز الإسلامية لاعتداءات من مخربين أكثر من ٦٣ مرة في العام الحالي وهذا الرقم يعادل ١٠٪ مما يحدث للمسلمين في شوارع أمريكا.
هواجس أمنية
في هذا الشأن فمن ضواحي لوس أنجليس إلى أطراف العاصمة واشنطن تعمل المساجد في أنحاء الولايات المتحدة بخطى حثيثة على تعزيز أمنها وسط مخاوف متزايدة من شن هجمات انتقامية على المسلمين. وتعكس المخاوف الأمنية المتزايدة التي تحدثت عنها الطائفة المسلمة في الولايات المتحدة والاجراءات التي يتخذونها مثل استئجار حراس مسلحين الوجه الآخر لقلق العامة المتزايد من الهجمات الإرهابية المستلهمة من نهج تنظيم داعش المتشدد في باريس وسان برناردينو بولاية كاليفورنيا.
ويقول زعماء للمسلمين إن دعوة دونالد ترامب المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة زادت المخاوف من وقوع ردود فعل عنيفة تجاه المسلمين في المساجد والمراكز الخاصة بهم. وقال أسامة الشامي وهو رئيس أحد المساجد في فونيكس "نحن دائما قلقون بشأن الهجمات الفردية." ويعمل المسجد مع وزارة الأمن الداخلي على مراجعة تدابيره الأمنية منذ وقوع هجمات باريس.
وألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ من العمر 23 عاما للاشتباه في اشعاله النيران في مسجد بجنوب كاليفورنيا فيما وصفته السلطات بأنه جريمة كراهية. ووقع الحادث في أعقاب مقتل 14 شخصا في سان برناردينو على يد سيد رضوان فاروق المولود في الولايات المتحدة (28 عاما) وزوجته تشفين مالك المولودة في باكستان (29 عاما). ولم تذكر السلطات ما إذا كان المشتبه به أقدم على فعلته انتقاما من إطلاق النار في سان برناردينو.
ولم يسفر الحريق الذي أُشعل في مدخل مسجد تابع للجمعية الاسلامية في كواتشيلا فالي عن وقوع اصابات. لكن الحريق تسبب في تفحم مدخل المبنى وتناثر بعض الحطام. ويجري مكتب التحقيقات الاتحادي تحقيقا بشأن جريمة كراهية محتملة أخرى وقعت في فيلادلفيا عندما ألقى شخص يقود شاحنة رأس خنزير على مسجد. واضطر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وهو جماعة دفاع إلى إخلاء مكاتبه في مبنى الكابيتول هيل بعد تلقيه خطابا يحتوي على مسحوق أبيض.
وقالت مها سيد وهي محامية في المجلس إن الخطاب تضمن رسالة تقول "موتوا موتا مؤلما أيها المسلمون." وقالت المحامية "خوفنا وصل لأعلى مستوياته هذه الأيام نظرا للخطاب المعادي للمسلمين حاليا." ونظرا لتزايد التوتر تقول بعض المساجد إنها تجد صعوبة في استئجار حراس الأمن وضمان استمرارهم. وقال رضوان جاكا وهو رئيس جمعية إسلامية كبيرة في منطقة ديلوز بولاية فرجينيا وهي ضاحية تابعة لواشنطن إن حراس الأمن رحلوا فجأة بعد وقوع حادث إطلاق النار في سان برناردينو. وأضاف "استقال حراس الأمن بسبب خوفهم من التعرض لأذى إذا وقعت ردود فعل عكسية... الناس خائفون."
وتستأجر المساجد الآن حراسا مسلحين وقال محمد مجيد إمام المسجد إن اجراءات الأمن تزايدت في الأنشطة التي يشارك فيها أطفال. وأضاف "نشعر بالقلق بشأن الشعور نحو المسلمين في المجتمع الأكبر." وقال جاكا إن مسؤولي أمن اتحاديين أجروا تقييما أمنيا للمسجد بعد حادث سان برناردينو. وفي مركز ايست بلانو الإسلامي الواقع قرب مدينة دالاس بولاية تكساس قال نديم بشير وهو إمام مسجد المركز إن المسجد استأجر حارسا مسلحا لأول مرة على الإطلاق منذ وقوع هجمات باريس. وأضاف "نحاول فقط تكثيف جهودنا في المجتمع وتحسين صورتنا."
وأنفق مسجد في كورونا بولاية كاليفورنيا عشرة آلاف دولار على مدى اسبوعين لزيادة الاجراءات الأمنية. وتتشابه كورونا مع سان برناردينو فهي ضاحية تقطنها الطبقة العاملة وتقع على الجانب الشرقي من لوس أنجليس. وقال الإمام أوبير كاتشي إن المسجد الآن يطلب تبرعات من رواد المسجد لتعويض هذه النفقات. كما وضعت جمعية كورونا-نوركو الإسلامية بيانا في صدر موقعها على الانترنت تندد فيه بهجوم سان برناردينو. ووضع مسجد الجمعية تحت المجهر بعدما تبين أن انريكي ماركيز الذي ورد البنادق المستخدمة في هجوم سان برناردينو زاره مرة.
وقال البيان "الأقلية المسلمة تقف كتفا بكتف مع الاخوة الأمريكيين في التبرؤ من أي عقلية ملتوية قد تدعي لتبرر مثل هذه الأفعال العنيفة المقززة. ندعو الجميع لتوخي الحذر." ولا ترى كل المساجد حاجة لتشديد الأمن. وقال مفتي اكرام الحق من مسجد الاسلام في رود ايلاند إن المسجد يعتمد على تواجد الشرطة في أوقات الصلاة. وقال "لدينا نظام مراقبة. ونغلق أبوابنا ولدينا نظام إنذار." وأضاف أن الشرطة المحلية "تزيد الدوريات حول دور عبادتنا وهذا يعطينا إحساسا كافيا بالأمن." بحسب رويترز.
ولن يصدر مكتب التحقيقات الاتحادي أي أرقام بشأن جرائم الكراهية في 2015 قبل بداية العام المقبل. ويقول بعض المنتقدين ومن بينهم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية إن الإحصاءات الرسمية تقلل من عدد الوقائع المتعلقة باستهداف المسلمين. وأظهرت بيانات المكتب في 2014 أن 16 بالمئة تقريبا من بين 1140 جريمة كراهية دينية تتعلق بالتحيز المعادي للإسلام. وقال مارك بوتوك وهو زميل كبير في مركز الفقر الجنوبي القانوني وهو جماعة حقوقية مقرها في مونتجمري بولاية ألاباما "ليس هناك شك أن لدينا فيضا من الكراهية المعادية للمسلمين وجرائم كراهية."
حماقات ترامب
في السياق ذاته إحتشد مئات النشطاء امام فندق يملكه دونالد ترامب في وسط مدينة نيويورك لادانة دعوة المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل الى فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين الى الولايات المتحدة. وانتقد المحتجون بشدة تعليقات ترامب مرددين هتافات من بينها "مرحبا باللاجئين" و"ترامب إلى المزبلة". وأبلغت ليندا سارسور من الجمعية الامريكية العربية في نيويورك الحشد "إننا لا نطلب أي إحسان.. نحن نطلب الاحترام والكرامة الاساسيين اللذين نستحقهما جميعا هنا في الولايات المتحدة الامريكية." وجاء تصريح ترامب -الذي قوبل بانتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها- ردا على الهجوم الدموي في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا وقال بعض المحتجين ان تعليقات ترامب في حين انها اكثر صراحة إلا انها لا تختلف كثيرا عن تصريحات لساسة اخرين يدعون الى فرض قيود على اللاجئين السوريين الذين يريدون الاستقرار في الولايات المتحدة.
وحذر اخرون من ان تعليقات ترامب المثيرة للانقسام ستعمل فقط على تكثيف موجة من رهاب الاسلام. وقال سكاندا كاديرجمار (27 عاما) "الضرر الذي أحدثه (ترامب) بالفعل كبير جدا" مشيرة الى تقارير عن تهديدات متزايدة ضد المسلمين. واضاف قائلا "دونالد ترامب هنا ليصب البنزين على تلك الحرائق."
وقال مسلمون شاركوا في الاحتجاج انهم يخشون زيادة في الهجمات والتمييز ضدهم وقالت اميرة كريم (16 عاما) ان والدها أرغم امها على التوقف عن ارتداء غطاء الرأس في حين قالت صديقتها إيمان سهيل (17 عاما) ان شخصا ما دفع عمتها لتسقط أرضا. واضافت سهيل قائلة "يوجد اناس مثله تماما" في اشارة الى ترامب. بحسب رويترز.
ووقف مؤيد وحيد لترامب بالقرب من الاحتجاج ممسكا بلافتتين كتب على احداهما "نحن نريد ترامب" وعلى الاخرى "لا نريد المزيد من السوريين". ومن بين من تحدثوا في الاحتجاج حسام الرستم وهو لاجيء سوري وصل الى نيوجيرزي قبل أربعة اشهر بعد ان فر من مدينة حمص التي تمزقها الحرب. وقال "الاسلام هو دين السلام... الاسلام ليس إرهابا."
من جانب اخر أظهر استطلاع للرأي ان غالبية الاميركيين تعارض اقتراح دونالد ترامب، المرشح الاوفر حظا لنيل بطاقة الترشيح الجمهورية الى الانتخابات الرئاسية، بشأن منع المسلمين موقتا من دخول الولايات المتحدة، لكن بالمقابل فان اكثر من40% من الجمهوريين يؤيدونه. وبحسب الاستطلاع الذي اجرته صحيفة وول ستريت وشبكة "ان بي سي" فان ربع الاميركيين فقط (25%) يؤيدون الدعوة التي اطلقها الملياردير الجمهوري لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، بينما يعارضها 57% من الاميركيين.
وبحسب الاستطلاع نفسه فان 42% من الجمهوريين يؤيدون مقترح ترامب مقابل 36% منهم يعارضونه. ولم يوضح الاستطلاع هامش الخطأ في هذه الشريحة لكنه حتما اكبر من 4,4% لان العينة اصغر. كما اظهر الاستطلاع ان اقل بقليل من ثلثي الاميركيين آراؤهم ايجابية بشأن المسلمين، وهي نسبة لا تزال على حالها منذ 2002، بحسب "ان بي سي". اما في الشريحة الجمهورية فان نصف الجمهوريين موقفهم سلبي من المسلمين. ولكن من جهة ثانية فقد اظهر الاستطلاع ان ثلثي الاميركيين تقريبا يشعرون بالقلق او حتى بالرعب من فكرة وصول ترامب الى سدة الرئاسة.
الفكر المتطرف
الى جانب ذلك ناشد مسؤولون أمريكيون المسلمين في أمريكا التصدي للأيديولوجية المتطرفة بدرجة أكبر وذلك ضمن سبل مواجهة ما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنها مرحلة جديدة من الإرهاب. ودافعت إدارة أوباما عن الأمريكيين المسلمين بعد هجمات باريس وسان برناردينو في كاليفورنيا وما أعقبها من لهجات تحريضية لكنها دعتهم في نفس الوقت إلى المساعدة.
ووقف وزير الأمن الداخلي جيه جونسون متضامنا مع إمام وقادة مسلمين في مركز إسلامي بشمال فرجينيا. وحث الأمريكيين على عدم ذم المسلمين وعدم إلقاء "شباك الشك" على مجتمع بأكمله لكنه وجه مناشدة أخرى للمسلمين هذه المرة. وقال الوزير "إن المنظمات الإرهابية في الخارج استهدفت مجتمعاتكم. انها تسعى لجذب شبابكم الى هوة التطرف العنيف. ساعدونا كي نساعدكم في وقف هذا."
وحث أوباما المسلمين في أنحاء العالم على ان يسعوا للإجابة عن "أسئلة مهمة جدا" بشأن كيف تجد الايدلوجيات المتطرفة سبيلها للتأصل ودعاهم لحماية أطفالهم من فكرة أن الدين يمكن أن يبرر القتل. وقال أوباما "إلى حد ما.. هذا أمر ينبغي ان يأتي من داخل المجتمع المسلم نفسه. أعتقد انه في بعض الأحيان لم يكن هناك ما يكفي من تصد للتطرف."
وأطلق الرئيس مناشدة مماثلة في كلمته التي وجهها للشعب الأمريكي من البيت الأبيض. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست إن على المسلمين التعبير علنا عن رفضهم للأصوات الأصولية داخل مجتمعهم. وقال المتحدث في إفادة صحفية "نود رؤية زعماء في المجتمع المسلم يقفون ضد ويتحدثون علنا بقوة اكبر في ما يخص إدانة هذه الرسائل الاصولية الكريهة التي نراها من المنظمات المتطرفة." بحسب رويترز.
وقال مسؤولو المركز الاسلامي الذي تحدث فيه جونسون وهو "اوول دالاس إريا مسلم سوسايتي" إنهم يبذلون كل ما في وسعهم منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر ايلول 2001 على نيويورك وواشنطن. وقال رضوان ياكا احد امناء المركز الواقع في فرجينيا "تخرج المزيد من الاستنكارات من المجتمع المسلم ليس فقط الآن ولكن منذ 14 عاما والمساجد تجاهر بالحديث في كل مكان." وقال إمام المسجد محمد ماجد إن المركز سيحاول بذل المزيد لمساعدة الآباء على حماية ابنائهم من التأثر بالايديولوجية المتطرفة من الانترنت.