فاجعة منى لن تنسى.. والشهيد السعيد يحارب التكفير

علي ال غراش

2015-11-14 11:53

تمر هذه الأيام ذكرى أربعينية الشهيد جواد حسين السعيد، الذي كشفت السلطات السعودية انها قامت بدفنه في مكة ضمن المئات بعد مجزرة مشعر منى الأليمة، دون إبلاغ عائلته بشهادته، ودون أخذ أذن الدفن والسماح لهم بتوديعه الوداع الأخير، وتغسيله وتكفينه والصلاة على جثته وتشييعه إلى مثواه الأخير، والوقوف على قبره -حيث عاشت عائلته لمدة تزيد عن الأسبوع أيام صعبة من البحث والقلق والخوف الشديد بعد فقدان التواصل معه في يوم عيد الأضحى، ورغم التواصل الدائم مع الحكومة- ؛ بل السلطات ظلت لمدة أكثر من أسبوع تنفي علمها بأي معلومة عنه -رغم دفنه عبر مؤسساتها الرسمية-، وظل مفقودا إلى أن تم اكتشاف أمر دفنه!!.

هذه الأيام تصادف الذكرى الاربعين لشهادته، رحم الله الشهيد جواد السعيد، ومع هذه الذكرى الأليمة تتجدد الاحزان للحادثة المفجعة بمشعر منى حيث سقط آلاف الحجاج شهداء دون ذنب بشكل مرعب ومفجع،.. وتبقى القضية مفتوحة تبحث عن إجابات عن عدد الشهداء والأسباب الحقيقية للكارثة في ظل عدم معرفة مصير بعض المفقودين من دول العالم ومنهم من المملكة مثل: الحاج عبدالله ال ابراهيم (صفوى)، الحاج عبدالعزيز ال ربح (القديح).

الشهيد جواد السعيد، له مواقف كثيرة من أجل المطالبة بالإصلاح في وطنه، والدفاع عن حقوق المواطنين، ومحاربة التكفير الذي تسبب بمصائب كبيرة، وقتل العشرات داخل الوطن والالاف خارج الوطن.

من تلك المواقف التي تستحق الذكر للشهيد جواد السعيد، عندما أراد تسجيل ابنه عبدالشهيد في إدارة الأحوال المدنية بالدمام، إذ رفض الموظف تسجيله باسم عبدالشهيد، بحجة انه شرك بالله، وانما يسجل باسم عبد رب الشهيد، وهذا ما رفضه الشهيد جواد السعيد.

وحدث جدال بينهما ووصل الأمر إلى إدارة مكتب الأحوال...، الشهيد السعيد رفض ادعاءات الموظف والإدارة، والفكر التكفيري والوصف بالشرك، موضحا ان اصراركم على وضع اسم رب هو الخطأ والجريمة والشرك الحقيقي، مؤكدا ان وضع اسم رب قبل الشهيد هو مخالف للشرع والعقل، إذ إن الشهيد هو الله -عز وجل-، وهو من أسماء الله الحسنى.

.. كافة المحاولات مع الموظف والإدارة لم تنجح مع أصحاب العقول التكفيرية المتحجرة؛ ولكن الشهيد جواد السعيد لم يستسلم.

في اليوم الثاني أخذ معه لوحة كبيرة معلقة في منزله موجود فيها أسماء الله الحسنى، ودخل على مدير مكتب الأحوال المدنية بالدمام قائلا له: سعادة المدير جئتك اليوم بدليل يجب كل مسلم أن يؤمن به ويعترف به، وهي اسماء الله الحسنى، وهذه تباع داخل الوطن في الأسواق، ومن ضمن الأسماء اسم الشهيد، فالشهيد هو الله سبحانه، والله سبحانه وتعالى هو الرب ولا يوجد اي شخص يشارك الله في اسمائه، وان وضع كلمة رب قبل الشهيد هو اشارة بان لله عز وجل رب -استغفار الله– وهذا يخالف العقيدة الإسلامية.

المدير تفهم ولكن الموظف التكفيري لا يريد أن يفهم فهو مصر على رأيه وجهله قائلا: أنت شيعي والشيعة لا يقصدون الله باسم الشهيد.

فرد عليه الشهيد جواد السعيد: لماذا تتحدث بلغة طائفية انا مسلم ومواطن، وكيف تعطي لنفسك الحق في تحديد مقاصد الناس حسب رأيك، وكيف عرفت قصدي دون أن تسألني ودون ان أخبرك؟.

لم يتنازل الشهيد جواد السعيد عن حقه بتسجيل ابنه عبد الشهيد، ورفض وضع اسم رب قبل الشهيد على أساس مبدأ شرعي، فهو يرى وضع اسم رب قبل الشهيد ليصبح (عبد رب الشهيد) فيه مخالفة شرعية وتعدي على الخالق فلا ينبغي القبول به.

وقد نجح الشهيد السعيد بتسمية ابنه عبد الشهيد السعيد.

هل سيقوم كل شخص اسمه عبد الشهيد، وتم تسجيله في الأحول باسم عبد رب الشهيد، بالإكراه والإجبار بسبب عقلية بعض الموظفين أصحاب الفكر التكفيري، بالمطالبة بتصحيح أسمه من باب انه مخالفة شرعية؟.

من المؤسف جدا صدور لائحة مؤخرا من وزارة الداخلية السعودية -إدارة الأحوال المدنية- بمنع تسجيل مجموعة من الأسماء ومنها تحمل اسماء الله الحسنى، مثل عبد الناصر وعبدالمعطي، وأسماء ذكرت في القران الكريم جبرائيل وأبرار، ومنع اسماء مثل: إيمان وملاك وأمير والعشرات..، لماذا الخضوع للعقول التكفيرية والمريضة التي تتدخل في الشؤون الشخصية مثل الأسماء؟. وهل أسم الناصر وجبرائيل وإيمان وبيان وملاك وأبرار...، فيها مخالفة للشرع ولثقافة المجتمع (عن اي شرع ومجتمع)؟.

في ذكرى أربعينية الشهيد جواد السعيد، نتقدم لأهله ومحبيه بخالص العزاء والمواساة على رحيله بتلك الطريقة الأليمة والمفجعة، ودفنه دون علمهم، ودون إلقاء النظرة الأخيرة على جثته الطاهرة والمشاركة في تشييعه ودفنه، وساعد الله قلوب أهالي الالاف من سقطوا شهداء في تلك المجزرة المفجعة مشعر منى ومنهم الشهيد السيد مرتضى الأسعد (صفوى) الذي ظل مفقودا لمدة أيام قبل الإعلان عن شهادته، وقلوب من مازالوا في عداد المفقودين لغاية اليوم: الحاج عبدالله ال ابراهيم (صفوى)، الحاج عبدالعزيز ال ربح (القديح) وغيرهم من العالم.

.. وستبقى ذكرى مشعر منى المفجعة في ذاكرة التاريخ لن تنسى، وقضية مفتوحة تبحث عن إجابات عن الأسباب الحقيقية لوقوعها وعدد الشهداء... في ظل عدم معرفة مصير المفقودين من كافة دول العالم لغاية اليوم!.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي