فرصة البحرين للاجتماع تحت خيمة الحسين قبل أن تفرقهم سهام الحاكمين

محمد علي جواد تقي

2015-10-15 10:17

قلما تسلط وسائل الاعلام على تطورات او احداث في البحرين، هذه الجزيرة الوادعة على الجانب الغربي من الخليج، مع استمرار حالة الغليان والرفض الجماهيري للنظام الديكتاتوري الحاكم، وايضاً استمراره في السياسات القمعية والتزامه منهج التمييز الطائفي بحق الأكثرية. وقد سمعت أكثر من مرة، من ناشطين في الانتفاضة القائمة، أن المصالح الاقليمية والدولية، وعوامل عديدة اخرى قدّرت لهذا البلد الصغير أن تكون ارادة التغيير من خارج الحدود.

ولكن؛ هذا ليس كل شيء في البحرين، فاذا كانت "رياح الديمقراطية" القادمة من الغرب، هي السبب في التحولات في هذا البلد العربي أو ذاك، فان لدى شعب البحرين من عوامل التغيير الجذري يفوق في قدرته كل العوامل الاخرى الناشئة عن مصالح سياسية او اقتصادية ذات فترة زمنية محددة (اكسباير)، وهذا ما نلاحظه مع قرب حلول شهر محرم الحرام، وإحياء النهضة الحسينية، وذكرى استشهاد الامام الحسين، عليه السلام. ففي هذه الايام تظهر من جديد على الساحة الاجتماعية في البحرين، مفردات هذه النهضة الحضارية، مثل؛ الحرية والاستقلال والوعي وحب الخير للآخرين.

هذه المفردات تعبر دائماً عن حالة انسانية وحضارية قبل ان تبرز هويتها الدينية، من شأنها ان تجمع شعباً بكامله، مهما كان عدد نفوسه، ومهما كان حجم البلد، ولا أدلّ على ما نقول، من اقتباس الزعيم الهندي الثائر "غاندي" من النهضة الحسينية للانتصار على الهيمنة البريطانية، وايضاً استلهام الثورة الايرانية، الدروس والعبر من هذه النهضة المباركة، فما بالنا ببلد صغير مثل البحرين، وشعب لا يتجاوز عدد نفوسه المليون نسمة فقط.

وعندما نؤكد أن رسالة النهضة الحسينية، مثل أشعة الشمس التي تدخل كل بيت في العالم، سواء المسلم والمؤمن والمتصل بالسماء، أو ذاك الكافر والعاصي وحتى المعاند والملحد، فهي خير ورحمة للجميع، بمعنى أننا نوجه الخطاب الحسيني الى جميع فئات المجتمع في البحرين وغيره في البلاد الاسلامية، بأن موسم عاشوراء وايضاً الاربعين الحسيني، فرصة لزوال جميع الفوارق الطائفية والعرقية والقومية وغيرها من المميزات التي ينفخ فيها الحكام وأهل السلطة، ومن ورائهم القوى الكبرى صاحبة المصالح في هذه البلاد. وربما فرصة ذهبية للشعب البحريني برمته لإعادة النظر في الوضع القائم، وما اذا كان من الافضل المشاركة العامة في تغيير سياسي يخدم الاستقرار والتعايش السلمي.

نحن نفترض أن يكون ثمة استثمار لهذه الفرصة في هذه السنة – مثلاً- ماذا سيكون عليه الوضع في البحرين؟، أول مكسب سيكون في تشكل همّ ومصير مشتركين، فالحرية والاستقلال – مثلاً- ليست مطلباً خاصاً بذلك الشاب المنتفض في الشوارع البحرينية والذي يعرض نفسه للرصاص الحيّ، إنما هو مطلب أساس لكل موطن بحريني، وهل من إنسان حر وشريف لا يريد ان يكون حراً ومستقلاً؟!.

وفي ظل هكذا توافق لن يكون ثمة مشكلة في أن يظهر كل واحد رأيه وعقيدته للآخر، لان المشكلة ستخرج من هذا الاطار الضيق، لتنطلق الى الدائرة الأوسع والاكبر، حيث السبب ومنبع الداء في بلادنا جمعاء. وهذا تحديداً ما تخشاه الحكومات والانظمة الحاكمة، لذا كانت سياسة "فرّق تسد" التي ورثتها من الاستعمار البريطاني، هي الوسيلة الوحيدة التي نجحت من خلالها في توطيد دعائم الحكم وضمانة الحياة السياسية وسط مجتمعات ممزقة ومتنافرة. فهي تقرّب من تشاء وتغدق على من تشاء، ثم تهاجم بعنف ووحشية ضد من تشاء دون أن تسمع صوت معارضة من أحد.

من هنا تبدو الساحة بحاجة الى ضخ المزيد من المفردات والقيم الحسينية في البحرين، كما في جميع البلاد الاسلامية والعالم أجمع، بعديد الوسائل وعلى نطاق واسع في الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والشوارع والطرقات، بأن قضية عاشوراء والنهضة الحسينية، هي بالحقيقة قضية انسانية بامتياز من شأنها، ليس فقط جمع شمل المجتمع الواحد، بل وجمع شمل شعوب بقومياتها وطوائفها. واذا كانت ثمة موجة رفض واستنكار في اطار انتفاضة جماهيرية، فانها مستمدة دروسها من النهضة التي استشهد من أجلها الامام الحسين، عليه السلام. وإذن؛ ليس من المعقول أن تكون الخطابات والنداءات التي ألقاها الامام الحسن، عليه السلام، يوم عاشوراء، مصدر قلق من لدن البعض في البحرين، او أن تنطلي عليهم الاكاذيب المصنوعة في الدوائر المخابراتية بأن الشعارات الحسينية أو الاعلام السوداء وجميع علائم الحزن والرثاء، إنما هي نوع من إثارة الطائفية ومحاولة لتفريق المجتمع وتمزيقه.

إن النجاح في هذا المسعى، سيكون بمنزلة الموجة العارمة التي تمزق سكون الساحة السياسية في البحرين وتنقله الى وسط الاضواء، مهما كانت الارادة الاقليمية والدولية حاكمة على هذه الاضواء ومتحكمة فيها. لاسيما وأن المعطيات السياسية في المنطقة تشير الى وضع لا يُحسد عليه تعيشه السلطة الحاكمة في المنامة، ومن خلفها النظام الحاكم في السعودية الذي اصبح اليوم الخاسر الأكبر مادياً ومعنوياً في المنطقة، وبات وحيداً أمام محاور سياسية قوية تفرض نفسها، فيما خذلها الدعم الاميركي والغربي في الملف السوري وحتى اليمني. بمعنى أن النظام الحاكم حالياً في المنامة، يجب أن لا يجد ما يستقوي به في الوقت الحاضر، ويواصل من خلاله قمع الانتفاضة الجماهيرية، وسوق الأدلة على عدم جدوائيتها. فالفرصة والمبادرة أمام الشعب البحريني فقط.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا