المحددات القانونية لتكليف المرشح بتشكيل مجلس الوزراء

د. علي مهدي

2021-10-23 07:11

ظهر عدد من التصريحات المتضاربة حول الكتلة النيابية التي لها الحق بتشخيص المرشح لتشكيل مجلس الوزراء، بعد إعلان النتائج الأولوية لانتخاب مجلس النواب التي جرت في العاشر من تشرين الأول من هذه السنة.

إن مرد ذلك للتباين في القراءات المختلفة للمادة القانونية المستحدثة التي تعني بتشكيل الوزارة من قانون انتخاب مجلس النواب رقم 9 لسنة 2021.

وكما هو معروف، أن المحددات لفهم واستيعاب أية إشكالية مرتبطة بتنظيم سلطات الدولة، لابد من الرجوع إلى القواعد القانونية المنظمة لهذه الإشكالية، والتي تبدأ من الدستور الذي له العلوية على كل القواعد القانونية الأخرى، ومن ثم قرارات المحكمة الاتحادية العليا التي تعنى بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وكذلك في تفسير نصوص الدستور، ومن ثم القوانين التي تصدر عن مجلس النواب.

الدستور العراقي لسنة 2005

اختصت المادة 76 من الدستور، بالتطرق إلى المرشح بتكليف تشكيل مجلس الوزراء، وذلك وفق النص الآتي:

أولاً: يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.

تفسير المحكمة الاتحادية

قُبيل الإعلان النهائي لنتائج انتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2010 والتي فازت بها القائمة العراقية بالمرتبة الأولى وقائمة دولة القانون بالمرتبة الثانية، طُلب من المحكمة الاتحادية بتفسير المادة 76 من الدستور، وبالأخص ما المقصود بالكتلة النيابية الأكثر عددا التي كانت مثار نقاش وتأويلات متعددة، وقد حسمت المحكمة ذلك بالتفسير الآتي:

(الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمعت في قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت بأسماء وأرقام مختلفة، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب، أيهما أكثر عددا، فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عددا من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء استنادا إلى أحكام المادة 76 من الدستور[1]).

قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 9 لسنة 2020

المادة 45

لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال إلى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى، إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة. دون إن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل إجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات.

إن هذه المادة منعت النواب والأحزاب والتحالفات التي خاضت الانتخابات، تحت اسم قائمة ورقم محددين، الانتقال إلى أي تحالف أخر، حتى تشكيل الوزارة، لكن في نفس الوقت، سمحت للنواب المستقلين أو الكيانات السياسية والتحالفات التي خاضت الانتخابات باسمها وفازت في الانتخابات أن تتحالف فيما بينها، لأجل تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً، وبالتالي لها الحق باختيار المرشح بتشكيل مجلس الوزراء.

خلفية صياغة المادة 45

بعد تجارب الانتخابات السابقة، التي تميز قسم منها بانتقال بعض النواب والكتل السياسية التي خاضت الانتخابات في قائمة إلى كتل نيابية أخرى قبل تشكيل الوزارة لأجل تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا عند انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب، مما خلق حالة من التشظي والاختلال داخل القوائم الفائزة، وعلى ضوء ذلك تصاعدت الأصوات من المعنيين في الشأن السياسي والقانون الدستوري، بالمطالبة ببعض الإجراءات والضوابط للحد من هذه الانتقالات التي تساهم في عرقلة تشكيل الوزارة لفترات غير قليلة وتشويه العملية الانتخابية، وتضعف من حالة الاستقرار السياسي في البلد[2]. وفي العادة تجري هذه التنقلات جراء الإغراءات أو تحت الضغوط المختلفة. وحسناً، فعل مجلس النواب بصياغته هذه المادة، للحد من حالة الاختلال والإرباك التي تنتاب عملية تشكيل الوزارة بعد إعلان نتائج الانتخابات.

وعلى أساس هذه المادة ومن النتائج الأولية للانتخابات يحق للكتلة الصدرية الفائز الأول، التحالف مع قائمة تقدم أو قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني أو قائمة دولة القانون، وكذلك لها الحق التحالف مع بعض القوائم الفائزة الأخرى، وأيضا لها الحق في التحالف مع عدد من النواب المستقلين، لغرض تشكيل الكتلة الأكثر عددا.

وبنفس الطريقة يحق لقائمة تقدم ولكتلة دولة القانون، أو أية قائمة أخرى فائزة، التحالف مع القوائم المذكورة أعلاه لتشكيل الكتلة الأكثر عدداً.

وان من يظفر بتشكيل الكتل النيابية الأكثر عددا من القوائم الفائزة عند انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب هو المعني بترشيح المكلف بتشكيل الوزارة من قبل رئيس الجمهورية.

* نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية

...................................
[1]- الرأي التفسيري للمحكمة الاتحادية العليا العدد 25/ اتحادية/2021 في 29/3/2010).
[2]- د. عبد الله العامري. الانشقاقات الحزبية وإجراءات المعالجة، مجلة دراسات انتخابية الصدارة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، العددان الثالث والرابع،2018.
د. علي مهدي، إشكالية انتقال النواب من حزب إلى أخر، طريق الشعب، العدد 44 بتاريخ 9/10/2019.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي