اليوم الدولي لحقوق الإنسان: العراق مثالاً
دلال العكيلي
2020-12-10 08:25
يذكر أن للإنسان حقوق في الحياة وهي حقوق عالمية وغير قابلة للتصرف فهي حق لكلّ الناس وفي كلّ مكان في العالم وليس بوسع أي أحد أن يتخلى عنها طوعاً، كما لا يمكن للأخرين سلبها من أي شخص، يُلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات بالقيام بتصرفات محددة، ويمنعها من القيام بتصرفات أخرى وثمة مسؤوليات على الأفراد أيضاً: فمن خلال استخدامهم لحقوقهم الإنسانية، يجب عليهم أن يحترموا حقوق الآخرين ولا يحق لأي حكومة أو جماعة أو فرد القيام بأي شيء ينتهك حقوق الآخرين.
أين عساها تبدأ حقوق الإنسان العالميّة في نهاية المطاف؟ لنقل في الأماكن الصغيرة، القريبة من المنزل بل لعلَّها في أماكن قريبة جداً وصغيرة جداً إلى حدِّ أنه لا يمكن رؤيتها في أي خريطة من خرائط العالم ما لم تحظَ هذه الحقوق بمعنى في تلك الأماكن، فإن معناها سيكون أقل شأناً في أي مكان آخر وما لم تتضافر جهود المواطنين لصونها حتى تكون لصيقة بالوطن، فإنه من غير المجدي أن نتطلع إلى تعميمها في العالم أجمع.
يحتفل بيوم حقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ديسمبر من كل عام ويرمز هذا اليوم لليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي هذا العام، ينظم يوم حقوق الإنسان حملة تستمر عاما كاملا للاحتفال بالذكرى السنوية السبعين المقبلة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي وثيقة تاريخية أعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان - بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر وهي الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم، وهي متاحة بأكثر من 500 لغة.
الشباب يدافعون عن حقوق الإنسان
بعد عام من الاحتفالات بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، والتي ستتوج في 20 نوفمبر المقبل، نهدف إلى الاستفادة من الزخم الحالي وتسليط الضوء على الدور القيادي للشباب في الحركات الجماعية كمصدر للإلهام من أجل مستقبل أفضل، وفي إطار دعوتنا العامة إلى العمل "الوقوف من أجل حقوق الإنسان"، نحتفي بإمكانيات الشباب بوصفهم عناصر بناءة للتغيير، وإسماع أصواتهم وإشراك مجموعة واسعة من الجماهير العالمية في تعزيز الحقوق وحمايتها تم تصميم الحملة لتشجيع وتحفيز وتسليط الضوء على دور الشباب في جميع أنحاء العالم الداعم للحقوق ومناهضة العنصرية وخطاب الكراهية والبلطجة والتمييز وتغير المناخ على سبيل المثال لا الحصر، بحسب موقعUNICEF.
2020 عام الانتهاكات في العراق
اعلنت مفوضية حقوق الانسان في العراق، ان عام ٢٠٢٠ شهد كما كبيرا من الانتهاكات في العديد من ملفات حقوق الإنسان، وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي في بيان، ان"عام ٢٠٢٠ شهد العديد من الانتهاكات في ملفات حرية الرأي والتعبير والعنف الاسري وانتشار المخدرات وارتفاع حالات الانتحار اضافة الى الانتهاك الاكبر في ملف الصحة من خلال تفشي جائحة كورونا"، واضاف، "ان تداعيات هذه الانتهاكات خلفت الاف الضحايا"، مبينا ان" الحكومة العراقية مدعوة الى انصاف وتعويض الضحايا ومعالجة الانتهاكات التي حصلت وتعزيز بيئة حقوق الانسان في العراق بما يكفل حقوق المواطن".
ما مصير أكثر من نصف مليون مفقود في العراق؟
ما يزال مصير مئات الآلاف من العراقيين المختفين بسبب الحروب مجهولا، هل تفلح الجهود العراقية والدولية في الكشف عن مصيرهم؟ خلال االحروب في العراق اختفى الآلاف تحت أنقاض أحياء كثيرة في مدن عديدة كما في الموصل خلال تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي لم يتبقى منه سوى بضع قطع من النقود وساعة يد وقلم وقلادة معدنية تحمل اسمه، مئات الآلاف اختفوا في حروب العراق التي بدأت قبل 40 سنة ولم تجد نهايتها حتى الساعة.
اما حال المفقودون منذ أيام البعث وحتى اليوم، وصفهم مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية بالعراق ضياء طعمة في حوار أجرته DW عربية، ملف المفقودين في العراق بالـ "شائك والمعقد جدا" بسبب المراحل والحروب التي مرت بالعراق وما وقع بكل منها من حالات اختفاء، بداية من نظام البعث وما خلفه من "تغييب قسري ومقابر جماعية"، على حد وصف ضياء، ووصولا إلى الحرب الأمريكية عام 2003 وما تلاها من عمليات إرهابية على يد تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لاحقا وغيرها من المجموعات المسلحة
ويقول طعمة: "نستقبل بمشاركة دائرة الطب العدلي الأسر التي تقوم بمليء استمارة للإبلاغ عن المفقودين… ثم نجمع عينة دم من أسرة المفقود حيث نعمل حاليا على إنشاء قاعدة بيانات لمطابقة العينات مع الرفات التي يتم العثور عليها بالمقابر الجماعية بإجراء تحليل الجينات الوراثية/ DNA للتمكن من تحديد هوية المفقود". ويوضح طعمة أن جميع حالات الفقدان هي من اختصاص دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، "باستثناء البحث عن مفقودي الحرب مع إيران والحرب مع الكويت حيث تتولى وزارة الدفاع العراقية هذا الملف بالتنسيق مع الصليب الأحمر".
وينظم قانون شؤون وحماية المقابر الجماعية رقم 13 لسنة 2015 أليات البحث والتحري والتحقيق عن المفقودين والمقابر الجماعية بالعراق ولا يقتصر عمل المؤسسات الدولية بملف المفقودين في العراق على الصليب الأحمر فقط، حيث تعمل الحكومة العراقية بالمشاركة أيضا مع كل من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين/ ICMP وفريق التحقيق الدولي التابع للأمم المتحدة UNITAD ففي عام 2017، عقب سقوط بعض المحافظات العراقية بقبضة تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش، صدر قرار من مجلس الأمن الدولي بتشكيل فريق أممي يتولى مساعدة العراق في التحقيق بالجرائم التي ارتكبها التنظيم هناك، ومن ضمنها جرائم الاختفاء والمقابر الجماعية‘ ويتم العثور على المفقودين أحيانا "بأسهل طريقة" على حد وصف المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعراق، سحر توفيق، حيث يقومون بزيارة غالبية السجون سواء كانت تابعة لوزارة الداخلية أو الدفاع أو العدل للبحث عن المبلغ عن فقدانهم بقواعد بيانات المسجونين، وتبليغ الأهالي في حالة العثور عليهم.
2020 الانتحار في العراق
كشفت مفوضية حقوق الانسان، اليوم الجمعة، تسجيل 298 حالة انتحار في العراق خلال عام 2020، قال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان له، ان "عام 2020 شهد تسجيل 298 حالة انتحار في عموم محافظات العراق، حيث بلغ عدد الذكور 168 والاناث 130 حيث سجلت بغداد 68 والبصرة 39 وذي قار 33 حالة انتحار".
واضاف، ان "صور الانتحار توزعت بين استخدام السم والشنق والحرق والغرق والطلق الناري، واغلب الاسباب التي دعت الى تزايد هذه الارقام هي الاثار الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والبطالة والفقر وازدياد حالات العنف الاسري والاستخدام السيئ للتكنولوجيا"، واشار الغراوي، الى ان "هذه الاوضاع تستدعي مطالبة الحكومة بمعالجة هذه الظاهرة في كافة جوانبها وانشاء مراكز للتاهيل النفسي وتشكيل فريق وطني لمكافحة ظاهرة الانتحار واطلاق حملة اعلامية لتكريس الضوء على مخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها"، بحسب موقع الرشيد.
كارثة تضرب السجون
طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، الحكومة بإيجاد حلول جذرية لمعالجة وضع الاكتظاظ في السجون ومراكز الإيداع والتوقيف في ظل خطورة الوضع الراهن وتفشي وباء كورونا، قالت المفوضية في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إنها "أشرت من قبل فرقها المنتشرة في المحافظات، حالات إصابة بفايروس كورونا لدى بعض النزلاء والمنتسبين في تلك السجون، مؤكدة "إصابة (67) نزيلًا في محافظة بغداد توزعت على سجن الرصافة الثانية، وسجن الرصافة الرابعة، وسجن العدالة/ دائرة اصلاح الأحداث/ مركز شرطة المسبح، وتم تأشير (15) إصابة في سجن البصرة المركزي/ محافظة البصرة منها (12) إصابة لمنتسبين في السجن وحالة وفاة واحدة".
كما أشرت المفوضية، بحسب بيانها "(12) إصابة في محافظة ديالى بينها إصابة واحدة لمنتسب في مديرية شرطة المقدادية، وبلغ عدد الإصابات في نينوى (4) نزلاء في قسم التحقيقات مديرية مكافحة الإرهاب" واضافت: "بهذا يبلغ مجموع الإصابات (111) بين نزيل وموقوف ومنتسب من بينها حالة وفاة واحدة، لافتة إلى أنه "بناء على هذه المؤشرات فإن المفوضية تطالب الحكومة العراقية بالإسراع بوضع الحلول الجذرية للحد من انتشار الوباء داخل مراكز الاحتجاز والسجون من خلال إيجاد الحلول الكفيلة، بمعالجة أوضاعهم أو توسيع دائرة الشمول بالعقوبات البديلة أو بالعفو الخاص الذي صدر في وقت سابق والذي شمل فئة محددة تقارب (1000) من مجموع النزلاء والموقوفين الكلي والذي يزيد على (64000) بين محكوم وموقوف"، واكدت المفوضية، أنه على "وزارة العدل ووزارة الداخلية بتطبيق التدابير الاحترازية اللازمة للوقاية من الإصابة بفايروس كورونا وفرض نظام رقابي فعال لضمان تطبيق تلك التدابير"، بحسب Ultra Iraq.
العنف الأسري
أعلنت مفوضية حقوق الانسان في العراق ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة العنف الأسري في العراق، مشيرة إلى وقوف عدة أسباب وراء ارتفاع هذه النسبة عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي إن المفوضية سجلت "مؤشرات عالية" بما يخص حالات العنف الأسري في البلاد خلال هذه السنة، لافتاً إلى وصول قضايا وشكاوى إلى المحاكم تتعلق بالعنف الأسري الغراوي أضاف أنه "تم تسجيل 3006 حالات عنف من الرجال ضد النساء، وبالمقابل 412 حالة عنف من النساء ضد الرجال، و465 حالة عنف من الآباء ضد الأبناء، و348 حالة عنف بين الأخوة" ونوّه إلى وجود "أسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية وأمنية وراء ارتفاع حالات العنف الأسري، فضلاً عن ضعف الوعي الأسري والاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي" وحول طرق استخدام العنف الأسري، أفاد الغراوي بأنها تنوعت بين استخدام آلات حادة والحرق وغيرها، مشيراً إلى أن "من بين نتائج العنف الأسري لجوء بعض المعنفين إلى الانتحار" وتسببت الأزمات السياسية والاقتصادية المتتالية التي ابتلي بها العراق منذ عام 2019 في تصاعد غير مسبوق في العنف الأسري، وهو ما لم تشهده البلاد منذ عقود ويؤكد مهتمون بالشأن الأسري في العراق عدم قدرة المؤسسات العراقية على التعامل الصحيح مع حالات العنف الأسري في البلاد، بحسب موقع نبض.
انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الاحتجاجات
أفاد تقرير أممي، بأن المساءلة عن الانتهاكات التي ارتُكبت لقمع المحتجين في العراق لا تزال بعيدة المنال، على الرغم من الخطوات "الواعدة" التي اتخذتها حكومة العراق الحالية بشأن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المرتكبة في سياق المظاهرات الأخيرة، واستند مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في تقريره إلى أكثر من 900 مقابلة مع ضحايا ومع أقاربهم، وشهود عيان، وصحفيين وناشطين مدنيين وسياسيين.
ويفصّل التقرير الإجراءات المتخذة التي امتُنع عن اتخاذها في التعامل مع الاحتجاجات الكبيرة التي شهدها العراق بين تشرين الأول/أكتوبر 2019 ونيسان/أبريل 2020، ويوثق مقتل 487 شخصا على الأقل، وإصابة 7715 شخصا بجراح خلال المظاهرات، وغالبيتهم من الشباب، واعتُقل نحو ثلاثة آلاف متظاهر، مما أضاف مخاوف بشأن اعتقالات تعسفية وسوء معاملة، بحسب بيان يونامي.
وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، عن القلق الشديد إزاء استمرار استهداف وقتل النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وقالت: هذا ليس عنفاً عشوائياً، إنما هو إسكاتٌ متعمد للأصوات السلمية، مقترناً بالإفلات التام من العقاب الذي يتمتع به الجُناة".
ولاحظ التقرير "الاستجابة العنيفة" لقوات الأمن، مبينا أن ذلك يعود لأسباب متعددة، من بينها قلة الخبرة في التعامل مع التجمعات، والفشل في التخطيط عند التعامل مع الاحتجاجات لاتخاذ إجراءات احترازية وتجنب استخدام العنف، كما يفتقر العراق لقوات مدربة ومزودة بالموارد، بشكل مناسب، للتعامل مع التجمعات الجماهيرية. ووجد التقرير أنه في بعض الحالات، بما فيها في بغداد والناصرية وكربلاء، كان من الواضح أن قوات الأمن استهدفت عن قصد المحتجين بشكل غير شرعي، واستخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، ولفت التقرير الانتباه إلى الهجمات التي شنتها جهات "مسلحة مجهولة الهوية" وعمليات الاختطاف.
ويدعو تقرير الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق العدالة، ويوصي باتخاذ إجراءات لحماية المتظاهرين وإنصاف الضحايا، من دون مساءلة، ستبقى الجرائم المرتكبة مجرد إحصائيات وأرقام على الورق وهذا التقرير يسلّط الضوء على المعاناة، ويقدّم توصيات ملموسة للمساعدة في إعادة بناء ثقة الجمهور".