إدارة الحرية المُقيدة
بروجيكت سنديكيت
2020-10-12 04:30
بقلم: آدم هوغ
لندن - في التاسع من يوليو/تموز الماضي، نشر المُدون الأوزبكي ميرازيز بازاروف على موقع الفيسبوك رسالة مفتوحة إلى صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي، يسلط من خلالها الضوء على احتمالات إساءة استخدام الحكومة لأموال الإغاثة الخاصة بفيروس كورونا. لقد تبين أن ادعاءات بازاروف كانت مُبررة، لكنه دفع ثمنها: فقد تم استدعاؤه إلى جهاز أمن الدولة (SGB) للاستجواب.
لفت بازاروف انتباه صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي -إلى جانب البنك الدولي- إثر قيامهم بإصدار بشكل مشترك قروضًا بقيمة حوالي مليار دولار لمساعدة أوزبكستان في معركتها ضد فيروس كورونا المُستجد. لكن أوزبكستان لديها سجل طويل من الفساد الرسمي. وهي تحتل المرتبة 153 من بين 180 دولة حسب مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، خاصة وأن المسؤولين الأوزبكيين غالبًا ما يستغلون مناصبهم لإثراء أنفسهم وإسكات منتقديهم.
لهذا السبب، حث بازاروف صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي على عدم منح المزيد من القروض لأوزبكستان حتى تضع الحكومة آلية تسمح للشعب بتتبع كيفية إنفاق الأموال. وبهذه الطريقة، سيتم استثمار الأموال في نظام الرعاية الصحية في أوزبكستان، الذي أصبح على وشك الانهيار، وسيساعد العديد من المواطنين الذين، كما قال بازاروف، "ليس لهم دخل أو أي سبل للعيش".
بفضل موجة من الغضب الشعبي، تم إجراء تحقيق لمكافحة الفساد، وخلص إلى أن موظفي الخدمة الصحية الوبائية، وهي إدارة تابعة لوزارة الصحة، قد اختلسوا أكثر من 171.000 دولار منذ اندلاع أزمة فيروس كورونا في عام 2019.
أنشأ الرئيس شوكت ميرزيوييف وكالة التحقيق بهدف منع إساءة استخدام واختلاس الأموال المُخصصة لمكافحة فيروس كوفيد 19. وهذا يتماشى مع الوعد بدعم حرية التعبير والديمقراطية الذي قطعه ميرزيوييف قبل أربع سنوات، بعد وفاة سلفه المُستبد إسلام كريموف.
لكن الواقع يُظهر مدى صعوبة وفاء الحكومة بهذا الوعد. على الرغم من أن ميرزيوييف قد أشاد بالمدونين وعملهم، إلا أن قوانين مكافحة التشهير تعني أنهم قد يُواجهون عقوبة السجن أو غرامات قاسية بسبب عملهم. وقد لا يكون لدى المدونين أي فكرة عن الرد الذي سيتلقونه إلا بعد نشر عملهم.
في الواقع، يُعتبر بازاروف الأحدث في قائمة طويلة من منتقدي الحكومة المُستهدفين. في العام الماضي، تم اعتقال ما لا يقل عن ستة من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي بسبب منشوراتهم التي تنتقد الحكومة. لكن هؤلاء محظوظون: فقد تعرض آخرون للاختطاف والضرب والحبس في مصحات نفسية. تم مؤخراً اعتقال الصحفي الأوزبكي بوبومورود عبد اللهيف من قيرغيزستان بتهمة نشر منشورات تنتقد ميرزيوييف على شبكات التواصل الاجتماعي.
اليوم، قد يُصبح المدونون وغيرهم من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي أكثر عرضة للخطر. اقترحت وكالة المعلومات والاتصالات الجماهيرية مؤخرًا مشروع قانون من شأنه تحميل مالكي مواقع الويب المسؤولية الجنائية عن تعليقات المستخدمين على منصاتهم.
في الواقع، يُعد وضع نشطاء المجتمع المدني أيضًا غير مُستقر. قد لا تخضع المنظمات غير الحكومية المُستقلة للقمع كما حدث في عهد كريموف، لكنها لا تحظى بوضع قانوني رسمي بعد. إن حقيقة عدم السماح بتسجيل المنظمات غير الحكومية تجعل من الصعب على النشطاء القيام بعملهم، أو جمع الأموال، أو تعيين موظفين، مما يتركهم عرضة لمضايقات جهاز أمن الدولة.
والحقيقة هي أنه على الرغم من تنفيذ حكومة ميرزييف لبعض الإصلاحات، إلا أنها لا تشمل سوى نظام "الحرية المُقيدة". هناك مجال محدود للمعارضة، على الرغم من أنه ليس من الواضح إلى أي حد، ولا تزال الدولة تُسارع إلى العودة إلى التدابير القمعية. هذه هي النتيجة الأساسية لتقرير "التركيز على أوزبكستان" الذي أصدره مؤخرًا مركز السياسة الخارجية في لندن، والذي عملتُ عليه مع خبراء آخرين.
يُجادل التقرير بأنه من أجل إحراز تقدم حقيقي نحو الديمقراطية، يجب على أوزبكستان أن تتجاوز حدود السماح بالنقد "البناء" فقط -على النحو المُحدد من قبل الإصلاحيين من النخبة الحاكمة- وأن تتبنى حرية التعبير وتكوين الجمعيات بشكل كامل، دون أي تهديد بالاستجواب والسجن والغرامات، أو الإساءة البدنية. نظرًا إلى تأثير أزمة وباء كوفيد 19، يتعين على أوزبكستان اتخاذ إجراءات مُماثلة بشكل عاجل.
في أوزبكستان، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، قضى الوباء على العديد من المؤسسات الحكومية. ولكن فيما يتعلق بتنمية المجتمع المدني، سلطت الأزمة الضوء أيضًا على التقدم المُذهل الذي أحرزته البلاد. خلال الموجة الثانية لتفشي الفيروس، عندما اكتظت المستشفيات بمرضى كوفيد 19، قام المتطوعون بتنظيم حملات لشراء الإمدادات للمستشفيات وإنشاء نظام لتوصيل وتركيب مُكثفات الأكسجين المحمولة في منازل الأشخاص المُصابين.
من خلال الترويج لهذه المشاريع، ساعد المدونون ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي على إنجاحها، وذلك عن طريق جمع الأموال والبحث عن المتطوعين. ومع ذلك، يظلون عُرضة للعقوبات الرسمية لنشرهم الآراء والمعلومات ذات الصلة. إن حمايتهم أمر ضروري لإبقاء أوزبكستان على طريق التحول الديمقراطي.