سياسات اوربا الفاشلة وغياب المسؤولية الاخلاقية تحول أحلام المهاجرين الى كوابيس

عبد الامير رويح

2015-05-14 07:59

تضاعفت الضغوط على الحكومات الاوروبية في الفترة الاخيرة بسبب ازمة المهاجرين غير الشرعيين وما يتعرضون له من اخطار جراء بعض القيود والاجراءات المتشددة، التي تتبعها هذه الحكومات ضد المهاجرين، التي ازدادت اعدادهم بشكل كبير جراء تفاقم المشكلات والازمات وتردي الاوضاع الاقتصادية في العديد من المناطق كما يقول بعض المراقبين. الذين اكدوا على ان الدول الأوروبية وأمام التدفق المتزايد للمهاجرين وتكرار حوادث غرق الكثيرين في مياه المتوسط، تتعرض الى انتقادات كثيرة دفعتها الى اعتماد خطط وقرارات جديدة لأجل الخروج من هذا المأزق الكبير، فقد اقترح الاتحاد الأوروبي وقف هذا التدفق عبر مراقبة السواحل التي تنطلق منها الرحلات البحرية غير الشرعية، وأثناء المراقبة يمكن أن تستعمل القوة العسكرية في تدمير القوارب التي تقل المهاجرين. ويواجه مقترح الاتحاد الأوروبي في جواز استخدام القوة موجة من الانتقادات، وتعتبر ليبيا التي تعيش حالة من عدم الاستقرار الامني، نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين. هذا بالإضافة الى الاقتراحات الاخرى ومنها توزيع الاعداد بين الدول الاوربية.

البحر المتوسط ومأساة الهجرة

وفي هذا الشأن فقد أخطأ الذين اعتقدوا أن العدد المهول لضحايا غرق المركب المملوء بالمهاجرين السريين سيكون منعطف المقاربة الجديدة المنشودة في تعامل الاتحاد الاوروبي مع تدفقات الحالمين بالفردوس أو الهاربين من بؤر الجحيم في جنوب الحوض المتوسطي. وخمن ناشطو المنظمات الانسانية والاغاثية والحقوقية أن الضحايا الذين تراوح عددهم حسب التقديرات بين 700 و900 قتيل، ربما قدموا أنفسهم قرابين لتدشين مرحلة جديدة تفتح فيها أبواب أوروبا " المحرجة" و"الغارقة في الشعور بالذنب" أمام الساعين الى ملاذها، لكن يبدو أن الحرج اتخذ لدى قادة القارة العجوز مفهوما آخر. الرسالة كانت واضحة في القمة الاستثنائية ان كانت المقاربة الأمنية قد أبانت عن محدوديتها، فينبغي تشديدها وتعزيزها بتدابير نوعية غير مسبوقة، لا إلغاؤها. اللهجة خلال القمة الاستثنائية للاتحاد الاوروبي جاءت شبه عسكرية. العزم معقود على تقوية التواجد البحري ومحاربة شبكات التهريب لمنع المراكب من الإقلاع من جنوب ذلك " الجدار الطبيعي العازل"، البحر الأبيض المتوسط الذي يراد له أن يحمي المحظوظين من طمع البؤساء، والمتحضرين من غزو البرابرة. لكن لا مجال للحديث عن مرونة أكبر في استقبال الهجرة القانونية والتوسع في الاحتضان الإنساني للاجئين الفارين من حرائق الحروب.

بيان القادة الأوروبيين شدد على تعزيز التواجد البحري لكنه لم يلبي مطلب برنارد كوشنير وزير الخارجية الفرنسي السابق ومؤسس منظمة " أطباء بلا حدود" الذي انتقد التلكؤ الاوروبي في التحرك وطالب بتشكيل أسطول بحري للإنقاذ. ويمكن للمرء أن يتفهم منطق حق أوروبا في حماية حدودها، هي التي صرح أحد ساستها يوما بأن القارة لا يمكن أن تستوعب بؤس العالم. لكن المنطق نفسه سيحمل حينئذ أوروبا على إسقاط شعاراتها البراقة التي طالما رفعتها في سياستها الخارجية المشتركة، حول التنمية المشتركة والمسؤولية الأخلاقية تجاه الجنوب وإرساء فضاء الأمن والرفاه والاستقرار في المجال المتوسطي.

وتود أوروبا لو يتم التركيز على الحدث المأساوي بوصفه نتيجة لوضعية طارئة صنعتها حالة الانهيارات السياسية والأمنية التي اتسعت رقعتها في جنوب المتوسط في خضم تداعيات الثورات العربية، خصوصا في ليبيا وسوريا، والحال أن المأساة قديمة تصمد في وجه السنين والقرارات والمؤتمرات، لأن معطياتها على الأرض لم تتغير: ثمة أوضاع طاردة في الجنوب: اختناق سياسي وخرق حقوقي وعجز تنموي، وأوضاع جاذبة في الشمال المصنع الذي مازال يغري بالمخاطرة رغم الأزمات الاقتصادية التي ضربت بلدان جنوب أوروبا على وجه الخصوص.

أوروبا أرادت دائماً أن تكون دول الجنوب الشريكة في اطار المسار الأورومتوسطي، دركيا مسلحا يحمي نموذجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني، لذلك فشلت المقاربة " العرجاء"، ولذلك ستفشل الحملة "العسكرية" المعلنة ضد المهربين وتجار البشر، باسم حقوق الانسان، علما أن الحكومة الإيطالية كانت اقترحت شن عمليات هجومية محددة ضد مراكب المهربين، لولا صعوبة التأطير القانوني والتنفيذ العملياتي لهذا المقترح.

ينبغي استحضار أن فكرة منح المرشحين للهجرة فرصة البقاء في بلدانهم من خلال مفهوم التنمية المشتركة التي يتم في إطارها تقاسم خبرات النمو ومحفزاته وإدماج الهامش في شبكات التبادل المادي والرمزي على الصعيدين الإقليمي والدولي، لم تكن غائبة تماماً عن الأدبيات المختصة بإشكالية الهجرة ومستقبل الفضاء المتوسطي عموما، لكن على المستوى المؤسساتي والعملياتي، يعترف معظم الفاعلين الأوربيين، من النخبة القيادية والنخبة العلمية البحثية على حد سواء، بأن الاتحاد الاوروبي لم يبلور قط سياسة إرادية جذرية تسمح بالتأثير في الأرضية التي تنتج قرار الرحيل بأي ثمن الى الضفة الشمالية. سياسة المساعدات في اطار مسلسل برشلونة، كانت ضعيفة كما وقصيرة الأفق كيفا، ولا تتجه الى مساعدة الجنوبيين على تعلم صيد السمك بدل الاعتماد على العطايا " غير البريئة" هي الأخرى الواردة من الشمال.

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن 75 في المائة من ضحايا الهجرة السرية عبر العالم يقضون في أعماق المتوسط. ومن مجموع 40 ألف مهاجر ذهبوا ضحية الحلم والوهم منذ مطلع القرن، التهمت مياه المتوسط 22 ألف شخص. صحيح أن مافيات التهريب البشري تقرأ بذكاء تطورات الأوضاع في مناطق الانطلاق نحو الشمال، مترصدة مواقع فشل ممارسة السلطة وفرص الاستفادة من تفاقم الفساد، لكن هذه التحولات الظرفية لا تحجب الاختلال العنيد المزمن الذي يصنع الحلم المحفوف بالمخاطر، وهو أن فارق الدخل والمستوى المعيشي بين الضفتين يعادل نسبة واحد الى عشرة. بحسب CNN.

هل تتنكر أوروبا لتاريخ الحوض المتوسطي كما قرأه المفكر فرنان بروديل، الذي نظر لمجال متوسطي لا يشطره الماء بل يجمعه في اطار من التكامل بين العناصر الحضارية المشكلة له، كما كان ذلك في زمن انضم فيه الإرث الإغريقي اللاتيني الى الإسهام العربي الاسلامي في بناء "وحدة" الفضاء المتوسطي وإغناء الحضارة الانسانية. ان الحديث عن المسؤولية الأخلاقية والتاريخية وحتى الاستراتيجية لأوروبا في صياغة اجابة تجمع بين الأمني والإنساني، التنموي المستديم والعملياتي الظرفي، لا يعني رفع عبء المأساة عن أنظمة الجنوب التي زاد على فشلها في ربح رهان التنمية وضمان الحقوق الأساسية لمواطنيها، عجزها عن بناء مؤسسات وركائز دولة وطنية قوية على الارض. المقصود ان انتماء الاتحاد الاوروبي الى مدار المركز الغربي الرائد في توازنات القوة اليوم، يخوله هامشا أكبر للمبادرة وإمكانيات أوسع لخلق التأثير الإيجابي في امتداده الجغرافي والتاريخي، جنوب بحر كان يجمع أكثر مما يفرق.

انقاذ مركب

في السياق ذاته انقذت السلطات الاندونيسية سفينة جديدة على متنها 400 مهاجر قادمين من بورما وبنغلادش، قبالة اقليم اتشيه بشمال غرب البلاد وذلك غداة وصول 600 مهاجر اخرين بحرا. وقال مسؤول في هيئة الاغاثة الاقليمية "اكتشف فريق المسعفين سفينة جديدة تنقل اكثر من 400 مهاجر من بورما وبنغلادش على وشك الغرق قبالة اقليم اتشيه". واضاف بو ديوان ان سفنا اخرى تنقل مهاجرين قد تكون على وشك الوصول الى الشواطئ الاندونيسية. ويساعد الصيادون فرق الانقاذ للقيام بدوريات في المياه قبالة اقليم اتشيه.

واوضح بو ديوان ان الف مهاجر نقلوا الى مراكز وحتى مساكن في المنطقة. وهم يتلقون المواد الغذائية والعناية الطبية. واشارت السلطات الاندونيسية الى ان عدد المهاجرين الذين وصلوا الاحد الى اتشيه وصل الى 573 بعد ان كانت اعلنت ان العدد هو 469.

من جانب اخر طالبت المنظمة الدولية للهجرة بتحقيق دولي حول غرق سفينة لقي فيها حوالى 800 مهاجر مصرعهم في البحر الابيض المتوسط. وقال المدير العام للمنظمة وليام لايسي سوينغ في بيان "اذا ما تبين فعلا ان مئات من المهاجرين الذين كانوا يحاولون الوصول قد وجدوا انفسهم عالقين في عنبر هذه السفينة، فيتيعن اعتبار ذلك جريمة تبرر اجراء تحقيق دولي".

واشادت المنظمة من جهة اخرى بالجهود التي تبذلها السلطات الايطالية لاحالة مرتكبي هذه الجريمة ضد المهاجرين الى القضاء. وتعتبر المنظمة، ومقرها جنيف، انه اذا ثبتت الوقائع، "فيمكن ان يشكل ذلك اسوأ جريمة يرتكبها مهربون في البحر المتوسط". واعلنت البحرية الايطالية انها انتشلت حطام السفينة. واتاحت الصور الاولى للحطام التي عاينها المحققون التعرف الى جثة قرب السفينة و"عدد كبير من الجثث" على جسر السفينة وفي داخلها، كما ذكرت وكالة اغي للانباء نقلا عن نيابة كاتانيا (صقلية). بحسب فرانس برس.

وجنحت السفينة التي انطلقت من ليبيا وعلى متنها 800 شخص، لدى وصول سفينة شحن برتغالية غيرت مسارها من اجل تقديم المساعدة بطلب من خفر السواحل الايطاليين الذين لم يعثروا إلا على 28 من الناجين و24 جثة. وفتحت نيابة كاتانيا تحقيقا حول القتل غير العمد والغرق غير العمد والتحريض على الهجرة غير القانونية وحجز حرية اشخاص استهدف اثنين من الناجين هما تونسي وسوريا يعتقد انهما قبطان السفينة ومساعده. وقال الناجون ان قسما من المسافرين -رجال ونساء واطفال قد تعرضوا لتجاوزات في ليبيا قبل المغادرة- كانوا محصورين في العنابر ومحكوما عليهم بالموت عمليا عندما غرقت السفينة

شبكات إجرامية

من جانب اخر صرح مدع إيطالي أن هناك شبكات إجرامية وعصابات تجني نحو 80 ألف يورو من حمولة كل قارب لتهريب البشر، وأكد أن كل مجموعة تكسب "ربما ملايين اليوروهات سنويا" و "تنظم نفسها لمواجهة الطلبات المتزايدة" للذهاب لأوروبا. وفكك مدعون في باليرمو عصابة كبيرة لتهريب البشر بعد يوم من غرق زهاء 900 شخص عندما انقلبت سفينتهم قبالة ساحل ليبيا.

وقال كبير المدعين في باليرمو فرانسيسكو لو فوي إن تحقيقا ساعد في الكشف عن مجموعات أخرى تستعد للتعامل مع عدد يصل إلى مليون مهاجر قال إنهم في ليبيا ويأملون عبور البحر المتوسط إلى أوروبا. وقال لو فوي خلال مقابلة في مكتبه في مبنى المحكمة صاحبة التاريخ في محاربة مافيا صقلية "خلال هذا التحقيق اكتشفنا أن هناك شبكات إجرامية ومنظمات موازية أخرى تعمل في المجال ذاته."وتابع قوله إن كل مجموعة إجرامية تكسب "ربما ملايين اليوروهات سنويا" و "تنظم نفسها لمواجهة الطلبات المتزايدة" للذهاب لأوروبا. وذكر أن التحقيقات في أمر منظمات التهريب متواصلة.

وخلال محادثة هاتفية سجلتها الشرطة ضمن التحقيق قال مهربون إنهم يجنون في المتوسط 80 ألف يورو عن كل قارب ويتقاضون من كل مهاجر زهاء 1500 يورو مقابل رحلة العبور. وحاولت عشرات القوارب المكتظة بشكل خطر العبور من ليبيا هذا العام. وتقدر إيطاليا أن زهاء 200 ألف شخص سيعبرون البحر إلى شواطئها هذا العام مقارنة بمئة وسبعين ألف مهاجر أبلغت عنهم "منظمة الهجرة الدولية" العام الماضي. CNN

ورفض لو فوي التعقيب عما إذا كان العمل العسكري سيساعد في الحد من تدفق المهاجرين قائلا إن الأمر يرجع لصناع السياسة وليس للمدعين. لكنه قال إنه لا يوجد دليل على أن متشددين إسلاميين يستخدمون القوارب للوصول لأوروبا. وقال "لا يوجد لدينا حتى الآن دليل محدد يتيح لنا الاعتقاد بأن بعض الإرهابيين ربما يكونون وصلوا صقلية وإيطاليا."

التحريض على الكراهية

في السياق ذاته اثارت افتتاحية لصحيفة "الصن" البريطانية وصفت المهاجرين بأنهم "صراصير" رد فعل حادا في الامم المتحدة بجنيف، حيث دعت مفوضية حقوق الانسان، لندن الى القيام بكل ما في وسعها "لمنع الصحف البريطانية عن التحريض على الكراهية". وقالت المفوضية العليا "بلغة شبيهة جدا باللغة التي كانت تستخدمها صحيفة كانغورا واذاعة ميل كولين في رواندا خلال الفترة التي سبقت الابادة في 1994، كتبت المعلقة في الصن (كايتي هوبكينز) لا تنخدعوا. هؤلاء المهاجرون هم مثل الصراصير".

وطلب المفوض الاعلى لحقوق الانسان زيد رعد الحسين من جميع البلدان الاوروبية اعتماد "لغة اكثر تشددا حيال العنصرية وكراهية الاجانب"، "المسموح لها" كما قال، "بحجة حرية التعبير، بتأجيج حلقة مفرغة من القذف والذم والتعصب وتسييس المهاجرين والاقليات الاوروبية المهمشة، كالغجر". وقد بدأت المقالة بهذه الكلمات: "دعوني ارى صور نعوش، دعوني ارى جثثا عائمة على سطح الماء، اعزفوا الموسيقى ودعونى ارى اشخاصا هزيلين يبدون حزينين. دائما ليس لدي ما افعله معهم". ودعت كاتبة الافتتاحية ايضا الى استخدام المدافع لوقف المهاجرين، قائلة ان "إحداث بعض الثقوب في اسفل كل ما يمكن ان يشبه مركبا سيكون فكرة جيدة ايضا".

واشتكت منظمة سوسايتي اوف بلاك لويرز البريطانية غير الحكومية صحيفة الصن للشرطة ، وطلبت اجراء تحقيق لتحديد ما اذا كانت هذه المقالة تشكل تحريضا على الكراهية العرقية في نظر القانون حول النظام العام الصادر في 1986. وقال زيد الحسين ايضا ان "الحملات اللفظية الخبيثة التي تستهدف المهاجرين وطالبي اللجوء من قبل الصحف البريطانية تتواصل منذ فترة طويله، من دون الاعتراض عليها من وجهة نظر قانونية. انا مدافع شرس عن حرية التعبير التي تضمنها المادة 19 من الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، لكن هذه الحرية ليست مطلقة". واضاف ان هذا النوع من المقالات الذي يستند الى الكراهية ومعاداة السامية والعرقية "قد استخدمته وسائل الاعلام النازية في الثلاثينات". بحسب فرانس برس.

وبصورة اشمل، اعتبر زيد الحسين ان الصحف البريطانية تنشر منذ سنوات مقالات تستهدف الاجانب. واضاف ان "كثيرا من هذه القصص تعرض للتشويه والبعض منها من صنع الخيال"، منتقدا عملية "التشويه هذه". وخلص الى القول "اثبتت لنا هذه الواقعة مرة اخرى مخاطر تشويه سمعة الاجانب والاقليات، وانه لفعلا امر استثنائي ومثير للدهشة العميقة ان نرى هذا النوع من الاساليب يستخدم في كل البلدان، لان من السهل جدا فقظ ايقاظ العنصرية وكراهية الاجانب من اجل كسب الاصوات او بيع الصحف".

الخيار العسكري

على صعيد متصل تقف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني امام مجلس الامن الدولي لتطلب الموافقة على القيام بعمليات عسكرية اوروبية لمكافحة تهريب المهاجرين في المتوسط وسط انقسامات داخل الاتحاد على خطة عمل جديدة حول تقاسم حصص الهجرة. ودعت موغيريني الى تحرك اوروبي بعد غرق اكثر من خمسة آلاف لاجئ قبالة الشواطئ الجنوبية للقارة خلال الاشهر الـ18 الماضية اثناء بحثهم عن الامن وحياة جديدة في اوروبا. وكانت موغيريني قالت مؤخرا "اخجل لان اوروبا لا تستفيق الا حين تواجه الموت".

وتحامل معها رسالة اتفق عليها قادة الاتحاد الاوروبي خلال قمة طارئة حول حوادث المهاجرين المأساوية. وخلال القمة الطارئة اتفق قادة الاتحاد الاوروبي على التحرك لمواجهة ارتفاع حصيلة القتلى من المهاجرين في حوادث غرق عبر المتوسط، والتزموا بزيادة تمويل عمليات البحث والانقاذ ثلاث مرات وتوسيع نطاق عملياتها. كذلك كلف القادة الاوروبيون موغيريني بوضع لائحة من خيارات التدخل العسكري من بينها "مصادرة وتدمير سفن المهربين" بشرط ان يتطابق ذلك مع القانون الدولي.

ويتطلب ذلك عادة الحصول على موافقة الدولة المعنية، تلك التي تنطلق منها سفن المهربين، ولكن ليبيا اليوم تعيش حالة من الفوضى اذ ان ميليشيات مسلحة تتقاتل من اجل السيطرة على الدولة الغنية بالنفط. وفي هذه الحالة يجدر على الاتحاد الاوروبي الحصول على موافقة الامم المتحدة لمنح العمليات العسكرية الشرعية القانونية. ولكن يبدو ان موغيريني امام مهمة صعبة، اذ ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اشاد بجهود الاتحاد الاوروبي في هذا المجال الا انه حذر من انه "ليس هناك حل عسكري للمأساة في المتوسط".

وقال بان لصحيفة "لا ستامبا" الايطالية ان "المهم جدا هو ايجاد مقاربة دولية تأخذ بالاعتبار جذور المشكلة، الامن وحقوق المهاجرين واللاجئين مثل توفير طرق هجرة شرعية وقانونية". وتابع ان "الامم المتحدة جاهزة للعمل مع شركائنا الاوروبيين في سبيل ذلك". وتعتبر الهجرة مسألة حساسة جدا اذ ان الاتحاد الاوروبي قلق حول كيفية التعامل معها بالطريقة الانسب خصوصا في ظل الشكوك التي تلاحق القضية خاصة من قبل الاحزاب القومية المتخوفة من زيادة اعداد المهاجرين.

ويقدم رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر خطة عمل جديدة حول الهجرة تتضمن تقسيم العبء بطريقة اكثر عدلا بين كافة الدول الاعضاء، وهي خطة عارضها رئيس الحكومة المجري فيكتور اوربان. وجاء في مسودة لاقتراح المفوضية ان "الاتحاد الاوروبي بحاجة الى نظام دائم لتشارك مسؤولية الاعداد الكبيرة من اللاجئين وطالبي اللجوء السياسي بين دوله الاعضاء". ونقلت مصادر دبلوماسية ان يونكر قد يحدد كوتا اولية من 20 الفا للاجئين بالرغم من اصرار بريطانيا على ان ذلك يعود لكل دولة لوحدها بعد معارضتها لرقم من خمسة آلاف اقترح خلال قمة الشهر الماضي. ويريد يونكر فرض كوتا على كل دولة لاستقبال المهاجرين بحسب الناتج المحلي الاجمالي وعدد السكان ونسبة البطالة وعدد اللاجئين فيها اصلا. وبالنسبة لبعض الدول، فان استقبال المزيد من الاشخاص يزيد الامر صعوبة على اعتبار ان من شأنه جذب مهاجرين آخرين للمخاطرة بحياتهم عبر المتوسط.

وترى دول مثل المانيا، انه ينبغي ايجاد حل انساني للكارثة، والحل الوحيد هو توزيع المهاجرين بطريقة عادلة بين الدول. وفي ما يتعلق بالرد العسكري، قالت مصادر دبلوماسية ان المطروح اليوم يسمح لقوات البحرية في الاتحاد الاوروبي بالصعود على سفن مجهولة في المياه الدولية في المتوسط لمنع تهريب المهاجرين من دون ان تتدخل قبل مغادرة تلك المراكب السواحل الليبية، بحسب ما اقترحت القمة الطارئة. بحسب فرانس برس.

ويعتقد الاوروبيون بانهم يستطيعون التحرك من دون تفويض من الامم المتحدة ضد السفن التي لا ترفع اعلاما فهي تحصل على حماية اقل وفق قانون البحار. الا انهم بحاجة الى موافقة الامم المتحدة للدخول الى المياه الاقليمية الليبية. وتعارض روسيا، صاحبة حق النقض الفيتو في مجلس الامن، اي تدخل عسكري. وحذر سفيرها الى الاتحاد الاوروبي فلاديمير شيزهوف من انه "لا يمكننا دعم تدمير السفن من دون اوامر قضائية او من دون موافقة الدولة التي يرتفع علمها على المركب المعني".

ذات صلة

القائد الجماهيريمرويات السيدة الزهراء (ع) في تفسير القرآن الكريمالإسلام دين التوازنالجيل الجديد: قضايا الهويَّة والوعي السياسيعودة ترامب المحتملة للسلطة.. قلق ايراني وأمل اسرائيلي