هكذا عاقبت بورما صحفيين فضحا مذبحة بحق الروهينغا

وكالات

2018-09-08 06:25

(رويترز) - مرة تلو الأخرى بدا أن حكومة ميانمار عرضة لخطر انكشاف حقيقة محاكمتها لصحفيين شابين فضحا أمر مذبحة راح ضحيتها عشرة رجال مسلمين وتورط قوات الأمن في ارتكابها.

في 20 ابريل نيسان كشف شاهد من شهود الإدعاء في جلسات تمهيدية للمحاكمة أن الشرطة دست وثائق عسكرية لصحفيي رويترز وا لون وكياو سوي أو بهدف الإيقاع بهما بتهمة مخالفة قانون الأسرار الرسمية في البلاد، وأثار ذلك الاعتراف شهقات الاندهاش من الحاضرين في قاعة المحكمة، وقال ضابط شرطة للمحكمة إنه أحرق الملاحظات التي دونها وقت القبض على الصحفيين لكنه لم يفسر ما دعاه لإحراقها.

وناقض عدد من شهود الإدعاء رواية الشرطة عن مكان القبض على الصحفيين. وسلم ضابط شرطة برتبة ميجر بأن المعلومات ”السرية“ التي قيل إنها كانت بحوزة الصحفيين لم تكن في واقع الأمر سرية، وخارج قاعة المحكمة سلم مسؤولون عسكريون بأن المذبحة قد وقعت فعلا، وأيدت هذه المفاجآت المذهلة الدفوع الرئيسية التي استخدمها الدفاع وتمثلت في أن القبض على الصحفيين كان ”مدبرا ومخططا له من قبل“ لإسكات مساعيهما للكشف عن الحقيقة، وفي النهاية لم تكن هذه الثغرات في القضية كافية لمنع الحكومة من معاقبة الصحفيين لكشفهما عن فصل قبيح في تاريخ الديمقراطية الناشئة في ميانمار.

فيوم الاثنين وبعد 39 جلسة محاكمة و265 يوما في السجن أدانت المحكمة وا لون وكياو سوي أو بمخالفة قانون الأسرار الرسمية وحكمت عليهما بالسجن سبع سنوات، وقال قاضي محكمة شمال يانجون الجزئية يي لوين إن الصحفيين خرقا قانون الأسرار عندما حصلا على وثائق سرية. وقال لدى النطق بالحكم إنه تم التوصل إلى أن ”وثائق سرية“ اكتشفت مع الاثنين كان من الممكن أن تفيد ”أعداء الدولة ومنظمات إرهابية“.

وبعد النطق بالحكم طلب وا لون من مجموعة من الأصدقاء والصحفيين ألا يجزعوا. وقال للصحفيين خارج قاعة المحكمة ”نعلم أننا لم نرتكب أي خطأ. لا أشعر بالخوف. أنا أؤمن بالعدالة والديمقراطية والحرية“.

أصبحت محاكمة وا لون وكياو سوي أو قضية بارزة في مسيرة حرية الصحافة في ميانمار واختبارا لانتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي بعد انتهاء حكم المجلس العسكري الذي استمر عشرات السنين في 2011، ولا يزال الجيش يسيطر على الوزارات الرئيسية في الحكومة كما أن نظام الحكم يضمن له 25 في المئة من مقاعد البرلمان ويمنحه سلطات واسعة في الديمقراطية الناشئة، وخلال جلسات المحاكمة دعا انتونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة وقادة عدد من الدول الغربية إلى إطلاق سراح الصحفيين.

وبعد صدور الحكم قال سكوت مارسيل السفير الأمريكي في ميانمار إن الحكم ”مزعج بشدة“ لكل من كافح من أجل حرية الإعلام في البلاد. وأضاف ”أنا حزين من أجل وا لون وكياو سوي أو وأسرتيهما وحزين أيضا على ميانمار“.

وقال ستيفن جيه. أدلر رئيس تحرير رويترز إن الصحفيين أدينا ”دون أي دليل على ارتكاب مخالفات، وفي مواجهة أدلة دامغة على دسيسة الشرطة“ ووصف الحكم بأنه ”خطوة كبرى للوراء في انتقال ميانمار إلى الديمقراطية“.

ولم يرد زاو هتاي المتحدث باسم حكومة ميانمار على طلبات للتعليق على الحكم، قبل أسبوع من النطق بالحكم قال محققون تابعون للأمم المتحدة في تقرير إن جيش ميانمار نفذ عمليات قتل واغتصاب جماعية بحق الروهينجا المسلمين ”بنية الإبادة“ وإنه يجب معاقبة القائد العام وخمسة جنرالات.

كما اتهم التقرير حكومة أونج سان سو كي بالإسهام في ”ارتكاب ”جرائم فظيعة“ بالتقاعس عن حماية الأقليات من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ورفضت ميانمار ما توصل إليه التقرير، ولم تدل سو كي الزعيمة الفعلية للبلاد، التي أمضت 15 عاما رهن الإقامة الجبرية في بيتها خلال الحكم العسكري، بتصريحات تذكر عن القضية. وفي تعليق نادر في يونيو حزيران قالت سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام لتلفزيون إن.اتش.كيه الياباني إن الصحفيين لم يعتقلا لكشفهما عن أحداث عنف في غرب ميانمار. وأضافت ”ألقي القبض عليهما لأنهما خالفا قانون الأسرار الرسمية“.

ويرجع هذا القانون إلى عام 1923 عندما كانت ميانمار تسمى بورما وتخضع للحكم البريطاني. وتصل العقوبة القصوى على التهمة الموجهة للصحفيين إلى السجن 14 عاما. وقد أدين وا لون وكياو سوي أو بموجب المادة 3.1 (ج) من القانون التي تشمل الحصول على وثيقة رسمية سرية ”قد تكون مفيدة أو يقصد بها إفادة العدو سواء بطريق مباشر أو غير مباشر“.

عند القبض عليهما في ديسمبر كانون الأول كان وا لون، وعمره الآن 32 عاما، وكياو سوي أو، وعمره الان 28 عاما، يعملان في إعداد تحقيق استقصائي لرويترز في مقتل 10 من المسلمين الروهينجا خلال حملة عسكرية في ولاية راخين بغرب البلاد. وأدى العنف إلى فرار أكثر من 700 ألف من أفراد الروهينجا إلى بنجلادش حيث يعيشون الآن في مخيمات ضخمة، وقد اتهمت الولايات المتحدة الحكومة بالتطهير العرقي بحق أقلية الروهينجا المسلمة التي تتعرض للتشنيع على نطاق واسع في ميانمار حيث الأغلبية من البوذيين. وتقول ميانمار إن عملياتها في راخين رد مشروع على هجمات شنها متمردون من الروهينجا على قوات الأمن.

ونشرت رويترز تحقيقها في المذبحة في الثامن من فبراير شباط. وكشف التحقيق عن مقتل ثمانية رجال واثنين من طلبة المدارس الثانوية في سبتمبر أيلول الماضي في قرية إن دين. وأدى التقرير إلى مطالب دولية بإجراء تحقيق ذي مصداقية فيما حدث من سفك للدماء في راخين، وأتاح التقرير وما أرفق به من صور أول تأكيد مستقل لما حدث في إن دين. ويظهر في صورتين من الصور التي حصل عليها الصحفيان رجال راكعون وفي إحداها تبدو أيديهم مرفوعة خلف الأعناق وفي صورة أخرى تبدو أيديهم مربوطة خلف ظهورهم. وتبين صورة ثالثة جثثهم وقد بدا أن بعضها مصاب بطلقات الرصاص وأخرى بجروح كبيرة في قبر سطحي ملطخ بالدماء.

حرمان من النوم

سلطت محاكمة الصحفيين الضوء على أونج سان سو كي التي فازت بجائزة نوبل للسلام في 1991 واعتبرت من أبطال الكفاح في سبيل الديمقراطية لتصديها للمجلس العسكري. وقد رفعت الإقامة الجبرية عن سو كي في 2010. وفاز حزبها في انتخابات عامة في 2015 وشكلت في أوائل 2016 أول حكومة مدنية في ميانمار منذ أكثر من نصف قرن. غير أن مجلس وزرائها يضم ثلاثة جنرالات. وقد وصفت القادة العسكريين في خطاب ألقته الشهر الماضي بأنهم ”لطفاء“.

وفي وقت سابق من العام الجاري قال السياسي الأمريكي المخضرم بيل ريتشاردسون إن سو كي ”ثارت ثائرتها“ منه عندما أثار قضية صحفيي رويترز معها، واستقال ريتشاردسون، الوزير السابق بإدارة كلينتون، في يناير كانون الثاني من لجنة دولية شكلتها ميانمار لتقديم المشورة لها في أزمة الروهينجا وقال إن اللجنة هدفها تجميل صورة الحكومة واتهم سو كي بالافتقار إلى ”الزعامة الأخلاقية“، وقال مكتب سو كي في ذلك الوقت إن ريتشاردسون ”يتابع أهدافه الخاصة“ وإن السلطات طلبت منه تقديم استقالته، وكانت سو كي انتقدت وهي زعيمة للمعارضة معاملة المجلس العسكري للصحفيين. وفي 2014 تردد أنها وصفت حكما بالسجن لمدة عشر سنوات مع الأشغال الشاقة على أربعة صحفيين محليين ورئيسهم بأنه ”مفرط في القسوة“، كان الصحفيون قد أدينوا بمخالفة قانون الأسرار الرسمية الذي حوكم بموجبه صحفيا رويترز. ونقلت عنها صحيفة إيراوادي المحلية قولها للصحفيين في يوليو تموز 2014 ”رغم ما يتردد عن إدعاءات الإصلاح الديمقراطي فإنها تصبح موضع شك عند فرض قيود على حقوق الصحفيين“، ولم يرد متحدث باسم الحكومة على طلبات من رويترز للتعليق على تصريح سو كي، تم القبض على وا لون وكياو سوي أو مساء يوم 12 ديسمبر كانون الأول. وخلال شهادة أدلى بها الاثنان في يوليو تموز وصفا تلك الليلة وما تلاهما من جلسات استجواب. وقالا للمحكمة إن الشرطة غطت رأسيهما عند نقلهما إلى مقر الشرطة لاستجوابهما.

وشهد الاثنان بأنهما حرما من النوم ثلاثة أيام خلال الاستجواب. وقال كياو سوي أو إنهما تعرضا للعقاب وفرض عليهما الركوع على الأرض لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات. ونفى شاهد من الشرطة حرمان الصحفيين من النوم وإجبار كياو سوي أو على الركوع.

وقال وا لون في وصف ليلة اعتقالهما إنه وزميله اعتقلا على الفور تقريبا عقب تسلم وثائق في مطعم من أحد أفراد الشرطة كانا يحاولان إجراء مقابلة معه للتقرير الذي يعدانه عن المذبحة. وشهد وا لون بأن الشرطي دعاه للقائه وقال إن كياو سوي أو رافقه.

وشهد الاثنان بأن رجالا يرتدون ملابس مدنية القوا القبض عليهما عند خروجهما من المطعم وكبلوا أيديهما وزجوا بهما في سيارتين منفصلتين. وروى وا لون في المحكمة أن رجلا يبدو أنه المسؤول اتصل وهم في الطريق إلى مركز الشرطة بضابط كبير وقال له ”أمسكنا بهما يا سيدي“، وقال وا لون للمحكمة إن الاستجواب تركز على عمل الصحفيين في التحقيق وكشفهما عن المذبحة لا على الوثائق السرية المزعومة. وأضاف أن أحد الضباط عرض عليه ”إمكانية التفاوض“ إذا لم يتم نشر تقرير المذبحة. وقال وا لون إنه رفض هذا العرض، وشهد وا لون إن الشرطة عاتبته في إحدى المرات لإعداد تقرير عن الروهينجا. وروى أن أحدا قال لهما ”أنتما الاثنان بوذيان. فلماذا تكتبان عن الكالار في وقت مثل هذا؟ فهم ليسوا مواطنين“. ويستخدم لفظ الكالار وهو كلمة قبيحة على نطاق واسع في وصف المسلمين في ميانمار وخاصة الروهينحا ومن هم من أصول من جنوب شرق آسيا.

وانقضى أسبوعان بعد القبض على الصحفيين قبل السماح لهما بالاتصال بذويهما ومحاميهما، وفي أواخر ديسمبر كانون الأول نقلا إلى سجن إنسين في يانجون وهو مبنى يرجع إلى العهد الاستعماري أصبح رمزا للحكم القمعي الذي مارسه المجلس العسكري السابق. فعلى مدى عشرات السنين كان المعارضون يحبسون مع القتلة واللصوص وتجار المخدرات هناك. وأمضت سو كي نفسها فترة وجيزة فيه، وقال وا لون لزميل قبل انعقاد إحدى جلسات المحاكمة ”اكتشفت أن زنزانتي بنيت عام 1865. واستخدمت في حبس السجناء قبل إعدامهم“.

علامة الاستحسان

انعقدت الجلسة الأولى في 27 ديسمبر كانون الأول في يوم شهد سقوط أمطار خفيفة. وتجمع بعض الصحفيين خارج المحكمة قبل الفجر خشية أن تعجل الشرطة بالإجراءات. وارتدى كثيرون من رجال الإعلام المحلي قمصانا سوداء تضامنا مع الصحفيين.

وراحت بان إي مون زوجة وا لون تتلو أدعية فيما بين مقابلات مع الصحفيين. وظلت نيو نيو آيي شقيقة كياو سوي أو بالقرب منها دون أن تنطق بكلمة تقريبا، وعندما دخلت سيارة تويوتا بيضاء فناء المحكمة اندفعت بان إي مون ونيو نيو آيي بين المصورين المتدافعين واحتضنتا الصحفيين أثناء اقتيادهما إلى داخل قاعة المحكمة. وفي غضون دقائق أمرت المحكمة بتجديد حبسهما 12 يوما على ذمة القضية. وقوبل طلب إخلاء سبيلهما بكفالة بالرفض في أول فبراير شباط، وبعد ذلك نقل الصحفيان في شاحنة بيك أب كل أسبوع تقريبا في رحلة طولها نحو نصف كيلومتر إلى محكمة شمال يانجون الجزئية وهي عبارة عن مبنى متهدم من طابقين مشيد بالطوب الأحمر. وكان وا لون وكياو سوي أو يصلان إلى المحكمة مكبلي الأيدي.

وبدا وا لون وهو يرفع قبضتيه أمام صدره أشبه بملاكم يدخل إلى حلبة الملاكمة على وجهه ابتسامة ويرفع أصبعه بعلامة الاستحسان أمام الكاميرات، وإذا ما أمر القاضي باستراحة خلال سير المحاكمة كان يسمح للرجلين بالالتقاء بأسرتيهما في غرفة جانبية حيث يتم إطعامهما ويتبادلان الأحضان مع أقاربهما.

كانت موي ثين واي زان ابنة كياو سوي أو، وهي الآن في الثالثة من عمرها، تتعلق بأبيها. وكان يمسح بيديه المكبلتين بكل حرص على رأسها ويمطر وجهها بالقبلات، وكانت زوجة وا لون تجلس بالقرب من زوجها قدر ما استطاعت خلال الجلسات. وقد وضعت ابنتهما الأولى في العاشر من أغسطس آب.

كانت قاعة المحكمة تسع حوالي 40 شخصا وكانت تمتليء بأفراد الأسرتين وأصدقاء وصحفيين ودبلوماسيين أجانب. وكانت العصافير تنسل من فتحات فوق الأبواب وتبني أعشاشا لها فوق الدعامات. وفي بعض الأحيان كانت قطة تتجول في أرجاء المحكمة. ومن حجرة قريبة يتناهى إلى الأسماع صوت النقر على آلة كاتبة قديمة.

ومن المعتاد أن ينقطع التيار الكهربائي وكانت الحرارة ترتفع سريعا في القاعة خلال فصل الصيف الذي تشتد فيه الرطوبة عندما تهدأ سرعة مروحة السقف الوحيدة شيئا فشيئا قبل أن تتوقف، وفي خطوات أصبحت مألوفة كان أحد موظفي المحكمة يدفع الناس جانبا لجلب مولد كهربائي ودفعه إلى ممر جانبي حيث ينطلق أزيزه لحين انتهاء الجلسة.

كان وا لون يدلي في كثير من الأحيان بتصريح مشحون بالانفعالات لوسائل الإعلام خارج قاعة المحكمة بعد الجلسات وقد أحاط به رجال الشرطة. وفي اليوم الذي وجهت فيه المحكمة الاتهام للصحفيين رفع صوته وتوالت الكلمات من فمه سريعة ”بالنسبة لنا مهما كان لن نتراجع أو نستسلم أو نهتز من ذلك. أحب أن أقول أن الظلم لن يهزمنا أبدا“.

وقالت الشرطة إن وا لون وكياو سوي أو ألقي القبض عليهما في يانجون وبحوزتهما معلومات سرية عن عمليات القوات الأمنية في ولاية راخين التي درات فيها وقائع مذبحة إن دين، وقالت الشرطة إن الصحفيين اعتقلا بعد أن قام ضباط لم يكونوا يدركون أنهما صحفيان بتفتيشهما في نقطة مرور، إلا أن رواية الشرطة للأحداث بدأت تهترئ في بدايات الإجراءات. ففي جلسة في الأول من فبراير شباط سلم ضابط برتبة ميجر قاد فريق الضباط الذي اعتقل الاثنين بأن المعلومات الواردة في الوثائق سبق أن نشرت في تقارير صحفية. وكانت تلك نقطة من العديد من نقاط التضارب التي ظهرت خلال شهادات 22 شاهدا استدعاهم الإدعاء.

واتضح أن موقع القبض على الاثنين وما أحاط به من ظروف نقطة خلاف رئيسية في المحكمة. فقد قالت الشرطة إن ضباطا لم يكن لديهم علم بأنهما صحفيان قاموا بتوقيفهما وتفتيشهما في نقطة مرورية عند تقاطع الطريق الرئيسي رقم 3 وطريق نيلار وليس عند المطعم كما قال وا لون وكياو سوي أو في شهادتهما.

وأيد أحد شهود الإدعاء، وهو المسؤول المدني كياو شين، الشرطة فيما قالته عن موقع القبض على الصحفيين. ثم حانت لحظة إثارة درامية في قاعة المحكمة عندما مد محامي الدفاع تان زاو أونج يده من خلال القضبان الخشبية لكرسي الشاهد وقلب يد كياو شين اليسرى التي كان الشاهد ينظر إليها أثناء الشهادة. كان مكتوبا عليها الكلمات تيت أو ماونج وهو اسم وا لون الرسمي وتحته كتب ”تقاطع الطريق رقم 3 وطريق نيلار“. (ومن الشائع أن يستخدم الناس في ميانمار أكثر من اسم وكان وا لون يفعل ذلك).

ورد كياو شين بالنفي عندما سئل عما إذا كان أحد قد طلب منه أن يكتب عنوان الموقع الذي تقول الشرطة إنها ألقت القبض فيه على الاثنين. وأضاف أنه كتب على يده تلك الكلمات لأنه كثير النسيان.

الايقاع به والقبض عليه

في العاشر من ابريل نيسان وفي خطوة كانت اعترافا بصحة تقرير رويترز عن مذبحة قرية إن دين أعلن الجيش الحكم على سبعة جنود ”بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة في منطقة نائية“ لمشاركتهم في قتل الرجال العشرة.

وبعد عشرة أيام بدا أن القضية التي يحاكم فيها وا لون وكياو سوي أو قد منيت بانتكاسة عندما استمعت المحكمة لرواية الصحفيين عن الأحداث من أحد شهود الادعاء، فقد قال الكابتن موي يان ناينج من كتيبة شرطة الأمن الثامنة شبه العسكرية إن الصحفيين اعتقلا في الواقع وهما يغادران مطعما ويمسكان في أيديهما بوثائق تسلماها للتو من ضباط شرطة في إطار خطة نصبت للإيقاع بهما.

وقبل القبض على الصحفيين أجرى وا لون مقابلات مع عدد من أفراد الكتيبة الثامنة عن حملة الجيش في ولاية راخين. وقال له ثلاثة ضباط على الأقل أن الوحدة دعمت عمليات الجيش في الولاية، وشهد موي يان ناينج أن وا لون أجرى مقابلة معه في نوفمبر تشرين الثاني وأنه تعرض هو نفسه للاعتقال منذ ليلة 12 ديسمبر كانون الأول. وقال إنه نقل في وقت سابق من ذلك اليوم إلى مقر الكتيبة الثامنة على المشارف الشمالية في يانجون.

وأضاف أنه عندما وصل وجد نفسه بين مجموعة من رجال الشرطة الذين يعتقد أن وا لون أجرى مقابلات معهم. وتم استجوابهم عما دار بينهم وبين الصحفي الذي يعمل في رويترز، وقال موي يان ناينج للمحكمة إن ضابط الشرطة البريجادير جنرال تين كو كو الذي قاد التحقيق الداخلي فيما قيل للصحفيين أمر ضابطا بترتيب لقاء مع وا لون في تلك الليلة لتسليمه ”وثائق سرية من الكتيبة الثامنة“.

وشهد موي يان ناينج بأن البريجادير جنرال تين كو كو سلم الوثائق لفرد من الشرطة ”وطلب منه أن يسلمها إلى وا لون“. ونقل الشاهد عن الضابط قوله إنه عندما يغادر وا لون المطعم ستتولى الشرطة المحلية ”الإيقاع به والقبض عليه“، وقال للمحكمة إنه شهد بنفسه تين كو كو وهو يدلي بهذه الأوامر.

وأضاف موي يان ناينج ”قال البريجادير جنرال تين كو كو لأفراد الشرطة ’إذا لم تأتوا بوا لون فسيكون مصيركم السجن‘“، وقال الكولونيل ميو تو سوي لرويترز في إشارة إلى موي يان ناينج ”هذا الضابط تحدث بناء على مشاعره الخاصة“.

وفي الأيام التي أعقبت القبض على موي يان ناينج تم طرد زوجته وأبنائه الثلاثة من المسكن التابع للشرطة الذي يقيمون به في مدينة نايبيتاو وحكم عليه بالسجن عاما لمخالفته قانون انضباط الشرطة بالاتصال بوا لون.

وسعى الإدعاء لاعتبار موي يان ناينج شاهدا غير موثوق في شهادته. غير أن القاضي يي لوين قرر اعتباره شاهدا ذا مصداقية. وعاد الضابط إلى المحكمة بعد أسبوعين مكبلا يرتدي زي السجن الأزرق الداكن لاستكمال شهادته، وتناقضت أقوال فرد الشرطة الذي قابل الصحفيين في المطعم قبل القبض عليهما بلحظات مع أقوال موي يان ناينج. فقد نفى ذلك الشرطي واسمه ناينج لين أنه سلم وثائق سرية للصحفيين للإيقاع بهما. ونفى أيضا الاتصال بوا لون لدعوته إلى لقاء في 12 ديسمبر كانون الأول، إلا أن محامي الدفاع تان زاو أونج قال خلال استجواب الشاهد إن سجلات هاتفية أظهرت أن ناينج لين اتصل بالصحفي ثلاث مرات في ذلك اليوم، وفي النهاية ثبت أن قدرة الدفاع على كشف الثغرات في قضية الإدعاء غير كافية. فقد كان من شأن فضح وا لون وكياو سوي أو لما ارتكب من فظائع بحق أقلية موضع احتقار أن وضعهما على مسار الاصطدام بأونج سان سو كي والجنرالات والأغلبية البوذية في ميانمار.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي