ميانمار: بلد الإبادة العلنية
عبد الامير رويح
2018-03-25 06:11
تتواصل انتهاك حقوق الانسان ضد المسلمين في ميانمار، فقد اكدت الكثير من التقارير ان القوات الامنية ارتكبت جرائم وانتهاكات على نطاق واسع بحق المدنيين من الأقليات العرقية، وتضمن ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وغيرها من عمليات القتل غير المشروع، وحالات الاختفاء القسري، وعمليات الاعتقال التعسفي، وأعمال التعذيب وغيره من سوء المعاملة، وعمل السخرة. كما قام الجيش ايضا بحرق وتدمير العشرات من القرى. وواصلت السلطات فرض القيود على الوصول إلى المساعدات الإنسانية في أرجاء البلاد. كما ظلت القيود مفروضة على حرية التعبير. وتزايدت أجواء التعصب الديني ومشاعر العداء تجاه المسلمين. واستمرت حالة الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت فيما مضى، والتي لا تزال تُرتكب في الوقت الراهن.
وطالبت مقررة الأمم المتحدة المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في ميانمار يانجي لي بإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في أعمال القتل والانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في هذا البلد. ولدى استعراض تقريرها الثالث أمام الدورة الـ34 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رجحت يانج لي أن تستخدم الحكومة أساليب بيروقراطية للتخلص من أقليتها المسلمة بعد أن أثارت حملة أمنية ضد هذه الأقلية غضباً دوليا.
وقالت يانغي لي "إن إجراء إحصاء سكاني منزلي حيث قد يتم استبعاد المتغيبين من القائمة التي يمكن أن تكون الدليل القانوني الوحيد لوضعهم في ميانمار يشير إلى أن الحكومة ربما تحاول طرد السكان الروهينجا من البلاد أيضا.. أتمنى بصدق ألا تكون هذه هي الحقيقة." وطالبت المحققة الأممية وأمام الوضع الإنساني المتردي في ميانمار والجرائم المتواصلة ضد الأقلية المسلمة بإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة. وأكدت قائلة: من حق الضحايا وجميع سكان ميانمار معرفة الحقيقة حول المتسببين في تلك الانتهاكات ومحاسبتهم.. يجب التحقيق بشكل عاجل في الانتهاكات التي يرتكبها الجيش بحق المسلمين في ميانمار.
وانتقدت لي عدم حصول منظمات المجتمع المدني على تصاريح للدخول إلى مناطق النازحين والهاربين من المذابح، لتقديم مساعدات منقذة للحياة لأكثر من 40 ألف نازح داخلى منذ مايو 2016 وحتى مطلع هذا العام. وأضافت ”ينبغي محاسبة الزعامة التي لم تفعل شيئا للتدخل أو لوقف أو إدانة هذه الأفعال“.
مطالب اخرى
وفي هذا الشأن دعا الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى إحالة الفظائع التي يعتقد أنها ارتكبت بحق أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار للمحكمة الجنائية الدولية. كما حث الأمير زيد حكومة ميانمار على السماح بدخول مراقبين لولاية راخين للتحقيق فيما وصفه بأنه ”أعمال إبادة جماعية“ يشتبه في ارتكابها بحق الأقلية المسلمة.
وأضاف في مؤتمر صحفي في جنيف ”أجل.. نقول إن هناك شكوكا قوية في أن أعمال إبادة جماعية ربما ارتكبت ولكن لا يمكن أن يؤكد ذلك سوى محكمة“. وقال ”لن يدهشني الأمر على الإطلاق إذا خلصت محكمة لتلك النتيجة في المستقبل“. وتعرف الأمم المتحدة الإبادة الجماعية بأنها أفعال يقصد بها القضاء على مجموعة قومية أو عرقية أو دينية بالكامل أو جزئيا. وهذا التعريف نادر الحدوث بموجب القانون الدولي.
وقال ثاونج تون مستشار الأمن القومي في ميانمار إن بلاده ترغب في الاطلاع على دليل دامغ على اتهامات بالتطهير العرقي أو الإبادة الجماعية. وردا على سؤال عن هذا التصريح قال الأمير زيد إن السلطات في ميانمار ”تنكر الحقيقة مرارا“ وأضاف ”الإشارة إلى أن راخين لم تشهد أحداثا خطيرة.. أمر غير معقول وسخيف. كيف يمكنهم قول ذلك؟“ ولم تسمح ميانمار لمقررة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان يانغي لي بزيارة البلاد لإجراء تحقيق. بحسب رويترز.
وقالت في تقرير نُشر يوم الجمعة إنها ترى أدلة متزايدة تشير إلى احتمال ارتكاب إبادة جماعية وإنها ترغب في مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب جرائم في حق الأقليات العرقية والدينية. وأضافت في تقرير سلمته لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنها تزداد ميلا ”للرأي القائل بأن الأحداث تحمل سمات الإبادة الجماعية“ ومن ثم تدعو بأشد العبارات الممكنة لمحاسبة المسؤولين عنها. وأضافت ”ينبغي محاسبة القيادة التي لم تفعل شيئا للتدخل أو لوقف أو إدانة هذه الأفعال“.
حملة تطهير
في السياق ذاته قالت منظمة هيومن رايتس ووتش بعد مراجعة لصور التقطت بالأقمار الصناعية إن ميانمار هدمت ما لا يقل عن 55 قرية بعد إخلائها من سكانها من الروهينجا المسلمين خلال أعمال العنف التي بدأت العام الماضي. وقالت المنظمة إن أعمال الهدم في الشطر الشمالي من ولاية راخين ربما أدت لتدمير أدلة عن فظائع ارتكبها جنود عندما اجتاحوا القرى بعد أن هاجم متشددون من الروهينجا 30 موقعا للشرطة وقاعدة للجيش.
ونشرت النتائج التي خلصت إليها هيومن رايتس ووتش ومقرها نيويورك بعد أن أبرمت ميانمار اتفاقا مع الأمم المتحدة واليابان لتقديم الإغاثة للمنطقة في مؤشر على تحول في العلاقات المتوترة بين الحكومة والأمم المتحدة. ووصفت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الحملة ضد الروهينجا بأنها تطهير عرقي لكن حكومة أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام منعت محققي الأمم المتحدة وغيرهم من المراقبين المستقلين من دخول منطقة الصراع. بحسب رويترز.
وتقول ميانمار إن قواتها تشن حملة مشروعة ضد ”إرهابيين“ مسلمين. وقالت هيومن رايتس إن 362 قرية في المجمل دمرت جزئيا أو كليا منذ أغسطس آب. وإن بعض هذه القرى سويت بالأرض. وقال براد آدامز مدير المنظمة في آسيا ”الكثير من القرى كانت مسرحا لفظائع ضد الروهينجا وكان ينبغي الحفاظ عليها حتى يستطيع الخبراء الذين عينتهم الأمم المتحدة لتوثيق هذه الانتهاكات أن يقيموا بشكل ملائم الأدلة وتحديد المسؤولين“.
مقابر جماعية
على صعيد متصل نفت ميانمار وجود مقابر جماعية في قرية في ولاية راخين المضطربة حيث تسببت حملة أمنية شنها الجيش في فرار ما يقرب من 690 ألفا من المسلمين الروهينجا إلى بنجلادش المجاورة. وذكرت وكالة أسوشيتد برس للأنباء أنها تأكدت من وجود أكثر من خمس مقابر جماعية لم يتم الإبلاغ عنها من قبل في قرية (جو دار بين) وذلك من خلال مقابلات مع ناجين في مخيمات للاجئين في بنجلادش وعبر مقاطع فيديو التقطت بالهواتف المحمولة ومسجل عليها التوقيت والتاريخ.
وقالت لجنة في حكومة ميانمار تابعة لمكتب الزعيمة المدنية أونج سان سو كي في بيان نشرته في صفحتها على فيسبوك إن السلطات المحلية ومسؤولي الأمن شكلوا ”فريقا ميدانيا“ حقق في التقرير. وقال البيان ”ذهب الفريق الميداني للمواقع التي وردت في تقرير وكالة أسوشيتد برس على أنها مواقع دفن الجثث وخلص إلى أن الأمر ليس صحيحا“. وأضاف البيان ”وإضافة إلى ذلك التقوا بقادة محليين وقرويين وسألوهم إن كانت هناك عمليات قتل جماعية أم لا وقال لهم القرويون إنه لا يوجد أي شيء من هذا القبيل“.
لكن البيان قال إن 19 ”إرهابيا“ قتلوا عندما هاجموا قوات الأمن في القرية في أواخر أغسطس آب وإن جثثهم ”دفنت بالشكل المناسب“. وشكك اثنان من السكان الروهينجا ممن لا يزالون في القرية في بيان الحكومة وقالا إن هناك مقابر جماعية. وقالا إن ضباطا كبارا من الجيش زاروا المنطقة والتقطوا صورا واجتمعوا مع قرويين. بحسب رويترز.
وقال أحد السكان إن والده حضر الاجتماع حيث سألهم الضباط عن عدد من قتلوا في أعمال العنف ومن أحرق منازلهم وإن كانت هناك مقابر جماعية. وتابع قائلا ”كان القرويون خائفين وقالوا إنهم لم يعرفوا عدد من قتلوا ولا من أحرق منازلهم لكنهم قالوا نعم توجد مقابر جماعية هنا“. وأحال متحدث باسم سو كي طلبات التعليق على وصف القرويين للأحداث إلى حكومة ولاية راخين. ولم يتسن الوصول لمتحدث باسم حكومة الولاية. وقال الجيش إن ليس لديه تعليق. وقالت لورين إستون مديرة العلاقات الإعلامية في أسوشيتد برس إن الوكالة تتمسك بتقريرها.
فرار آلاف الروهينجا
من جانب اخر قال مسؤول وقيادي من الروهينجا إن الآلاف من الروهينجا المسلمين فروا من قطاع حدودي بين ميانمار وبنجلادش بعد اجتماع بين البلدين لبحث إعادة توطينهم. وعبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها من إعادة حوالي 5300 شخص بالمنطقة الحدودية قسرا دون اعتبار لسلامتهم. وتقع المنطقة خارج سياج ميانمار الحدودي ولكن على جانبها من جدول ماء يمثل الحدود الدولية.
وفر قرابة 700 ألف من الروهينجا من ميانمار إلى بنجلادش بعد هجمات شنها متمردون يوم 25 أغسطس آب أعقبتها حملة للجيش قالت الأمم المتحدة إنها تصل إلى حد التطهير العرقي بعد تقارير عن انتهاكات شملت الإحراق والقتل والاغتصاب. وقال الميجر إقبال أحمد وهو مسؤول كبير في حرس الحدود ببنجلادش إن حوالي نصف من كانوا يعيشون في المنطقة الحدودية دخلوا بنجلادش وانتشروا في مخيمات اللاجئين خلال ما يزيد قليلا عن أسبوع.
وأضاف ”يغادرون المكان خائفين... يوجد الآن ما بين 2500 و3000 شخص تقريبا بقوا في الأرض الحرام. تحدثنا إلى بعضهم وطلبنا منهم العودة لكنهم قالوا إنها لا يستطيعون ذلك“. والتقى مسؤولون من البلدين في فبراير شباط وزاروا المنطقة. وقال دل محمد، وهو قيادي بين من بقوا في المنطقة الحدودية، إن اجتماعا مع قيادات الروهينجا كان مسؤولو ميانمار قد وعدوا به لم ينعقد. وأكد انتقال عدة مئات من الأسر إلى بنجلادش منذ 20 فبراير شباط. وأضاف ”نحن في خوف دائم. لن نذهب إلى المخيمات“، مشيرا إلى مخيمات مؤقتة أقامتها ميانمار للاجئين الذين قد يعودون بموجب اتفاق موقع مع بنجلادش في نوفمبر تشرين الثاني لإعادتهم. بحسب رويترز.
وقال زاو هتاي المتحدث باسم حكومة ميانمار إن المنطقة تابعة لبلاده. وأضاف ”لا يمكنهم بموجب القواعد البقاء هناك، على بعد 150 قدما من خط الحدود. يمكثون هناك كي يدفعوا قوات الأمن ومسؤولي حكومة ميانمار لإخلاء المنطقة“. وكانت وسائل إعلام قد نقلت عن زاو هتاي بعد اجتماع 20 فبراير شباط قوله إن بعض من يعيشون في منطقة الحدود ”إرهابيون“ على صلة بجماعة (جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان) التي هاجمت مواقع أمنية في ميانمار. وقال ”لدينا معلومات بوجود إرهابيين هناك... سيصبح هذا المكان ملاذا آمنا للإرهابيين وسيمكنهم ارتكاب أعمال إرهابية على الجانبين“.