من المسؤول عن حماية الآثار الدينية والتاريخية

في ملتقى النبأ الأسبوعي

انتصار السعداوي

2015-03-08 03:52

قدم مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في ملتقى النبأ الأسبوعي ورقة بحثية بعنوان "من له حق التصرف بالآثار الدينية والتاريخية".

وقد حضر الملتقى الشيخ جلال معاش ممثل مكتب المرجع الديني آية الله السيد صادق الشيرازي (دام ظله) في قم المقدسة، والشيخ مصطفى معاش من وكلاء المرجع الشيرازي في كربلاء المقدسة.

 وقال احمد جويد مدير المركز في مقدمته: "يشهد العالم صراعا دينيا ومذهبيا وقوميا كبيرا، وأصبحت مسألة المطالبة بالآثار الدينية والتاريخية أمرا يحرك المشاعر ويؤجج النزاع، وصارت استخبارات دول عالمية تحرك هذه الورقة لأغراض دينية وسياسية واقتصادية، مما جعل تدمير الآثار والمراقد والمزارات والآثار الدينية وجعلها أمرا واردا. واليوم صار هذا الصراع يأخذ صبغة دينية وطائفية في دول المنطقة وبعض دول العالم وأصبح يؤجج صراعات ونزاعات كبيرة.

 وضرب جويد مثلا على آثار البقيع وكثير من المزارات في ليبيا والعراق وفي سوريا تم نبش مراقد وتفجيرها، وخير دليل لهذه الظاهرة تهديم آثار الموصل التي تعود للقومية الآشورية.

 كشفت الورقة البحثية عن ثلاث أسئلة أحاطت بجوانب الموضوع وسلطت الضوء عليه وفقاً للتسلسل الآتي:

السؤال الاول/ من له حق التصرف بتلك الآثار؟

 أجاب الدكتور علاء الحسيني الأستاذ في كلية القانون على محورين؛

 الأول/ المحور الوطني، وبين إن هناك عدة قوانين تنظم أحقية التصرف في هذه الآثار ومنها قانون الأوقاف لعام 65 وقانون المزارات الذي حدد مسؤولية الإدارة، وبما إن هذه الآثار والمزارات هي عبارة عن أموال موقوفة إذن هي ملك عام ويحق للجميع التعامل معه والاستفادة منه، أما الآثار غير الدينية فان المادة 113 منة قالت إنها ملك للشعب العراقي وتدار بين الحكومة المركزية والأقاليم والمحافظات الغير منتظمة بإقليم.

 الثاني/ أما المحور الدولي، هناك الكثير من المعاهدات الدولية تناولت موضوع الآثار والتراث وجميع الآثار المسجلة من قبل منظمة اليونسكو اعتبرت ملك للبشرية وليس من حق أي احد التصرف بها أو تغيير معالمها أو يؤثر عليها على نحو معين، وخلص الدكتور علاء إلى إن هناك حماية على الصعيد الوطني والدولي.

 الباحث الإسلامي جواد العطار تطرق إلى موقف التشريع السماوي، وهل يمكن التعرض لها من الناحية الشرعية؟، وأوضح انه لا يوجد لدينا وضوح في هذا النوع من التشريعات لا في المذهب الشيعي ولا في المذهب السني وخلص إلى إن الآثار هي ملك للإنسانية، والمسؤول عن حمايتها هي الدولة التي تفرض سيادتها مع الحماية الدولية.

 من جهته بين الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، إن منظمة اليونسكو هي منظمة عالمية ثقافية وليس لها قدرة قانونية، والقانون الأساسي الذي نعود إليه في ملكية الآثار هو القانون الدولي الذي نحمي من خلاله الآثار إذا كانت مسجلة حينها تعتبر ملكية إنسانية.

 السيد ضياء الصافي التدريسي في كلية السياحة بجامعة كربلاء يعتقد ان الآثار هي ملك للجهة العقائدية والجغرافية، وضرب مثالاً على الأثر الروماني في مدينة بعلبك التي تتمتع بحماية الدولة بمساعدة وإدارة سكان جنوب لبنان وهم الشيعة. وانتقد الصافي عدم وجود تشريعات عراقية دقيقة ومفصلة تحمي الآثار والمزارات ودعا إلى ضرورة تشريع جغرافي يعطي الحق لسكان الموقع الجغرافي في التملك والحماية والمحافظة على هذه الآثار.

 من جهته الباحث حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث يرى إن المقاربة لم تكن دقيقة في طرح الفكرة وان أقوى القوانين وأعمقها لا يمكن أن تحمي الآثار بدون توفر ثقافة النظر إلى الأثر التاريخي والمحافظة عليه.

 ويرى حيدر جابر من جامعة كربلاء ان الآثار لا يمكن إن تكون ملكا لجهة بل هي ملك للجميع وهي ملك لجهة تستطيع إن تحميها. ويجب ان يشترك الجميع في ذلك، مرجعية الجهة العقائدية والدولة الموجود بها الأثر والجهات الدولية المحترمة لحماية ذلك.

باسم الحسناوي من مركز الفرات للدراسات قال، "إن العالم اليوم تحكمه القوة كواقع حال والية فان البقيع تتحكم بها السعودية كدولة رغم إن مرجعيتها للشيعة"، وأيده في ذلك محمد معاش مدير العلاقات العامة في مؤسسة النبأ مؤكدا "إن الحق للقوي كواقع حال"، على أن تأتي هذه القوة ضمن الموقع الجغرافي للأثر.

السؤال الثاني: هل يحق للطائفة أو القومية المطالبة بترميمها؟.

 أجاب الدكتور حمد جاسم من كلية العلوم القانون في جامعة كربلاء، "إن من حق الشيعة أن يطالبوا ببناء البقيع، وأكد أن الطائفة والقومية لها الحق مع عدم التعارض مع سيادة الدولة.

الدكتور علاء بين إننا نؤسس لحماية وطنية ودولية وعلى المستوى الوطني، أي اعتداء على الآثار جرمه قانون العقوبات العراقي وفق المادة 436 وإذا كان الاختلاس من مكان اثري يعد ذلك ظرفاً مشددا وتكون العقوبة سجن مؤبد وبموجب المادة 444 ومثل ذلك إذا كانت السرقة من محل معد للعبادة. التي أعطتها المادة (19) من قانون العتبات المقدسة والمزارات الشيعية وإدارتها أعطتها إمكانية الصيانة والتحديث والبناء والاستثمار بما لا يغير معالمها مع إمكانية إن تدير نفسها بنفسها.

 أما عن الحماية الدولية والتي تحركها المعاهدات والاتفاقيات الدولية والحماية القضائية عن طريق مجلس الأمن الذي لا يتحرك إلا عندما يكون هناك تهديد للأمن والسلم الدوليين وهنا الدولة هي التي يجب أن ترفع الشكوى.

من جهته أكد الشيخ جلال معاش على أولوية حماية المراقد المقدسة وانتهاج السبل اللازمة على مواجهة أي اعتداء يحصل على هذه المراقد، حيث أشار في كتابه "فاجعة البقيع" الى عدة توصيات ذكرها في خاتمة الكتاب من اجل حماية المراقد المقدسة.

 الشيخ مرتضى معاش قال، "إن أكثر الدول انتهاكا لقضية الآثار هي السعودية وإسرائيل وبين كيف ان إسرائيل حفرت نفقا تحت المسجد الأقصى بحثا عن هيكل سليمان وهذه القضية أدت إلى أزمات كبيرة، ويرى معاش ضرورة وجود قوة أو لوبيات وجماعات ضاغطة دولية لحماية الآثار والمزارات ومن مسؤولية المرجعية الدينية هي الدخول نحو العمل المنظم بموجب مؤسسات خاصة لتوثيق المراقد والآثار الشيعية.

السؤال الثالث: ما هو دور اليونسكو ومجلس الأمن؟

 وقد طرح احمد جويد السؤال بشكل آخر، هل لمجلس الأمن الحق بالتدخل وإنزال قوات دولية لحماية الآثار؟

أجاب دكتور علاء: ممكن، ولكن تحت إطار دولي حيث يمكن تشكيل قوة دولية تحت الفصل السابع مع وجود الغطاء الدولي، إذ يفترض صدور قرار من مجلس الأمن لتجريم تهريب الآثار والتداول فيها جريمة وبالتالي الدول لا تخاطر بسمعتها لمرور هذه الآثار خلال أراضيها.

 وخرج الضيوف المشاركين في الملتقى بتوصيات منها:

 1- أن تكون النظرة متساوية لجميع الآثار من قبل الجميع ولها نفس الأهمية ونفس القدسية، سواء إسلامية أو أي ديانة أخرى.

2- دور منظمات المجتمع المدني لبناء هذا الموضوع بمستوى اشمل وأعمق حتى تشكل رأي عام ضاغط ومن خلال القنوات الدبلوماسية.

3- تخصيص حلقة خاصة عن الآثار والمزارات الشيعية في العالم وتسليط الضوء على إسرارها وكنوزها والأخطار التي تتعرض لها.

 4- أن تكون الجهات الدولية مشتركة في الحماية وتتكون من الجهة العقائدية والدولة الحاكمة وسكان المنطقة وبالتالي يكون لها غطاء دولي للحماية.

5- توعية الشعوب على أهمية الآثار الإنسانية والتركيز على الإعلام لتوصيل هذه الأصوات للمسئولين.

6- تشكيل منظمات مجتمع مدني لها بعد أممي تحكي لنا تراث أهل البيت ولأرشفة وتوثق ويكون عندها إصدار وتتفاعل مع المراقد الشيعية والدينية والآثار التاريخية والإنسانية وللمرجعية أن تعطي غطاء ودعم.

 وفي الختام قال الشيخ مرتضى معاش إن الحكومات تتغير ولكن المرجعيات الدينية باقية لذلك يجب إن تعمل على توثيق المراقد والآثار، كما انه علينا تشجيع الثقافة الاقتصادية والسياحية للآثار، فان بعض الدول تصنع من آثار عمرها لا يتجاوز عشرات السنين معلما سياحيا وأثريا.

 

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا