تركيا.. حقوق وحريات تموت ليبقى أردوغان!
عبد الامير رويح
2015-03-03 03:59
الإجراءات القمعية التي يقوم بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بهدف تقيد الحريات العامة واقصاء الخصوم والمعارضين، لاتزال محط اهتمام العديد من الجهات والمنظمات الدولية التي تخشى من تفاقم واستفحال هذه الظاهرة الخطيرة، التي تمهد وبشكل واضح الى نقل تركيا التي تعد إحدى الدول الأكثر قمعا إلى عهد الاستبداد وحكم الرجل الواحد، حيث نددت منظمة “هيومان رايتس ووتش” وغيرها من المنظمات الاخرى، بالتراجع المقلق للحريات العامة التي تهدد استقلالية القضاء والإعلام في تركيا، متهمة الحكومة الإسلامية المحافظة التي تقود البلاد منذ 2002 بإظهار المزيد من عدم التسامح تجاه معارضيها السياسيين والاحتجاجات في الشارع والانتقادات في الصحف.
وقد حذر تقرير صحافي بريطاني من أن السلطة التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أثرت على سمعة تركيا في العالم، فهو يحول البلاد إلى دولة استبدادية مبنية حول شخصه. وأضاف تقرير لصحيفة (فايننشال تايمز) اللندنية أنه منذ عام 2011، قام اردوغان الذي يترأس حزب العدالة والتنمية باتخاذ العديد من الإجراءات لكبح الحريات العامة حتى أصبح من الصعب إحصائها.
ويرى الكثير من المراقبين ان أردوغان يسعى ومن خلال فرض قوانين جديدة وصارمة الى اعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم مصالحة الخاصة، فهو يسعى الى إقامة نظام رئاسي مطلق الصلاحيات يمهد لحكم شمولي، يقوم فيه أردوغان بدور الحاكم المطلق، وهو ما يثير مخاوف الشارع التركي، الذي يخشى ايضا من اتساع عزلة تركيا على الساحة الدولية بسبب تصرفات وعناد أردوغان التي ادت الى تدهور العلاقات مع العديد من الحلفاء السابقين.
حملة اعتقال الصحافيين
وفي هذا الشأن فقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن اعتقال الشرطة التركية أكثر من عشرين من الشخصيات الإعلامية البارزة في البلاد في مداهمات خاطفة، واعتبر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من جهتهم أن حملة اعتقال الصحافيين "منافية لقيم الاتحاد الأوروبي". واعتقلت الشرطة التركية أكرم دومانلي محرر صحيفة "زمان" القريبة من الداعية فتح الله غولن الخصم الرئيسي للرئيس التركي، إضافة إلى 26 شخصا آخرين في مداهمات خاطفة ضد أنصار رجل الدين المقيم في المنفى في الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي إن واشنطن "تتابع عن كثب" التقارير حول المداهمات والاعتقالات. واضافت أن "حرية الإعلام والاستقلال القضائي هما عاملان رئيسيان في كل ديمقراطية صحيحة ومبدأن راسخان في الدستور التركي (...) بوصفنا صديق وحليف لتركيا فإننا ندعو السلطات التركية إلى ضمان عدم انتهاك تصرفاتها لهذه القيم الجوهرية وأسس تركيا الديمقراطية". بحسب فرانس برس.
وجاء في بيان أصدرته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني ومفوض سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسعة يوهانس هاهن، أن المداهمات "تتعارض مع حرية الإعلام التي هي المبدأ الجوهري للديمقراطية". وجاء في البيان الذي نشرته المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي "أن هذه العملية تناقض القيم والمعايير الأوروبية التي تتطلع تركيا إلى أن تكون جزءا منها، والتي هي جوهر العلاقات المعززة" بين الجانبين. وأضاف "نذكر بأن أية خطوة إضافية باتجاه ضم أي بلد مرشح تعتمد على الاحترام الكامل لحكم القانون والحريات الأساسية"
السجن والملاحقة
الى جانب ذلك رسم باريس انجي الصحفي التركي في يومية برجون اليسارية دائرتين حول تاريخ يومين على التقويم السنوي على مكتبه سيتحدد فيهما ما إن كان مدانا بتهمة إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان وما إن كان سيعاقب بالسجن. وطلب الادعاء العام عقوبة السجن خمس سنوات عن كل تهمة من التهم الثلاث الموجهة الى انجي.
ووجهت النيابة العامة تهمتين إلى انجي بسبب مقالات كتبها عن تحقيق الفساد الذي طال الدائرة المقربة من أردوغان قبل أكثر من عام. وترجع التهمة الثالثة إلى وصفه رئيس البلاد بأنه لص خلال دفاعه عن نفسه في المحكمة. ويدافع أردوغان بقوة عن فكرة أن تركيا -التي تقبع في قاع القوائم العالمية لحرية الصحافة- ليس لديها سوى صحافة حرة. وقال إن الصحفيين الأتراك أكثر حرية من نظرائهم في أوروبا.
لكن إنجي هو واحد من أكثر من 70 إعلاميا يواجهون الملاحقة القضائية لتناولهم فضيحة الفساد التي تفجرت في ديسمبر كانون الأول عام 2013 مع اعتقال رجال أعمال مقربين من أردوغان وأبناء عدد من الوزراء في حكومته. وقال الصحفي جنان جوسكون من جريدة جمهوريت الأقدم في البلاد وهو ضمن الملاحقين قضائيا إن "جميع الصحفيين والمراسلين الذين ينشرون أخبارا ضد الحكومة يعتبرون خونة."
واعتبر أردوغان فضيحة الفساد جزءا من مخطط للإطاحة به وضعه رجل الدين فتح الله كولن حليفه السابق المقيم في الولايات المتحدة والذي تحول إلى خصم لدود وتشمل دائرة أتباعه أصحاب نفوذ في الشرطة والقضاء. ونقل آلاف من رجال الشرطة ومئات القضاة والمدعين الذين اعتبروا مقربين من كولن على أثر الفضيحة في حين أسقطت المحاكم قضايا الفساد. لكن مع إقفال التحقيقات رأى عدد من الصحفيين وبينهم انجي أن كشف تفاصيل من وثائق الشرطة المسربة يقع على كاهلهم.
وقال هدايت كراجا وهو صحفي يرأس تلفزيون سمنيولو المرتبط بكولن إن "النظام القضائي فقد استقلاليته." واعتقل كراجا بسبب تهم تتعلق بالإرهاب في ديسمبر كانون الأول الماضي ولا يزال رهن الاحتجاز بانتظار توجيه الاتهام إليه بشكل رسمي. وقال عبر محاميه في رد على أسئلة مكتوبة "تجري إعادة هيكلة النظام القضائي ليتحرك وفق أوامر اللاعبين السياسيين."
واستغلت السلطات التركية قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة في السابق لملاحقة صحفيين قضائيا خصوصا في ما يتعلق بحركة التمرد الكردية في جنوب شرق البلاد. واعتبر الاتحاد الأوروبي الذي تتطلع تركيا للانضمام إليه أن مضايقة الصحافة انتهاك لمعاييره في مجال حقوق الإنسان. ويشدد مسؤولون حكوميون على أن الصحفيين لا يسجنون جراء عملهم وحده لكنهم رفضوا التعليق على قضايا محددة وقالوا إنها أمور بيد القضاء. لكن السجن ليس الشكل الوحيد لمضايقة الصحفيين. وعلى الرغم من تفاؤل انجي بأنه لن يسجن في نهاية الأمر يقول صحفيو المعارضة إن هناك طرقا أخرى لإبقائهم تحت السيطرة.
ولا يمكن لجريدة برجون الحصول على اعتماد لتغطية المناسبات الرسمية طالما يواجه رئيس تحريرها عشرات القضايا المماثلة لقضية انجي كونه المسؤول عن عمل موظفيه. وتحت هذا الضغط تعتمد الصحيفة على تمويل من نقابات العمال والأفراد للمساعدة في دفع غراماتها والحفاظ على دوران عجلة العمل مع انسحاب المعلنين. لكن توزيع الصحيفة ارتفع من خمسة آلاف عدد إلى 30 الفا في غضون عامين فقط وهو ارتفاع يعزوه صحفيوها إلى نقص عدد وسائل الإعلام التي تنتقد الحكومة في تركيا. بحسب رويترز.
وحكم على مريج سنيوز وهو شيوعي وصحفي في موقع أيلري هابر الاخباري بالسجن ستة أشهر جراء كتابته عن تقرير منسوب للشرطة يحتوي على مزاعم فساد ضد ابن أردوغان. وخفف الحكم لاحقا إلى خمسة أشهر ثم تحول إلى غرامة. وقال سنيوز واصفا محنته "إنه أمر طبيعي في تركيا وهو جزء من (متاعب) مهنتنا. انا محظوظ كصحفي معارض لأنني لم أسجن."
محاكمات قضائية
في السياق ذاته بدأت في تركيا محاكمة 35 من مشجعي كرة القدم بتهمة محاولة القيام بانقلاب خلال مظاهرات حاشدة نظمت العام الماضي وهي قضية تقول جماعات المعارضة وأخرى مدافعة عن حقوق الانسان انها تجسد انتهاك الحكومة للنظام القضائي بقصد الثأر. ويطالب الادعاء بالسجن المؤبد لكل المتهمين وهم من مشجعي فريق بشيكطاش لكرة القدم في اسطنبول ومتهمون بالمشاركة في تنظيم احتجاجات اندلعت في ميدان تقسيم في اسطنبول في مايو ايار عام 2013 تحولت الى تحد كبير لرئيس الوزراء حين ذاك رجب طيب اردوغان.
وتوعد اردوغان الذي فاز بالرئاسة بملاحقة "الخونة" الذين يقفون وراء الاحتجاجات وفضيحة فساد ظهرت على السطح بعد ستة اشهر ويقول ان الاحتجاجات والفضيحة هما محاولة للاطاحة به. وبدأت المحاكمة بعد ان تعرضت تركيا لانتقادات دولية بعد ان احتجزت الشرطة شخصيات اعلامية بارزة فيما قال اردوغان انه رد على "عمليات قذرة" يقوم بها خصومه السياسيون. ووجهت لائحة الاتهام الى مشجعي كرة القدم تهمة السعي الى احتلال مكتب اردوغان في اسطنبول القريب من استاد بشيكطاش "لخلق مظهر بأن هناك سلطة ضعيفة ظهرت في البلاد" وجلب وسائل اعلام أجنبية الى مناطق الاحتجاج.
وذكرت لائحة الاتهام "لقد حاولوا خلق صورة تستحضر تغيير حكومات في بعض دول الشرق الاوسط التي أطلق عليها (الربيع العربي) واستهدفت الاطاحة بحكومة شكلت بطريقة قانونية للجمهورية التركية باستخدام وسائل غير مشروعة." ولعبت مجموعة من مشجعي بشيكطاش دورا بارزا في الاحتجاجات التي جذبت حشودا متنوعة من مئات الالاف في أنحاء تركيا. وكانت هتافات معادية للشرطة يتم ترديدها في المباريات تردد بانتظام وفي مرحلة ما قامت مجموعة مشجعي بشيكطاش بجلب حفار ميكانيكي قادوه نحو خطوط الشرطة.
وبدا أن بعضا من المتهمين يأخذون باستخفاف الاتهامات الموجهة إليهم. وقال جم ياكيسكان وسط ضحك وتصفيق في قاعة المحكمة "لو كانت لدينا سلطة القيام بانقلاب لكنا جعلنا فريق بشيكطاش يصبح الحائز على البطولة." وبدأت الاضطرابات كاحتجاجات سلمية ضد هدم حديقة غازي التي تقع في ميدان تقسيم لكنها انتشرت في انحاء البلاد بعد حملة وحشية شنتها الشرطة. وأقام ممثلو الادعاء منذ ذلك الحين سلسلة من القضايا ضد المشاركين في تلك الاحتجاجات. وقال أوموت أوران عضو البرلمان عن اسطنبول ويمثل حزب الشعب الجمهوري الذي مزق اعضاؤه نسخة من لائحة الاتهام خارج المحكمة "ظهر الوجه الحقيقي لتشكيل حكومة حزب العدالة والتنمية ..."
على صعيد متصل أطلق في تركيا سراح تلميذ في الـ 16 من عمره بعد أن أوقف بتهمة "إهانة الرئيس" الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان. وأثار اعتقاله احتجاج المعارضة في قضية تظهر حجم الانقسام في البلاد. واعتقل الفتى محمد أمين التونسيس على خلفية كلمة ألقاها في ذكرى وفاة أستاذ علماني، تورط في مقلته إسلاميون عام 1930، اتهم فيها الرئيس التركي ونظامه بـ"الفساد". واتهم القضاء التركي الفتى، وهو عضو في حركة يسارية، بأنه وصف الرئيس التركي ب "زعيم السرقة والرشاوى والفساد". ودفع الشاب بأنه غير مذنب أمام القضاء، وقال لوسائل الإعلام بعد خروجه من السجن "لا عودة إلى الوراء. سنستمر على هذا الطريق".
والتقى الفتى، وهو أول قاصر يتم اعتقاله وإدانته بتهمة مماثلة، بوالديه وعدد من الصحافيين عند خروجه من سجن مدينة قونية وسط تركيا والتي تعد معقلا للإسلاميين، بحسب وسائل الإعلام. وتم الإفراج عن الفتى بعد أن قدمت مجموعة من المحامين المحتجين على اعتقاله "التعسفي"، مشيرين إلى إمكانية محاكمته وهو خارج السجن. وكانت الشرطة أوقفت القاصر في مدرسته وأحالته على الفور أمام قاض وجه اليه التهمة وأودع السجن. وقد يتعرض لعقوبة السجن حتى أربع سنوات وأثار اعتقال التلميذ انتقادات واسعة من المعارضة التي نددت بما وصفته "تسلط" النظام وغضبا على شبكات التواصل الاجتماعي. بحسب فرانس برس.
ونقلت صحيفة "حرييت" عن والدة الفتى قولها بأنها "مصدومة من اعتقاله وكأنه إرهابي" موضحة "إنه مجرد طفل. مكانه في المدرسة وليس في السجن". ومن جهته، دافع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو عن اعتقال الشاب مؤكدا أنه "يجب على الجميع احترام وظيفة الرئيس".
الخوف في عهد اردوغان
من جانب اخر ندد الكاتب التركي اورهان باموك الحائز جائزة نوبل للآداب 2006، باجواء "الخوف" السائدة في تركيا والضغوط التي يمارسها النظام الاسلامي المحافظ على حرية الصحافة وذلك في حديث نادر نشرته الاحد صحيفة تركية. وقال باموك لصحيفة حريات بمناسبة نشر روايته الاخيرة التي لم تترجم بعد وذلك بعد ست سنوات من نشر آخر كتبه "متحف البراءة" ان "الاسوأ هو الخوف. ألاحظ ان الجميع خائفوف وهذا ليس طبيعيا (...) حرية التعبير تدنت حتى اصبحت في الحضيض".
واعرب الكاتب المشهور عن الاسف من الضغوط التي يمارسها النظام على الصحافة بشكل عام في تركيا لا سيما عبر القضاء وتسريح صحافيي المعارضة. وقال الاديب (62 سنة) ان "الكثير من اصدقائي يقولون لي ان هذا الصحافي او ذاك طرد من عمله حتى ان اقرب الصحافيين من السلطة تعرضوا الى الطرد، لم أر قط شيئا كهذا في اي مكان آخر". بحسب فرانس برس.
كذلك اعرب الكاتب الذي ألف عدة كتب حول مسقط رأسه اسطنبول، عن الاسف لتصريحات الرئيس رجب طيب اردوغان الاخيرة الذي قال ان ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة "لان ذلك ضد الطبيعة البشرية" مثيرا ضجة عالمية. وقال باموك ان "آخر رواياتي تتناول الاضطهاد الذي تعترض له النساء في تركيا (...) اذا انتقدنا تركيا بنظرة من الخارج فسيكون حول مكانة المرأة في المجتمع وسياسيونا يدلون بتصريحات متهورة في هذا الشأن وكأنهم يريدون اثارة شجار" في اشارة ضمنية الى ذلك الجدل الذي تسبب فيه اردوغان. ويعتبر باموك الكاتب التركي الاكثر رواجا في العالم من حيث بيع كتبه والذي ترجم الى ستين لغة، وكان ايضا اول كاتب تركي يحوز جائزة نوبل.
أداة انتقام
على صعيد متصل حذر هاشم كيليج رئيس المحكمة الدستورية العليا في تركيا من أن يتحول القضاء في البلاد إلى "أداة انتقام" على يد السلطات السياسية بعد أن عززت شخصيات مدعومة من الحكومة قبضتها على محاكم رئيسية. وعززت انتخابات الهيئات القضائية على ما يبدو مساعي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لكبح السلطة القضائية وتخليصها من نفوذ رجل دين إسلامي يتهمه اردوغان بمحاولة الإطاحة به عن طريق فضيحة فساد مصطنعة.
وقال كيليج إنه سيستقيل قبل شهر من انتهاء مدته محذرا من أن تركيا تواجه مشاكل خطيرة تتعلق باستقلال القضاء. وأضاف في مؤتمر صحفي يشكو فيه من طريقة إجراء الانتخابات القضائية "الجميع يعلم الآراء السياسية للقضاة وممثلي الادعاء في القرى النائية في البلاد. لا يمكن أن نستمر بمثل هذه الهيئة القضائية. "ما دامت هذه الانتخابات تجري فستحدث صراعات سياسية وخلافات. القضاء ليس أداة انتقام وليس سلطة لأي طرف لكي يحقق أهدافه."
واختلف كيليج مع اردوغان من قبل خاصة بشأن حكم برفع الحظر الذي فرضته السلطات على تويتر لغضبها من مزاعم فساد. وانتخب أعضاء المحكمة الدستورية زهدي أرسلان كرئيس جديد للمحكمة بواقع 11 صوتا مقابل ستة أصوات. وقال مسؤول كبير مطلع على الأمر ورفض نشر إسمه إن اردوغان دعم ترشيح أرسلان. وقال مصطفى سنتوب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية "المحكمة الدستورية بحاجة إلى بداية جديدة وزهدي أرسلان يعتبر فرصة رائعة لتحقيق ذلك." بحسب رويترز.
وفي تصويت منفصل انتخب روستو جيريت رئيسا لمحكمة الاستئناف العليا ودعمت ترشيحه رابطة قضائية قريبة من الحكومة. ومنذ ظهرت تحقيقات فساد استهدفت الدائرة المقربة من اردوغان بنهاية عام 2013 جرت إقالة أو نقل مئات من القضاة وممثلي الادعاء وآلاف من ضباط الشرطة. وأسقطت محاكم دعاوى ضد المتهمين بالكسب غير المشروع.
التمييز ضد العلويين
الى جانب ذلك أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بالتمييز ضد الأقلية العلوية بعدم منح دور عبادتها نفس وضع دور العبادة التابعة لطوائف دينية أخرى. وتتراوح نسبة العلويين ما بين 15 و20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 76 مليون نسمة وهم طائفة شيعية لها طقوس دينية تختلف عن السنة الذين يعتبرونها مرتدة. وقال رئيس المؤسسة العلوية إن تركيا تميز ضد الطائفة برفضها الاعتراف "ببيوت الجمع" الخاصة بهم دورا للعبادة تعفى من رسوم استهلاك الكهرباء.
وتراكم على المؤسسة العلوية 289182 يورو (358586 دولارا) مستحقات استهلاك الكهرباء منذ عام 2006 الذي تقدمت فيه المؤسسة لأول مرة بالتماس للإعفاء. وأصدرت هيئة مؤلفة من سبعة قضاة في المحكمة الأوروبية بمقرها في مدينة ستراسبورج الفرنسية قرارا مخالفا لحكم محاكم تركية قضت بأن "بيوت الجمع" ليست دورا للعبادة على أساس رأي هيئة دينية تركية بأن الطائفة العلوية ليست طائفة دينية.
وجاء في ملخص الحكم "حكمت المحكمة بأن المؤسسة الشاكية تعرضت لمعاملة مختلفة دون سبب موضوعي أو منطقى وبأن إعفاء الأماكن الدينية من رسوم استهلاك الكهرباء في القانون التركي طبق على نحو شابه تمييز على أساس الدين." وتختص المحكمة بنظر دعاوى انتهاك الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان الذي صدقت عليه تركيا في عام 1954. ولم تقض المحكمة بأي عقوبة لكنها أمهلت الدولة التركية والمدعين العلويين ستة أشهر لتقديم اقتراح يتضمن تقديرا لتعويض عن التمييز.
من جانب اخر دعت جمعيات للعلويين، الى مقاطعة المدارس الرسمية للمطالبة "بتعليم علماني" في بلد غالبيته من المسلمين السنة. وافادت وسائل الاعلام التركية ان كثيرين استجابوا لهذه الدعوة في مدن عدة بينها اسطنبول وانقره وازمير. وفي ازمير، استخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة من الفي شخص معظمهم من المدرسين، بحسب وكالة دوغان للانباء. كما اوقفت الشرطة 40 شخصا على الاقل بحسب نقابة المحامين في المدينة.
وسار حوالى الفي متظاهر في وسط انقره والف في اسطنبول في حي قاضيكوي على الضفة الاسيوية للبوسفور. وصرح احمد الموظف الحكومي المقيم في وسط انقره رافضا الكشف عن اسمه خشية ملاحقته "لم ارسل ابني الى المدرسة اليوم تنديدا بالاسلمة المتزايدة في التعليم الرسمي الذي بات تعليما اسلاميا".
ودان رب العائلة العلوي دروس الدين الاسلامي الالزامية في المدارس والثانويات العامة التي ادرجت مؤخرا بموجب تعديل اقرته الحكومة الاسلامية المحافظة الحاكمة منذ 2002. ويعتبر العلويون ان هذه الدروس الجديدة تمنح افضلية فقط للمقاربة السنية للاسلام، وتحط من تدريس العلوم. واضاف احمد "يمكن للاطفال تعلم الدين في المنزل، من المجحف فرضه عليهم في المدرسة". بحسب فرانس برس.
وفي قرار صدر في ايلول/سبتمبر اعتبرت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ان دروس الدين الاجبارية في تركيا تنتهك حرية المعتقد لدى الاهل وطلبت من السلطات التركية اصلاح النظام "في اسرع وقت". ويعفى التلاميذ المسيحيون واليهود فحسب من هذه الدروس، وهم من الاقليتين الدينيتين المعترف بهما في تركيا. وادان رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو قرار المحكمة الاوروبية معتبرا ان تعليم الاديان الالزامي يشكل حصنا ضد "تشدد الجماعات الجهادية في سوريا والعراق على الاخص".
تركيا ومواقع التدوين
في السياق ذاته أظهرت بيانات نشرها موقع التدوين المصغر تويتر أن تركيا تقدمت بطلبات تزيد خمس مرات عما تقدمت به أي دولة أخرى لإزالة محتويات من على الموقع خلال النصف الثاني من عام 2014. وستعزز الأرقام على الأرجح المخاوف من حملة على حرية الانترنت في البلد الذي تسكنه أغلبية مسلمة ويحمل عضوية حلف شمال الأطلسي حيث يقول الرئيس رجب طيب أردوغان إنه عازم على القضاء على ما يراه أنشطة غير مشروعة على الانترنت.
وأظهر تقرير الشفافية الذي أصدره تويتر أن تركيا قدمت 477 طلبا لإزالة محتويات بين يوليو تموز وديسمبر كانون الأول وهي زيادة بأكثر من 150 في المئة مقارنة بالشهور الستة الأولى من 2014. وجاءت روسيا وألمانيا في الترتيب الثاني والثالث بواحد وتسعين طلبا و43 طلبا. وفي المجمل ارتفعت طلبات الحكومات لإزالة محتويات بواقع 40 في المئة. وتركزت الطلبات التركية بشكل عام على الاتهامات بانتهاك الحقوق الشخصية والتشهير بمواطنين ومسؤولين حكوميين. بحسب رويترز.
وحجبت تركيا بشكل مؤقت موقعي تويتر ويوتيوب قبل الانتخابات المحلية بعد أن نشرت تسجيلات صوتية تكشف فيما يبدو فسادا ضمن الدائرة المقربة من أردوغان على الموقعين. وأثار القرار غضب الرأي العام وانتقادات دولية شديدة. وفي يناير كانون الثاني اقترح حزب العدالة والتنمية الحاكم قانونا جديدا سيتيح للوزراء بشكل مؤقت حظر مواقع يرون أنها تمثل خطرا على الحياة والنظام العام أو حقوق الناس وحرياتهم. وقال موقع تويتر "قدمنا اعتراضات في المحكمة ردا على أكثر من سبعين في المئة من أوامر المحكمة التركية التي تلقيناها وفزنا في نحو خمسة في المئة من طعوننا" مضيفا أن نحو 15 في المئة من الطعون لا تزال قيد النظر في المحاكم.