صادق خان.. اول الحكام المسلمين في لندن

عبد الامير رويح

2016-05-18 10:59

فوز المسلم صادق خان ابن المهاجر الباكستاني سائق الحافلة بمنصب رئيس بلدية العاصمة البريطانية لندن، بعد تغلبه بفارق كبير على منافسه من حزب المحافظين ابن الملياردير زاك جولد سميث في الانتخابات المحلية التي جرت مؤخرا، ما يزال محط اهتمام واسع خصوصا وان ما حدث يعد حدث مهم وسابقة في تاريخ المملكة، فلم يكن طريق الوصول إلى منصب عمدة واحدة من أهم العواصم الأوروبية وكما تنقل بعض المصادر، سهلا بالنسبة للرجل الذي سيتولى مسؤولية لندن خلال السنواتالأربع القادمة، فالمحامي ومرشح حزب العمال الذي قهر مرشح حزب المحافظين زاك جولدسميت، كان عليه تحدي ظروفه كابن مهاجر متوسط الدخل ليحظى بتعليم مرموق، قبل دخول معترك السياسة وأصبح أول مسلم ينضم لمجلس الوزراء، قبل أن ينجح في الخروج سالما من معركة انتخابية استعمل فيها منافسوه المحافظون ورقة ارتباطه بالمتطرفين المسلمين لإبعاده من سباق الانتخابات، وخلال حملة حادة تخللتها افتراءات، لم يفوت الحزب المحافظ فرصة تأجيج الجدال حول معاداة السامية داخل حزب العمال أو اتهام صادق خان، المحامي السابق عن حقوق الإنسان، بمخالطة إسلاميين متطرفين. لكن بعض المحللين اكدوا ان هذه الحملة قد اعطت نتيجة معاكسة للصورة التي يتم ترويجها عن لندن كعاصمة عالمية ، ونجح خان في كسب أصوات الناخبين، بعد أن قدم برنامجا اشتمل على دعم تخفيض أسعار الإسكان والبيوت في لندن، وتعهد بخلق أجواء مماثلة لتلك التي عاش فيها والده، أي أنه لامس الطبقة الفقيرة والمتوسطة. وأكد صادق خان في برنامجه الانتخابي على أنه سيسعى جاهداً لاستقبال بريطانيا مزيداً من الأطفال اللاجئين.

وبحسب بعض المراقبين فان صادق خان وخلال السنوات القادمة ربما سيواجه تحديات كبيرة، بسبب تنامي الاحزاب اليمينية المتطرفة التي تدعوا الى العنصرية في الدول الغربية، لذا فان هذا الرجل وبسبب ديانته الاسلامية واصوله الباكستانية، سيكون هدف جديد لتلك الاحزاب والشخصيات، وقد أكد رئيس بلدية لندن الجديد العمالي صادق خان أنه ليس "قائدا مسلما ولا هو متحدث باسم المسلمين"، مؤكدا أنه يتكلم باسم جميع اللندنيين. وقال خلال تصريح صحافي في مقر بلدية لندن "ما أظهرته الانتخابات هو أنه من الممكن أن يكون شخص ما مسلما وغربيا. وأن القيم الغربية تتوافق مع الإسلام".

اول مسلم

وفي هذا الشأن فاز النائب من المعارضة العمالية البريطانية صادق خان برئاسة بلدية لندن ليصبح بذلك اول مسلم يتبوأ منصب رئيس بلدية عاصمة غربية كبرى. وفاز صادق خان (45 عاما)، ابن مهاجر باكستاني كان يعمل سائق حافلة، على خصمه الرئيسي المحافظ زاك غولدسميث (41 عاما) ابن الملياردير جيمي غولدسميث، بحصوله على 1310143 صوتا تمثل 57% من الاصوات، مقابل 994614 صوتا لغولدسميث، بحسب النتائج النهائية التي اعلنت رسميا.

وفاز صادق خان المحامي السابق المتخصص في حقوق الانسان، في الانتخابات في ختام حملة شديدة اتهمه خلالها خصومه وحتى رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون، بالارتباط بمتطرفين اسلاميين، وهو ما نفاه. وعلى وقع تصفيق انصاره وهتافاتهم، قال خان بعد اعلان النتائج في مقر بلدية العاصمة البريطانية ان "هذه الانتخابات لم تجر بدون سجال، وانا فخور بأن ارى ان لندن اختارت اليوم الامل بدلا من الخوف والوحدة بدلا من الانقسام.

واضاف "آمل ان لا نوضع مجددا امام خيار صعب الى هذه الدرجة. الخوف لا يجلب لنا امنا اكثر، انه يجعلنا اضعف، وسياسة الخوف ليست موضع ترحيب في مدينتنا". وفيما كان يلقي كلمته وخلفه المرشحون الاخرون واقفون في صف، ادار له مرشح حزب "بريطانيا اولا" اليميني المتطرف بول غولدينغ ظهره. واشاد زعيم حزب العمال جيريمي كوربين بانتخاب المرشح العمالي وكتب على توتير "التهاني لصادق خان. اتطلع للعمل معك لجعل لندن مدينة عادلة للجميع!".

ويخلف خان، النائب عن حي توتينغ الشعبي في جنوب لندن، المحافظ بوريس جونسون المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والذي يقول البعض انه يطمح للوصول الى رئاسة الحكومة. وتعهد خان الوزير السابق والاب لفتاتين، بمعالجة المشكلات الاكثر الحاحا في العاصمة التي ازداد عدد سكانها بحوالى 900 الف نسمة خلال ثمانية اعوام ليصل الى 8,6 ملايين، وفي مقدمها، ارتفاع اسعار المساكن ووسائل النقل المكتظة والتلوث.

وراى الخبير توني ترافرز من معهد "لندن سكول اوف ايكونوميكس" ان انتخابه هو "مؤشر ملفت الى الطابع الكوني" للندن التي وصفها بانها "مدينة عالم" حيث 30% من السكان من غير البيض. وفي توتينغ اثار اعلان فوز خان ببلدية العاصمة ردود فعل شديدة الحماس بين العديد من السكان. وقال مالك احمد (32 عاما) الموظف في مطعم "لاهور كاراهي" الذي يرتاده خان، "اننا مسرورون وفخورون". وفي الخارج، رحب عدة رؤساء بلديات مدن كبرى بانتخابه وعبروا عن رغبة في العمل معه في اسرع وقت ممكن.

وكتبت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو في تغريدة على تويتر "تهاني لصادق خان الذي انتخب رئيس بلدية لندن! ان انسانيته وتقدميته سيفيدان اللندنيين". كما كتب رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو على توتير "التهاني لرئيس بلدية لندن الجديد ورفيق السلاح في مسالة المساكن المعتدلة الثمن". واعلنت ايضا نتائج عدة انتخابات محلية وشكلت اختبارا لحزب العمال، حزب المعارضة الرئيسي لحكومة كاميرون المحافظة. وفي اسكتلندا، فاز الحزب القومي الاسكتلندي المؤيد للاستقلال في الانتخابات البرلمانية، الا ان فوزه اتى هذه المرة محدودا اذ خسر الاكثرية المطلقة التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق (69 مقعدا) واقتصر فوزه هذه المرة على 63 مقعدا من اصل 129 في البرلمان المحلي.

وبالتالي لن يكون بوسع الحزب القومي تشكيل حكومة ذات غالبية بمفرده، في مواجهة المحافظين الذين فازوا بـ31 مقعدا، بزيادة 16 مقعدا عن انتخابات 2011. وهذا التراجع الطفيف قد يحمل القوميين على خفض نبرة مطالبهم الاستقلالية، ما لم يصوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي خلال استفتاء حول هذه المسألة في 23 حزيران/يونيو. واعلنت زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجن بهذا الصدد ان حزبها "سيواصل الدفاع عن قضيته بحماسة، انما ايضا بصبر واحترام" مؤكدة ان هدفها هو "الاقناع وليس التقسيم". بحسب فرانس برس.

وخسر حزب العمال الاسكتلندي 13 مقعدا ولم يوصل سوى 24 نائبا، غير ان نتائجه كانت افضل في ويلز حيث حصل على 29 مقعدا من اصل 60، وهي نتيجة كافية لبقائه في السلطة. وقال ايان بيغ من "لندن سكول اوف ايكونوميكس" ان حزب العمال لم يكن اداؤه "بالمستوى الذي كان يجدر ان يحققه بعد عام على الانتخابات" التشريعية في ايار/مايو 2015. اما "حزب الاستقلال" (يوكيب) الداعي للخروج من الاتحاد الاوروبي، ففاز باول مقعد له في البرلمان الاسكتلندي، وبمقعدين في لندن. وستكون نتائج هذه الانتخابات موضع تدقيق عن كثب من قبل شريحة من حزب العمال تبحث عن فرصة للطعن في سلطة جيريمي كوربين، وهي لم تتقبل انتخابه على راس الحزب في ايلول/سبتمبر وتعتبره عاجزا عن قيادة العماليين الى النصر في الانتخابات التشريعية عام 2020.

الوجه الجديد

من جانب اخر يحق لصادق خان الاستمتاع بفرحة النصر. ففي الخامسة والاربعين من عمره، اصبح ابن سائق الحافلة الباكستاني ثالث رئيس بلدية للندن منذ استحداث هذا المنصب في العام 2000 واول رئيس بلدية مسلم لمدينة غربية كبيرة. وقال صادق خان، النائب العمالي بعد الاعلان الرسمي عن فوزه ان "هذه الانتخابات لم تخل من الجدال، ويسرني ان لندن قد اختارت اليوم الامل بدلا من الخوف والوحدة بدلا من الانقسام". لكنه كان قبل اشهر يقول انه "لا يتخيل ابدا" ان يتم اختياره لهذا المنصب.

وهو ليس الوحيد في بلد ما زالت السياسة فيه حكرا على بعض النخبة من خريجي "معهد ايتون" وجامعتي كامبريدج واوكسفورد. درس صادق خان في مدرسة ثانوية رسمية غير مشهورة في الحي الذي كان يسكنه، وفي جامعة نورث لندن. وهو يعرب عن امتنانه لهذا التعليم الرسمي والمجاني. ويدأب صادق خان الآتي من بيئة متواضعة جدا على القول "انا مدين بكل شيء للندن".

ولد صادق خان في تشرين الاول/اكتوبر 1970 من عائلة باكستانية هاجرت حديثا الى بريطانيا، ونشأ مع اشقائه وشقيقاته الستة في حي توتينغ الشعبي في جنوب لندن. وكان والده سائق حافلة ووالدته خياطة. كان يرغب في بادىء الامر ان يدرس العلوم لكي يصبح طبيب اسنان، لكن احد اساتذته لمس براعته في النقاش والمواجهة ووجهه نحو دراسة القانون. بالتالي درس المحاماة وتخصص في قضايا حقوق الانسان وترأس على مدى ثلاث سنوات منظمة "ليبرتي" غير الحكومية.

وفي طفولته تعلم الملاكمة حتى يتمكن من التصدي لكل من يتجرأ على نعته ب"الباكستاني" في الشارع. وفي سن 15 عاما انضم الى حزب العمال وانتخب عضوا في مجلس بلدية واندسوورث في جنوب لندن عام 1994، المنصب الذي تولاه حتى 2006. وفي 2005 تخلى عن مهنة المحاماة وانتخب نائبا عن توتينغ حيث لا يزال يقيم حتى الان في منزل اكبر بعض الشيء من ذلك الذي نشأ فيه مع زوجته سعدية المحامية وابنتيهما.

بعد ثلاث سنوات، عرض عليه غوردن براون منصب وزير مكلف شؤون المجموعات ثم حقيبة النقل في السنة التالية. واصبح اول مسلم يتولى حقيبة في حكومة بريطانية. يبدي صادق خان الذي يبلغ طوله 1،65 مترا، ويجتمع في شعره السواد والبياض، قدرة كبيرة على العمل وقوة يتحدى بها كل المصاعب. وقد فاجأ فوزه في الانتخابات التمهيدية العمالية ضد تيسا جويل، الوزيرة المنتدبة للالعاب الأولمبية في حكومة توني بلير، الجميع لكنه لم يشكل مفاجأة للمحيطين به.

وقال احد مستشاريه لصحيفة "بوليتيكو" على الانترنت، "انه لا يعرف الخسارة". واسفرت جهوده عن تمكين حزب العمال في لندن من تحسين رصيده العام الماضي في الانتخابات النيابية فيما كان الحزب يمنى بهزيمة على المستوى الوطني. وقبل خمس سنوات، قاد حملة إد ميليباند لترؤس الحزب. وقد فاز إد على شقيقه دايفيد الذي كان مع ذلك الاوفر حظا. وخلال الحملة الانتخابية في لندن، وردا على المحافظين الذين كانوا يحاولون اسقاطه عبر اتهامه بالتقارب مع المتطرفين الاسلاميين، قال انه يشعر "بخيبة امل" لكنه تجنب المزايدة. واكتفى بالتذكير بأنه صوت لصالح زواج مثليي الجنس ما ادى الى تلقيه تهديدات بالقتل وانه لا يزال يندد بالتطرف مشبها اياه بالسرطان. بحسب فرانس برس.

ووعد صادق خان بسياسة اجتماعية، فهو يريد بناء مزيد من المساكن الجميلة وتجميد تعرفات النقل طوال اربع سنوات. لكنه يقول انه سيعنى ايضا بمجال الاعمال، وقد تعهد الدفاع عن مصالح حي المال والاعمال في لندن من خلال القيام في البداية بحملة للبقاء في الاتحاد الاوروبي. وقال في خطاب ان "الخوف لا يعطينا مزيدا من الامان، انه لا يجعلنا نشعر إلا بمزيد من الضعف، والخوف ليس من صفات مدينتنا" وللذين يعتبرون انه بات قادرا على الوصول الى رئاسة حزب العمال، وفي هذا الاطار، تولي منصب رئيس الوزراء، اكد ان هذا الطموح لا يدغدغ مخيلته. وقال ان رئاسة بلدية لندن "هي الغاية بحد ذاتها".

ترحيب ورفض

من جانب اخر رحبت الصحافة ورجال الأعمال في باكستان بانتخاب نجل مهاجر باكستاني كان يعمل سائق حافلة، رئيسا لبلدية لندن. وتصدر نبأ انتخاب صادق خان رئيسا لبلدية إحدى أكبر العواصم الغربية جميع الصحف الباكستانية، في حين هنأه أبرز المسؤولين السياسيين بالمعارضة في تغريدات. وكتب بيلاوال بوتو، رئيس حزب الشعب الباكستاني المعارض، نجل رئيسة الوزراء الراحلة بنازير بوتو، "نهنئ صادق خان على انتخابه رئيسا لبلدية لندن"، موضحا أنه "أصبح للباكستانيين في بريطانيا نموذج جديد".

كما هنأه بطل الكريكت السابق عمران خان على فوزه. وكان خان الزوج السابق لجمايما شقيقة زاك غولدسميث المرشح المحافظ الخاسر في الاقتراع. وشدد الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنجازات الأخرى التي حققها بريطانيون مسلمون مؤخرا. لكن البعض وجد ما يدعو إلى السخرية في حماسة بلد يعد محافظا جدا. وتصور كاتب افتتاحيات هذا الحوار المقتضب بين باكستاني يقول "انتخب صادق خان رئيسا لبلدية لندن!". ويسأله صحافي "هل أنت على استعداد لانتخاب نجل مهاجر يعمل سائق حافلة رئيسا لبلدية كراتشي؟" فيجيبه الباكستاني "هل فقدت صوابك؟!".

الى جانب ذلك قال وزير بريطاني بارز إن ربط حزب المحافظين الحاكم رئيس بلدية لندن الجديد بالتطرف الإسلامي خلال الحملة الانتخابية كان جزءا من "السجالات" السياسية المرتبطة بالانتخابات. ورفض وزير الدفاع مايكل فالون الاعتذار في الوقت الذي اصطف فيه الساسة من كل الأطياف لإدانة الأسلوب الذي اتبعه حزب المحافظين أثناء حملة انتخابات رئيس البلدية والتي انتهت بفوز صادق خان.

وردا على سؤال عما إذا كان نادما على وصف خان بأنه "خادم" يتحدث إلى جانب المتطرفين قال فالون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "في سجالات الانتخابات تقول أمورا وتتساءل ... أعتقد أن من الصواب أن يتعرض المرشحون لأحد أهم المناصب في بريطانيا للتمحيص بشأن ارتباطاتهم الماضية." وسعى المحافظون ومن بينهم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وفالون نفسه إلى إثارة تساؤلات حول ما إذا كانت لندن ستكون آمنة تحت إدارة خان (45 عاما) وهو نائب عن حزب العمال نشأ في منطقة إسكان اجتماعي بوسط لندن.

وتغلب خان على مرشح حزب المحافظين زاك جولدسميث وهو ابن ملياردير يعمل في مجال التمويل بفارق أصوات قياسي ضمن له أكبر تفويض فردي في تاريخ السياسة البريطانية. وتصدر فوزه في الانتخابات عناوين الأخبار حول العالم. ويعتقد بعض المعلقين أن التركيز على ديانة خان جاء بنتيجة عكسية في مدينة تعرف بتنوعها وتعد واحدة من أبرز المراكز المالية في العالم. وما زالت بريطانيا خالية إلى حد كبير من السياسة المبنية على الهوية التي يمكن ملاحظتها في الولايات المتحدة. وخلال السباق الانتخابي انضم جولدسميث إلى كاميرون وأعضاء بارزين آخرين في الحزب في التساؤل عن ظهور خان في السابق بجوار متحدثين إسلاميين متطرفين في منتديات عامة واتهموه بدعم الفكر المتطرف.

وقال خان وهو محام سابق مدافع عن حقوق الإنسان إنه حارب التطرف طوال حياته وأبدى أسفه على الظهور إلى جانب متحدثين لهم آراء "مقيتة". وقالت سعيدة وارسي وهي رئيسة سابقة لحزب المحافظين إن الحملة أضرت بسمعة الحزب ومصداقيته بشأن قضايا الأعراق والأديان بينما دعا ساسة من حزب العمال فالون وكاميرون إلى التوقف عن تشويه مرشحهم.

وهنأ رئيسا بلدية نيويورك وباريس المنتميان لليسار خان بالفوز ووصفت صحيفة الفاينانشيال تايمز فوزه بأنه "انتصار مرموق على التوترات العرقية والدينية التي عرقلت عواصم أوروبية أخرى" وأضافت أن الفوز أبرز حجم التسامح في لندن. وكانت جيميما شقيقة جولدسميث من أوائل من تقدموا بالتهنئة لصادق خان. ووصفت جميما -وهي صحفية وناشطة- لندن بأنها مدينة كل الثقافات والأعراق والأديان وقالت إن النصر نموذج عظيم لشباب المسلمين. بحسب رويترز.

وقالت في تعليق على تويتر "من المحزن أن حملة زاك لم تعكس شخصيته التي أعرفها فهو شخص صديق للبيئة وسياسي يتمتع بعقلية مستقلة وبالنزاهة." وقال وزير الأعمال البريطاني ساجد جاويد وهو من المحافظين على تويتر "من ابن سائق حافلة لآخر .. تهانينا." وفوز خان يجعله أول مسلم يقود مدينة غربية كبرى ليشرف فيها على شئون تشمل الأمن والنقل والإسكان وغيرها من الخدمات لنحو 8.6 مليون شخص. ولا يدير رئيس بلدية العاصمة حي المال ومقره سيتي أوف لندن لكنه يمكنه التأثير على الحكومة بشأن مصالح العاصمة.

ترامب وخان

في السياق ذاته ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب أشار إلى أنه سوف يستثني صديق خان رئيس بلدية لندن المسلم المنتخب مؤخرا من حظر مؤقت دعا إليه بهدف منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. لكن خان الذي أدى اليمين الدستورية رئيسا لبلدية لندن استنكر تصريحات ترامب قائلا إن قطب العقارات والمرشح الجمهوري المفترض يتبنى "وجهة نظر جاهلة عن الإسلام".

ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله "ستكون هناك استثناءات على الدوام" وذلك ردا على سؤال عما إذا كان اقتراحه المثير للجدل سيطبق على خان. وقال ترامب إنه سعيد لفوز خان بالانتخابات ونسبت له الصحيفة قوله "القيادة دائما هي أن تكون مثالا يحتذى به وإذا أبلى بلاء حسنا ... فهذا أمر رائع." وكان ترامب طرح فكرة الحظر بعد هجمات عنيفة شنها إسلاميون متشددون في باريس وكاليفورنيا العام الماضي. وندد مسلمون وجماعات معنية بحقوق الإنسان والخصوم الديمقراطيون لترامب والعديد من منافسيه الجمهوريين على الترشح للرئاسة بالاقتراح بوصفه مسببا للخلافات وغير مفيد ويتعارض مع القيم الأمريكية. بحسب رويترز.

وقال خان إن رأي ترامب قد يؤدي إلى إبعاد المسلمين المعتدلين ويصب في مصلحة المتشددين مما يجعل بريطانيا والولايات المتحدة أقل أمانا. وأضاف في بيان "الأمر لا يتعلق بي فحسب بل بأصدقائي وعائلتي وكل من له خلفية مشابهة لخلفيتي في أي مكان بالعالم. "إن دونالد ترامب ومن هم حوله يظنون أن القيم الليبرالية الغربية لا تتماشى مع الإسلام المعتدل.. لقد أثبتت لندن أنه مخطئ." وقال خان في مقابلة مع مجلة تايم إنه يود السفر إلى الولايات المتحدة للإطلاع على البرامج المشوقة لرئيسي بلدية نيويورك وشيكاجو لكنه ينبغي أن يفعل ذلك قبل يناير كانون الثاني تحسبا لفوز ترامب بالرئاسة الأمريكية في الانتخابات المقررة في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي