أرمينيا ضد أذربيجان.. حرب وكالة عن روسيا وتركيا
عبد الامير رويح
2016-04-07 11:29
المعارك العنيفة التي اندلعت بشكل مفاجئ على خط التماس بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في إقليم قره باغ المتنازع عليه بين البلدين، لا تزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذه المعارك التي تعد الأخطر منذ إرساء وقف لإطلاق النار في 1994، قد اثارت قلق العديد دول المنطقة التي تخشى من تطور الازمة الحالية وتحولها الى حرب جديدة، قد تهدد امن واستقرار المنطقة بشكل عام كما يقول بعض الخبراء، خصوصا مع وجود اطراف ودول تسعى الى الاستفادة من هكذا ازمات من اجل تحقيق مصالح خاصة، وكانت الحرب نشبت بين الطرفين بين 1988 و1994 مخلفة 30 ألف قتيل وأدت إلى سيطرة الأرمن على هذا الإقليم الانفصالي. وتتضارب الأنباء عن عدد القتلى من الجانبين، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن 16 من جنودها قتلوا بمنطقة النزاع، مضيفة أن الجانب الأرمني خسر 70 جنديًا ونحو 20 قطعة من الآليات العسكرية. وهذا التصعيد الخطير دفع الأمم المتحدة إلى عقد اجتماع طارئ في العاصمة النمساوية فيينا لوضع حلول للنزاع المسلح في المنطقة.
وقد حذر حذر الرئيس الأرميني سيرج سركسيان من أن اندلاع أعمال العنف في إقليم ناجورنو قرة باغ الساعي للانفصال يسير باتجاه حرب شاملة بعد القتال بين أذربيجان وانفصاليين تدعمهم أرمينيا حصد أرواح المزيد من الجنود. وتتقاتل الجمهوريتان السوفيتيان السابقتان أذربيجان وأرمينيا في نزاع على الأرض منذ أوائل تسعينات القرن العشرين قتل فيه الآلاف من الجانبين وشرد مئات الآلاف.
وتوقفت الحرب بهدنة هشة ولم يشهد الإقليم سوى أعمال عنف متفرقة منذ ذلك التاريخ. لكن الهدنة تراجعت في الأيام القليلة الماضية في أسوأ اشتباكات منذ سنوات قتل فيها العشرات من الجانبين. ورغم مناشدات وسطاء دوليين بضرورة وقف القتال على الفور فإن الجانبين تبادلا القصف المدفعي ووردت أنباء عن اشتباكات في عدد من المواقع على جانبي المنطقة الحدودية الجبلية. وقال الرئيس سركسيان في اجتماع مع سفراء أجانب في العاصمة يريفان إن تصاعد أعمال العنف قد يؤدي لعواقب غير متوقعة ولا يمكن التراجع عنها قد تصل لحد اشتغل حرب شاملة. ومن شأن العودة للحرب زعزعة الاستقرار في الإقليم الذي تمر عبره أنابيب لنقل النفط والغاز. وقد يؤدي ذلك لدخول القوتين الكبيرتين بالمنطقة روسيا وتركيا للنزاع. وترتبط روسيا بتحالف دفاعي مع أرمينيا بينما تساند تركيا أذربيجان. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن بيان أنقرة الداعم بقوة لأذربيجان يعد أحادي الجانب. كما هدد الرئيس الأرميني سيرج سركسيان إن بلاده ستعترف باستقلال إقليم ناغورني قره باغ عن أذربيجان إذا استمرت العمليات العسكرية هناك واتسع نطاقها.
معارك واتهامات
في هذا الشأن قتل عشرات الأشخاص في اشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورنو قره باخ المتنازع عليه في القوقاز. وقالت أرمينيا إن 18 جنديا أرمينياً قتلوا في المواجهات، التي تعد ضمن الأسوأ منذ عقدين من الزمن. أما أذربيجان، فقد قالت إنها فقدت 12 عنصراً من قواتها، في حين لم يتم التأكد من تقارير صدرت عن الطرفين بوقوع قتلى من المدنيين. وتبادلت كل من أذربيجان وأرمينيا الاتهامات ببدء القتال.
ويقع إقليم ناغورنو قره باخ الجبلي في قبضة الانفصاليين الأرمن منذ الحرب التي انتهت في عام 1994. وأظهرت لقطات تلفزيونية سيارة محترقة وحفر في الأرض بعد ليلة من إطلاق النار والقصف الكثيف. وقالت أذربيجان إن قواتها المسلحة تعرضت أولاً لإطلاق النار بمدفعية ثقيلة وقاذفات قنابل، بينما قالت الحكومة الأرمينية إن أذربيجان كانت من بدأ القتال بالدبابات والمدفعية والمروحيات. وأعلن جيش ناغورنو قره باخ إن نيران مضادات الطائرات الأرمينية أسقطت مروحية، لكن أذربيجان نفت هذا النبأ وقالت إنها دمرت معدات عسكرية للجانب الأرميني وألحقت خسائر في صفوفه.
ودعت روسيا، التي تبيع الأسلحة إلى كل من أرمينيا وأذربيجان، لوقف فوري لإطلاق النار وإلى ضبط النفس. وتحدث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هاتفياً مع نظيريه الأرميني سيران أوهانيان والاذربيجاني ذاكر حسنوف، بحسب وكالة أنباء انترفاكس الروسية. وبدأ القتال بين الجانبين في أواخر الثمانينيات وتصاعد إلى حرب واسعة النطاق في عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وهو ما أسفر عن مقتل نحو 30 ألف شخص قبل وقف إطلاق النار في عام 1994.
والإقليم واقع داخل أذربيجان، لكنه تحت سيطرة الأرمن. ومنذ انتهاء الحرب، يدير الإقليم شؤونه الخاصة بدعم مالي وعسكري من الجيش الأرميني. لكن الاشتباكات تندلع بشكل متكرر. وقال شهود عيان إنه تم إجلاء سكان القرى الواقعة في دائرة الاشتباكات، في حين لجأ البعض إلى الاختباء في الأقبية. وتأتي هذه التطورات بينما عاد للتو الرئيسان الاذربيجاني إلهام علييف والأرميني سيرج سركيسيان من مؤتمر القمة النووي الذي انعقد في واشنطن.
واشترت أذربيجان أسلحة لا يقل ثمنها عن 4 مليارات دولار من روسيا. كما تشتري أرمينيا، التي تعد حليفاً استراتيجياً لموسكو في القوقاز، أسلحة من روسيا. وأثيرت مخاوف من أن الاشتباكات الأخيرة ستصعد الصراع العسكري. ووجه اللوم إلى زعيمي الجانبين بعدم بذل جهود كافية لوقف الصراع واستغلال الوضع المتأزم للبقاء في السلطة. وعبرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن "بالغ قلقها" حيال التقارير عن التصعيد الخطير وخرق وقف إطلاق النار. بحسب بي بي سي.
وتمتد جذور الصراع إلى أكثر من قرن على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والمسلمين الأتراك والفارسيين. وتفجرت الاحتكاكات وتحولت إلى أعمال عنف عندما صوت برلمان الإقليم على الانضمام إلى أرمينيا في أواخر الثمانينيات. الاذريون، الذين شكلوا حوالي 25٪ من مجموع السكان قبل الحرب، فروا من قره باخ وأرمينيا بينما نزح الأرمن من سائر أذربيجان. ووقعت الهدنة التي توسطت فيها روسيا في عام 1994، تاركة قره باخ ومساحات شاسعة من الأراضي الاذرية في أيدي الأرمن. توقفت عملية السلام بعد محادثات بين الزعماء الأرمن والاذريين في عام 2009. أعقب ذلك انتهاكات خطيرة لوقف إطلاق النار. وقره باخ كلمة ذات أصول تركية وفارسية وتعني "الحديقة السوداء"، في حين أن "ناغورنو" كلمة روسية تعني "الجبل".
تركيا وروسيا
في السياق ذاته وعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بدعم اذربيجان حليفة انقرة "حتى النهاية" في نزاعها مع ارمينيا حول اقليم ناغورني قره باغ، بعد المعارك العنيفة التي شهدتها المدينة. ونقلت الرئاسة التركية عن اردوغان قوله "نصلي من اجل انتصار اشقائنا الاذربيجانيين في هذه المعارك باقل خسائر ممكنة". واضاف "سندعم اذربيجان حتى النهاية".
وهاجم اردوغان ايضا مجموعة مينسك التي تسعى منذ سنوات في ظل رئاسة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الى ايجاد حل للنزاع، لكن بدون جدوى. وقال "لو اتخذت مجموعة مينسك اجراءات عادلة وحاسمة، لما كانت حصلت مثل هذه الامور". وتركيا التي تقيم علاقات ثقافية ولغوية قوية مع اذربيجان تعتبر حليفة اساسية لباكو. ولا تقيم في المقابل علاقات مع ارمينيا بسبب الخلاف حول المجازر بحق الارمن في ظل السلطنة العثمانية عام 1915 والتي تعتبرها يريفان "ابادة" وهو ما ترفض انقرة الاعتراف به. بحسب رويترز.
كما اتهم الرئيس التركي روسيا بأنها طرف في نزاع قره باغ، في حين كان أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لا تتهم أنقرة بتصعيد التوتر في قره باغ. وقال أردوغان متحدثا أمام رؤساء الإدارات الريفية في أنقرة "روسيا تقول إن تركيا طرف في النزاع، لكن الواقع هو أن روسيا طرف". وأكد الرئيس التركي أن روسيا "كانت طرفا في النزاع بجورجيا وبأوكرانيا .. وهي الآن طرف بالنزاع في سوريا".
وبشأن النزاع في قره باغ يرى أردوغان أن على أرمينيا أن تقوم بخطوات مماثلة لخطوات أذربيجان التي أعلنت وقف إطلاق النار، مضيفا "إن لم تقم بهذا فأرمينيا ستتحمل المسؤولية". إلى ذلك صرح رئيس أرمينيا سيرج سركسيان من برلين أن روسيا تبقى شريكا استراتيجيا لأرمينيا على الرغم من تقديمها السلاح لأذربيجان. وقال سركسيان "روسيا شريكنا الاستراتيجي ونحن عضو منظمة الدفاع المشترك، وننظر بأسف إلى توريد روسيا وغيرها من دول منظمة الدفاع السلاح لأذربيجان لكننا نفهم أن إمكاناتنا محدودة".
من جانبها دعت ايران ارمينيا واذربيجان المجاورتين لها الى ابداء ضبط النفس وابدت استعدادها لتقديم مساعدتها كما اعلن وزير الدفاع الايراني حسين دهقان. وقال دهقان في اتصال هاتفي مع نظيره الاذربيجاني ذاكر حسنوف ان "الجمهورية الاسلامية الايرانية ستبذل اقصى جهودها لتهدئة الازمة" بين البلدين كما افادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية. ودعا البلدين اللذين لهما حدود مع شمال غرب ايران الى "ابداء ضبط النفس وتسوية الازمة عبر السبل السلمية".
وتقيم ايران علاقات جيدة مع ارمينيا واذربيجان. وعبر الناطق باسم الخارجية الايرانية حسين جابر انصاري ايضا عن "قلق ايران الشديد فيما تشهد المنطقة اعمالا مدمرة تقوم بها مجموعات متطرفة وهي بحاجة للهدوء". وتعد ايران مجموعة ناطقة باللغة الاذرية تضم اكثر من عشرة ملايين شخص الى جانب جالية ارمنية تضم مئة الف شخص. وطالبت منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة بينها اذربيجان من ارمينيا سحب قواتها من ناغورني قره باغ حيث اوقعت مواجهات مع الجيش الاذربيجاني 33 قتيلا.
من يقف وراء اشتعال الأزمة
فجأة اندلعت الاشتباكات بين القوات الأذربيجانية من جهة والقوات الأرمينية وقوات جمهورية ناغورني كارباخ (قرة باغ الجبلية) من جهة أخرى. فبحسب موقع روسيا اليوم، فان هذه الاشتباكات لم تكن البدايات ليلة الجمعة على السبت (الأول على الثاني من أبريل/ نيسان الحالي) وإنما بدأت الأمور تتضح قبل يوم واحد (٣٠ مارس/ آذار الماضي) في القمة النووية في واشنطن، عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي طالب أرمينيا بسحب قواتها "فورا" من إقليم قرة باغ الجبلية المتنازع عليه. وقال علييف خلال اللقاء إن "حل النزاع يجب أن يقوم على أساس قرار مجلس الأمن الذي يدعو لانسحاب القوات الأرمينية الفوري من أراضينا"، معتبرا أن كل النزاعات على أراضي الاتحاد السوفيتي السابق يجب حلها على أساس عدم المساس بوحدة أراضي الدول. ودعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من جانبه إلى "حل نهائي للنزاع المجمد في قره باغ والذي يجب أن يكون حلا تفاوضيا".
بعد هذا اللقاء بساعات احتدمت المعارك وسقط قتلى وجرحى، وتم الإعلان عن خسائر في المعدات، وكأن الطرفين كانا يستعدان لمثل هذه الخطوة الخطيرة التي تعيدنا إلى عام 1988 عندما استيقظ سكان الاتحاد السوفيتي على واحدة من أسوأ المفاجآت. وتمكنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، عبر مجموعة مينسك التي تضم عددا من الدول على رأسها روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، من عقد هدنة بين الطرفين دون تسوية النزاع. وكان الشكل الآخر الأكثر فاعلية هو (روسيا وأرمينيا وأذربيجان) على اعتبار أن روسيا وسيط مقبول للطرفين، وأكثر قربا منهما، وأشد حرصا على عدم انهيار العلاقات في منطقة تهمها في مجالات عدة، على رأسها الأمن والاقتصاد والعوامل الإنسانية والتاريخية بين شعوب المنطقة.
روسيا كان لديها محطة رادار "غابالا" في أذربيجان. وانتهى عقد الإيجار في عام 2012 بعد أن بالغت باكو في قيمة الإيجار، وطلبت رفعه من 7 ملايين دولار في السنة إلى 300 مليون دولار. ولكن المباحثات جارية على الرغم من أن روسيا قررت بناء محطة بديلة على أراضيها. هذا الأمر يظهر مدى ترابط المنظومة الأمنية والدفاعية لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في ظل توسع حلف الناتو شرقا.
من جهة أخرى توجد قواعد عسكرية روسية في أرمينيا التي تعتبر نفسها حليفا قريبا لروسيا، وتتواجد تقريبا في غالبية المنظمات والهيئات الدفاعية والاقتصادية والأمنية التي تشكلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وعلى رأسها منظمة معاهدة الأمن الجماعي. ما يعني أيضا أن الدولتين بحاجة إلى بعضهما البعض. أي أن العقل السليم يرى مصالح مشتركة ومتبادلة بين روسيا وأذربيجان وأرمينيا. ولكن بعض الصقور وأصحاب الرؤوس الساخنة في الجانبين الأذربيجاني والأرمني يرون إمكانية العزلة والتوجه هنا أو هناك، أو التحالف مع هذا الطرف أو ذاك، ضاربين بعرض الحائط كل المنظومة التاريخية والأمنية والإنسانية التي تكوَّنت على مدى عشرات السنين بين شعوب المنطقة ودولها.
الرؤس الحامية، وأصحاب نظرية المؤامرة موجودون دوما وفي كل الدول، وينتهزون الفرص ونقاط الضعف ليظهروا على السطح بأفكارهم البالية، سواء كانت طائفية أو عرقية أو عنصرية في مجملها. هكذا يتكون انطباع بأن نجاحات روسيا في الساحة السياسية والدبلوماسية الدولية والإقليمية لا تلقى ترحيبا من بعض الرؤوس الساخنة دوليا وإقليميا. وإذا شئنا الدقة، هناك احتمال غير صحي بأن أطرافا ما تحاول إشغال روسيا بقضايا أخرى لإبعادها عن أزمات دولية وإقليمية لا يمكن أن تُحَلُ إلا بمشاركة روسيا.
المسألة أكبر من تركيا على الرغم من التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن صبه الزيت على النار في الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، وتأكيداته الغريبة على أنه سيقف إلى جوار أذربيجان في حربها "العادلة" مع أرمينيا. أي أن إردوغان عثر أخيرا على ورقة لممارسة سياساته المثيرة للتساولات، بالضبط مثلما فعل بشأن جمهورية القرم الروسية عندما توجه إلى كييف ليؤكد لنظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو أنه يقف إلى جواره ضد "الأعداء الروس". ومن الواضح أن أردوغان يحاول أن يصور نفسه بطلا عالميا لرفع الأثقال السياسية، لأنه في الوقت نفسه يتعامل مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية ويسعى لفرض مشاريع عفا عليها التاريخ.
ومع كل ذلك، فالموضوع أكبر من تركيا، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن تركيا ليس لها علاقة بما يحدث بين أرمينيا وأذربيجان. وهذا ليس للتقليل من شأن تركيا، بقدر ما هو قراءة صحيحة للوضع، والرد على وسائل الإعلام الصفراء والتحليلات ذات الصبغة التآمرية، ووجهات النظر الجاهزة التي تعثر دوما على أعداء وأسباب بشكل فوري وسريع. فالبعض لا يرى أن روسيا دولة كبرى ولها مصالح مع كل الأطراف وجميع الدول، ومن ثم يساهم في صب الزيت على النار وتضليل الرأي العام بفرض انحيازات وهمية على روسيا وكأن هذا هو الأمر الواقع. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تعترف روسيا على سبيل المثال باستقلال جمهورية قرة باغ غير المعترف بها من أية دولة، بما في ذلك أرمينيا؟ هذا السؤال يضع أيدينا على زهمية علاقات موسكو بكل من باكو ويريفان، وحرصها على تسوية الأزمة بالشكل الذي يلبي مصالح كل الأطراف.
الآن فقط انتبه بعض الأطراف إلى ضرورة إجراء تعديلات في تركيبة مجموعة مينسك. وكأن مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد تم تشكيلها للتو. هذه الدعوات غير الشفافة تلقي بظلالها على تصفية حسابات من نوع آخر لها علاقة بملفات بعيدة كل البعد عن الأزمة الأذربيجانية – الأرمينية. وبالتالي، ليس غريبا أن يعتبر وزير الخارجية الروسي لافروف أنه من غير المجدي تغيير إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي بشأن قرة باغ، لأن المجموعة حققت نتائج خلال السنوات العشر الأخيرة، وأي فكرة حول إخراج التسوية خارج إطار المجموعة ستستخدم بلا شك من قبل من يريد تعقيد التسوية إن لم يكن إفشالها.