في العراق.. هل بمقدور الأكراد إعلان دولتهم؟
عبد الامير رويح
2016-01-25 01:41
في ظل ما يعانيه العراق من الازمات والمشكلات الامنية والاقتصادية كبيرة، بسبب استمرار الخلافات وغياب الثقة بين القوى السياسية، والمبنية اساسا على تحقيق مصالح ومكتسبات خاصة كلفت العراق الكثير من الخسائر والاضرار واضعفت قدرات وهيبة الحكومة المركزية، التي اصبحت شبه عاجزه عن تنفيذ الكثير من القرارات والخطط المهمة. كما انها اسهمت بتزايد نفوذ عصابات داعش الارهابية، التي استفادت كثيرا من هذه الخلافات خصوصا وانها قد تمكنت
من الاستيلاء على مساحات واسعة في هذا البلد المهم، الذي يعيش اليوم حربا جديدة لتحجيم خطر تنظيم داعش.
الامر الذي دفع بعض الجهات المشاركة في الحكم ومنهم( الاكراد) كما يرى بعض المراقبين الى الاستفادة من هذه الاوضاع، حيث سعت حكومة إقليم كردستان التي أصبحت اليوم أكثر قوة في فرض قراراتها من خلال استغلال الأزمات التي تعصف بالعراق، الى التحرك السريع تحت شعار محاربة الارهاب من اجل تأمين نفسها والحصول على مكاسب وتنازلات جديدة، تمكنها من توسيع نفوذها والاستيلاء على مساحات جديدة وبتالي تنفيذ حلم الدولة الكردية، الذي يبدو وبحسب البعض امرا شبه مستحيل ولأسباب كثيرة، اهمها رفض بعض الدول الاقليمية لمثل هكذا مخطط، من جانب اخر اكد بعض الخبراء ان حكومة إقليم كردستان ربما ستواجه الكثير من المتاعب، بسبب سياساتها غير المدروسة التي اثارت خلافات وازمات اقتصادية وسياسية داخلية خطيرة قد تكون سببا في تدهور الاوضاع في الاقليم او الدخول بحرب جديدة مع المكونات الاخرى.
الاكراد والتركمان
في هذا الشأن يدفع البعض ممن يسكنون في الجانب الخاطئ من خط تماس وهمي يفصل بين الاكراد والتركمان في مدينة طوز خورماتو، شمال بغداد، ثمناً باهظا لاعمال العنف بين مقاتلين من الطرفين رغم معاداتهما لتنظيم داعش. واندلعت المواجهات بين التركمان والاكراد اثر خلاف على حاجز تفتيش في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. لكن ورغم توقف المعارك، لم تهدأ الأمور بين الجانبين لا بل ان الانقسام تعمق.
ويقاتل الطرفان التنظيم الجهادي نفسه لكنهما يتنافسان على فرض نفوذهما في المناطق المتداخلة الى حد يصل احيانا الى المواجهة المسلحة بين الاكراد السنة الذين يتلقون الدعم من اقليم كردستان والتركمان الشيعة الذين يتلقون الدعم من بغداد. احمد حسن مجيد (36 عاما) تركماني شيعي يعيش في منزل محاذ لحي معظم سكانه من الاكراد. وكان منزله بين اول المنازل التي احترقت خلال اعمال العنف ولم يبق منه اليوم سوى الجدران في حين انهار جزء من السقف. أما متجره الذي كان يبيع فيه ملابس العرائس، فلم ينجح في انقاذ سوى ثوب واحد منه.
ويروي احمد بحسرة وهو يشير الى الركام المتفحم "خسرت كل شيء" بعد ان انفق قرابة 260 مليون دينار (حوالى 218 الف دولار) لبنائه، وبات مرغما مع عائلته على الانتقال لمكان اخرى ليس فقط بسبب الدمار الذي لحق بالمنزل بل لانه بات الان يعتبر في "الحي الكردي". وعلى مقربة من المنزل، وضعت اعمدة خرسانية من مخلفات اعمال العنف في عرض الطريق لترسم الحدود بين الجانبين.
وصعد احمد وهو يسير متعثرا بين امتعته المحترقة ليصل الى ما تبقى من السطح واشار بيده الى جدار اسمنتي بني حديثا لاغلاق شارع ورسم حدود بين المجموعتين وقال "هنا الاكراد وهناك التركمان". وبعد الاشتباكات، تبادلت عائلات كردية وتركمانية المنازل بين جانبي الحد الفاصل لتذهب كل واحدة منها للعيش وسط قوميتها، لتصبح احياء البلدة اليوم مقسمة عرقيا.
اما نهان بهاء الدين التركمانية فاختارت رغم كل شيء العودة للعيش في منزلها الكائن في الجانب الكردي. وتقول نهان (36 عاما) وهي استاذة في علم الاحياء "هذا خطر ولكن ليس امامنا خيار اخر (...) المقاتلون خلفوا كارثة وراءهم لكن ليس لدينا مكان اخر نأوي اليه". وارغمت نهان من قبل للهرب وترك منزلها في الموصل ثاني مدن البلاد التي احتلها الجهاديون في حزيران/يونيو 2014.
ولدى عودتها الى منزلها في الحي الكردي، وجدت على جدران غرفة الاطفال وفي الممرات كتابات تقول "طوز خورماتو تنتمي الى كردستان". وانتشرت قوات البشمركة الكردية، في اطار الحرب ضد تنظيم داعش، في مناطق خارج اقليم كردستان الذي يتمتع باستقلال ذاتي، وسيطرت عليها ومن بينها طوزخورماتو، التي يسعى الاكراد الى دمجها بالاقليم.
لكن قوات الحشد الشعبي، وهي فصائل شيعية بينها قوات تركمانية تقاتل داعش، تعارض هذا الامر. ويدفع سكان طوز خورماتو، التي يسكنها 100 الف شخص وتسيطر عليها قوات من الحشد الشعبي واخرى من البشمركة الكردية، ثمن هذا الصراع على النفوذ. وتازمت الامور بين الطرفين اثر حادث عند حاجز تفتيش في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، الامر الذي ادى الى اشعال فتيل الصراع، واكدت مصادر تركمانية واخرى كردية تعرض حوالى 110 منازل وما لايقل عن 200 محل تجاري، يعود ثلثاها الى التركمان، الى احراق او تدمير في موجة العنف التي اعقبت الحادث. كما قتل ما لا يقل عن عشرة تركمان وثمانية اكراد، وفقا لشلال عبدول احد المسؤولين المحليين الاكراد. واشعلت النار في مستشفى البلدة وقتل احد الجراحين، وفقا للمصدر. بحسب فرانس برس.
واكد بيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الانسان انذاك، استهداف مدنيين لاسباب قومية، واشار الى ان المهاجمين "قتلوا وخطفوا ودمروا ممتلكات دون حسيب او رقيب". وبهدف تجنب تعرض ممتلكاتهم الى الحرق او التدمير، كتب كثير من التجار على ابواب محالهم كلمة "اكراد" ويمكن مشاهدة الكثير منها حتى الان. ويمتد صراع النفوذ بين الاكراد والتركمان الى ابعد من طوز خورماتو.
تهجير السكان العرب
في السياق ذاته اعلنت منظمة العفو الدولية (امنستي) في بيان ان القوات الكردية، الشريكة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الجهاديين، دمرت الاف المنازل في شمال العراق في مسعى واضح لتهجير السكان العرب. وقالت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان ان تدمير هذه المنازل جرى بعدما استعادت القوات الكردية السيطرة على مناطق كان يسيطر عليها تنظيم داعش الذي استولى على مساحات واسعة في شمال وغرب بغداد العام 2014.
وتشن الولايات المتحدة ضربات جوية لدعم القوات الكردية في مناطق الحكم الذاتي في العراق منذ آب/اغسطس العام 2014، وانضم إليها عدد من الدول لتقديم الدعم الجوي والتدريب والسلاح للأكراد. واصبح تدمير المنازل ونهب الممتلكات ممارسة شائعة في اطار الحرب على تنظيم داعش ما يثير غضب السكان الذين يدعمون القوات الأمنية في سعيها للحفاظ على المناطق التي استعادت السيطرة عليها وتفادي أي معارك لاحقا.
واوضحت المنظمة ان "قوات البشمركة التابعة لحكومة كردستان العراق والميليشيات الكردية دمرت الاف المنازل بالجرافات بعد تفجيرها او حرقها في جهود واضحة للتهجير انتقاما للدعم المفترض الذي قدمه هؤلاء العرب لتنظيم داعش". وقامت المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان بتحقيق ميداني وأجرت مقابلات مع شهود، مشيرة إلى أن صور الأقمار الاصطناعية قدمت دليلا على "التدمير واسع النطاق".
وقالت دوناتيلا روفيرا المستشارة في المنظمة لشؤون اوضاع الازمات "يبدو ان قوات البشمركة شنت حملة عشوائية لتهجير السكان العرب بالقوة". واضافت "ان تهجير المدنيين بالقوة وتدمير منازلهم وممتلكاتهم بشكل عشوائي وبدون اي مبرر عسكري قد يعتبر بمثابة جرائم حرب". كما منع الاكراد المدنيون الذين فروا من المعارك من العودة الى منازلهم.
وجمعت المنظمة غير الحكومية ادلة عن "تهجير بالقوة وتدمير منازل على مستوى كبير" من قبل القوات الكردية في محافظات نينوى وكركوك وديالى. وتقع هذه المحافظات خارج كردستان ولكن القوات الكردية سيطرت عليها او عززت السيطرة على بعض المناطق فيها بعد فرار القوات العراقية خلال الهجوم الذي شنه تنظيم داعش في 2014. ونشرت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها تقريرا مماثلا عن القوات الكردية في سوريا المجاورة في تشرين الأول/أكتوبر، متهمة "إدارة الحكم الذاتي" التي يقودها أكراد سوريين بارتكاب جرائم حرب. وقالت إن تلك القوات قامت بهدم منازل المدنيين عمدا وهجرتهم بالقوة "من دون أسباب عسكرية مبررة". بحسب فرانس برس.
ورغم ذلك، فإت وحدات حماية الشعب الكردية رفضت هذه الاتهامات، وقالت إنها ستحاكم أربعة من مقاتليها المتهمين بإتلاف ممتلكات في بلدة استعاد التنظيم السيطرة عليها قبل أشهر عدة. وتلقت القوات الكردية السورية أيضا دعما جويا وعسكريا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
الخندق الكردي
من جانب اخر ندد مسؤولون تركمانيون في العراق بقيام السلطات الكردية بحفر خندق يقسم البلاد، بحسب رأيهم، ويبتلع اراضيهم، فيما يقول الاكراد انه لحاجات دفاعية في مواجهة تنظيم داعش. وقال مسؤولون من الاقلية التركمانية ان حكومة اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال البلاد تقوم بحفر خندق على مدى الف كيلومتر على خطوط التماس مع الاراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش.
وعلى الرغم من ذلك، فان المسؤولين الاكراد يؤكدون ان لا دوافع سياسية وراء هذا العمل، انما هو اجراء دفاعي يهدف الى منع الهجمات الانتحارية بسيارات مفخخة التي ينفذها التنظيم الجهادي. وقال رئيس الجبهة التركمانية النائب ارشد الصالحي "نحن ننظر الى هذا الخندق بانه فعل مشبوه". واضاف ان "الخندق يبدأ من حدود منطقة ربيعة وصولا الى قضاء طوزخورماتو والعبور الى مناطق ديالى وصولا الى حدود قضاء خانقين في محافظة ديالى". وتقع بلدة ربيعة على الحدود العراقية السورية وتبعد عن مدينة خانقين التي تقع على الحدود الايرانية نحو 400 كليو متر.
ويعد التركمان اكبر الاقليات في العراق وتقع معاقلهم في مناطق متنازع عليها بين بغداد واربيل خارج حدود الاقليم الكردي، لكن السلطات الكردية تطالب بضمها اليها. واستولت قوات البشمركة الكردية على مناطق واسعة بعد الهجوم الذي شنه الجهاديون في حزيران/يونيو 2014، بعد انهيار القطاعات العسكرية التابعة للحكومة المركزية. وطالب الصالحي من رئيس الوزراء حيدر العبادي اعلان موقف من حفر الخندق، مؤكدا عزمه على فتح الملف في مجلس النواب. وقال "نحن نرى ان هذا الخندق تمهيد لتقسيم العراق لانه يُحدد خرائط الجيوسياسية على الارض وعلى الحكومة ان تعلن هل تم بعلمها ام لا؟".
واتهم النائب التركماني جاسم محمد جعفر الاكراد باستخدام شعار الحرب على تنظيم داعش، لغرض التوسع والسيطرة على الاراضي. واعتبر ان "الخندق الكردي (....) مخالف للمواثيق الدولية وتجاوز على المكونات التي تعيش داخل (المناطق التي اقيم فيها) هذا الخندق". وقال المتحدث باسم قوات البشمركة الكردية جبار ياور "الغرض من الخندق تأمين مواضع دفاعية ضد الاليات الانتحارية التي يستخدمها ارهابيو داعش ضد ثكنات البشمركة". بحسب فرانس برس.
واضاف "الحفر تم بعمق مترين وعرض ثلاثة امتار، والخندق ليس في كل مكان، فهناك مناطق لا تحتاج الى خنادق، وهذا القرار يعود للقادة العسكريين". وبحسب المسؤولين التركمان، سيضم الخندق مدينة طوزخرماتو التركمانية الواقعة تحت سيطرة الاكراد، وتبقي بلدة امرلي التركمانية خارجه. ويشيرون الى ان اعمال الحفر حول مدينة كركوك الغنية بالنفط وبلدة جلولاء في شمال محافظة ديالى قرب الحدود الايرانية، بدأ بالفعل.
تسونامي اقتصادي خطير
الى جانب ذلك قال نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قباد الطالباني إن الإقليم معرض لخطر "الغرق" بسبب "تسونامي" اقتصادي بعد انخفاض أسعار النفط العالمية وحذر من أن الأمر قد يقوض الحرب على تنظيم داعش. وحكومة إقليم كردستان العراق مثقلة بالديون وعليها متأخرات وتضررت كثيرا بانخفاض سعر النفط. وتعتمد حكومة الإقليم على عوائد النفط لمواصلة عملها.
وحتى قبل خسائر النفط التي تكبد معظمها في الآونة الأخيرة لم يتمكن الإقليم الذي يحظى بالحكم الذاتي من تسديد رواتب عامة متضخمة من بينها رواتب أفراد القوات المسلحة وقوات البشمركة التي تقاتل تنظيم داعش. وقال الطالباني "يركز العالم على الحرب ضد داعش لكن لا ينتصر مفلس في حرب ... أعتقد أنه أمر يحتاج التحالف ضد داعش إلى وضعه في المعادلة." ولعبت البشمركة دورا مهما في استراتيجية التحالف بقيادة الولايات المتحدة "للقضاء على وتدمير" المقاتلين المتشددين وطردهم من شمال العراق بمساعدة ضربات جوية. لكن الطالباني قال إن الأزمة الاقتصادية تهدد التقدم على أرض المعركة وأضاف "التأثير الأخطر لها على الروح المعنوية. لدينا حالات ترك للقوات المسلحة. الناس يتركون مواقعهم .. سيزيد هذا."
وأدى تراجع أسعار النفط إلى تفاقم المصاعب الاقتصادية لإقليم كردستان العراق والتي بدأت في مطلع عام 2014 عندما خفضت بغداد تمويل المنطقة عقابا لها على تصدير النفط الخام بشروطها الخاصة سعيا للاستقلال عن العراق. وفي مسعى لمواجهة الأزمة عزز كردستان العراق صادرات النفط المستقلة العام الماضي إلى أكثر من 600 ألف برميل يوميا لكن في ظل الاسعار الحالية لا تزال المنطقة تعاني عجزا شهريا يتراوح بين 380 و400 مليار دينار عراقي (717 مليون دولار).
وردا على سؤال عما إذا كان الإقليم يفكر في أن استئناف صادرات النفط تحت مظلة بغداد مقابل حصة من العوائد سيكون أفضل قال الطالباني إن الأمر لن يحدث فارقا كبيرا. وتصل صادرات كردستان العراق وبغداد إلى أكثر من 3.8 مليون برميل. وقال الطالباني "لا أعتقد أنه حساب نفكر فيه أو يفكرون فيه لأنه لا يغير المعادلة بالنسبة لأي أحد." وأضاف "في ظل سعر النفط هذا فإن مئات الآلاف من البراميل هنا أو هناك لن تحل مشاكل بغداد ولن تحل مشاكلنا. يجب أن نفكر في صيغة أخرى لحل مشاكلنا الاقتصادية."
ولم ينفذ على نحو ملائم اتفاق أبرم العام الماضي ونص على أن تصدر حكومة إقليم كردستان العراق 550 ألف برميل نفط خام عبر شركة سومو الحكومية العراقية للتسويق النفطي مقابل صرف حصتها في الميزانية. وميزانية العراق لعام 2016 تتضمن نفس الترتيب لكن الطالباني أشار إلى أن حكومة إقليم كردستان العراق لا تعتزم تنفيذه.
وقال "حقيقة أن السيطرة لا تزال في يد الحكومة المركزية بنسبة مئة بالمئة وغياب الوضوح بشأن حصتنا في الميزانية وكيفية حسابها ستمنعنا من تنفيذ ما كتب في ميزانية 2016." وأضاف "لا نريد استبعاد اتفاق لكن نريد اتفاقا عادلا." وأشار إلى أنه يجب ألا ينص على أن تصدر حكومة إقليم كردستان العراق النفط عبر سومو. وبعد انتعاشة اقتصادية بدافع النفط في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 يتخذ إقليم كردستان العراق قرارات خفض للإنفاق وإصلاحات اقتصادية ويبحث أيضا جهودا لزيادة العوائد غير النفطية.
وفي ديسمبر كانون الأول خفضت حكومة كردستان العراق بدلات الوزراء والمسؤولين الآخرين بما يصل إلى 50 بالمئة وألغت امتيازات لكبار الموظفين وقال الطالباني إن تغييرات أكبر ستحدث. وأضاف "لم نفلس بعد لكن إذا لم ننفذ إصلاحات هيكلية وفعلية فإن الوضع الحالي ليس مستداما." وسوف تستهدف الإصلاحات ثلاثة مجالات أساسية وهي دعم الوقود وقطاع الكهرباء ورواتب القطاع العام التي تكلف الإقليم 875 مليار دينار عراقي (804 ملايين دولار) شهريا.
وقال الطالباني إن حكومة إقليم كردستان العراق فتحت السوق النفطية أمام الشركات الخاصة وستفكر في بيع أجزاء من قطاع الكهرباء. وتابع "هذا تسونامي. إما أن يكون لنا رد فعل ونرد عليه أو يجرفنا تحته. الخطوة الأولى هي منع السفينة من الغرق." وأضاف أن الإقليم الذي يرزح تحت نير ديون تتراوح بين 15 و18 مليار دولار يفكر في سبل جمع أموال من الخارج مثل القروض الميسرة وخطط الإنقاذ المالي واتفاقات دفع مسبق وتسييل أصول من بينها البنية الأساسية النفطية. بحسب رويترز.
وتعرقلت خطط لإصدار سندات باليورو بقيمة 500 مليون دولار العام الماضي بسبب تراجع أسعار النفط وتفاقم التوترات السياسية لكن يمكن إحياؤها في المستقبل. وقال الطالباني "لم ننبذ هذه الفكرة بالتأكيد لكننا وضعناها جانبا في الوقت الحالي." وأوضح أنه يجب بذل المزيد من الجهود في الوقت الحالي لإيجاد حل سياسي وقال "لا أرى أي سبيل لمصالحة سياسية في العراق."
تحرير الموصل
في السياق ذاته قال قباد الطالباني نائب رئيس الوزراء في إقليم كردستان العراق إن من غير المرجح أن يشن العراق هجوما لاستعادة مدينة الموصل الشمالية من قبضة تنظيم داعش هذا العام الأمر الذي يقلص الآمال من إمكانية طرد المتشددين من البلاد خلال عام 2016. ورغم المكاسب الأخيرة في ساحة المعركة إلا أن الطالباني قال إنه يشك في أن القوات المسلحة العراقية ستكون مستعدة لتنفيذ عملية لطرد المسلحين الإسلاميين من عاصمتهم الفعلية في العراق قبل عام 2017.
وأضاف "لا أعتقد أن هجوم الموصل سيحدث هذا العام... لا أعتقد أن القوات المسلحة العراقية مستعدة ولا أعتقد أن التحالف (الذي تقوده الولايات المتحدة) واثق من قدرة الجميع على الاستعداد في وقت محدد لشن هجوم هذا العام." وتعمل قوات التحالف على تدريب قوات الأمن العراقية وإعادة بنائها بعد أن انهارت جزئيا عندما اجتاح مسلحو تنظيم داعش الموصل ومساحات كبيرة من الشمال في يونيو حزيران عام 2014.
واعتمد العراق بشكل كبير على الحشد الشعبي وقوات البشمركة الكردية لصد المتشددين ولكن تدخلهم في حملة الموصل قد يؤجج التوترات الطائفية والعرقية داخل البلاد التي تقطنها أغلبية سنية. ويقول مسؤولون أكراد إن البشمركة الذين أصبحوا حليفا رئيسيا لقوات التحالف التي تقصف مواقع تنظيم داعش سيدعمون هجوما لاستعادة الموصل عندما يحدث ولكن الجيش العراقي يتحتم عليه تولي القيادة. بحسب رويترز.
وقال الطالباني "نحن مستعدون للقيام بدورنا في أي هجوم لتحرير الموصل ولكني أعتقد أنه من الظلم توقع أن نقوم بنصيب الأسد" مضيفا أنه من السابق لأوانه توقع طبيعة الدور الذي ستلعبه قوات البشمركة. وحقق الجيش أول انتصار كبير له منذ سقوط الموصل باستعادة مدينة الرمادي الغربية وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن المسلحين سيهزمون تماما في عام 2016.