مركز المستقبل ناقش ديناميكية السلطة وغياب إدراك النهايات

مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية

2024-10-03 07:52

ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الشهرية موضوعا حمل عنوان (ديناميكية السلطة وغياب ادراك النهايات) بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة البحثية وأدار الجلسة الحوارية الاستاذ حيدر الاجودي/ باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، وابتدأ حديثه قائلا:

تعد السلطة من المفاهيم الكلاسيكية المتداولة بشدة في العلوم الإنسانية والاجتماعية عامة، وفي العلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي على وجه التحديد، باعتبارهما تخصصان يعالجان المفهوم من وجهة نظر سوسيو–سياسية، وقد أسال مفهوم السلطة الكثير من حبر المفكرين الأوائل والمحدثين باعتبارها ظاهرة عامة ودائمة لازمت كل المجتمعات عبر كل الحقب التاريخية، ولم تقتصر السلطة على الدولة أو على تنظيم سياسي معين فقط، وإنما توجد في جميع التنظيمات الاجتماعية الفرعية في المجتمع والتي قد لا تتعلق بالسياسة، فقد تكون سلطة رب أسرة أو سلطة شيخ قبيلة أو مدير مؤسسة أو رئيس دولة، فهي ظاهرة عامة تتخلل كل نواحي الحياة الاجتماعية إلا أنها غالبا ما تقترن بمفهوم السلطة السياسية وتتداخل معها، فقد شغلت السلطة الإنسان قديما وحديثا، فكرا وممارسة فهي تعبير ضروري عن حاجة الإنسان للسيطرة، باعتباره كائن اجتماعي بطبعه.

إن مفهوم السلطة هو مفهوم إسفنجي إن صح الوصف والتعبير، لأنه يستوعب الكثير من الإسهامات الفكرية، وهو مفهوم متطور عبر الزمن يحتمل التغير الدائم، باعتبار السلطة ظاهرة ديناميكية، وقد يكشف لنا المستقبل عن أوجه أخرى للسلطة تتحكم في معالمها، لم نعهدها أو لم ننتبه لها مثل سلطة المال، وسلطة العلم ومعطيات أخرى مختلفة ومتنوعة تدفعنا لمزيد من البحث عن سبل الإمساك بزمام الأسباب الموصلة لبناء سلطة قوية تقوم على دعائم ثابتة ومواكبة لتطور البنى الاجتماعية، في إطار من التشاركية في تحديد الأهداف والغايات والعمل المتناغم، في ظل سلطة عليا مشروعة ومرتكزة على أسس رشيدة في سبيل الخير العام والتنمية المستدامة.

ومن أهم مقومات السلطة ما يلي:

أ- طرفا السلطة: لقيام السلطة لابد من آمر ومأمور بما أنها علاقة آمرية فلا يتصور قيامها على طرف واحد فقط فهي علاقة متعدية تحتاج للآخر.

ب- وجود المؤسسات: فلا نتصور بناء السلطة دون مؤسسات وقواعد وأنظمة رسمية تتضمن كل ما من شأنه تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبقدر ما تكون المؤسسات قوية بقدر ما تكون السلطة قوية.

ج- الشرعية: القبول هي من المقومات الأساسية لبناء السلطة واستمرارها باعتبارها علاقة مقبولة من قبل أفراد المجتمع فتحدد الشرعية دور ومكانة كل من طرفي العلاقة السلطوية وإمكانية استمرارها كعلاقة مجتمعية فهي الضامن الأساسي للسلطة، فالسلطة التي لا تستطيع خلق شرعيتها مصيرها الانهيار.

د- القوة: وهي فرض الإرادة والتي تتم ممارستها بأسلوبين:

1- تستخدم باعتراف عام كضرورة وحق اكتسبته السلطة من المرجعيات والضوابط التي يقرها المجتمع.

2- تستخدم القوة للسيطرة على الآخرين من دون موافقة اجتماعية أو سند أو مبرر اجتماعي، كما في حالة اغتصاب السلطة عن طريق التزوير أو الانقلاب فتصير سلطة غير شرعية، كما تتعدد وسائل فرض هذه القوة من وسائل عدة:

– الوسائل الفيزيقية: وتعتمد على القهر والتهديد وتطبيق الجزاءات.

– الوسائل المادية: وهي تعويضية مثل المكافأة والمزايا المادية والخدمية.

– الوسائل الرمزية: وهي معيارية تتمثل في توزيع وتجريد الكفاءات الرمزية من خلال تجريد الاحترام والهيبة ومن خلال طقوس معينة وكذلك الاستجابة تكون مجردة ورمزية.. فكلها مقومات لابد من وجودها مجتمعة لبناء وقيام السلطة بصورتها النهائية.

وتعد ازمة السلطة السياسية في الدول العربية نتاجا لمكونات متداخلة وبصيغ مختلفة متنافرة غابت عنها المزاوجة العقلانية، حيث تمثل المكون الاول بالموروث الثقافي العربي المستند الى سياقاته التاريخية الخاصة به والمغايرة للواقع الحالي، وتمثل المكون الثاني في الفكر الحداثوي الاوروبي بعقلانيته وبسياقاته المكانية والتاريخية المختلفة عن الواقع العربي، علاوة على ان المكون الاول كانت له الصدارة والاساس في العقل العربي، بحيث ان كل وافد الى هذا العقل سيواجه حالة صراعية مع هذا المكون، وهو ما يجعل الامور تبدو وكأن هناك عملية تبديل واحلال مهددة له، وبالتالي يستنفر قواه لدحر الوافد الجديد او على الاقل افراغه من محتواه كونه اتى من سياق يختلف عن السياق الذي جاء منه الفكر الحداثوي الاوروبي.

اضافة الى ماسبق، عدم التعلم من الأخطاء السابقة، واستمرارية ارتكابها، يسبب زيادة المشكلات والأزمات على الجميع، وبالأخص على من ارتكبها، فهو لا يدرك خطأه إلا بعد أن يتلقن الدرس القاسي منه، وارتكاب الأخطاء في السياسة أمر وارد بقوة، بل الساحات السياسية لا تخلو منها، بعضهم يقر بخطئه فيلجأ إلى تصحيحه، وبعضهم يكتشف ذلك في بداية الأزمة فيلجأ إلى حلها، وبعضهم الآخر لا يعي ما فعله أساساً، إلا بعد فوات الآوان، وانتهاء الفرص، والأخير هو الخاسر الأكبر.

المشكلة هي أن غالبية الأحزاب السياسية العراقية، كانت من هذا القسم الأخير، فهي ترتكب الخطأ ولا تعي إلا بعد أن يصير الخطأ جرماً، وبذلك تسبب الخسارة للشعب ولنفسها أيضاً، فما يحدث فاق الأزمات والمشكلات، ولا أظن أن مرحلة ما، شهدت ما يشهده العراق اليوم، بمرحلته الانتقالية هذه التي لا نعرف إلى متى ستستمر، وقد أدرك الجميع أن هذه المشكلات لم تكن نتاج الحكم الديكتاتوري السابق، أو الاحتلال الإجرامي فقط، بل إن ما تحدثه الأحزاب السياسية، والسلطة التي تلت الهدام، أيضاً لها يد فيما يجري، فحين تسلم السلطة شخصيات تسعى نحو الأوتوقراطية، والتفرد بالسلطة لمدة طويلة، كانت سبباً كبيراً في انتشار الأزمات، وسياستها ذات المنهج اللا متزن، مما جعلت العراق ساحة صراع لا ينتهي.

بالإضافةً إلى عدم كفاءة الشخصيات التي تقود بعض الأحزاب السياسية، توجد مشكلات أخرى تتعرض لها هذه التيارات، منها؛ غياب الفهم والوعي السياسي لدى شخصيات كبيرة من هذه الأحزاب، وعدم السعي نحو ذلك الفهم، وأيضاً ظاهرة الاستتباع الخارجي، التي جعلت هذه القوى تعمل لصالح الخارج، لا لأجل الوطن، فالدولة التي تتمكن من الحفاظ على قوة احزابها، هي أولى بالخدمة بالنسبة لهم، كما أن انتشار روح المهاترة والمزايدة بين هذه الاحزاب ذاتها، تُعتبر من أهم المشكلات التي يمكن أن يتعرضوا لها، ناهيك عن عدم تبني خطاب سياسي جديد، واستمرار التغني والتفاخر ببطولات الماضي التي ملت منها الجماهير، وسلوك مسلك السياسة المخادعة، وعدم الالتفات لمتطلبات المجتمع والمواطنين!.

وغياب الرؤية والمنهج عند كثير من القوى والتيارات السياسية، هو السبب الأبرز فيما يتعرض له الجميع اليوم، وغياب المشروع، والاعتماد على الشعارات المزيفة فقط، سبب خللاً واضحاً في عملها، الذي كاد أن ينعدم، أو انعدم، لذلك هم ونحن بحاجة إلى رؤية سياسية تُطبق من خلال منهج، وبحاجة إلى مشروع، لا شعار، فالشعارات صدعت الرؤوس ولم تنفع الشعب في شيء، ولا بد من عمل صادق جاد، بلا هذه المزايدات والمهاترات التي يحاولون أن يستقووا بها، وبلا خرافات وإيديولوجيات لن تنفع في ثقافتنا وزماننا، والأهم هو وجود سياسة جادة، يقودها حكماء واعوان، لا جُهال لا يفقهون شيء!.

لا شك أن أزمة الوعي والإدراك، والعاطفة اللاصائبة، المستفحلة في المجتمع والجماهير، هي سبب أساس في استمرارية هذه الأحزاب، وفوز هذه التيارات غير العاقلة في الانتخابات بقوة، ما هو إلا دليل واضح على ذلك، فيبدو أن المهاترات التي يستخدمها الفاشلون، تؤثر فعلاً على عاطفة المواطنين، واستغلال العواطف المذهبية والقومية عند الشعب، من قبل هذه التيارات، كان له مردود إيجابي لهذه القوى الكاذبة، وتأثير سلبي على التيارات الصادقة العاملة، وهذه مشكلات خطيرة تؤدي إلى عدم حلحلة الأزمات المعاصرة.

يحاول بعضهم أن يوهم الجماهير بأنه يملك رؤية سياسية، فـينادي إلى رؤيته كلما قربت الانتخابات، وتُنسى بعدها، فمثلاً تنادي جهة معينة في كل انتخابات إلى مشروع محدد، وتستمر في الاقتتال والدفاع عنه، لكن فور انتهاء الانتخابات يُنسى هذا المشروع ولا يُذكر حتى قرب الانتخابات الأخرى، على الرغم من أنهم استطاعوا الوصول إلى رئاسة الحكومة لأربع دورات متتالية، ناهيك عن انتشارهم في مجلس النواب، فأثبتوا بذلك أنهم أهل شعار لا مشروع.

ففي ظل تجارب مريرة عاشتها بلاد الدول العربية قد اخفقت الاحزاب الحاكمة في تجسيد قيم الحرية والديمقراطية عمليا، ويرجع السبب الى ان الاشياء تعرف بجذورها والماضي هو مرآة المستقبل (كما قيل في الحكمة)، فإذا أردنا ان نعرف كيف يتعامل انسان معين اذا سلمنا بيده ادارة شركة معينة علينا ان ننظر الى ماضيه وكيف كان يتعامل سابقا مع رعيته، هل كان يتعامل بطريقة ديمقراطية ام استبدادية؟ وهل عمل بـ (اعقل الناس من جمع عقول الناس الى عقله)؟، وهل اجتنب الاستبداد الذي قال عنه رسول الله (ص) وامير المؤمنين (ع) (من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها) الى غير ذلك.

والشاهد هو ان الماضي يكشف عن المستقبل، كما ان ماضي هذه الاحزاب الحاكمة او الجماعات سواء كانت اسلامية او غير اسلامية، يكشف عن مستقبلها هو الاخر، بل ان نفس هذه الاحزاب تنادي بالعمل بمبدأ الرأي والرأي الاخر والحريات بينما نجد هذه الشعارات غير موجودة في داخلها ولا تؤمن بانتخابات داخلية وعدم التداول السلمي لسلطة الحزب، وذلك لان الانسان يعمل في مستقبل ايامه على نفس ما تطبع عليه في ماضيه.

اذا للأحزاب في العملية الديمقراطية دور مهم، معارضة كانت أم سلطة، فلا بد من ظهور أحزاب وتيارات واعية تعمل بجد، وتملك رؤى ومشاريع يمكنها قيادة الدولة، متجاوزة كل تلك الشعارات والخرافات الكاذبة، وتحمل نوايا صادقة، وحماسة وطنية..

وللاستفادة القيمة من اراء الحضور واصحاب الاختصاص والتعليق على الورقة البحثية تم طرح السؤالين الآتيين:

- لماذا تخفق النخب الحاكمة في فهم التحولات والاستجابة الايجابية لها؟.

- ماهو دور الأحزاب السياسية والمؤسسات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في قيادة التغيير والتحول الديمقراطي؟.

المداخلات

تفضيل المصلحة الاستهلاكية

- علي عبيد/ كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

تاريخنا السياسي المنظور منذ نشوء الدولة العراقية 1921 مرورا بالملكية ومرحلة الانقلابات بداية من الضباط الأحرار، كل مرحلة تدلّل على عدم وجود خبرات سياسية جيدة عند العراقيين، وكذلك افتقادنا الى خبرات تراكمية متصاعدة في جميع المجالات ومن بينها المجالات السياسية، لأنه حدث انقلاب قوي جدا بالمجال السياسي والمجال الاقتصادي والمجال الاعلامي وفي كل المجالات صدمة قوية تعرضت لها الطبقة السياسية والشعب العراقي بشكل عام، هذه الصدمة أفقدت الطبقة السياسية رشدها، بمعنى ان اغلب الأحزاب السياسية لا توجد لديها رؤية وطنية لبناء العراق بما يستحق هذا البلد من تأريخ وثقافة ودين وإرث كبير وعظيم يمتد إلى سبعة آلاف سنة فهذه المشكلة الحقيقة تعود أولا وآخرا إلى قلة الخبرات السياسية هذا جانب، والجانب الآخر تفضيل المصلحة الاستهلاكية والمادية والاستحواذ على مقدرات البلد لخدمة المصالح الفئوية الخاصة.

طبقة تستثمر امتيازات السلطة

- د. خالد العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

تشير ديناميكية السلطة إلى قضية توزيع القوة والنفوذ داخل السلطة وأيضاً تشير إلى قضية أن القيم التي تسود العقلية التي تسود داخل الأفراد الموجودين داخل السلطة من ناحية ثقافتهم، وطريقة حل الأزمات، وطريقة النظر للسلطة ذاتها، وطريقة توزيع العلاقات فيما بينهم. كل هذا طبعاً مع بعضه يخلق خليط متجانس في أن يجعل السلطة إما سلطة دافعة باتجاه التغيير أو سلطة تحاول ان تعيد إنتاج نفسها ومشاكلها وأزماتها ومؤسساتها، وبالنتيجة عندما ما يسود داخل السلطة قيم وعلاقات وطريقة تفكير تكون متخلفة، يخلق عدم القدرة على التنبؤ فيما سوف يأتي وافتقاد الابداع وإدارة التغيير.

النخب لا تخفق خصوصا النخب السياسية ولكن الطبقات السياسية تخفق النخب، عبر التاريخ كل سلطة سياسية تحول الساسة فيها إلى طبقة أصبحت غير قادرة على الاستجابة للتحولات لاحظوا في الثورة الفرنسية كانت مؤشراتها كبيرة لكن وجود طبقة أرستقراطية ملكية افقدت التنبؤ بالتحولات، في العراق، تأتي سلطة سياسية أو يأتي نظام حاكم جديد للسلطة منذ 1921 ولحد الآن للأسف ما كان عندنا نخب! وحتى اذا كان فهم افراد ينتمون للنخبة السياسية، ربما نعتز بالنظام الملكي ففيه كانت هناك امور تقود الى تحولات جديدة لكن لأنه لم تكن هناك نخبة سياسية لتتحول الى طبقة، الوقت الحاضر لا يوجد لدينا نخبة سياسية في العراق الان لدينا طبقة سياسية تتسيد المشهد السياسي في العراق نحن نطلق النخب على شيء يمتلك المهارة ويمتلك الفكر ويمتلك الوعي ويمتلك القدرة على التنبؤ نحن لا توجد لدينا نخب تمتلك القدرة على التأثير الإيجابي لذلك لدينا اليوم طبقة تستثمر السلطة وتستثمر امتيازات السلطة وتحاول ان توظف مؤسسات السلطة لمصالحها، ولذلك تلاحظون على طول التاريخ دائما السياسيين يزادون غنى وتكبر الفجوة بين الغنى الذي يحصل عليه السياسي وبين الفقر الذي يعيشه بالمجتمع، ولذلك هم طبقة وليسوا نخبة ولأنهم طبقة انشغلوا بمصالحهم الخاصة ونسوا المصالح العامة، بالنتيجة أصبحت حتى مؤسسات الدولة عندما يديرونها وكأنها أملاكهم الخاصة لا يديرونها كموظفين في هذه المؤسسات لوقت محدد ولهذا نلاحظ أنه اليوم كل صاحب كرسي لا يريد أن يتخلى عن كرسيه لأنه لا ينظر لنفسه على أنه جزء من نخبة وموظف لوقت محدد ثم أنه يذهب ويأتي شخص آخر ويدير هذا الكرسي، حتى في المجتمع اليوم عندما يكون هناك لدينا طبقات وليس لدينا نخب اجتماعية تلاحظون أنه أيضا تغيير اجتماعي يكون وعلى كل الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الى اخره.

 هذا الأمر إذا سحبناه إلى دور الأحزاب والمؤسسات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، نلاحظ أن هذه المؤسسات تعاني من قلة الثقافة في إدارتها وفي تنظيمها وفي أهدافها ومتشبعة بالثقافة السلبية وتنظر لنفسها على أنها مؤسسات نخبوية بل هي مؤسسات شعبوية لا مؤسسات تعمل لمصلحة أشخاص وأفراد في داخل الأحزاب أو في داخل المجتمع المدني أو في داخل المجتمع، فبالنتيجة طالما إذا ظلت تفكر في هذه الطريقة لن تقود التغيير نحتاج إلى مؤسسات نخبوية حقيقية وأحزاب حقيقية تقود وعي جديد تقود تأثير جديد تكون مؤهلة ان تخلق واقع جديد في المجتمع حتى يبني النظام الديمقراطي ويرسخ النظام الديمقراطي.

غياب سلطة القرار

د. خالد الاسدي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

هنالك مشكلتان إذا تنبه السياسيون لها سوف تحل المشاكل تباعا أو تدريجيا: المشكلة الأولى هي أن الأحزاب التي حكمت العراق منذ عام 2003 لم تفقه إلى الآن أن السلطة بيدهم وإنما هم يعيشون حالة المعارضة وإنهم إذا حصلوا على سلطة معينة يتلاقفوها إلى جانبهم ليحصلوا على مغانم كثيرة لذلك يشعرون بأن هذه الأربع سنوات لا تأتي بعدها حكم لهم لذلك يأخذون كل ما يقع لديهم، اما المشكلة الثانية هي غياب سلطة القرار فلا يعرف القرار بيد من وكل الأحزاب تعمل بطريقة الواسطات وبطريقة الأشياء التي يمتلكونها بأن هذا الرجل تابع لهم يجب أن يسندوه يجب أن يرفعوا عنه الحجب وغير ذلك، مما يعني اننا الى الآن نعيش دولة أحزاب لا دولة سلطة.

النخب الحاكمة تتحمل المسؤولية

د. حميد مسلم الطرفي/ باحث اكاديمي:

في البدء لابد ان نحدد ماهية التحولات وفيما إذا كانت إيجابية ام سلبية تحولات اجتماعية ام سياسية، محلية ام إقليمية ام دولية؟. استيعاب التحولات وحنكة أدارتها والتعامل معها امران مهمان يحتاجهما أي حاكم وكلما تم ذلك وفق وعي وتأني ودراية كانت الخسائر أقل من حيث زعزعة الاستقرار ورضا المحكومين بالحاكم، وهنا لا بد من التنويه إلى امرين:

الاول: عندما تكون غاية الحاكم ووسيلته السلطة واستمرار التشبث بها فهنا تتماهى استجابته مع النفاق السياسي والبراغماتية المصلحية الصرفة وأول ما يراود الحاكم كنوع من أنواع الاستجابة للتحولات هو البحث عن كبش فداء ليرمي اي تعثر او فشل سابق او أي تأخر تم الاستجابة على ذمة هذه الضحية.

الأمر الثاني: عندما يكون الحاكم متمتعاً بقيم ومبادئ الفضيلة فان استجابته ستكون بالتنحي عن السلطة ان كانت التحولات سبقته إلى ما هو أفضل وقد تأخر عنها نتيجة قصوره او تقصيره ليرشح من هو أفضل وأجدى وحتى لو لم يكن المرشح كذلك فهو يقوم بذلك كي لا يُظنّ به انه يدور مع كرسي الحكم حيثما دار.

أما إذا كانت التحولات سلبية وغوغائية جاءت بفعل فاعل او انحدار قيمي فستكون النخبة في امتحان صعب جداً والأفضل لها ان لا تستجيب محاولةً مرةً بعد اخرى لإعادة المجتمع إلى جادة الصواب وقد يستغرب البعض من خروج العامة عن تفكير النخب الحاكمة وسيطرتها اذ لا يمكن للعوام ان يتسيدوا المشهد من دون نخبة قائدة او طليعة متحكمة؛ وهذا الاعتراض في محله وجوابه ان النخب متعددة ومتصارعة في الرؤى والأفكار، فمثلما هناك نخبة حاكمة هناك نخبة معارضة.

المبدأية التي تحملها النخب الحاكمة تحملها المسؤولية في ان تتمسك بالحكم إلى أجل معين وذلك الأجل تحدده الأغلبية والأكثرية فحين تكون الاغلبية مع صف التغيير وان كان للأسوأ فلابد من الاستجابة انطلاقاً من مبدأ حق الشعب في تقرير مصيره وان كانت الأغلبية بخلافها فتستمر النخب في مسؤولياتها. المشكلة الحقيقية هي في تحديد الاغلبية عن الأقلية ولا حل في ذلك إلا بالرجوع إما إلى انتخابات مبكرة او استفتاء حسب الحال.

استمرار التمسك بالسلطة

- الاستاذ خليفة التميمي/ كاتب واعلامي:

تنقسم السلطات إلى سلطة نص وسلطة تنفيذية وسلطة تشريعية، سلطة النص ممكن ان تكرس بالمجتمع عن طريقين: طريق الاحتجاج والتي هي بمعنى ان تدعو المقابل على ان يذعن للأهداف التي تريدها أو تتوخاها، والطريقة الثانية طريقة السرد أي ان تحاول الاجبار على متابعة الافكار المقدمة عن طريقها، النظام السياسي في العراق هو نظام ديمقراطي السلطة فيه تتحقق من خلال الشعب الذي هو صاحب السيادة من خلال ثلاثة طرق: السلطة المباشرة وهو عن طريق التمثيل المباشر عن طريق مجالس الشعب، والطريقة الثانية الطريقة التمثيلية ان تتنازل عن جزء من الحقوق للممثل والاخير بدوره ينقل الطلبات والاحتياجات الى اعلى سلطة وفي هذا الحالة يتم التوافق، والسلطة الثالثة تكون سلطة ليبرالية بمعنى ان تتأطر جميع المفاهيم ومؤسسات الدولة وتتحدد بالقانون، إن هذه الحلقات الثلاثة غابت عن السلطات السياسية عندنا بالعراق وبنفس الوقت لم يدركوا النهايات فقط ثبتوا المقدمات بدون معرفة النهايات بالتالي استمر التمسك بالسلطة ووصلت الحالة إلى ما هو عليه، فإذا أردنا تصحيح المسار فلا بد من تغيير العملية السياسية بالكامل وحتى تغيير أدوات الصندوق إذا لم تكن تغيير الصندوق كله.

اخفاق إدراك التحولات

- الشيخ مرتضى معاش/ باحث في الفكر الإسلامي:

تظهر اليوم كثير من التحديات الكبرى التي تحمل في طياتها المخاطر التي يمكن ان تكتب نهايات حزينة، في مختلف دول العالم وخصوصا في العراق، وحسب ما قد يفهم من الديناميكية فهي تعني المرونة المحركة، حيث هناك فرق بين الميكانيكية وبين الديناميكية، فالميكانيكية هي آلية العمل أما الديناميكية فهي القانون أو الروح التي تحرك العمل، وبذلك تكون الديناميكية فيها مرونة بينما الميكانيكية هي حتمية وتسير في اتجاه واحد ومتصلبة ليس فيها أي تغيير، فالميكانيكية مادية، والديناميكية معنوية، لذلك السلطة التي لا يوجد فيها مرونة تكون متصلبة غير قادرة عن التحول عن النهايات الحتمية، بينما السلطة التي توجد فيها مرونة دائما لها القدرة على التحول حيث تستجيب للتحديات التي تواجهها أمامها، تحديات اقتصادية أو سياسية او اجتماعية، وبالنتيجة تستطيع ان تدرك النهايات وتفهم نتائجها، بينما المتصلبة لا تدرك النهايات او تدركها ولكن لا تستجيب لها، وهذا الامر معقد جداً في عالم اليوم انه كيف تستطيع ان تستجيب سلطة ما والحال ان السلطة هي متعددة اجتماعيا، اقتصاديا، سياسيا، فن الممكن هناك سلطة سياسية تفهم اللعبة لكن القوة الاجتماعية الموجودة متصلبة تمنع عملية التغيير والتحول، مثل حالة الشعبوية التي هي عملية التفاعل بين الحاكم والمحكوم، فالمحكوم عنده متطلبات عاجلة وسريعة مادية، اقتصادية، وظائف، حل مشكلات، بحث عن رفاهية أكثر من الموجود، فلذلك يضطر الحاكم للقفز على السلطة من اجل أن يستجيب للشارع، أتذكر قرأت عن سيرة الحاكم البائد صدام أنه كان من المعجبين جدا في فيلم العراب الذي تدور احداثه حول المافيا في أمريكا، وكان يشاهده كثيرا وباستمرار لأنه يعطي نظرة عن كيفية ممارسة رئيس العراب المافيا النفوذ على أتباعه وكيف كان يصفي معارضيه تصفية دموية حادة، فقد كان يطبق هذا المبدأ ولكن هو لم يدرك النهايات في نهاية الفيلم الذي أدى إلى نهاية العراب نفسه وجاء ابنه استمر في نفس المسيرة وأدى إلى عملية قتل اولاده وهكذا هي عملية تصفية دموية متوالية لغياب إدراك النهايات، يعني طبق الفلم واقعيا. واليوم فهل من المعقول أن الفساد بهذا التوسع ليس فيه حدود والمؤشرات فيه عالية؟!

 وهذه مشكلة خطيرة عندما تغيب ادراك النهايات يؤدي ذلك الى انهيار كامل ليس للسلطة بل للنخب الموجودة التي تسمى نخب سواء كانت نخب سياسية او دينية أو اجتماعية بمختلف الجهات هي كلها تمارس عملية غياب ادراك النهايات او عدم الاهتمام، كما ان البعض عنده استسلام للأمر الواقع، كذلك معظم أصحاب السلطة السياسيين يؤمنون بالفكر السياسي الانتهازي، فيتعاملون مع المجتمع –من خلال فهمهم للانسان انه شر- بطريقة الهيمنة وطريقة الحيونة والسيطرة عليهم بطريقة العصا والجزرة، فهو تفكير عدمي يرى الشر في كل شيء وان النتيجة هي كلها نهاية سيئة وفي كل الأحوال، في تناقض مع اخلاق الخير في السلطة وانما استخدام سلوكيات الشر في التفكير الشيطاني للسلطة.

فالإيديولوجيات السيئة هي التي تأسس النهايات السيئة مثل الإيديولوجية النازية والأيدولوجيات المتطرفة التي تعمل على تسريع التاريخ وأخذه الى عملية انهيار كامل، بالإضافة الى الحياد والاستسلام الاجتماعي وعدم اهتمام الطبقات الثقافية والاجتماعية في إدراك النهايات التي تشمل الجميع فتحرق الأخضر واليابس والوصول الجمعي الى النهايات السيئة، يعني مثلا في العراق الجميع يريد ان يأكل من سفرة النفط الموجودة دون أن يفكروا أن هذه السفرة سوف تنتهي عاجلا ام اجلا، لذلك عندما نقول الموازنة تعتمد على سعر النفط 80 دولار وكما يتنبأ الاقتصاديون في سنة 2025 سيصبح سعر النفط 60 دولار فيكون الفرق 20 دولار وهي نفس الموازنة تعاني من العجز فكيف سوف يأكل الجميع من هذه السفرة؟، هذا هو معنى أن الإنسان يكون قد أغمض عينيه ويضع راسه مثل النعام بالرمال وعدم إدراك النهايات، التي يمارسها الكثير بالتهام والأراضي والأموال والمشاريع وممارسة تدمير شامل للبلاد، وفي البدء أخفقوا في ادراك التحولات في الفرصة الأولى عندما سقط النظام السابق حيث كان من المفروض ان تحدث استجابة لهذا التحول، والفرصة الثانية هزيمة داعش، اما الفرصة الثالثة فهي قضية تشرين حيث كانت جرس انذار لهم أن يستجيبون لتحول اجتماعي مطلوب، ماذا فعلوا بعدها؟ أخذوا بشراء الناس من خلال التعيينات وتوزيع الأموال وتوزيع المناصب فأصبح الجميع ومنهم المعارضة مستفيدا ومشتركا في هذه الأزمة، أي ازمة العواقب والنهايات.

هناك إعادة مستمرة للأخطاء المتركبة وعدم الاستفادة من تجارب الماضي، من خلال التفكير بالمصالح الذاتية وعدم التفكير بالأجيال المقبلة وماذا ستحصد مما زرع من زراعة سيئة، فالزراعة السيئة هي حاصل للنزعة الربحية السريعة التي لاتفكر بالنتاج الجيد الذي يفقد قيمته الحقيقية، لذلك نحتاج الى لحظة معينة لإدراك وهي حتمية ان هناك نهاية فكيف ستكون هذه النهاية، هل تتم الاستجابة الإيجابية للتحديات لإحداث تحولات سليمة وكتابة نهايات صالحة تورث الأجيال القادمة الشرف والنزاهة والازدهار والكرامة، ام تكون الاستجابة سلبية فترث العار والفقر والذل والمشكلات والأزمات، لذلك لابد ان نقف بصدق مع انفسنا ونفهم العواقب المترتبة على افعالنا فرديا واجتماعيا لنكون قادرين على كتابة النهايات الجيدة.

سلطة المؤسسات 

- الاستاذ احمد جويد/ مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:

الحديث حول السلطة حديث متشعب وكبير، والسلطة هنا حسب ما مطروح أنها سلطة الأحزاب الحاكمة، فكانت الإشارة على سلطة الأحزاب الحاكمة لأنه عندنا السلطات كثيرة ومختلفة من ضمنها سلطة المؤسسات، وهذا يظهر جليا في الولايات المتحدة يحكمها حزبين حاكمين منذ تقريباً أكثر من 150 سنة لحد الآن رغم وجود أحزاب صغيرة لكن حزبين هما الحاكمان يتبادلان السلطة بينهما، لكن سلطة المؤسسات هي التي تسأل هذه الأحزاب وهي التي تكبح جماحها، ورغبتها في التغول، ورغبتها في التحكم.

سلطة الأحزاب في العراق للأسف صارت تعتاش على الفتات وتعتاش على الإعانات من هنا وهناك وتعتبر الأموال الكثيرة التي اخذتها من الدولة مغنما لها فبالتالي استغنت هذه الأحزاب بأفرادها، ووصلت بهم القضية إلى الطغيان التي تحدث عنها تعالى في كتابه العزيز في مواضع كثيرة وذكر أن الأمم التي عاشت سابقا لابد من أخذ الموعظة ولم يذكرها الله سبحانه وتعالى للتسلية، فإنما لأصحاب السلطة أن يتعظوا من السلطات السابقة والأمم السالفة التي كانت أكبر واقوى من غيرها فالنهايات التي واجهتها كانت مأساوية.

كانت سلطة صدام وقبضته على الحكم أقوى من السلطات التي جاءت بعده واكثر نفوذاً وللأسف لم يتخذوا العبرة والموعظة منها ولم يدركوا النهايات فعلاً ومرّت عليهم مرحلة تشرين ووصلوا إلى مرحلة انهم اختفوا من الساحة خوفا من غضب الشارع، لكن جاءت إرادات دولية في لحظة معينة انقذتهم ورجعوا مرة ثانية لكن رجعوا ولم يعملوا على تصحيح المسار لا بالعكس رجعوا إلى أسوء ولم يدركوا أن هذه السلطة هي مؤقتة، إن عدم إدراك النهايات وعدم إدراك العواقب وعدم النظر إلى المستقبل وخواتيم الأمور بشكل جيد ومتفحص هو الذي يؤثر عليهم فعلاً نتيجة اكلهم المال الحرام والسحت جعلهم لا ينظرون إلى عواقب أمورهم وإلى مستقبلهم حتى الذين يدعون التدين والأحزاب الإسلامية لم يدركوا عواقب افعالهم المشينة، فالقضية هي قضية عمى البصيرة الذي يؤدي بهم إلى نهايات حقيقة غير جيدة.

القيادة الخادمة والقيادة الحاكمة

- الاستاذ عدنان الصالحي/ مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

اصبح موضوع السلطة شاغل لدى كثير من الشعب ليس عند الشعب العراقي فقط بل في عموم المنطقة العربية، فعادة السلطة هي كراكب الأسد، السلطة عبارة عن مغانم، عبارة عن وهج خاص بها، عبارة عن مجموعة من المطبلين والمستشارين القلة التي تنصح والباقي عبارة عن منتفعين لا أكثر، ووهج السلطة والإنشغال بها يجعل الحاكم يخفق عن فهم التحولات والاستجابات يعني من يعيش السلطة ويعيش أجواءها ويعيش وهجها والطرف الذي يمكن أن يعيش به ما ممكن أن ينتبه للتحولات إلا من رحم ربي طبعا هذا الكلام غير مشمول به أمير المؤمنين ولا رسول الله ولا اهل البيت (عليهم السلام) لأنهم لم يعيشوا وهج السلطة هم أكبر من هذا العنوان ويفهمون القيادة الخادمة وليس القيادة الحاكمة، بالنتيجة كل من يدخل الى السلطة يرى فيها مغانم كثيرة، وهذا الاحتكاك ليس فقط بالعراق بل تعاني منه دول الشرق الأوسط والاقتتال الحاصل اليوم في السودان وغيرها من الدول تدور بين فريقين يدمرون بلدانهم بشكل كامل على حب وهج السلطة وحب التسلط فإذا هم يعيشون وهج السلطة وحب التسلط لا يمكن أن ينتبهوا للاستجابة لأي تحولات.

لا توجد عندنا اليوم احزاب معارضة واحزاب حاكمة هي كلها مشتركة بالطبخة وكلها تعتاش على هذا الوهج، يعني أما حاكم متصدي او منتفع من المتصدي، تبقى عندنا المؤسسات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني انقسمت إلى قسمين قسم استفادت من الضغوطات هي تضغط على الحكومة لكن الاخيرة تعرف ان لها أذرع في قضية الالتفاف على المطالب، والقسم منهم يهدد والقسم منهم يشترى فيبقى القسم القليل جدا الذي يحتاج إلى دعم مجتمع يعني موقفه اليوم موقف يتيم في المجتمع لأنه محاط بكثير من الإعلام المسلط عليه، إن هذا خلاف الدولة وهذا ما تريده الدولة والحكومة والمجتمع لم يكن منتبه لمجريات الامور لأن المجتمع دائما يسمع ما تقوله الحكومة ولا يسمع ما تقوله المعارضة في أغلب الأحيان، بالنتيجة سلطة الاحزاب في العراق لا تستجيب للمتحولات ولا تقرأ المستقبل بشكل صحيح فهم يربحون ربح آني ويخسرون خسارة استراتيجية، يعني اغلب المجتمع معارض لهم أو أغلبه ولا القراءات التي يركزوها هي ركائز دولة حقيقية وإنما هي ركائز سلطة.

صراع الشعارات

- الاستاذ صادق الطائي/ كاتب وباحث:

الحركات والتنظيمات والسلطات الحزبية التي قادت السلطة واجهزة الدولة، فشلت في تحقيق امنيات وحاجات الجماهير، لأنها تشكيلات كانت تعارض النظام القائم انذاك فقط، وربما عاشت حياة المعارضة الفعلية اكثر من اربعين عاما وتطبعّت بطريقة الصراع الفوقي اي رأس النظام دون الاخرين، انا اؤمن بأن المعارضة اذا دامت لاكثر من خمسة اعوام فأنها تكون فاشلة لانها عندما تستلمّ السلطة، تكون المشاكل الصغيرة والمعاناة والاهداف غير المتحققة او الجزئيات التي تعاني منها الجماهير بعيدة عن اهداف المعارضة، او لنقل انها لا تشعر بأهميتها مثلا مشاكل التعليم او النقل او الصحة والمستشفيات، نؤكد ونقول المعارضة بكل انواعها تريد رأس النظام فقط، ولذلك تخفق في فهم التحولات ومعاناة الشعب وكذلك بطء الاستجابة والتلكؤ في انجازها للشعب.

علينا ان نقولها بشجاعة وصدق وبدون مراوغة، النخب الحاكمة او تشكيلات المعارضة تشعر بأن هذه أمور ثانوية، لا تشكل اهمية اولية او حاجة ملحة، عاشت الاحزاب السياسية مرحلة صراع الشعارات ورفع المطالب الجماهيرية ولا زالت لحد الان، واعتقد ايضاً ان المؤسسات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ليس كلها، بل أعظمها إما صناعة احزاب سياسية حاكمة في البلد او صناعة امريكية او مشبوهة في اولويتها، كذلك فاشلة في فهم التحولات وغير قادرة على قيادة التغير والتحول نحو الاحسن.

ميكانيكية السلطة تؤدي الى الديناميكية

- الاستاذ حامد الجبوري/ مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

بصراحة في العراق لا المجتمع ولا الحكومة تمتلك إدراك النهايات ولذلك نفتقد إلى إصلاح البدايات وأبسط مؤشر ممكن نلاحظه ربما مع اكتشاف النفط في العراق وقد اتفق كبار الاقتصاديين على ان الاعتماد على النفط غير مجدى اقتصاديا واجتماعيا، لأن النفط بحد ذاته هو صناعة كثيفة رأس المال وليس كثيفة العمل، فهو يركز على المال ولا يخلق فرص تشابكات مع القطاعات الاقتصادية مع بعضها ويخلق فرص عمل حتى يستجيب للمتطلبات الاجتماعية فمن غياب هذا التنوع الاقتصادي هي اكبر دليل على غياب اصلاح البدايات، ولذلك نحن سائرين باتجاه نفق مظلم خصوصا بعد 2003 اذا استمر تركيز عمل النفط في الموازنة والانتاج والتصدير والاستيراد هذا الموضوع انعكس على موضوع الثقافة وأصبح لدينا ثقافة ريعية.

ديناميكية السلطة هي رأس الهرم اما الميكانيكية هي تتعلق بالسلطات بحد ذاتها، فاليوم لا توجد عندنا سلطات مستقلة قضائية تنفيذية تشريعية بشكل حقيقي ولو مارست كل سلطة عملها بصورة مستقلة واخذت دورها لتحقيق الهدف الذي انشأت من اجله لكان تحقق ميكانيكية تعزز موضوع ديناميكية السلطة بشكل تلقائي، مثل عمل السيارة عند مسيرها كل جزء في المحرك يؤدي وظيفة معينة مما يؤدي إلى مسير السيارة وتحقيق هدف النقل، لذلك يجب أن نقول بأن مسألة ميكانيكية السلطة ستحقق ديناميكية السلطة.

التحول الديمقراطي

- الاستاذ حسين علي حسين/ مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

النقطة الأولى هي تفضيل المصلحة الشخصية فمنذ جاءت النخب الحاكمة لعراق ما بعد 2003 كان همها الأول هو تفضيل المصلحة الشخصية من ناحية المحاصصة حول النفط أو المحصصات الأخرى، النقطة الثانية هي ضعف الشخصية السياسية للحاكم حيث ما بعد 2003 جاء لحكم العراق أكثر من 7 حكام ولكن لم يكن أي واحد من هؤلاء الحكام هو قائداً للعراق انما كان حاكما اداريا فقط. النقطة الثالثة هي قلة الوعي السياسي للحاكم بسبب قلة الخبرات وعدم تراكم الخبرات. والنقطة الرابعة هي عدم الإدراك الفعلي للتحول أي ان الحكام او النخب الحاكمة لم يدركوا التحول الديمقراطية من الحكم السابق كتحول فعلي يمكن الاستفادة منه.

خطابات مؤدلجة

- الاستاذ محمد علاء الصافي/ مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

صورة الأحزاب في العراق الآن مشوهة عند المواطن وعند نفس الأحزاب فهي لا تمتلك نظام داخلي ولا برنامج عمل بعيد المدى تعمل عليه بغض النظر سواء ان كانوا في السلطة أو خارج السلطة هذا الشي لم نلمسه عند الأحزاب التقليدية التي تحكم من 20 سنة لليوم ولا حتى الأحزاب الناشئة الجديدة التي اكثر من مرة تدخل وتشارك في العملية السياسية، وحقيقة الأحزاب الجديدة هي دائماً تكون مشاريع انتخابية وليست برامج سياسية بعيدة تفكر كيف تصل الى السلطة، والأمثلة كثيرة من دول العالم فمثلاً اليوم الحكومة التي تقود ألمانيا هي قبل 20 سنة كانت منظمات ونقابات ونشطاء في الشارع وأحزاب متفرقة وشخصيات متفرقة عملت على مدى 20 سنة لبناء قاعدة سياسية دون أن تشارك في انتخابات أو تدخل عمل سياسي لكن مهدت الطريق إلى أن تصل للحكومة، كذلك منظمات المجتمع المدني في العراق عليها علامات استفهام كثيرة فالذي يقودها ويمولها ويشرف عليها هي نفس الاحزاب السياسية المشاركة بالسلطة أو يكون خطابها متوائم مع خطاب السلطة أو تكون مؤدلجة أو ممولة من جهات خارجية تحاول أن تتجه بقضايا غير القضايا التي يحتاجها الشارع العراقي.

مشكلة تطبيق مفردات القانون

د. صلاح البصيصي/ استاذ جامعي:

المشكلة ليست بالقانون بحد ذاته سواء قانون الأحزاب او حتى قانون منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير حكومية سنة 2010 فهذه القوانين تتضمن نصوص جيدة وملزمة، لكن للأسف الشديد الخلل يكون بالتطبيق بمعنى ان الأحزاب السياسية اليوم هي اول من تخرق مفردات القوانين وتمارس اعمال عنصرية وتجارية خلافا للقوانين، وهذا يعود الى دائرة الاحزاب بمفوضية الانتخابات لأنها المسؤولة عن اعطاء الاجازة للأحزاب وهي التي تراقب نشاطات الأحزاب، وكذا الحال مع مظاهر التسلح وامتلاك اغلب الاحزاب للفصائل المسلحة، نلاحظ هناك وجود ضغوط من الاحزاب للتغاضي وتسويف تطبيق مفردات قانون الاحزاب، اليوم المورد الأساسي للأحزاب هو من اللجان الاقتصادية والتجارية ومن وزارات الدولة وهذا خلاف القانون، كذلك الحال للأسف الشديد مع قانون منظمات المجتمع المدني.

وفي ختام الملتقى الفكري تقدم مدير الجلسة الاستاذ حيدر الاجودي بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني الخاص بالملتقى الفكري الاسبوعي.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2024 Ⓒ

http://mcsr.net

ذات صلة

العتاب مفتاح المشاكل الاجتماعيةاستراتيجية واشنطن.. إدارة الحروب والصراعات وليس حلهاحرب ومواجهة: اصالةً ام وكالةً؟إزدواجية المعايير في الديمقراطية الأمريكية – الإسرائيليةلماذا يجب الابتعاد عن العقاب في المدارس؟