منصة اكس وأزمة حرية التعبير في الغرب
شبكة النبأ
2023-11-28 08:28
تواجه وسائل الاعلام والمنصات الرقمية المحايدة التي لا تتحيز للهجوم الإسرائيلي على غزة هجوما شرسا بتهمة معاداة السامية ونشر الكراهية، ومن ذلك منصة "إكس" التي تواجه خروجا جماعيا للعديد من كبار المعلنين بعد منشور لمالكها إيلون ماسك تبنّى فيه نظرية مؤامرة معادية للسامية وأثار انتقادات واسعة.
وأوضحت منظمة "ميديا ماترز" غير الربحية أن شركات "أبل" و"ديزني" و"كومكاست" و"ليونزغيت إنترتينمنت" و"باراماونت غلوبال" هي من ضمن الشركات التي ستعلق إعلاناتها على "إكس".
وقال ناطق باسم شركة إنتاج وتوزيع الأفلام "ليونزغيت إنترتينمنت" إن الشركة "علّقت الإعلانات على +إكس+ بسبب تغريدات إيلون ماسك الأخيرة المعادية للسامية".
وكانت شركة "آي بي إم" أعلنت أنها أوقفت إعلاناتها على "إكس" بسبب تقرير عن عرض هذه الاعلانات بجوار منشورات مؤيدة للنازية على المنصة.
ولم تردّ "أبل" و"ديزني" على طلب وكالة فرانس برس التعليق.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن شركة إكس للتواصل الاجتماعي المملوكة لإيلون ماسك قد تخسر ما يصل إلى 75 مليون دولار من إيرادات الإعلانات بحلول نهاية العام مع وقف العشرات من العلامات التجارية الكبرى حملاتها التسويقية على المنصة.
أدى دعم ماسك لمنشور اعتبر معاديا للسامية على المنصة الأسبوع الماضي لوقف عدة شركات منها والت ديزني ووارنر براذرز ديسكفري لإعلاناتها مؤقتا على المنصة المعروفة سابقا باسم تويتر.
وردت شركة إكس برفع دعوى قضائية ضد مجموعة ميديا ماترز المعنية بمراقبة وسائل الإعلام قائلة إن المنظمة شوهت سمعة المنصة من خلال تقرير ذكر أن إعلانات علامات تجارية كبرى منها أبل وأوراكل ظهرت بجوار منشورات عن أدولف هتلر والحزب النازي.
وذكر التقرير أن الوثائق الداخلية التي اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي أشارت إلى أكثر من 200 وحدة إعلانية لشركات مثل أمازون وكوكاكولا ومايكروسوفت والتي أوقف الكثير منها الإعلانات مؤقتا على المنصة أو يدرس وقف الإعلانات.
وقالت إكس إن 11 مليون دولار من الإيرادات معرضة للخطر وإن الرقم الدقيق يتغير مع عودة بعض المعلنين إلى المنصة وزيادة آخرين الإنفاق، وفقا للتقرير.
ولم ترد الشركة بعد على طلب رويترز للتعليق.
وذكرت رويترز سابقا أن إيرادات الإعلانات الأمريكية على إكس انخفضت 55 بالمئة على الأقل على أساس سنوي في كل شهر منذ استحواذ ماسك على المنصة.
البيت الأبيض ينتقد ماسك
من جهته أدان البيت الأبيض تأييد إيلون ماسك لما وصفها البيت بنظرية المؤامرة "البشعة" المعادية للسامية، فقد أبدى ماسك تأييده لمنشور على منصة إكس زعم أن اليهود يؤججون الكراهية ضد البيض، قائلا إن المستخدم الذي أشار إلى نظرية "الاستبدال الكبير" كان يقول "الحقيقة الفعلية".
وترى النظرية أن اليهود واليساريين يعكفون على تنفيذ عملية استبدال عرقي وثقافي للسكان البيض بمهاجرين غير بيض، الأمر الذي سيؤدي إلى "إبادة البيض".
واتهم البيت الأبيض ماسك "بالترويج البغيض للكراهية العنصرية والمعادية للسامية" التي "تتعارض مع قيمنا الأساسية كأمريكيين".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض آندرو بيتس "من غير المقبول تكرار الكذبة البشعة... بعد شهر من اليوم الأكثر دموية للشعب اليهودي منذ المحرقة"، وذلك في إشارة إلى الهجوم الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل.
وقالت شركات يوم الجمعة إنها أوقفت إعلاناتها مؤقتا على إكس.
ورفض ممثلون عن ماسك وإكس يوم مرة أخرى التعليق على منشوره.
وأتى تعليق الرئاسة الأميركية تعقيبًا على قيام ماسك بالرد على منشور معادٍ للسامية عبر منصة "إكس" بالقول "لقد قلت الحقيقة الفعلية".
وكان البيت الأبيض ووسائل إعلام أميركية اعتبروا أن المنشور الأساسي يؤشر إلى نظرية مؤامرة قديمة بوجود خطة سرية لليهود لإحضار مهاجرين غير نظاميين إلى الولايات المتحدة لإضعاف هيمنة الغالبية البيضاء.
وكان من متداولي هذه النظرية منفّذ عملية إطلاق نار في كنيس في بيتسبرغ في العام 2011 أدت إلى مقتل 18 شخصًا.
وتعقيبًا على منشور ماسك، اعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بايتس أنه "من غير المقبول" تكرار "كذبة بشعة" بهذا الشكل.
وأضاف "ندين بأشد العبارات هذا الترويج البغيض لمعاداة السامية والكراهية العرقية، والذي يناقض قيمنا الأساسية كأميركيين"، متابعًا "علينا جميعًا مسؤولية جمع الناس ضد الكراهية، وواجب عدم السكوت عن أي شخص يهاجم كرامة مواطنيه الأميركيين ويقوّض سلامة مجتمعاتنا".
وفي العام الذي انقضى منذ استحواذه على منصة "تويتر" الذي أعاد تسميتها "إكس"، ألغى ماسك الإشراف على المحتوى المنشور وأعاد تفعيل حسابات لمتطرفين محظورين سابقًا وسمح للمستخدمين بشراء ميزة توثيق الحساب ما يتيح لهم الاستفادة من منشورات واسعة الانتشار لكن غالبًا ما تكون غير دقيقة.
وكشفت دراسة جديدة أجرتها مجموعة "نيوزغارد" لمراقبة انتشار المعلومات المضللة أن المشتركين الذين يدفعون لحساباتهم في "إكس" هم أكبر جهات تنشر المعلومات الخاطئة حول الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقالت منظمة "ميديا ماترز" التي عرضت نماذج من هذه الحسابات إنه "في خضم كل هذه الفوضى التي أحدثها ماسك، ظهرت إعلانات الشركات أيضًا على حسابات مؤيدة (للزعيم النازي أدولف) هتلر أو ناكرة للمحرقة أو قومية بيضاء أو مؤيدة للعنف أو للنازيين الجدد".
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في "إكس" لوكالة فرانس برس إن المنصة قامت بعملية "مسح" للحسابات التي تحدثت عنها "ميديا ماترز"، وإن هذه الحسابات لن تتمكن بعد الآن من جني أرباح من الإعلانات.
وأضاف أن المنشورات هذه ستحمل تصنيفًا بأنها تحتوي "وسائط حساسة".
من جهتها كتبت مجموعة من 27 عضوا ديمقراطيا بالكونجرس الأمريكي رسالة إلى الملياردير إيلون ماسك مالك إكس يعبرون فيها عن قلقهم من استفادة منصة التواصل الاجتماعي على ما يبدو من حسابات مميزة احتفت بالعنف ضد الإسرائيليين.
وأشار المشرعون في رسالتهم، التي وجهوها إلى ماسك ورئيسة إكس التنفيذية ليندا ياكارينو، إلى تقارير من منظمات غير ربحية أظهرت بعضا ممن لديهم حسابات (إكس بريميوم) "يحتفون بأعمال العنف الهمجية ضد الإسرائيليين".
تعد هذه الرسالة أحدث معركة بين ماسك، الذي اشترى تويتر وغير اسمها إلى إكس، والداعين إلى تحسين الإشراف على المحتوى.
وكتب المشرعون "تظهر هذه التقارير أن إكس تستفيد من انتشار هذه الدعاية البشعة والضارة من خلال رسوم الاشتراك في الحساب وعوائد الإعلانات"، مضيفين أن قدرا كبيرا من المحتوى المسيء لا يزال منشورا رغم إبلاغ باحثين عنه.
وجاء في رسالة أعضاء الكونجرس الأمريكي "استفادت إكس ماليا من انتشار محتوى كاذب ومضلل بشكل واضح أيضا".
وأشاروا إلى أن الولايات المتحدة صنفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منظمة إرهابية في عام 1997، مما يعني أنه من غير القانوني تقديم دعم مادي أو موارد لهذه الجماعة عن عمد.
هجوم ميديا ماترز مضلل
من جهتها رفعت منصة إكس للتواصل الاجتماعي دعوى قضائية على مجموعة ميديا ماترز المعنية بمراقبة وسائل الإعلام وزعمت فيها أن المنظمة قامت بالتشهير بالمنصة في تقرير ذكر أن إعلانات لعلامات تجارية كبرى ظهرت بجانب منشورات تروج للنازية.
وواجهت إكس، المعروفة سابقا باسم تويتر، غضبا متزايدا منذ أن نشرت مجموعة ميديا ماترز التقرير مما دفع عددا من كبار المعلنين بينهم آي.بي.إم وكومكاست والعديد من المعلنين الآخرين إلى سحب إعلاناتهم من المنصة ردا على ذلك.
وكتب ماسك على إكس أن المنصة سترفع دعوى قضائية "كبيرة" على ميديا ماترز وآخرين "تواطئوا في هذا الهجوم المضلل على شركتنا".
وبعد استحواذ ماسك على تويتر في أكتوبر تشرين الأول 2022 مقابل 44 مليار دولار، انسحب عدد كبير من المعلنين من المنصة، خوفا من بعض منشورات ماسك المثيرة للجدل وقيامه بتسريح موظفين كانوا يشرفون على ضبط المحتوى بالمنصة.
وقالت ليندا ياكارينو الرئيسة التنفيذية لشركة التواصل الاجتماعي إكس في مذكرة للموظفين يوم الأحد إنه في حين أن بعض المعلنين أوقفوا استثماراتهم مؤقتا عقب صدور التقرير، كانت الشركة واضحة في جهودها لمكافحة معاداة السامية والتمييز.
ووصف أنجيلو كاروسوني رئيس ميديا ماترز الدعوى القضائية بأنها "تافهة" في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني، وقال إنها "تهدف إلى إرغام منتقدي إكس على الصمت".
وأضاف أن "ميديا ماترز تتمسك بتقاريرها وتتطلع إلى الفوز في المحكمة".
وكان كاروسوني قال في مقابلة أجرتها معه رويترز إن النتائج التي توصلت إليها المنظمة غير الربحية تتعارض مع بيانات إكس حول قيامها بتوفير إجراءات حماية للسلامة لمنع ظهور إعلانات بجانب المحتوى الضار.
وأضاف "إذا بحثت عن محتوى قومي أبيض، فستجد إعلانات مزدهرة. والنظام الذي يقولون إنه موجود لا يعمل على هذا النحو".
بدورها قالت ليندا ياكارينو الرئيسة التنفيذية لشركة التواصل الاجتماعي إكس في مذكرة للموظفين "البيانات ستكشف القصة الحقيقية" لجهود الشركة في سبيل محاربة معاداة السامية، وذلك وسط تزايد الغضب حيال هذه المسألة.
وقالت ياكارينو في المذكرة التي وجهتها للموظفين والتي اطلعت عليها رويترز "في حين أن بعض المعلنين ربما أوقفوا استثماراتهم مؤقتا بسبب مقال مضلل وينطوي على تلاعب، فإن البيانات ستكشف القصة الحقيقية"، مضيفة أن إكس واضحة في جهودها لمكافحة معاداة السامية والتمييز.
وكتب ماسك على إكس مطلع الأسبوع أن شركته سترفع دعوى قضائية "ضخمة" ضد ميديا ماترز بسبب ما قال إنه "هجوم مضلل" على المنصة. وأكد أحد ممثلي إكس أن الشركة ستقاضي المنظمة غير الربحية في وقت قريب جدا.
ورد أنجيلو كاروسوني رئيس ميديا ماترز يوم الأثنين بالقول "خلافا لادعائه أنه مدافع عن حرية التعبير، ماسك شخص متنمر يهدد برفع دعاوى قضائية لا أساس لها سعيا لإسكات نشر ما أكد هو شخصيا دقته. فقد أقر ماسك بأن الإعلانات المشار إليها عرضت جنبا إلى جنب مع المحتوى المؤيد للنازية الذي رصدناه".
مكافحة خطاب الكراهية
بدورها حثت فيرا يوروفا نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية تطبيق مشاركة المقاطع المصورة القصيرة (تيك توك) ومنصة التواصل الاجتماعي (إكس) على تكثيف جهودهما لمكافحة خطاب الكراهية غير المشروع.
جاء ذلك عقب اجتماع يوروفا، مفوضة الاتحاد الأوروبي المسؤولة عن الاقتصاد الرقمي، مع الرئيس التنفيذي في (تيك توك) شو تشو ورئيس الشؤون العالمية في (إكس) نيك بيكلز بينما يدقق الاتحاد الأوروبي في جهود شركات التكنولوجيا الكبرى لإزالة المحتوى الضار.
وواجه عمالقة التكنولوجيا تدقيقا متزايدا الشهر الماضي على خلفية زيادة المحتوى الضار والمعلومات المضللة في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. ويعتبر التكتل الحركة منظمة إرهابية.
ويسعى الاتحاد الأوروبي أيضا إلى الحيلولة دون تأثير المعلومات المضللة على انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو حزيران 2024.
وبموجب قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ قبل عام، يجب على منصات التكنولوجيا ومحركات البحث الكبيرة بذل المزيد من الجهود لمكافحة المحتوى الضار وغير المشروع وإلا واجهت خطر التغريم.
وقال تطبيق (تيك توك) إن الذكاء الاصطناعي وأكثر من 6000 مشرف أزالوا ملايين المنشورات منذ هجوم حماس، وأن لديه فريقا كبيرا متفرغا لإزالة المحتوى العنيف الذي يتعلق بالأطفال.
وعبرت يوروفا عبر المتحدث باسمها على منصة (إكس) عن سعادتها ببعض التحسينات التي أدخلها (تيك توك) وحثته على مواصلة تكثيف عمله للتصدي للمحتوى غير المشروع والضار واستغلال الأطفال.
وفيما يتعلق بمنصة (إكس)، قالت يوروفا إن الموقع لا يملك عددا كافيا من الموظفين الذين يتحدثون بعض لغات الاتحاد الأوروبي لمكافحة المعلومات المضللة وأبدت قلقها إزاء تقارير تفيد بوجود عدد كبير من حالات المحتوى العنيف وغير المشروع.
وذكر المتحدث باسم يوروفا أن بيكلز، رئيس الشؤون العالمية في (إكس)، قال إن المحتوى العنيف زاد على الإنترنت وليس على (إكس) فحسب منذ هجوم حماس.
وكانت يوروفا التقت في وقت سابق بالمديرين التنفيذيين في شركتي ميتا ويوتيوب.
وتزايدت معاداة السامية وكراهية الإسلام في الولايات المتحدة وأنحاء العالم، وكذلك خلال الحرب التي اندلعت قبل سبعة أسابيع بين إسرائيل وحماس.
وبعد اندلاع الحرب، ارتفعت الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة بنسبة 400 بالمئة تقريبا مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقا لرابطة مكافحة التشهير، وهي منظمة غير ربحية تحارب معاداة السامية.
ويقول ماسك إن منصة إكس يجب أن تكون منصة لنشر وجهات نظر متنوعة، لكن الشركة ستحد من نشر بعض المنشورات التي قد تنتهك سياساتها، واصفة هذا النهج بأنه "حرية التعبير، وليس حرية الوصول".